أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - هل الدين حقا مسألة شخصية؟














المزيد.....


هل الدين حقا مسألة شخصية؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 5655 - 2017 / 9 / 30 - 20:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد لا أبالغ حين أشدد على أنّ مقولة "الدين مسألة شخصية" هي من أخطر المقولات، وذلك لِما قد تفرزه من جدل عقيم ومن مشادات إيديولوجية مضرّة بالصحة الثقافية والمجتمعية والسياسية في المجتمع المسلم. فالاعتقاد في الدين في نظري يُعتبر دون أدنى شك مسألة شخصية ("فَمَنْ شَاءَ فَليُؤمِن وَمَنْ شَاءَ فَليَكْفُرْ"). لكن في المقابل فاعتماد الدين كمصدرٍ للإلهام وللأفكار وللأخلاق إلى جانب المعارف والعلوم إنما هو مسألة عمومية بالدرجة الأولى. وإلا، ألسنا بحاجة إلى إلهام وأفكار وأخلاق لتطوير العباد والبلاد؟ لكن، هل المسألة متعلقة بالاختيار ببن خصخصة الدين أو تعميمه، أم أنها من صنف آخر؟

أرى أن العبادات في الإسلام من شهادتين و صلاة و زكاة و صيام وحج هي الثابتة بينما مضمونها متحرك ومتحوّل. وهذا التوجه التحويلي هو ما يجعل الثبات ثباتَ حركة لا ثباتَ جمود. ذلك أنّ التحوّل يتم نحو هدف سامٍ موضوعُه المستقبل ومنتهاهُ لقاء الله ("يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ") لا جذبا إلى الوراء (" تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"). بينما معاينة الواقع المعاصر ستكشف لنا أنّ المجتمع التونسي وسائر المجتمعات المسلمة تعيش حالة من الركود أكثر من عيشها حالة من الحركة المستبطنة لبذور التحوّل نحو الأفضل.

فالغائب عن وجود المسلمين إذن ليس الدين بحد ذاته، إيمانًا و شعائرَ وشريعةً وتعاليمَ وأخلاقًا، وإنما الغائب هو تنمية الملكات العقلية بما يسمح بتبديل النظرة إلى الإسلام حتى يكون الدين عامل قوة حضارية لا عامل تقهقر وانحطاط مثلما كان عبرَ قرون خَلَت ولا يزال. وهو غيابٌ من الصنف الفيزيائي طالما أنّ النظرة المنشودة تتطلب إعادة التمَوقع التاريخي مما يستوجب إتّباع القوانين والسننَ الفيزيائية من بين قوانينَ وسُنن أخرى.

ثمّ من الأدلة على الثبات و الركود في السلوك نلاحظ مثلا تعمُّدَ سائقي العربات الميكانيكية عدم استخدام الإشارات القيادية المنصوص عليها في قانون السير والتي تنظم الأولويات والعمليات وتحتّم القرارات، مع اعتقادهم (الخاطئ) أنّ فعل الإشارة أضحى "معلوما من طرف الجميع" (أي حسب مقاربتنا "جامدا في الوعي") وأن لا فائدة من تكراره (فتكرار الفعل يُقدّرُ من طرف هؤلاء بأنه "غير ضروري" أي غير منتجٍ للحركة وعلى الأخص الحركة الجماعية؛ ويعود هذا التقدير الخاطئ في الحقيقة لا إلى خلوِّ الفعل من دوافعِ للحركة وإنما إلى عدم استشفاف الشخص المُقدِّر لأية دوافع للحركة، أو بالأحرى يعود ذلك إلى عدم الإيمان لا بأنّ للحركة دوافع ولا بأنّ الحركة جماعية إلى جانب كونها فردية ولا بالحركة أصلا). وهذا مما يُفضي إلى مشهد خطير: ينتهج قائد العربة سلوكا مبنيّ على اعترافه بحركته هو دون سواه ولا يكترث بالآخر بصفته شريكا. هذا مما يعني في آخر تحليل أنّ العقيدة المسيطرة على "القائد" مفادها أن ليس هنالك حركة سوى حركة العربة وبالتالي فليس هنالك فرقٌ بين القول إنّه يسيرُ بشكل أناني مَقيت والقول إنّ العربة هي التي تقود "قائدها" وليس العكس كما هو منشود.

نخلص إلى أنّه لو جرّبْنا المشهد الذي في المثال في مشاهد أخرى مختلفة منتقاة من المشهد المعيشي العمومي في المجتمع المسلم، سيُفضي ذلك إلى استقراء القاعدة الخطيرة المستشرية داخل وعي المسلم مفادها التمادي في الاعتقاد بأنّ "الدين مسألة شخصية مهما كلفني ذلك من تحملٍ للاتهام بالجمود وبالتواكل وبالتالي فمشكلتنا (الجماعية) ليست في ضرورة النظر إلى الدين من زاويته الحركية (الطبيعية) وإنما في ضرورة الابتعاد عن الدين والتعبّد بالعلم"، ناسيا أنّ مجرّد تقويم النظر إلى الدين الحنيف إنما هو في الآن ذاته تقويمٌ للعقل وبالتالي ضمانة لولوج حلبة الحركة والتغيير نحو الأفضل.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما وراء حديث الميراث وزواج المسلمة بغير المسلم
- الليبرالية بين حُروبهم الناعمة وعقولنا النائمة
- حديث -البْرِيكَة- أم الهَبْطة اللغوية الوشيكة؟!
- ما بَعدَ العلمانية لسَترِ العَورَة التونسية
- هل مدرستنا تحذق القراءة؟
- بعد برلين، إلى أين سيُهَجّرنا الإعلام التونسي؟
- تونس بين مؤتمر الاستثمار ومدرسة الاستهتار
- هل القرآن بحاجة إلى تفسير جديد؟
- مخالفة القانون: أين الداء وما الدواء؟
- حتى تنهانا الصلاة عن الفحشاء والمنكر...
- الضحكة التي تكاد تهزم التونسيين
- تونس: خسرنا الدنيا فهل ربحنا الدين؟
- كيف أكون عربيا إسلاميا مستقبلا؟
- لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟
- الكدح إلى الله والكدح التاريخي
- اللهجة العامية عربيةٌ فما الذي يزعج دعاة التعريب؟
- هل فهِمنا الإسلام وطوَّرنا اللغة العربية؟
- تونس، بلد عربي؟
- كفى استخفافا بالتونسيين
- لو أصبحت تونس بلدا ديمقراطيا، لَما انتحر أرسطو وقدم ساركوزي


المزيد.....




- عاجل | البيت الأبيض: ترامب يوقع أمرا تنفيذيا للقضاء على التح ...
- ترامب يعتزم إنشاء لجنة للقضاء على التحيز ضد المسيحيين
- الإعلان عن موعد دفن آغا خان زعيم الطائفة الإسماعيلية في مصر ...
- ماما جابت بيبي..استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل ...
- رئيس بلدية رفح يناشد الدول العربية والاسلامية إغاثة المنكوبي ...
- وزير الدفاع الأسبق: يكشف العقيدة الدفاعية للجمهورية الاسلامي ...
- -ترامب سينقذ العالم من الإسلام المتطرف- – جيروزاليم بوست
- قائد الثورة الاسلامية في تغريدة: كل فلسطين من النهر الى البح ...
- الآغا خان الرابع زعيم قاد الطائفة الإسماعيلية النزارية 68 عا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - هل الدين حقا مسألة شخصية؟