نواف خلف السنجاري
الحوار المتمدن-العدد: 1463 - 2006 / 2 / 16 - 11:28
المحور:
الادب والفن
كنت سأطير من الفرح عندما وافق المدير العام على فكرتي في تطوير مادة الاسمنت حيث كنت احد العاملين في مختبرات شركة الاسمنت وأحسست للمرة الأولى بأن دراستي الجامعية في كلية العلوم لم تذهب سدى ! لم تكن المكافأة تعني لي شيئا لان حلمي الأول هو أن أنجز شيئا ينفع الناس , لقد كان راتبي الشهري جيد جدا ! ويزيد عن حاجاتي ! وقد خصصت المؤسسة التي اعمل لديها شقة من الدرجة الأولى لكل موظف ! وكان باص الشركة يأخذنا ويرجعنا إلى بيوتنا ، لم أكن اصدق ما أرى عندما رجعت إلى بيتي ..! لقد كانت جميع الطرق في منطقتي معبّدة وتزهو بالحدائق والمنتزهات , حتى الناس كانوا على غير عادتهم فرحين والسعادة تملأ وجوههم , لكن سعادتي انهارت فجأة عندما دق منبه الساعة ! أنها الساعة الخامسة فجراً ويجب أن لا أتأخر في الخروج إلى العمل في سوق العمال !
هناك في سوق العمال كانت العيون تنظر إليّ بسخرية وكأنها تقول لي : ماذا تفعل هنا ؟ ولماذا تزاحمنا على عملنا الذي لا نتقن غيره ؟ كانت بقايا الحلم تنسحب من رأسي وتختلط مع صور زملائي الجالسين على الرصيف , أحدهم كان طالباً في كلية الهندسة والآخر خريج كلية التربية الرياضية , ينتظرون أي عمل .. لقد قاربت الساعة العاشرة ولم نحظى بعمل , ومع انتظاري الطويل كان يمر أمام عيني شريط مصوّر لزملائي الآخرين , مهند خريج الهندسة المعمارية الذي يعمل بائعاً متجولاً في البورصة وزياد الذي يعمل في صب الكونكريت وخالد ورحمن وسلام جميعهم خريجي كليات يبيعون الآن في دكاكين صغيرة،سعد وعامر وسيروا ن وحازم و خليل و .. و .. لا يسعفني ذكر كل الأسماء لأنها تحتاج إلى قوائم .. إلى متى نعمل بعيداً عن اختصاصنا ؟ وهل سيكون يوم تعييننا هو يوم إحالتنا على التقاعد ؟ ! !
لقد كان هذا هو اليوم الثالث الذي ارجع فيه بلا عمل , لا ادري هل السبب هو حلمي الذي ظل يراودني منذ عشرة أعوام ولا يزال يشوش على تفكيري , إنني أسألكم
هل هو حلم أم كابوس ؟ !!
#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟