محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 5652 - 2017 / 9 / 27 - 02:04
المحور:
كتابات ساخرة
حدث يوم 29 فبراير 1960...
يجلس وحيدا في المقهى، ينفث السيجارة تلوى الأخرى، ويترقب موعد عشيقته بأنفاس لاهثة...
لم يكن يطيق النوم في حجر زوجته، فبعد أن أنجبت له أربعا طفق في هجرها تدريجيا، ظنت المسكينة أن انشغاله بالتجارة وما يرافقها من سفر وعلاقات لا متناهية، كان سببا خلف عدوله عن المعاشرة، ولم يكن احتمال الخيانة واردا البتة في ذهنها، فقد كان الرجل متدينا خلوقا مواظبا على الصلاة، كما كانت تجهل تعاطيه للسجائر، إذ كان تعاطيه لها مزاجيا لم يبلغ حد الإدمان... لكنها بدأت تتربص خطواته بعد أن بدأت وساوس الشك تغزو مخيلتها، فقد بلغتها بعض الأنباء من مصادر مقربة، تفيد تردده مع شابة شقراء على مقهى الياسمين الواقع بقلب أكادير...
كانت ترقب حركاته بتوجس رهيب، تنظر إليه وهو يلتهم السيجارة تلوى الأخرى، لم تستطع استيعاب الموقف أول الأمر، لكنها اعتادته بعد أن طال انتظارها، كانت ترتقب بزوغ وجه الفتاة الشقراء في أي لحظة، وتفكر في طريقة تعاملها مع الموقف، ودقات قلبها تزداد ارتجافا، وتضمر في نفسها احتمال براءته، ربما تكون قد ظلمته، بل كان ذلك كل ما تترجاه في تلك اللحظة بالذات، إذ كانت تساوم رب العالمين بكل آمالها وأحلامها شرط أن تتحقق براءته...
فجأة، رمقته يقوم من مقعده، وعلى فاهه ترتسم ابتسامة عريضة، ويداه تنفتحان على مصراعيهما، وعيناها تتراقصان بحثا عن الآتي...
وفي لحظة الارتقاب تلك، اهتزت مدينة أكادير، ودُمرت عن بكرة أبيها، دون أن يسلم مقهى الياسمين ومن كان به، ومن كان بجواره...
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟