|
صارع أمواج البحر الأحمر 20 ساعة ثم عاد إلى حلب الشهباء
باسل ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 1462 - 2006 / 2 / 15 - 10:59
المحور:
كتابات ساخرة
إلى الشمال من حلب تقع بلدة الزهراء التي تشتهر بميل أهلها للعمل في مجال قيادة الشاحنات والشحن الخارجي،فالمئات منهم يعملون في هذا المجال، ومنهم من راكم ثروة معقولة مكنته من شراء شاحنات كويتية، وتشغيلها على خطوط الخليج – مصر. يوم الجمعة الأسبق كان موعداً مع القلق الشديد فمن تكلم مع أهله قبل الإبحار وطلب الدعاء بالوصول بالسلامة لم يتصل مجدداً بعد مرور أكثر من عشر ساعات وهي أكثر من المدة الكافية للوصول إلى مصر، وبقيت الهواتف النقالة خارج التغطية ، بعد ساعات تلقى بعض الأهالي اتصالات من السائقين المنتظرين زملاءهم في سفاجا والغردقة المصريتين تفيد بأن العبارة غرقت والشباب على متنها !! لم يكن علمهم بالواقعة نقلاً عن الفضائية السورية التي تشبه عبارة الموت المصرية " السلام 98 " وبالأصح "الهلاك 2006" ولا عن الفضائيات العربية التي سارعت فوراً لتغطية الخبر .
السفارة السورية في القاهرة خارج التغطية
كان للخبر وقع الصاعقة على أهل البلدة الذين تنادوا للتحرك لمتابعة مصير أبنائهم فمنهم من ناشد بحكم موقعه المسوؤلين في حلب ولكن بلا طائل، لأن الموضوع يحتاج بنظر المعنيين إلى كتب ومراسلات بين الجهات الرسمية لمتابعة القضية، ولا يمكن تزويد المسافرين إلى مصر بكتاب إلى السفارة كما نُقل عن مسؤول كبير في المحافظة ، والذي تكرم بعرض إعطاء " مهمة " إلى مصر إلى أحد ذوي الضحايا الذي طلب مساعدته. لم ينتظروا كثيراً وقرروا السفر على جناح السرعة إلى مصر لكشف مصير أبنائهم بأنفسهم، فالسفارة السورية في القاهرة كانت مثل جوالات أبنائهم خارج التغطية لكنهم لم يعرفوا في أي شيء كانت غارقة. وهناك في أم الدنيا شافوا العجب، ودعوا في قلوبهم ألا نبتلى بكوارث كهذه تكشف المستخبي كما يقول المصريون على حساب الأبرياء، كما حصل في حي المغر في حلب حين انهارت البيوت على رؤوس قاطنيها ، رغم التحذيرات من خطورة المنطقة وتصدع الأبنية لم تتحرك البلدية لممارسة واجبها .
أخطاء قباطنة أم جريمة باردة ؟
أبحرت السفينة مساء الخميس من مرفأ ظبا السعودي باتجاه مرفأ سفاجا المصري وبعد ساعة اندلع حريق في غرفة المحركات فأصر القبطان على إخماده ومرت ساعة ثم ساعة أخرى ولم يتمكن وهو مصر على المضي نحو الشواطئ المصرية،انتشر الذعر بين الركاب وعلا صياحهم ورفضهم لهذه الحماقة والطيش والاستهتار فتم توزيع ستر النجاة عليهم ثم سحبها ، لكن لا حياة لمن تنادي استمروا ساعتين إضافيتين قبل أن يحصل انفجار في الأسفل بدأت بعده السفينة تجنح فسارع الركاب( حوالي 1400) راكب بمن فيهم طاقمها إلى الانتقال إلى الجهة اليسارية منها ،
خيار التايتانيك و فقوس العبارة المصرية
رعب وصياح وابتهالات إلى الله لوقف الكارثة القادمة، المشهد يشابه تماماً غرق التايتانيك، بعكس قبطان التايتانيك "مردوك" الذي رفض مغادرة لشعوره بالمسوؤلية، كان صاحبنا قبطان العبارة الغارقة أول من غادرها في أول قارب نجاة !! وخلال دقائق اندفعت نحو الأسفل ساحبة معها المئات تحت الماء،و بعد ثوان ليست طويلة خرج المئات من الركاب إلى السطح وتناثروا كالفراش على سطح بركة ماء.
أسماء السوريين على متن العبارة النتيجة الوضع العائلي العمر الاسم الثلاثي ناجي عازب 20 سنة 1. حسان بشير جمو وفاة متزوج 43 سنة 2. محمد أحمد الخطيب وفاة متزوج 40 سنة 3.حسين عبد الكريم الشبلي وفاة متزوج 31 سنة 4. محمد عادل كنعان مفقود متزوج 27 سنة 5. حسين حسن ديب مفقود متزوج 44 سنة 6. محمد قاسم حمزة
حاول السوريون تجميع بعضهم وقرروا القفز إلى الماء قبل أن تسحبهم السفينة الغارقة يقول الناجي الوحيد حسان بشير جمو من حلب – الزهراء " عندما مالت العبارة نحو اليمين قفز حسين ديب في الماء ووصل إلى قارب نجاة مطاطي ، ثم قفزت أنا و حسين شبلي سحبته من يده واستلقينا على زورق مربوط بالعبارة ، طلبنا من محمد أن يقفز أيضاً فقفز ولم يتمكن من الوصول إلينا وأثناء ذلك بدأت العبارة في الغوص بالماء ومع نزولها اندفعنا نحو الأسفل " لا تزال الصدمة بادية على حسان الذي شاهد نجوم الظهر في عمق البحر الأحمر بدلاً من الفضائية السورية التي يموت فيها،وصارع الأمواج المتلاطمة متعلقاً بطرف قارب تارة و بلوح خشب تارة أخرى في جو شديد البرودة. يقول " كانت ساعات فظيعة والموت يلاحقني كنت أفقد وعيي ثم أصحو أسمع صياحاً ونحيباً واستغاثات ولا أرى أحداً ، كان أملي كبيراً في الحياة كنت أفكر بأهلي وعودتي إليهم " في مصر كان المشهد صاخباً المواطنون الغاضبون هاجموا مبنى الشركة المالكة للعبارة ، رشقوا رجال الأمن بالحجارة ، وهاجموا قبطان العبارة الثانية فمع غرق العبارة السلام 98 كانت العبارة " سانت كاثرين " وهي مملوكة لشركة السلام تمخر البحر قربهم وقبطانها يسمع استغاثات الغرقى و يطنش ، الاستهتار بحياة الناس يستحق عليه القائمون على أمر مصر جائزة نوبل للفساد والفوضى ، السفينة في حالة موت سريري أي منتهية العمر الافتراضي منذ أكثر من عشر سنوات، لا زوارق ولا سترات نجاة كافية فيها، قباطنة شركة النقل لا يتمتعون بأدنى قدر من المهنية ، رادار ميناء سفاجا متعطل منذ أكثر من شهرين !! كل الملابسات التي رافقت إدارة طاقم السفينة للكارثة تزيد من شبهة العمد في غرق السفينة من أجل الحصول على مبلغ التأمين بعد أن أكلت العبارة عمرها ونصف عمر عبارة زيادة ، ولا نداء استغاثة إلا بعد اقترابها من الغرق المؤكد ، والقبطان المقدام وطاقمه أول من يغادر السفينة. ماذا قال الأهالي في الزهراء يترك عبد العزيز ديب الحديث عن مسوؤلية الشركة المصرية مؤقتاً ليثير تقاعس المعنيين السوريين عن القيام بواجبهم ،السفارة في القاهرة، والحكومة التي عليها أن توجه السفارة للتحرك إذا كانت ثقيلة حركة !! وتطلب منها تقرير فوري عن الحادث ووضع السوريين يقول : " لكن يبدو أن أداء الحكومة والسفارة متكامل مع الأشقاء المصريين في الإهمال والفوضى ،لا فضل للحكومة في شيء حتى سيارة الإسعاف التي نقلت الجثمان دفعنا لها 5000 ل.س ،عشنا على أعصابنا لقد فقدت شاحنتي التي هي مصدر رزقي الوحيد ولتذهب إلى الجحيم كنا نريد عودة السائقين سالمين ثم سمعنا في اليوم التالي باسم "حسان" على فضائية النيل التي تابعناها ،كانت أياماً سوداً على الزهراء وأنا أريد من الحكومة السورية مطالبة حكومة مصر فتح تحقيق شامل بمأساة العبارة، ومعاقبة المسوؤلين عن الكارثة وتعويض الضحايا والمتضررين " أما أحمد جمو / سائق وهو شقيق الناجي الوحيد حسان يستغرب عدم تواجد السفير في هكذا موقف، وعدم اكتراث السفارة يقول " كنا نتوقع عندما شاهدنا على الفضائيات مسئولي الدول الأخرى وسط مواطنيهم أن تقوم السفارة بإبلاغنا حقيقة مصير أخوتنا ألم يشاهدوا الفضائيات العربية ؟ ألا يثيرهم ما يقوم به الآخرون؟ "
السيد جواد الخطيب / سائق شاحنة و ابن عم الفقيد حسين الخطيب يقول " أعتبر أن السفارة السورية في القاهرة قد قصرت في واجبها بحق الرعايا السوريين، كان يجب أن يكون ممثلو السفارة وأولهم السفير في قلب الحدث لتقديم المساعدة الممكنة وإلا ماذا يفعل مقابل ما يحصل عليه من امتيازات يقبضها من ضرائب ندفعها " السفير يعزي المحافظ يتندر مواطن رفض أن ينزل اسمه في التحقيق أن السفير لم يقصر أبداً على عكس ما يقوله الأهالي ، وقد اتصل بمحافظ حلب وعزاه بوفاة الضحايا فهم من حلب، والمحافظ يمثلهم ،الرجل قام بواجبه ولو استطاع المجيء إلى حلب لتعزية المحافظ لفعل بكل تأكيد أنا واثق من ذلك . لكن كيف لو سمع أهالي الزهراء بأن كندياً واحداً كان على متن العبارة جعل محطات التلفزة الكندية تغطي عمليات الانقاد على مدار الساعة ، وتبعث بمراسلين للمنطقة، وأن السفير الكندي تدخل لدى حلف الأطلسي الذي تتواجد سفنه وقطعه الحربية في مياهنا ، للمساعدة في الإنقاذ فلعلهم ينقذوه . حسين قنية موظف وخريج اقتصاد يقول " أتهم السفارة بالتقصير وأطالب الحكومة بتبني قضية الضحايا والمتضررين السوريين لم نرى وجه مسؤول واحد في هذه المصيبة، وحين نقارن سلطات بلادنا بسلطات السعودية نجد الفارق كبيراً ،حسان الناجي الوحيد من الموت بأعجوبة ينام بين السيارات في الغردقة أين كان السفير في تلك الأثناء ماذا كان يفعل ؟ " ( يتبع )
لا سترات نجاة ولا زوارق كافية على متن سفينة مهترئة تتجه نحو ميناء راداره معطل منذ شهرين أين يحصل ذلك أيها الدبور ؟طبعاً في بلاد العرب أحزاني ! لواء مصري يلطش 5000 جنيه من تعويض حسان،في مصر الشرطة في خدمة الشعب أيضاً !! عن جد نحن أشقاء.
حسان بشير جمو يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية 20 ساعة وهو يصارع الأمواج في البحر الأحمر دون أن يشعر بالحاجة إلى مشاهدة الفضائية السورية.
أعضاء في الحزب الوطني الحاكم في مصر يغطون على مخالفات شركة السلام لمعايير السلامة البحرية ملاحظة : بدأ الحزب الحاكم في مصر بمكافحة الفساد قبلنا بـ 20 سنة
#باسل_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هزيمة أنفلونزا الطيور على الطريقة الحلبية
-
دبور أحمر : هل يشكل الكاتو خطرا على السوريين؟؟
-
دبور أحمر : حكاية من اطراف حي الزهراء
-
مرآة سورية ومروان الحمار.. لعنة الخروج من المرايا
-
دبور أحمر (1) الطلاب السوريين احتياط قيادة عامة
-
علاقات عامة لسمير ذكرى فيلم يؤسس لصناعة سينمائية سورية
-
المقابر الجماعية سمير جعجع أم المخابرات السورية؟
-
حوار مع المفكر الاسلامي نصر حامد أبو زيدأنا مع التوزيع العاد
...
-
عودة القبلة الفموية للسينما السورية ... عودة ميمونة
-
إعلان - ضهر الكُرّْ - للتغيير الوطني الديمقراطي
-
سلاماً يا عمان ودمعة مصطفى العقاد وردة حمراء نازفة على جسد ا
...
-
زعماء علويون ومخابرات وعساكر وسائقي تكسي في خبر ... جا نا بل
...
-
ماذا فعلت بقلعتنا قبل هذا النهار يا بشار ؟؟
-
لا لن تفعلها يا رياض الترك !!!إلى أبي هشام مع المحبة
-
دمشق 1955 دمشق 2005 هل لا زالت دمشق حلقة بشوك الاستعمار ؟؟
-
أول الرقص الديمقراطي حنجلة حول إعلانات دمشق الثلاث الأخيرة
-
رئيسنا هل يفرض الانتخاب في سورية بدلاً من الاستفتاء
-
بين بيان نساء سورية و أغاليط عمار ديوب هدى أبو عسلي وجرائم ا
...
-
شافيز يُسقط مبدأ خيار وفقوس شافيز قاهر الأقوياء !!!
-
ماذا دار في لقاء دمشق بين الثعلب ميليس ورياض الداوودي ؟؟؟ ما
...
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|