أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - شبهة وردود 3- المسيح الارهابي















المزيد.....

شبهة وردود 3- المسيح الارهابي


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5648 - 2017 / 9 / 23 - 19:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قرأت مؤخرا لناقد يهاجم الإعلامي على قناة الحياة المسيحية الأستاذ، أو حسب ما يعرّف به عن نفسه، الأخ رشيد المغربي. يعيب الناقد على الأخ رشيد تركه دموية الإسلام كيما يرتمي في مستنقعات العنف الذي يعلم به المسيح. وحجة هذا الناقد أن المسيح قال في إنجيل متى 10 "34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. 35 فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36 وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ." ليست هذه هي المرة اليتيمة التي يتم فيها استخدام هذه الآية لتبرير الهجوم على المسيح.

بئس قارئ لا يقرأ، وويحي على كاتب يجهل فنون الكتابة. في المراحل التربوية الأولى، يتعلم الطفل أن الأحرف تشكل أصواتا وأن هذه الأصوات والاحرف متى تم جمعها تصبح كلمات ترمز الى أشياء. مثلا لو تم جمع أحرف القاف واللام والميم لحصلنا على كلمة مكتوبة تعطي لفظ "قلم". يتدرج الطفل في التعلم في المرحلة الابتدائية ليتعلم أن الكلمة أحيانا قد تحمل أكثر من معنى وأنه لا سبيل لمعرفة المعنى الذي ابتغاه الكاتب إلا من خلال المضمون. خذ على سبيل المثال كلمة "الفيصل". لو أنت أدخلت هذه الكلمة في قاموس المعاني العربي على الانترنت، لحصلت على ثلاث معان مختلفة:
الفيصل: الحاكم أو القاضي
الفيصل: الماضي القاطع يفصل بين الحق والباطل
الفيصل: السيف القاطع

في نهاية المرحلة الابتدائية وقبل الدخول في المرحلة الثانوية، يبتدأ التلميذ يدرك أن اللغة لا تقتصر على الاحرف والكلمات والمعاني بل تتعداها الى المجاز والتشبيه والكناية والرمز، الخ. في رائعته الشعرية التي غناها له كاظم الساهر، يكتب نزار قباني:
أشهد أن لا امرأة ً
تحررت من حكم أهل الكهف إلا أنت
وكسرت أصنامهم
وبددت أوهامهم
وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
إستقبلت بصدرها خناجر القبيلة
واعتبرت حبي لها
خلاصة الفضيله

بئس قارئ يفهم من شعر نزار ان المرأة التي أحبها الشاعر ليست سوى كناية عن محاربة من العصر الجاهلي تحمل السيف وتهاجم القبائل لتكسر أصنامهم وتسقط نظام أهل الكهف وهي تستقبل خناجر اهل القبيلة بصدرها شبه العاري. بئس قارئ لا يستطيع ان يكسر قيود الحرف ليسبح في فضاء الفكر والابداع. تذكرني هذه الكلمات بأحد التلاميذ الذين مروا عليّ. طلبت من تلاميذي قراءة قصة قصيرة مفادها أن مزارعا باع الغلال وأراد أن يفاجأ زوجته بهدية. ذهب الى المركز التجاري لشراء هدية وكان الوقت يداهمه حيث ان المركز يغلق ابوابه في وقت يسير. كان المزارع يركض بنوع من الهستيرية بين الطابق الأول والثاني، يدخل محلا ليخرج من آخر، وهو يحاول إيجاد الهدية المناسبة قبل وقت الاغلاق. كانت القصة مرفقة بالرسوم وكانت إحدى هذه الرسوم تظهر الرجل مرة على أعلى الدرج ومرة أخرى في الأسفل ومرة ثالثة داخلا باب المحل ومرة رابعة خارجا من المحل. طلبت من هذا التلميذ أن يخبرني عما فهمه من القصة. قال لي هناك أربعة من الرجل ذاته يبحثون عن هدية لزوجاتهم، واحد في الطابق الثاني والآخر في الطابق الأول والثالث داخل المحل والرابع خارجه. للأسف، فشل هذا التلميذ أن يتحرر من حرفية الكلمة والصورة ليدرك أن الصور الأربعة ليست لرجال أربعة بل لرجل واحد.

عودة الى صديقي الناقد للأخ رشيد. قد يكون هذا الناقد قد حصل على شهادات علمية عالية، لكن يبدو لي أنه بحاجة لإعادة النظر في تقنيات القراءة التي يتعلمها الطفل في المراحل الابتدائية. عليه أن يدرب ذهنه على اللغة التي استعملها المسيح. عليه أن يتدرب على فهم المجاز والكناية والرمز. أشجعه على قراءة ما يعرف بحكايات لافونتن أو "Les fables de la Fontaine". في هذه القصص الشهيرة التي يتعلمها الأطفال في المرحلة الابتدائية، يضع الشاعر كلمات على فم الحيوانات ليجعلهم ينطقون. تحكي كل قصة من هذه القصص حكاية حيوان ما مثل الغراب الذي سرق الجبن وطار به الى اعلى شجرة. شاهده الثعلب وأراد انتزاع الجبن منه، وحيث انه لا يستطيع تسلق الشجرة، أخذ بامتداح الغراب قائلا له أنه لم ير في حياته أجمل من ريشه ولا أعذب من صوته. صدق الغراب الكذبة وللتدليل على جمال صوته فتح فمه مغنيا فسقط الجبن في فم الثعلب. هذه القصة لو قرأناها بحرفيتها لفقدت القوة على التعليم والابداع ولما تعلمنا منها كيف ان الدهاء يستغل الغباء للحصول على مراده. أو خذ على سبيل المثال الضفدعة التي ارادت ان تصبح بحجم البقرة فأخذت بالانتفاخ حتى انفجرت وذلك دلالة على أثرياء عصر الشاعر الصغار الذين نفخوا انفسهم كيما يبدوا لأهل زمنهم مثل النبلاء.

طبعا لن ولن يكون هذا الناقد للأخ رشيد الأول والأخير في اخراج نص من سياقه لتبرير هجومه على المسيحية. فهناك الكثير من المواقع والكتب الدينية واللادينية التي تستغل هذه النصوص لإصابة أهدافها. عندما قال المسيح " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ"، كان اليهود عامة والتلاميذ خاصة ينتظرون مسيحا مخلصا. كان لا بد لهذا المسيح ان يأتيهم راكبا على حصان، حاملا سيفا، وقائدا جيشا للخلاص من الرومان ومن ثم لبسط السلام على الأرض. لكن المسيح لم يكن يبشر بهذا النوع من السلام الآتي على حد السيف. من ناحية أخرى، كان المسيح يريد من تلاميذه أن يدركوا أنه لا يدعوهم للذهاب وراءه في نزهة على ريش النعام او السجاد الأحمر. كان يريدهم ان يدركوا انهم سوف يكونون في وسط الاتون وأن سيف الاب والام والاخ والاخت سوف يرتفع ضدهم وأن أعداءهم غدا سوف يكونون أكثر الناس حبا لهم اليوم، وهذا بالضبط ما حصل في تاريخ المسيحية منذ العصور الأولى للاضطهاد الروماني للمسيحيين وحتى يومنا هذا في الموصل وسوريا ومصر وغيرها.

هل علم المسيح اتباعه حمل السيف وقتل الآخر؟ عندما يجيب القارئ بالإيجاب، يكون إما مدفوعا بالحقد على المسيح مما غطى عيونه عن رؤية الحقيقة، وإما جاهلا في أساسيات القراءة مما لا ينفع معه سوى عودته الى دور الدراسة الابتدائية لإتقان تقنيات القراءة. لا يا سادتي، لم ولن تكون رسالة المسيح يوما رسالة إرهاب. إن كان واحدهم يرى في هذه الرسالة عنفا، فالعيب ليس في الرسالة بل في المتلقي. بل ها هي رسالة المسيح ما زالت ترن في آذاننا منذ ألفي سنة وهو يسلم الروح من أعلى الصليب طالبا لقاتليه "أغفر لهم يا أبتاه، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون".



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على خطى يسوع-10- الرغيف
- على خطى يسوع-9- أسكت أيها البحر، إهدئي أيتها ا لريح
- سارق الحساء
- شحاذ سجائر
- على خطى يسوع-8- إنه سبت آخر
- على خطى يسوع-7- هل يصير الحجر خبزا؟
- على خطى يسوع-6- نؤمن أن لا إله إلا السبت
- عذرا أيها الحب
- على خطى يسوع-5- الابرص
- على خطى يسوع-4- أبانا الذي في السماوات
- في التربية والتعليم-1- مقدمة
- على خطى يسوع-3- من هو يسوع؟
- وكما كان في الميلاد الأول كذلك يكون في الميلاد الثاني
- على خطى يسوع 2- موعظة على الجبل
- على خطى يسوع 1- في البدء كان الكلمة
- إنها الحياة-12- شكر في عيد الشكر
- إنها الحياة-11- لا، لا ترحل يا والدي
- إنها الحياة-10- كل عام وانت بخير يا صغيري
- العهد القديم والعهد الجديد-20- الخاتمة
- عهد قديم وعهد جديد-19- لا يكن لك آلهة غيري


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - شبهة وردود 3- المسيح الارهابي