أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الحسين شعبان - صناعة الإرهاب في العراق














المزيد.....

صناعة الإرهاب في العراق


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5638 - 2017 / 9 / 13 - 20:35
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


صناعة الإرهاب في العراق
عبد الحسين شعبان
باحث ومفكر عربي

منذ احتلاله العام 2003 ظلّ العراق مرتعاً للإرهاب، والإرهاب الدولي، وكان السؤال يتردّد بصوت عال وبهمس أحياناً، هل هو صناعة عراقيّة خالصة؟ أم أنّه جزء من إنتاج كوني كانت سوقه العراقيّة رائجة؟ وما زال صدى ذلك السؤال يتردّد في العالم، قبل احتلال «داعش» للموصل وبعده، دون أن يجد جواباً مقنعاً وحلاً ناجعاً.
لقد اندفعت مجاميع إرهابية وتكفيرية داخليّة وخارجيّة، في ظل الاستنفار الطائفي والإثني لتخترق المشهد السياسي بأعمال عنف وإرهاب منفلت لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق السياسي المعاصر، مستغلّة حلّ الجيش والأجهزة الأمنية. وسفكت دماء العراقيين على نحو عشوائي وعبثي، لتطال مختلف الانتماءات الدينية والإثنية، ما أصاب التنوّع والتعددية الثقافية والمجتمعية بالصميم وألحق ضرراً كبيراً بالنسيج الاجتماعي المتعايش، وخصوصاً لفئات الآشوريين والأرمن والكلدانيين والسريان والإيزيديين والصابئة المندائين والشبك والكاكائيين وغيرهم، وإن كان الأمر يشمل الجميع دون استثناء.
لكن هذه المجاميع الثقافية التي يطلق عليها مجازاً «الأقليات» تعرّضت بكياناتها إلى عنف شديد، واضطرّت أعداد واسعة منها إلى الهجرة بعد ما لحق بها من انتهاكات سافرة بالأرواح والمقدسات والممتلكات وغيرها. وقد تعرّضت النساء الإيزيديات إلى عمليات السبي، وهو شكل من أشكال العبودية، حيث تم بيعهنّ بسوق النخاسة، الأمر الذي يندى له جبين الإنسانية.
لقد استُزرِع التعصّب بالتربة العراقية فأنتج تطرّفاً، وهذا الأخير قاد إلى الإرهاب المنفلت من عقاله، خصوصاً بإشعال الصراعات المذهبية والإثنية التي اتخذت طابعاً استئصالياً وتهميشياً، ولكن ذلك لا يعني أنه أمر مستورد بالكامل بقدر ما كانت البيئة الداخليّة مهيّأة له وجاهزة لاحتضانه، والسبب يعود إلى انعدام المصالحة الوطنية والشعور بالتمييز والإقصاء.
وبدلاً من اعتماد الدستور على المواطنة والمساواة والمشاركة المجتمعية المستندة إلى الحرية والعدل باعتبارها ركائز للدولة العصرية الحديثة، فإنه ذهب إلى ما يسمى «بدولة المكوّنات» التي ورد ذكرها فيه ثماني مرات، ولم يكن ذلك سوى تكريس لصيغة المحاصصة والتقاسم الوظيفي على أساس الولاء الطائفي والإثني.
وأسهم الوضع الإقليمي بتداخلاته وأذرعه المختلفة في تعقيد التفاعلات الداخلية، بحيث أصبح الإرهاب «مؤسسة» مموّلة خارجياً وداخلياً، (أي ذاتياً) ولها هيكليّاتها، وهي قائمة بذاتها، وتتغذّى من كل ما حولها وتُغذِّي محيطها أيضاً. وإذا كانت شوكة الإرهاب التي انكسرت نسبياً بين الأعوام من 2007 - 2010 ، فإنها عادت وأصبحت أكثر حدّة بعد الأزمة السورية بحكم العامل الجغرافي والمتغيّر الجيوسياسي للقوى المتصارعة في المنطقة. وازداد تأثير ذلك بفعل الاختلافات السياسية الحادّة التي أفرزتها انتخابات العام 2014، الأمر الذي سهّل للقوى الإرهابية استغلال نقاط الضعف تلك، فبدأت بزحف شبه منظّم حتى أن «داعش» كان قد استولى على الفلوجة قبل نحو ستة أشهر من احتلاله للموصل في 10 يونيو (حزيران) العام 2014 وتمدّده ليشمل ثلث الأراضي العراقية.
وقد بيّنت تجربة ال14 عاماً الماضية أنّه لا يمكن القضاء على الإرهاب باستخدام القوّة المسلّحة وحدها في مواجهة الإرهابيين. وبقدر ما تكون المواجهة واسعة ومتعدّدة الجبهات فإنّها تحتاج إلى وحدة وإرادة وطنية، إذ إنّ مكافحة الإرهاب تتطلّب القضاء على التطرّف ووضع حد للتمييز الطائفي ولنظام المحاصصة، والعمل على وضع حدٍّ للفساد وملاحقة المفسدين والمتسببّين في هدر المال العام، وإعلاء مرجعية الدولة وجعلها فوق جميع المرجعيات الدينية والطائفية والإثنية والحزبية والسياسية والعشائرية وغيرها، ووضع الكفاءات العراقية، ولا سيّما من الشابات والشبان في المكان الصحيح والملائم لإدارات الدولة، وذلك خارج دائرة الولاء، باعتماد معايير الكفاءة والنزاهة.
ويُفترض باستراتيجيّة مكافحة الإرهاب، وخصوصاً بعد هزيمة «داعش» في الموصل وفي إطار طويل الأمد، البدء بتدرّج، باتباع إجراءات وقائية إضافة إلى اتخاذ تدابير حمائية، في إطار عمل مؤسسي وطني، يشمل جميع قطاعات الدولة، بما فيها الأمنية والاستخبارية، تكون ركيزتها الأساسية توافقاً وطنياً جامعاً وخططاً اقتصادية واجتماعيّة وإعلامية وثقافية وتربوية، يسهم فيها المجتمع المدني، لنشر ثقافة اللاّعنف والتسامح والاعتراف بالآخر والإقرار بالتعددية والعيش المشترك والمواطنة المتساوية، ومعالجة مخلّفات قرار بول بريمر.
وإذا كان الإرهاب قد «استوطن» العراق وأصبح جزءاً من المشهد العام، على غرار بعض الأمراض المستوطنة التي كانت تنتشر فيه، فإنّ استئصاله يحتاج إلى جهود متنوّعة وشاملة تجمع بين ما هو راهن وما هو مستقبلي في إطار مشروع موحّد وخطط آنية ومتوسطة المدى وطويلة. وكلّما كانت الدولة العراقية قويّة ومعافاة يصبح بإمكانها الاستفادة من كلّ دعم إقليمي ودولي، لأن فيروس الإرهاب يهدّد الجميع.
[email protected]

نشرت في صحيفة الخليج (الإماراتية) ، الاربعاء في 13/9/2017



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضرة -أبو گاطع- ورحاب الكلمة الحرّة
- مسلمو ميانمار بين نارين
- في رحاب -أبوگاطع-الجمال في مواجهة القبح
- في تأويل الظاهرة الارهابية
- التنمية المستدامة 2030
- مهدي السعيد وسرّديته السسوثقافية - ح 4
- «أصيلة» وفضاء الإصلاح والتجديد
- ترامب وتوازن القوى في أمريكا
- مهدي السعيد وسرّديته السسوثقافية - ح 3
- مهدي السعيد وسرّديته السسوثقافية - ح 2
- مهدي السعيد وسرّديته السسيوثقافية - ح1 + ح2
- أبو كَاطع - على ضفاف السخرية الحزينة- كتاب جديد للدكتور شعبا ...
- ما بين الصهيونية والساميّة
- بعض دلالات ما حدث في القدس
- ماذا ما بعد الموصل:خيار محسوم أم حساب ملغوم؟!
- فلسطين ومعركة الثقافة
- نظرة أخرى لمسألة الإتجار بالبشر
- ما بعد الموصل.. «داعش» و«الداعشية»
- العنف والإرهاب وما بينهما
- عن المصالحة الوطنية وإدارة الأزمات


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الحسين شعبان - صناعة الإرهاب في العراق