محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 5630 - 2017 / 9 / 4 - 12:56
المحور:
الادب والفن
الحرب لا تنتهي، والمقاتل يعود من حدود المخيم إلى ملجأ أمه في الإجازة الخاطفة، يطمئن عليها لحظة ثم يمضي إلى ملجأ الحبيبة، يحدثها عن بيت آمن وولد، يتفقان على الزواج سريعاً، ولا يذهبان إلى المطبعة التجارية من أجل بطاقات العرس، ولا يشتريان الحنّاء من حانوت العطّار، ولا يرتديان إلا ما تيسر من ثياب لم تصلها الدماء.
والحرب لا تنتهي، تختلط زغاريد النساء بضجيج القذائف الموزّعة على أهدافها بإتقان، ويهرع الأطفال من كلّ الملاجىء إلى العرس، والقنّاص يستعد لتوزيع هداياه، والعروس طالعة من ملجأ أبيها إلى ملجأ العريس، لابسة الأحمر والأخضر والعيون تتشهى السلام، والعروس تسلم أصابع يدها لقبضة العريس التي خشّنتها الحرب قبل الأوان.
والحرب لا تنتهي، في اللحظة الأخيرة، قبل النزول إلى الملجأ، تفلح طلقة القّناص في الوصول إلى خاصرة العروس، يتوقف الغناء لحظة لاستيعاب ما جرى، ثم يندلع الغناء من جديد تمجيداً لجسد الشهيدة البكر، والعريس يحمل حبيبته بين ذراعيه خارجاً بها في الفضاء الرحب، باحثاً لها عن قبر في فسحة هذا العالم الممتد، والحرب تعول فوق الرؤوس لأنها تعيش دون زوج أو ولد.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟