أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - أين نحن من أبى وأمى














المزيد.....

أين نحن من أبى وأمى


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5626 - 2017 / 8 / 31 - 23:03
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



هل يمكن لرجل أو لامرأة أن تتحرر، وهى تعيش عالة على غيرها؟ وهل يمكن لدولة أن تستقل وهى تعيش على معونات من خارجها؟ هذا السؤال، يدور فى رأسى، كلما تفجرت قضية اللامساواة بين المرأة والرجل، وكلما انفجر دمل المعونة الأمريكية المزمن، منذ أصبح «السادات» رئيسا لمصر.

أتذكر مقولة أبى، فى طفولتى: لا يأكل الرجل أو المرأة الحرة إلا من إنتاجها وعرق جبينها «، وكان أبى ناقدا للمقولات الموروثة ومنها: «المرأة الحرة لا تأكل بثدييها» وهى عبارة متناقضة خادعة، تؤكد انتماء المرأة لفصيلة الثدييات، رغم كونها من فصيلة الإنسان، وتظل حقوق المرأة غائبة عن وثائق حقوق الإنسان حتى اليوم. ولد أبى فى العام الأول من القرن العشرين، وكان متفوقا فى دراساته بالأزهر ودار العلوم والقضاء الشرعى وكلية المعلمين، وكان مرشحا للسفر الى فرنسا، لكن زميلا أقل كفاءة منه وأكثر قربا من الحكام، اقتنص مكانه فى البعثة، وسافر ثم عاد من باريس، ليصبح وزيرا مرموقا أو مفكرا عظيما.

كان يمكن لأبى أن يشتهر فى التاريخ، لو أنه أطاع السلطات العليا، لكنه عاش منسيا منفيا، معارضا للحكم الملكى وسطوة الإنجليز، وناقدا لمناهج وزارة المعارف والمؤسسات الدينية، وكان شيخ الأزهر يشيد بالملك الصالح، ويدعو له فى الصلوات بطول العمر، وأن يحفظه الله ذخرا للبلاد. وتم إقصاء أبى عن مكانه ليكون قاضيا بالمحاكم الشرعية، فتصدى لجماعات النص القطعى الثابت، غير القابل للاجتهاد أو التجديد، والذين لا يعلو صوتهم إلا فيما يتعلق بالنساء وقد نشأ أبى بالريف، وشاهد المرأة تزرع الأرض بفأسها، تنتج الطعام بعرقها، وتتولى الإنفاق على أسرتها مع الرجل، أو وحدها، حين يموت زوجها بالبلهارسيا، أو يطلقها شفهيا، ناطقا كلمة طالق، وهو يتجشأ بعد العشاء، أو يتزوج بغيرها لنزوة طارئة، مثنى وثلاث ورباع، أو ينتقم منها، أو من أهلها، فينكر نسبه لابنه أو ابنته، وكم من أهوال وأحوال، تصبح فيها المرأة هى المعيلة الوحيدة للأسرة، أو منبوذة من أهلها. تتغاضى الإحصاءات عن عمل الفلاحات وربات البيوت، وغيرها من أعمال السخرة المفروضة على النساء دون أجر، رغم أنهن عماد الإقتصاد الرأسمالى، منذ نشوء النظام الطبقى الأبوى أو العبودية، تتجاهل الدولة حقوق النساء فى قانون الأحوال الشخصية، وقانون العقوبات، وغيرها من القوانين، لأنهن بلا قوة سياسية منظمة، وليس لهن اتحاد نسائى قادر على الضغط والتظاهر، مثل اتحاد العمال، أو اتحادات العبيد فى عصور الرق، وتتجاهل جماعات النص الثابت القطعى، مآسى الإرث والنسب والطلاق الشفهى وتعدد الزوجات وغيرها، مما يدمر الأسرة ويؤدى الى الانفحار السكانى، الذى يشكو منه الجميع. منذ خمسة وثمانين عاما، دافع أبى فى المحاكم الشرعية (قبل إلغائها) عن حق المرأة فى الإرث، التى يطلقها زوجها شفهيا، بعد أن تشتغل معه بالأرض سنوات شبابها، كيف يحرمها القانون من حقها فى الأرض لمجرد أن زوجها نطق كلمة «طالق» قبل موته؟.

ودافع أبى عن حق المرأة فى خلع زوجها، وأكد فى المحكمة، قبل أن يصدر قانون الخلع بأكثر من نصف قرن، أن هذا الحق مكفول لها شرعا. الزواج من إنسان عظيم الأخلاق (غير مسلم) كان مستعدا لاعتناق الإسلام، لكن أبى قال له: «الأساس هو جوهر الإنسان، وأنا أثق فى ابنتى، وأومن بحريتها فى الاختيار، كما أن الإيمان بغرض الزواج باطل مثل الإيمان بالوراثة»، وكان زميلى طبيبا بمستشفى الأمراض الصدرية، إنتقلت إليه عدوى الدرن الرئوى من المرضى، الذين يسهر على رعايتهم، ومات ينزف الدم قبل أن نعيش معا.

هذا اليوم البعيد من عمرى، ورد فى كتابى «أوراقى حياتى» المنشورمنذ أربعة وعشرين عاما، وعاد الى ذاكرتى بالأمس، وأنا أتابع الانتصار المبهر لنساء تونس، لتحقيق المساواة بين الجنسين، طبقا للدستور التونسى الذى بعتبر اختيار المرأة لزوجها من صميم حريتها الشخصية وحرية الضمير، بصرف النظر عن دينه أو جنسه أو جنسيته، وتذكرت أبى الذى مات منذ ستين عاما، والذى شجعنى هو وأمى، على الصدق والتركيز على جوهر الإنسان، وصرف النظر عن الظواهر والتفرقة الموروثة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرقل وغريمه آنتى
- المرأة والاشتراكية
- .. وهل انعدم التساؤل أيضا ؟
- ازدراء الأديان والجماعة فى رمضان
- امرأة رقيقة قاتلة
- التفاحة المحرمة والجاذبية
- فى ذاكرتى مع لغة الأم
- لا حياد فى عالم يبطش
- وتزيد المتعة بزيادة المعرفة
- رسالة من فتاة سجينة
- رسالة الى صديق قديم
- متى يبدأ السقوط ؟
- ليست امرأة مثالية
- ما بين البحرين الأحمر والأبيض
- الدين والمرأة والسينما
- الفتاة الصغيرة أمام باب المحكمة
- أنتِ طالق يا دكتورة
- التأويل الذكورى للتاريخ المصرى
- الطب النفسى والإلحاد
- قضايا الحسبة والإرهاب


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - أين نحن من أبى وأمى