|
صراع الأجيال الفلسطينية مع مناهج التعليم الصهيونية
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5624 - 2017 / 8 / 29 - 20:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا تريد أجهزة الظلام والمؤسسة الحاكمة في إسرائيل بمختلف مهامها ومسمياتها الاعتراف بفشل كافة المحاولات والخطط التي حيكت لزرع اليأس في عقول ونفوس المواطنين العرب ، وارغامهم على التنازل عن هويتهم القومية الفلسطينية . سبعة عقود متلاحقة منذ النكبة حتى اليوم لم تتوقف هذه المحاولات ، صرفت الأموال ، وتم الاستعانة بخبرات أجهزة المخابرات وتم الاستعانة والتشاور مع خيرة وكبار المستشرقين اليهود ، على اعتبارأنهم يعرفون نفسية المواطن العربي ، كما استخدمت سياسة القبضة الحديدية ضد المواطنين العرب من الاعتقالات التعسفية ومصادرة الأراضي والملاحقات السياسية ، والحرمان من العمل ، تم كل ذلك تحت سقف الحكم العسكري. بعد الغاء الحكم العسكري أخذت أجهزة الشاباك والعديد من المؤسسات والأحزاب الصهيونية ، أخذت على عاتقها الاستمرار بهذه المهمة بطرق أخرى ، لقد تدخلت هذه الأجهزة والمؤسسات في كثير من الحالات في حياة الأسرة العربية ، لكنها فوجئت عندما علمت ان أبناء هذه الأسر متهمون بالعمل ضد أمن الدولة والانضمام لفصائل المقاومة الفلسطينية ، كما حدث عند بعض الأسر في منطقة المثلث الجنوبي . هذه المحاولات فشلت في خلق أجيالاً عربية معزولة عن ماضيها وحاضرها الوطني وتراثها وهويتها ، فوجئت أكثر عندما اكتشفت أن هذا الانتماء الراسخ يتجدد بشكل غريزي لدى الأجيال الناشئة ، خاصة طلاب المدارس الثانوية وطلاب الجامعات العرب . آمنت هذه القوى أنه بالإمكان خلق أجيالاً عربية حديثة غارقة بالأسرلة ، كما فعلت فرنسا في مستعمراتها في القارة الافريقية ، لقد ارضعت ثقافتها ولغتها لغالبية الشعوب في القارة الافريقية وفي مقدمتها الجزائر ، كما أقامت جيشاً من المرتزقة من أبناء هذه الشعوب ، وحاولت استخدامه لقمع ثوراتها ضد الاحتلال الفرنسي ، لقد استخدمت عناصر هذا الجيش لقمع ثورة الجزائر ، لكن إرادة الشعب الجزائري وغيره من الشعوب ـ كانت أقوى من كل مخططات فرنسا الاستعمارية . ركزت القوى الإسرائيلية أكثر ما ركزت على طلاب المدارس العربية على اعتبار أن هؤلاء الطلاب عجينة لينة ومواد خام يمكن صبها في قوالب الاسرلة والصهينة وبالإمكان تفكيك جزيئاتها وبعثرتها لخلق أجيال غريبة عن بعض البعض ، وغريبة عن عاداتها وتقاليدها ولغتها ، هذا ما فعلته بعشرات الألوف من الصبية التي تم خطفهم من اسرهم اليهودية وغير اليهودية في المغرب وتونس وليبيا ودول أوروبية مختلفة ، كانت تتمنى فصل الطلاب والصبية العرب عن ذويهم لصبهم في قوالب صهيونية خاصة . من أجل تنظيم هذه المشاريع التصفوية لتراثنا وهويتنا صيغت مناهج تعليمية خاصة بالمدارس العربية مشوهة ومزيفة ، كما تم ادخال عشرات من المعلمين اليهود للعمل في المدارس العربية ، لانجاح هذه المشاريع ، كما تم اجبار المدارس العربية على الاحتفال بيوم النكبة – يوم الاستقلال ، بإقامة نشاطات وفعاليات وهمية ، كشفت عن النوايا الحقيقية لجهاز التعليم ومكتب رئيس الوزراء ومستشاره ، فرضت في هذه المدارس كتباً صفراء مشوهة ، خاصة في درس الموطن في المدارس الابتدائية ، والمدنيات في المدارس الثانوية ، إضافة الى كتب التاريخ ، كلنا نذكر كتاب المدنيات الذي ترجمه كمال منصور تحت عنوان " كيف تحكم إسرائيل " ضم هذا الكتاب مواداً لا علاقة للطالب العربي فيها ، بين سطوره وجدت المبررات لفرض الحكم العسكري ، احدى هذه المبررات حماية المواطنين العرب ممن لا أعرف ، كان الهدف من فرض هذا الكتاب اقناع الطلاب العرب بأن إسرائيل واحة الديمقراطية . من بين كتب الموطن التي فرضتها وزارة المعارف ، كتاب " أنا مواطن إسرائيلي " وكتب أخرى ، هدفها جميعا تشويه فكر وانتماء الطالب العربي ، لكنها جميعها اندثرت وفشل هذا المشروع . استمرت هذه السياسة عشرات السنين ولا تزال تتجدد وتتغير حسب المقاييس العنصرية لرئيس الحكومة ووزير التربية والتعليم ، كل وزير يحاول افراز مخزونه ووزنه العنصري اليميني الفاشي ، من خلال محاولاته فرض زي تربوي أكثر انحرافاً لكافة المضامين الثقافية الصحيحة ، حاولت لجنة المناهج في مادة التاريخ وانا كنت عضو فيها ، وضع صيغ ومواد صحيحة تلائم وتتمشى مع عقلية وفكر وانتماء الطالب العربي ، لكن وزارة المعارف الموجهة من الموساد وكانت ترفض هذه المواد ، خاصة فيما يخص تاريخ فلسطين . رفضت وزارة المعارف غالبية الاقتراحات التي قدمتها لجنة متابعة التعليم العربي وعدداً من كبار المثقفين العرب ، وزراء التربية والتعليم المسؤولون عن كارثة التعليم العربي أكثر . ووأذكر آخر وزيرين منهم ، الوزير قبل الأخير جدعون ساعر الذي حاول تحويل مدارسنا الى حظائر تعليمية تتمشى مع فكره التوراتي اليميني ، طالب بعزف نشيد إسرائيل الوطني في الصباح ، أصر على رفع علم الدولة فوق المدارس العربية ، مع ان المدارس اليهودية غير ملزمة بذلك ، فرض كتاباً لتعليم موضوع المدنيات ، يفتقد كافة القيم الإخلاقية والتربوية ، هذا الكتاب لا يختلف عن جدار الفصل العنصري الذي فرضه الاحتلال لمحاصرة الفلسطينيين واجبارهم العيش في كنتونات معزولة عن بعضها ، لمنع التواصل بين أبناء الشعب الواحد ، هذا شأن كثاب المدنيات الذي أراده ساعر ، هدفه منع التواصل الحضاري واللغوي والفكري بين الطالب العربي وتراثه وحضارته . لم يكتف الوزير الحالي نفتالي بانيت بكتاب ساعر، ان وجوده وافكاره وعنصريته القومية والدينية يتناقضان مع وجوده فوق منصة التربية والتعليم ، لقد أصر على إضافة المزيد من المداميك في جدار الفصل التربوي لتجهيل الطلاب العرب ، وتلقينهم معطيات هامشية تزيد من غربتهم عن تراثهم وعن كل انتماءاتهم ، يريد هذا الكتاب اجبار الطالب العربي الاعتراف والايمان بأن إسرائيل أي فلسطين التاريخية خاصة باليهود فقط ، وان العرب قبائل قدمت من وراء الحدود من شرق الأردن ، وصحراء سيناء وسوريا ولبنان . أخطر ما في هذا الكتاب إصرار المؤسسة الحاكمة على اعتبار المواطنين العرب شرائح اثنية ودينية لا صلة بها ، فهناك القومية الإسلامية والمسيحية والدرزية والبدوية ، إضافة الى قومية جديدة اضافها العنصري بانيت وهي القومية الارامية . ان محاولات بانيت سوف تفشل كما فشلت سابقاتها ، لقد اثبت المواطنون العرب انهم وحدة قومية واحدة ، واثبتوا ذلك في الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية ، وقدموا الضحايا تلو الضحايا وهم يدافعون عن حقوقهم ، وحقوق أبناء شعبهم في الأراضي المحتلة . الأجيال الحديثة الناشئة التي انتظر ساعر وبانيت اسرلتها هي بمثابة رأس الحربة في كل مظاهرة او احتجاج ، هذا ما حدث في أم الحيران ووادي عارة ويوم الأرض الخالد والروحة والمظاهرات في يافا وغيرها ، ان وجود القائمة المشتركة ولجنة المتابعة وغيرها من المؤسسات القطرية العربية تدل على فشل كل المشاريع التي هدفت الى مصادرة ارادتنا وهويتنا القومية .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من عربة بوعزيزي الى عربة محسن فخري
-
ثقافة الفساد في المجتمع الاسرائيلي
-
حبل من وراء الحدود
-
ايران كوبا الشرق الأوسط
-
غزة في انتظار حرب الكهرباء
-
عار الهزيمة لن يدوم
-
لا مصر بدون مواطنيها الاقباط ، ولا أقباط بدون مصر
-
من البيعة الصغرى الى البيعة الكبرى
-
قراءة في صفحة من صفحات الانقسام الفلسطيني الفلسطيني
-
طوابير العرب العائدة لبيت الطاعة الامريكي
-
أسرى الحرية بين النصر والشهادة
-
تهليل القرعة التي تتباهى بشعر اردوغان
-
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه - أنه لا ينجس
-
مرة أخرى - أيمن عودة في الميزان
-
تبرئة مبارك المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية
-
البادي أظلم
-
الخطوة الأولى في طريق العودة وحدة الصف
-
هنا دمشق من القاهرة
-
الوجه امريكا والعجيزة اسرائيل
-
ريفلين وقفزة القط الشرير
المزيد.....
-
بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س
...
-
أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
-
الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين
...
-
قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
-
-CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه
...
-
مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م
...
-
العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
-
موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
-
قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
-
رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|