مروة التجاني
الحوار المتمدن-العدد: 5624 - 2017 / 8 / 29 - 15:07
المحور:
الادب والفن
بين الداخل والخارج أسوار عالية .. ومنذ البداية نشاهد باستر كيتون كأنه محبوس خلف هذه الأسوار بوجهه الحجري الجامد .. تسوره قيود الخارج من عادات ومُثل متعارف عليها ومعايير صارمة لا تنطبق عليه .. أسوار وسجون رمزية تفصل بينه وبين من أحب ، فحبيبته أيضاً تخضع لذات الشروط الداخلية التي تحكم قصرها ومتطلبات وجودها في المجتمع كسيدة راقية .. من هي لترتبط بباستر كيتون المسكين ؟ ، في هذا الفيلم لن تميز بين الكوميديا والتراجيديا .. ومع ذلك إذا كنت من أصحاب العقول والأرواح الحرة فلربما ستسقط من الهول الضحك وسيهتز دماغك بقوة .. هذا الفيلم أعظم ما قدمه كيتون للبشرية .
في الطريق يساعد الآخر لأنه وجد فيه الوجه البشري ( بغض النظر عن الشر والخير ) لكن الآخر ، هذا الوجه الضخم يدفعه بقوة لأنه يبدو رجلاً منبوذاً ، ما معنى أن تكون منبوذ ؟ هل تحتمل ذلك ؟ هل تضحك وتسخر وتبصق على الحياة وتمضي ؟ ، هكذا علمنا كيتون معنى السخرية القاسية التي تذيب قلب الأنسان ومع ذلك يبقى عقله ليضحك في الخارج ، إنه بحق صراع الداخل العقلي والخارج الظاهري ومع ذلك تعود المثل العليا الخارجية لتلاحق كيتون متمثلة في وجه وجسد البشري في محاولة منها لسلبه ما هو حق ( متمثلاً في الفليم بالمال أو الكرامة الواجبة ) . ولأننا يا أحبتي مع كيتون فأن الكوميديا والضحك يتحالفان مع القدر لتقوده إلى مصير جديد في عالم الخارج الممتد .
الموسيقى هي الأقوى . فعضلات قلبك تخفق مع الأحداث وتتصاعد كأنك تود لو تكون جزء من المشهد .. ليست خدعة يا كيتون ما دمت تصدقها ، ما الخدعة ؟ هي كل فكرة أو رائ لا تصدقه من الداخل أو تصدقه بفعل تأثير الجمع ( القطيع ) . لتترك الحياة تأخذك وحين تتحدث إلى الحصان فأنت تحدث الصديق الذي رافقك طوال الرحلة ( أعظم مشهد في الفيلم ) ، ها أنت تقرر أن تساعده وأيضاً يطردكما الداخل المختلف ومع ذلك تضحكان وتمضيان ، شكراً كيتون على الوقت الجميل .
لأنك مختلف وموجود في بقعة ما من الأرض ، الدولة ، المدينة ، الشارع يدهش لرؤيتك الكل ويطالبون برحيلك .. أنت يا كيتون كنت تفهم العالم أفضل منا جميعاً و هاهو وجه المدينة يتكشف لك . في مشهد مثير يطاردك الكل ونحسب دائماً لكيتون إهتمامه بالتفاصيل والتكلفة العالية للمشاهد وحبه للمغامرات والحركة . عندما تتحرك الروح الجماعية بدافع الشر ودون سؤال ستحاول قتلك وستموت .. لكن الأجمل أن تموت ضاحكاً مع باستر كيتون .
- رابط الفليم للأرواح الحرة :
https://www.youtube.com/watch?v=UvXxd3U1A5g
#مروة_التجاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟