|
الأثنية المتأهبة . طالب الرفاعي ..( في والهنا)
مقداد مسعود
الحوار المتمدن-العدد: 5621 - 2017 / 8 / 26 - 23:15
المحور:
الادب والفن
الأثنية المتأهبة طالب الرفاعي .. (في و الهنا) مقداد مسعود
بعد نيسان 2003 ، قرأتُ للروائي الكويتي طالب الرفاعي: (ظل الشمس ) (رائحة البحر) فأستوقفني أسلوبه الجميل في الكتابة الروائية ، وما كتبته بخط اليد عن(ظل الشمس) و(رائحة البحر) ..لا أدري في أي كتاب أندحسَ في متاهات مكتبتي .يومها لم يكن الحاسوب من معارفي .. وكانت مشاغلنا هي : النبش عن اسماء ضحايا الطاغية في المقابر الجماعية والمساهمة الثقافية بأطر أوسع حرية ً.. روايته (في والهنا) أتسع قوس إبداع الرفاعي طالب وألتزم الإقتصاد الأسلوبي سرديا .. (*) الخلية السردية الموقوتة تنتجها مصدات الكونكريت المجتمعي التي تشخصنها : الكونفورميا وأنظمة الوعي هذه الكونفورميا المغلّقة بإحكام والمشحونة بالمقدس والمشروطة بولاء القطيع ، على هذه المصدات نقرأ الخلية الموقوتة المتأهبة للأنفجار (أني شيعية وأنت سني /32) (*) لهذه الرواية منظومة جهويات *الهوية الطبقية العاشقان لهما نفس الهوية الطبقية مشاري : شخصية مرموقة في المجتمع عائلته عريقة في الثراء والنفوذ/ ص12 ، من أثرياء الأقتصاد الريعي ..أملاكه عابرة للقارات لديه شقة هناك في برايتون منتجع شخصي له وأحيانا له مع عائلته وفق ظنون كوثر المصوبة سهامها إلى مشاري (هل تأتي دائما بالنساء لشقة عائلتك ؟ /96) كوثر : بشهادتها (أنا كوثر،صديقاتي وزميلاتي في العمل يحسدونني ويقلن عني إنني ممثلة سينما، وإن جسمي كجسم عارضات الأزياء. أمرأة أمتلك مالاً من إرث أبي، وأعيش في شقة ،،ديلوكس،، من أختياري وأقتني أفضل الماركات في لبسي وساعاتي وأحذيتي، وأركب سيارة،، بورش،، آخر موديل ./ 150 لكنها من الناحية النفسية تخبرنا إنها من البروليتاريا الرثة!! (وكل هذا أعجز من أن يأتي بكسرة من راحة للنفس !) * الفقه بطبعته المشوهة هو الفيصل بينهما (الفضيحة أن تزوّخ أختك لسني /52) (الأصول أصول، لن نزوج سنيّا) هذا هو موقف عائلة كوثر الشيعية المتزامن مع مجيء كوثر للدنيا في 1977 لايهم المستوى العلمي للسني ولاهويته الوطنية التي تميزه عن المقيمين بشتى ترابياتهم الاجتماعية والإقتصادية (شابا كويتيا جامعيا من أسرة كريمة) فيضيف الجد : (سني / 51) لكن كل الأثنيات تتذاوب أزاء التكتيك السياسي الدولي والراتوب الأقتصادي ، هنا يتراجع الفقه بحيلة أقتصادية ، فالتاجر الشيعي والد ألطاف هو حلقة في سلسلة تجارية سنية كويتية ، هنا ينتج ابن التجار الليبرالي القومي الناصري المتحرر في تفكيره وأرائه، خريج الجامعة الأمريكية في بيروت ..ينتج سؤالا ميدانيا من العرض والطلب التجاري ويطلقه نحو والده (كيف تواجه التجار السنة أصدقاء عمرك ؟ ) ثم يطلق جوابا (ستكون فضيحة ) وهناك الوالد الآخر للتاجر يرى الفضيحة الخروج عن النسق المؤتلف (الفضيحة أن تزوّج أختك لسني/ 52) ستتزوج ألطاف من سني ّ وسيتخثر الفوز بتقدم الزمن وبتوقيت وصول بناتها لسن الزواج فهاهي ألطاف في زيارتها الأولى / الأخيرة لشقة كوثر ..تبوح بالإنشطار العائلي المر بالنسبة لألطاف كأم (أي شاب يتقدم لخطبة إحدى بناتها يقف عند توزعهن بين مذهب الأب السني ومذهب الأم الشيعي / 141) (البنات أنفسهن مختلفات واحدة سنية والأخرى تريد أن تكون شيعية ) وهناك من تستعمل لفظة شيعية كسبة، (الحقير خانني : تزوّج شيعية / 14) المذهبان سيتنصلان من كوثر + مشاري وبشهادة كوثر (ورقة زواجنا قبل أن تُكتب دفعت أسرتي للتبرؤ مني، أمي وأخواتي وعمي وباقي العائلة . ومؤكد أنها ستزعج أهلك وتلاحقهم ليرددوا في مجالسهم :ترك زوجته وأطفاله، وركض وراء عشيقته الشيعية !/ 20) (*) بفعل تفريغ الربيع العربي من شحناته الثورية، سيتراجع فكريا والد كوثر عن الليبرالية القومية الناصرية ويتقوقع في حيز من صمت موجع، وحين تذكره كوثر بموقفه المشرّف مع شقيقته )أنت زوّجت عمتي ألطاف من رجل سني) هذا التذكير بوظيفة تجريح جرح سابق ، أو عودة إلى ( لحظة مدببة يتحاشى تذكرّها والاعتراف بها55) وسيضمد الأب جرحه بسيادة المختلف في الراهن (الوضع مختلف) ومن حق كوثر الواعية القارئة من مكتبة أبيها الكثير من الكتب أن تسأل نفسها (هل قصد إلى إدانة نفسه، ووصف تحرره وأفكاره السابقة بالخطأ؟ ) لاخطأ في البنية الفكرية لوالد كوثر ، الخطأ هوسيادة المتأسلمين في الراهن العربي ..
(*) هندسيا تشتغل الرواية على : رحلة مكوكية بين الشخوص فيما بينهم وبين المؤلف طالب الرفاعي وشخوص الرواية ..وبين الروائي طالب الرفاعي وأوجاعه وسيرته .. كما تشتغل الرواية على تقشير لحظة الراهن الروائي وتحديدا الصباح المبكّر ومايتداعى في الذاكرة التذكارية ، لدى كوثر من تداعيات سيرية : أهلها – مشاري - وفي القراءة الثانية بالنسبة لي كقارىء منتج : سألتقط خيطين في الرواية : خيط صوتي يعيدني إلى ذلك الصوت الهادىء اللذيذ للمغني محمود الكويتي في تلك الجلسات بالأبيض والأسود : محمود الكويتي يغني متقوسا على عموده عازفا عليه ، يجاوره شقيقه عبد اللطيف الكويتي ونخبة من المغنيين الكويتيين : سعود الراشد، عبد الحميد السيد، عوض دوخي، عبد الكريم عبد القادر، عبد المحسن المهنا وغيرهم ..وها أنا يغمرني السامري (قلت أوقفي لي وأرفعي البوشية خليني أروي ضامر العطشان/7 ).. (الخد ياضي لي برق وسميه والعين تشبه ساعة الرباني / ص75) (قلت ألعبي قالت أنا رياضية أبا تعلم لعبة الشباني/ 114) (ملبوسها النفنوف واللحميّه والثوب شاله ردفه القيطاني / ص155) علاماتيا : للسامري وظيفة مثنوية يحيلنا للأغنية كما يحيلنا السامري كمناصة توصلنا لصوت المؤلف في الرواية .. وهناك مناصفة مبصومة لكوثر ، أعني الفصول المبدوءة بجملة حروفها كثيفة السواد طباعيا * ،،إذا استلمت ُ ورقة،، ،، زواجنا بيدي،، ،، فسأبدأ مشوار،، ،، حياتي الجديدة معك ،، سألتقط خيطا لمسبحة قراءتي وألظلم فيه خرزات الخوف بإحالاته التكرارية في الرواية، فكل خرزة خوف تفتح دائرة جديدة في الفضاء النصي الذي ينتهي ولاينتهي في نهاية الرواية وهاهي الخرزات : * نظرت ِ إلى السقف، فتحرك السؤال مكتوما في فمك : هل أنا خائفة ؟ /11 * ربما لهذا أنا خائفة !/ 31 *وأخيرا خوفك من المجهول الذي ينتظرك حين يقال : تزوج عشيقته بالسر /32 *الخوف والهواجس طردا النوم / 49 * أنا خائفة /64 * ربما هذا مايخيفني / 70 *أنا خائفة ؟ /72 *لايشاركك إلا خوفك مما هو آت / 80 * لماذا تتكوم أسئلة الخو..ف إلى جانبي بينما شيء أشبه بالألم يلف خاطري وقلبي !/ 84 *أكثر ما أخافني عند عودتي إلى الكويت هي تلك النظرة التي شعت بها عينا أبي لحظة دخلت البيت، وقابلني قائلاً بهدوئه المعهود : الحمد لله على السلامة) (ويرمي عليّ جملته المزلزلة : فيك شي ء متغيّر !) هنا ستخاطب كوثر نفسها (هل ينعكس حرمان المرأة أو ارتواؤها جنسيا في عينيها، وعلى ماء وجهها وخطوتها ؟ / 102) *أنا خائفة يامشاري، لاأدري إلى أين سيأخذني زواجي منك / 113 *الحياة مغرية خارج أسئلة خوفك / 123 * ستكون هذه الخرزة الأخيرة في مسبحة خوف الكائن النصي كوثر التي للمؤلف (كشفت عن خوف ووجع روحها وقرارها وهي عازمة على الزواج من صديقها حتى لو بقي مرتبطاَ بزوجته الأولى .. (*) الرواية ( في و الهنا) زاخرة بجماليات تستحق الكتابة عنها ، منها مؤثرية المكان على المكين ، وهناك الميتا رواية التي يجسدها حضور المؤلف كمؤلف رواية ، وهكذا يمكن تصنيف هذا العمل الروائي ب( الرواية الواعية بذاتها) .. وكذلك يمكن تصنيفها جغرافياً من الروايات المائية من خلال فاعلية البحر في حياة كوثر .. *طالب الرفاعي/ في والهنا/ مكتبة الكويت الوطنية / ط3/ 2014 *د. محمد الدروبي/ وعي السلوك – الكونفورميا/ وأنظمة الوعي/ دار كنعنان / دمشق / ط1/ 2004
#مقداد_مسعود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حدود النافع في آيدلوجية المخيال/ الروائي البرتغالي أفونسو كر
...
-
ريبورتاج ...أم رواية ؟ (المؤتمر الأدبي) للروائي سيزار آيرا
-
هل الفن في صحوة موته الرأسمالي ؟!
-
شهادة ذاكرة مابعد سقوط الطاغية/ عالية طالب ...(قيامة بغداد)
-
العثة تأكل الحيطان في مدورة الخراب ..(أحمر حانة) للروائي حمي
...
-
أنسي الحاج...يصف نفسه كأنه آخر
-
حياة ...(تحت التنقيح ) والروائي حسين عبد الخضر
-
ماقبل القراءة الأولى...(مقتل بائع الكتب) للروائي سعد محمد رح
...
-
الشاعر جبار الكواز... كم ليلاً = غابة ؟!
-
الفيل ...في نهاية الذيل القصير .. (حذاء فيلليني )
-
ترميم الشبق ...(باب الليل ) للروائي وحيد الطويلة
-
مياه صالحة للسلام
-
الفرار إلى جنة اليورو / أيمن زهري .... في (بحر الروم)
-
هبّت علينا أيام ٌ بلا أشجار
-
الصفر الواعي/ على عهدة حنظلة / للروائي إسماعيل فهد إسماعيل
-
الشعر ..بالأسئلة / جبار النجدي..دراسة نقدية في(المغيّب المضي
...
-
رابعهم بنيامين
-
المكتبة الأهلية
-
سماء قريبة من بيتنا / مساءلة السرد الجميل
-
الأحتفاء بالذات/ الروائية سميرة المانع في..(شوفوني...شوفوني)
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|