أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - انتقام














المزيد.....

انتقام


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 5621 - 2017 / 8 / 26 - 23:14
المحور: الادب والفن
    


انتقام
كان قليل الكلام لا يعلق بكل ما يتعلق بتفاصيل الحياة. وكنا نحب بعضٍ بشدة، فارقتنا دروب الحياة، ومن بيته التحقت مرتين إلى الثوار في الجبال، مرة وحدي، وثانية مع زوجتي بعد أن ضمني لأشهر في بيته. أعدنا نسج علاقتنا عقب الاحتلال، أحلّ في بيته أياما في كل زيارة لي لبقعتي الدامية. وكان حيويا، صامتاً عمل بإخلاص في تنظيم الحزب الشيوعي، متحمساً أصطدم بآرائي الساخرة من حماسته ومن حلمه بالحزب المطفئ منذ زمنٍ بعيد، قلت له:
- عبد الحسين حزبك حلم خسران لا دوخني دعنا نسكر ونضحك!.
كان يتوقف وسط شارع السعدون ونحن بطريقنا إلى بارٍ ليحملق بيّ طويلاً غير مصدقٍ ما أقول فقد خطفونا معاً ونحن في ذروة العمر 1980 من بارٍ على "أبو نؤاس" وأرونا الويل، لم ننطق بكلمة، فأطلق سراحنا، لتتعمق القصة.
- سلام راح تلخبط وضعي كله!.
غرقت في ضحكة عاصفة كشأني معلقاً:
- أي هو عراقنا كله متلخبط!.
أمسكني من كتفي وتأملني بعينيه الواسعتين الجاحظتين الجمليتين طويلاً، أحسسته يفكر بشأن يشغله ويخجل من البوح به، فقد كنا نعرف بعضنا بالحدس والعيون. سكنت بين يديه منتظراً ما توقعته. كانت نظراته شاردة تشاهد مشهدا آخر. عاد وبوجهه ذهول فهو يرى ما يقوله صورة، رسام لنفسه، يرسم في البيت بصمت حتى مماته. تملاني طويلاً وقال:
- أسمع صديقي معقولة يصير الإنسان قواد ليس من عوز!.
أشعل فضولي فقلت:
- أخبرني بالقصة!.
- صديق لي في دمشق حكى لي ما جرى له ما زلت مشغولا به منذ أكثر من عشر سنوات؛ عن عراقي دعاه إلى جلسة شرب في بيته في حي "جرمانه" وهو رجل مثقف بغدادي أصيل وحميم وجليس يعرفه منذ سنوات بغداد، كان في خريف عمره، ولما سكر قال له: الليلة تنيك زوجتي!. فتراجع إلى طرف الأريكة جامداً، غير مصدقٍ ما يسمع. لكن الرجل أصّر وأضاف:
- وأمام عيوني أشوفكم!.
لم يفيد معه محاولات ذاك الصديق الإفلات بما أعتقده مأزقاً. أصّر مؤكداً أنهما متفقان على الأمر وما عليه سوى التحضير للممارسة.
كنت أستمع إلى رواية صديقي الذي يروي عن صديقه وأحس بدهشة صديقي وذاك الذي روى له من خلال عيني "عبد الحسين" اللتين تتسعان مع توغله في التفاصيل التي يسردها بطريقة جعلني أراها وكأن ما ينطق به فرشاة رسام عظيم من رسامي القرن التاسع عشر.
دخلت الزوجة إلى الغرفة مستعدة تماما. ملابس نوم خفيفة، حذاء كعب عال يضرب البلاط بصوت يتردد صداه في فضاء الغرفة. كانت تحمل فراشاً إسفنجياً سميكاً رتبته في فسحة الغرفة أمام الأريكتين المتجاورتين. كنت أرى ما يروي صديقي وكأنني في تلك الغرفة في "جرمانه" في طرف دمشق.
- قم تنتظرك يا فحل!.
أخبرني بأنه نهض بوجل، لكنها شجعته إذ أقبلت نحوه وسحبته من ذراعه إلى الفراش الممدود وشرعت في تقبيله بلهفة.
- بلهفة يقول بلهفة وأمام أنظار زوجها!. تخيل سلام.. تخيل
كان ينتفض وهو يروي وسط الشارع قبيل دخولنا البار.
وكنت مستمتعاً في ذروة ليس لها مثيل، فصديقي الذي أحبه يكاد يجن من القصة التي يرويها والتي سدت عليه منافذ العقل. ومخيلتي العاصفة تصور المشهد من تاريخها المشبوب بالحرمان والتوهج. كنت أرى الغرفة والرجلين، ولحظة قيام ذاك الفحل الذي دعاه الزوج الخرف الذي ملّ من عشرة زوجته. ورأيتهما يتعريان متخلصين من ملابسهما الداخلية، رأيت لحظة الولوج وضرب الكفل وهو يود الغور في أعماق الآخر المفتوح الساقين المستقبل تلك العصا المتصلبة من خلاصة رغبة شاب محروم. رأيت كل ذلك بعيني صديقي الجميل الذي مات من الشرب الذي شَمّعَ كبده وقتله وألقاني في فسحة وحشة أبدية أجد نفسي بها وأنا الآن أكتب عنه هذه التجربة.
لم أنس أبداً وجه صديقي "حسين" وهو يبلغ ذروة القصة مردداً:
- سلام عجيب شيء لا يصدق ولا أستوعبه أبداً.. أبداً.. تدري ماذا كان الزوج يصرخ وقت ممارسة الشاب الجنس مع زوجته؟!.
- أسمعك! ماذا كان يردد!.
كان يصرخ مذبوحاً كما وصف لي صديقي الشاب وهو يولغ بها:
- حيل.. حيل.. شق كسها.. شق كسها!.
عندها سقطت على الرصيف من الضحك كعادتي في قمة المأساة.
- سلام شو تضحك؟!. هذا شيء يضحك؟!.
قلت من بين قهقاتي:
- حسين هذا يكره زوجته اللي موتت رغبته وعيره وصارت تعيره فراد ينتقم منها!.
- معقولة!.
_ أي معقولة!.
معقولة هو يظن انه ينتقم منها!.
26-8-2017



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحم حار
- كيف يفشل النص حينما يُبنى على فكرة غير دقيقة
- الإنجاز الإبداعي لتجربة -مظفر النواب- في ميدان القصيدة الشعب ...
- الحُلو الهارب إلى مصيره رواية العراقي -وحيد غانم-: عالم الشا ...
- البنية الفنية لقصيدة الشاعر الراحل علي الشباني
- المثقف المدني العراقي.. هل هو موجود في الواقع؟!.
- من قصص الحرب؛ كم واحد؟
- من يوميات الحرب أ هذا بشر؟!.
- لقاء وحيد
- في تجربة مظفر النواب الشعبية -1- علاقة أشعار مظفر بالوجدان ا ...
- في الوسط الأدبي العراقي - الأديبة العراقية بنت بيئتها
- في حوار شامل، الروائي العراقي سلام إبراهيم: اليسار العربي ضع ...
- شهادات -1- ثابت حبيب العاني وبدر شاكر السياب
- أدب السيرة الذاتية العراقي
- قيامة في ليل
- كتّب لراحلين خفت أموت دونها
- بمناسبة فوز البعثي -وارد بدر السالم- بجائزة الدولة العراقية ...
- رواية -إله الصدفة للدنماكية كريستين تورب، ترجمة دنى غالي
- الروائي العراقي الصديق -حسين الموزاني.. وداعا
- من تجارب القراءة -2- القراءة قد تغير المصائر


المزيد.....




- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - انتقام