أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - المغناطيس-بيت العائلة-3-















المزيد.....


المغناطيس-بيت العائلة-3-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5620 - 2017 / 8 / 25 - 00:36
المحور: الادب والفن
    


يسأل أحمد عن معنى العائلة. يقول: إنّه اسم جميل لا ينطبق علينا نحن أبناء أبو محمد الفقير. اسم على مسمّى. لماذا لا يغيّر أبي كنيته، هي ليست لطيفه. أشعر أن الفقر عيب، وكلّ ما يقول النّاس عنه هو محض نفاق..
هل الفقر عيب يا فاطمة؟
لا أعرف يا أخي إن كان الفقر عيباً أم لا. كلّ ما أعرفه أنّني أخجل من اسمي، واسم عائلتي. عندما أدخل إلى المنزل وقد لامسني بعض نسيم الحياة. يقف شعر رأسي من الخوف. هذا المنزل مخيف لدرجة أكثر من العيب.
-فسّري لي. لم أفهم ما قلت، لكنّني شعرت معك بالتّقارب في الفكرة. أنا ناقم، وغاضب، وأستطيع تحطيم كلّ الأشياء، لكنّني أسيطر على غضبي لقناعتي أن لا فائدة منه.

فاطمة. أشعر بالذّل وحبّ الانتقام. أشعر أن معلّم الرّياضيات رجل شرّير. أنتظر اليوم الذي أستطيع أن انتشل فيه نفسي.
-تبدو حزيناً يا أخي مثلي.
عندما أنهي دراستي الجامعيّة سوف أغادر هذا المكان، وقد أستطيع إنقاذ بعض أفراد عائلتك، وسوف تكون على رأس القائمة.
-أنت تحلمين يا فاطمة! لن تدرسي في الجامعة ، ولن تتمكني من فعل شيء، فهذا الرّجل الذي يدعى أبي مجنون، ليته كان مجنوناً حقيقيّاً. هو ظالم . لا , ليس هذا هو التعبير المناسب.
هو مريض بحبّ الذات. عندما يتحدّث مع الآخرين تعتقدين أنّه ملاك، وعندما يدخل إلى المنزل يبدو كالشّر المطلق.
-لا تقل هذا يا أحمد. يبقى والدنا، ويمثّل عائلتنا أمام الآخرين.
-أنت مثلهم. لا ترغبين في سماع الحقيقة. ما فائدة حديثنا إن توقّفنا عندما تطرق الحقيقة آذاننا. هذا الرجل مجرم. صحيح أنّ أمّي لا حول لها ولا قوة، وهي لا تقوم إلا بفعل الصراخ عندما يستفزّها، لكنّه يعرف كيف يهينها. أنا لست حزيناً من أجلها، لو كنت امرأة مثلها لغادرت المكان، ولا يهمّ ما يجري.
-هي متمسّكة بنا.
- كلام هراء!
هي خائفة فقط. لو كانت شجاعة لغادرت المكان، ولتحمّلنا مسؤوليتنا تجاهها. هي تنظر لنفسها كضحيّة، وربّتنا أن ننظر إلى أنفسنا هكذا. عندما كان أبي يأتي بالنساء إلى دارنا. كانت توهم نفسها بأنّ الأمر طبيعيّ. لم تراعي وجودك ووجود أختي الكبيرة.
كانت تخيفكما با لرجل بينما تتستر على والدك.
نحن دائرة من الفقر والجهل والتّخلف، ويقبع على رأس الدّائرة هذا الرجل النّرجسي، الذي يعجبه اسمه" الفقير" بينما هو ليس فقيراً . يصرف على نفسه، وعندما لا يستطيع يبيع بعض الملك في القرية.
تكلّمي بصراحة يا فاطمة، وكأنّك تحدّثين نفسك. فلا أحد يسمعنا. نحن نبحث عن حلّ.
لماذا تبكين؟ هل أوجعك حديثي.
-نعم، لكن ليس من أجل هذا أبكي. هناك أشياء كبيرة في الحياة، لا يستطيع الإنسان البوح بها، ولن تفهمها لو تحدّثت بها.
كنت مدللة أبي، وكانت أمّي غير مسرورة من هذا. لم أكن أعرف لماذا، وعندما عرفت لمتها لأنّها تحفّظت في الحديث أمامي. أطفال الحيّ كانوا يخافون أبي، ولم أكن أعرف لماذا، اليوم أختبئ عندما أراه كي لا يحدثني، وعندما يصرخ لي آتي مكسورة، وكأنّني مذنبة، ولا أستطيع أن أرفض له أمراً. لم تجرّب يا أحمد أن تكون فتاة في عائلة كنيتها الفقير، لا يغادر الأب المنزل لأنّ اللقب يليق به، ويفعل كل ما يريده بأفراد المنزل.
-تحدثت لي عن مزار أبو قطّة. لم أسمع به. هل هو بعيد من هنا؟
-ليس كثيراً. يحتاج لساعة مشي من الحارة القبلية في طريق مستو، يقال أنّ المغفور له كان يمشي كلّ يوم إلى هناك ويتعبّد بين الأشجار، يدعو الله أن ينصر المظلومين.
-وهل يحتاج الله للدعاء حتى ينصرهم؟ سوف نذهب معاً وندردش خلال مشوارنا .
-أجيبك هول الله. هو يحمل هموم البشر، ولا وقت عنده إن لم تذكّره، وكلّما كان الدّعاء جهاراً، وعلى الملأ تصبح حسناتك أكبر.
-دعينا نتناول العشاء هناك، الفصل صيف، والشّمس تتأخر في الغروب. الرّز، ومرقة اللحم تكفينا، ولا شكّ أنهم لم يأكلوا الشّحوم. أحتاج إلى وجبة دسمة.
-هيا بنا.
يبدو مقام أبو قطّة من المعالم الجميلة في مدينتنا-أعني بيوتنا المهترئة-
قف. تفتيش
-كان العسس لطيفون معنا أليس كذلك يا فاطمة؟
سوف نتقيد بالتّعليمات.
اخلعوا أحذيتكم لا تدنّسوا المقام
وُلي. أيتها المرأة. خذي عباءة تستر جسدك.
تعالي نرى ماذا كتب على المقام
أبو قطّة وليّ من أولياء الله الصّالحين، أكرمه الله بالنّعيم
يا هذه النّفس التي سوف تذوقين الموت. لا تنسي التّبرّك بالأولياء الصّالحين.
-وعدتني بالرّز . أين هو يا فاطمة؟
-تريّث. سوف نعرف. هذه أوّل مرّة آتي إلى هنا.
ها قد أتى عشرات يقودهم دليل، ومعهم أطفال.
الأطفال يهدون لعبهم لأبو قطّة، والنّساء ترمي المصوغات، والرّجال يتباهون بالدولار، والدليل ينشد، وهو يبكي، فينوح خلفه الفريق نوح رجل واحد.
أبو قطّة كان قدّيساً. كان رحوماً
إنّنا على فراقك حزينون أيها الوليّ الصّالح.
-أو تبكين يا فاطمة؟
نعم. أبكي على نفسي. ليتني كنت أم ثعبان.
. . .
حلمت البارحة أن أعيش في مزار أبو قطّة. فيه كلّ متطلّبات الحياة، لكنّهم طردونا، وعدنا دون عشاء. رموا الأرز، والمرق في حاويات القمامة. الدّولة وضعت يدها على المزار كونه من المعالم الأثريّة والرّوحية، وفيه جميع أنواع الموظفين. لا يليق بالمزار أن تبقى مخلّفات الطّعام فتتخمّر.
هل من حقّي أن أحلم. . . بالطبّع لا
هل من حقّي أن أتكلّم. . . من المؤكد. . . لا
أن آكل، أشرب. لا. لا
لا لا لا. . . لا. لا. لا
يا ربي ادعي عشان تسمعني، وبصوت عالي
يا ربي نشف حلقي ودموعي تندب على حالي
أدقّ على صدري، على عمري، ع بواب الليالي
عم حس روحي فوق راس ، ودقات قلبي تشتكي
يا رب ما بدي كون بشر. لَبّسني قميص تاني
-لماذا تبكين وتدّقين على صدرك يا فاطمة؟ هل قمت بفعل شائن. أنت تعرفين أنّ الفتاة التي لا تحافظ على شرفها تذبح كالشّاة.
-يا ربي خلّصني، موتني
يا أمّي ما في غلط منّي
ولن آكل اللحم بعد الآن كي لا أتذكّر الذ[ح. نحن بالأساس لا نأكل اللحم. تطعميه لزوجك.
-أصبحت ترفعين صوتك عليّ. تعال يا فقير أدّب فاطمة. كأنّنا أهملنا تربيتها.
ولك فاطمة يا عفريتة. تعالي إليّ.
-لا. لن آتي
- لقد خلعت الحزام وأنا سوف آتي. خذي صفعة منّي. إن لم تتأدّب الفتاة تقتل.
-لن أصرخ مهما ضربتني. اقتلني. اقتلني.
. . .
أكذب، أقول أنّي، لست عارفة أنا منّي
أراهن على الحسب والنّسب
أنتفض لأنّني، وليس لي "أنا" كأنّي
أكذب، وأكذب كثيراً عنّي
فلا أنا سليلة القمح
ولا أعرف رائحة الورد
ولم أعش هناك
الحياة وهم
أرسمها في ليل شتاء
تسطع الشمس
يحلو العمر
أحفظ أحاديث الليل عندما يسخر منّي
كلّهم يصلون إلى غايات
لكنّني هنا
لا أغادر وكراً يجمعنا
نسميه بيتنا
أقرّر في بعض لأحيان أن أتظاهر بالنّوم. أحدّث أشخاصاً لا وجود لهم، وأحلم بحكايات لم تحدث، أغفو ، وأنا أتكوّر على ذاتي، وأبقى نائمة حتى الفجر. أقوم متكاسلة. أبحث عن الكآبة كي أبكي.
فقط الآن قرّرت أن أتغير، لو كنت أعرف أنّ الشّيخ السبعطجي يستطيع إنقاذي لذهبت إليه، لكنّهم قالوا أنّه يتقاضى أجراً على العلاج بالنصوص الدينية أغلى من أي طبيب. يبدو أنه لا حل لدي سوى الزواج.
سوف أذهب إلى أم إبراهيم علّها تجد لي عريساً في السّتين من عمره، ولديه عدّة نساء. أي أنه شبع من النساء. فقط أريد أن يكون غنيّاً . أرغب أن أقبر هذا الفقر.
أوه. كيف تخطر تلك الأحداث على بالي، فأنا متزوجة، ولدي أطفال، وغنيّة. اشتريت زوجاً بدراهمي. سوف أطرد تلك الأفكار.
غداً سوف أذهب مع زوجي حبيبي إلى حفل المطربة كوكب. قلت زوجي حبيبي. أتمرّن على الكلمة كي أبدو لست دخيلة على المجتمع الرّاقي.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الواقع: نحن مسلّون .كيف ساعد الفيكتوريون في تشكيل روح الف ...
- العريس ذو اللحية الخضراء
- الممنوع، والمسموح في الكتابة الأدبيّة
- المغناطيس-بيت العائلة-2-
- مذكّرات قلم رصاص-11-12-
- المغناطيس
- كيف يمكن للمساحات الهادئة مساعدة الناس على الشّعور بالهدوء و ...
- مذكّرات قلم رصاص -9-10-
- ماتت فدوى قبل موت جسدها
- شارلوتسفيل، فيرجينيا: تاريخ التمثال في وسط الاضطرابات العنيف ...
- مذكّرات قلم رصاص-7-8-
- الحزب الاسكندنافي اليميني البديل تأخر عن حفلة ترامب
- مذكّرات قلم رصاص-5-6-
- ترامب يزمجر مباشرة
- لا أفكر في طلب الاعتذار من المعادين للسامية
- - الثّورة تأكل أبناءها-
- مذكّرات قلم رصاص-3-4-
- للأطفال: مذكّرات قلم رصاص -1-2-
- العدوان غير المباشر
- لا تنتظر الإنصاف من الحياة


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - المغناطيس-بيت العائلة-3-