|
أليس تعدد الزوجات ضد الطبيعة البشرية؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5615 - 2017 / 8 / 20 - 12:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أليس تعدد الزوجات ضد الطبيعة البشرية؟ طلعت رضوان لماذا كان محمد يـُـفضــّـل عائشة عن باقى زوجاته؟ ولماذا اعتبرتْ عائشة أنّ خديجة وابنتها فاطمة من الضرائر؟ نظر الأصوليون الإسلاميون إلى المرأة على أنها مجرد احتياج بيولوجى، بينما الليبراليون الذين عاشوا عصر النهضة المصرية، وبزوغ فجر التنوير، بعد أنْ تخلصتْ مصر من كابوس الخلافة العثمانية، التى وظــّـفتْ التراث الإسلامى لاشباع النهم الشهوانى، فانتشرتْ ظاهرة (تعدد الزوجات) بجانب (ظاهرة الجوارى) أى الأسيرات فى القصور، فكان الأمراء والسلاطين، يستمتعون بهنّ ويعاشروهنّ (بدون زواج) ولعلّ هذا كان أحد الأسباب التى دفعتْ قاسم أمين أنْ يكتب كتابيه (تحرير المرأة) عام 1899 و(المرأة الجديدة) عام1900. وبعد قاسم أمين ظهر جيل جديد دافع عن المرأة، مثل درية شفيق التى طالبتْ المُـشرّعين بالنظر فى إلغاء (تعدد الزوجات) وهو نفس الطلب الذى نادتْ به (هدى شعراوى) ولجنة السيدات بحزب الوفد (بعد ثورة شعبنا فى شهر برمهات/ مارس1919) وهو نفس الطلب الذى تبنــّـاه عدد كبير (من المثقفين الرجال) وكانت حجتهم أنّ القرآن (الذى شرّع وأسّـس وكرّس التعدد) وضع شرطــًـا يستحيل تطبيقه على أرض الواقع، وهو (شرط العدل) أى على الزوج أنْ يكون عادلا فى تعامله مع زوجاته، فلا ينحاز إلى واحدة ويعطف عليها ويعاملها معاملة خاصة، دون باقى الزوجات، واستندوا إلى آية ((فإنْ خفتم إلاّ تعدلوا فواحدة)) (النساء/3) والأكثر صراحة وحسمًـا ما نصّـتْ علية آية ((ولن تستطيعوا أنْ تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)) (النساء/129) وأعتقد أنّ الآية الأخيرة تدفع العقل الحر للتساؤل : ما الحكمة من نص تعلم المشيئة الإلهية أنه لن يتحقق؟ خاصة وأنّ الأداة (لن) وفق قواعد اللغة العربية تعنى المستقبل. بل إنّ ما حدث (على أرض الواقع) أكــّـد حقيقة استحالة لتطبيق العدل بين زوجات الزوج الواحد، وأنه - غالبـًـا - ولأسباب عديدة ومختلفة يـُـفضــّـل وينحاز لإحداهنّ على حساب الأخريات، وهو ما حدث - ليس مع أى إنسان أو مع أية سيدات، وإنما حدث مع نبى الإسلام نفسه، ومع زوجاته اللائى أطلق عليهنّ (أمهات المؤمنين) ورغم أنّ نبى الإسلام جمع بين تسع زوجات وفى بعض المصادر13. فإنّ السيدة عائشة (رغم أنها أصغر الزوجات) كانت هى المفضلة لديه. وعنها قالت (أم رومان) تنصحها ((أى بنية : خفضى عليك الشأن، فو الله لقلــّـما كانت امرأة حسناء عند رجل يـُـحبها، ولها ضرائر إلاّ كثرنَ عليها)) (ورد فى الصحيحيْن) وإذن فكلام أم رومان أقرّ بظاهرة (الضرائر) الشهيرة وأنها - تلك الظاهرة - غزتْ بيت نبى الإسلام كما غزتْ غيره من بيوت، عرفتْ الجمع بين أكثر من زوجة. فهل كان تفضيل النبى لعائشة بسبب صغر سنها؟ (ست سنين أو سبع) والشائع أنه دخل عليها وهى بنت تسع. وهل السبب فارق السن الكبير بين الزوج وبين الطفلة؟ كان محمد قد بلغ الثالثة والخمسين عندما تزوج عائشة، أى أنّ الفرق كان حوالىْ46سنة. ورغم أنّ د. عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطىء) أقرّتْ تلك التواريخ، فإنها برّرتها قائلة ((وأى عجب فى مثل هذا؟ وما كانت عائشة أول صبية تــُـزف فى تلك البيئة إلى رجل فى سن أبيها)) وضربتْ عدة أمثلة من حالات كانت موجودة فى (عصر الجاهلية) بل وزاج عمر بن الخطاب من بنت على بن أبى طالب وهو فى سن فوق سن أبيها. وعرض عمر بن الخطاب على أبى بكر أنْ يتزوّج ابنته الشابة (حفصة) وبينهما من فارق السن مثل الذى بين الرسول وعائشة (تراجم سيدات بيت النبوة – دار الريان للتراث - مطابع الشروق- عام 1987- ص257) ونقلتْ بنت الشاطىء عن عائشة (زوجة محمد) أنّ الرسول (بنى بها) وعمرها تسع سنين (ص270) أى ليلة الدخلة كما يقول شعبنا، ولكن (بنت الشاطىء) لا ترى فى هذا الزواج خروجًـا على قوانين الطبيعة، فقالتْ إنّ أصحاب الهوى كتبوا : كيف تزّوج محمد من (طفلة؟) وهذا الكلام لم يـُـعجبها فأضافتْ أنّ بنت أبى بكر ((كوّنتْ شخصيتها منذ اليوم الأول الذى دخلتْ فيه دور النبى)) فكيف لطفلة عمرها تسع سنوات، تكون قد فعلتْ هذا (ومنذ اليوم الأول) كما أنها تناقضتْ مع نفسها عندما اعترفتْ (فى نفس الصفحة) أنّ الرسول ((كان يأتى بصواحبها ليلعبنَ معها)) أليس فى هذا اعتراف بأنها كانت (فى سن الطفولة)؟ وبعد الزواج فإنّ أشد ((ما كان يغيظ العروس الشابة، أنّ خديجة بقيتْ تــُـشاركها عواطف زوجها وهى راقدة بعيدًا تحت ثرى مكة، فما تستطيع عائشة أنْ تشتفى منها بدعابة قاسية، أو تباهيها بشبابها، أو تفاخرها بأنها زُفــّـتْ إلى الرسول بكرًا، لم تعرف رجلا قبله)) أليس هذا الكلام يدخل ضمن الطبيعة البشرية عند أية زوجة؟ بل إنّ بنت أبى بكر((حاولتْ أنْ تتجاهل هذه الضرة)) رغم أنها فارقتْ الحياة. وزاد فى قسوة الموقف (بعد سنوات) أنّ عائشة لا تــُـنجب لزوجها ولدًا ((على حين ولدتْ له (تلك العجوز كما كانت عائشة تصفها) البنين والبنات)) وأكثر من ذلك أنها كانتْ تغير من بنات محمد ((وتحس أنّ كل واحدة منهنّ (هى خديجة) بلحمها ودمها، تــُـثير فيها شعورًا مرًا بالعلقم)) وعندما تكاثر عدد زوجاته ((يُـخطىء من يزعم أنها استساغتْ يومًا مرارة الضرائر، ويجهل فطرة الأنثى. خاصة أنها حـُـرمتْ من الإنجاب)) ولذلك ((فقد حرصتْ على أنْ تذود هؤلاء عن مكانها فى قلب الرسول، وأنْ تحاول بكل أنوثتها وصباها أنْ تــُـلزمهنّ موضعًا لا يتجاوزنه)) وأعانها على ذلك أنّ الرسول ((كان بشرًا لايتجرد من بشريته)) بل إنّ (فاطمة بنت الرسول) أصبحتْ ((ضرة وخصمًا منذ أنْ جاءتْ بيت محمد)) وعندما قال لها محمد أنّ الوحى أمره بالزواج من (زينب بنت جحش) قالت فى غيرة وغضب ((إنى أرى ربك يــُـسارع فى هواك)) وقالتْ بنت الشاطىء فى الهامش توجد رواية أخرى رفضتْ ذكرها وردتْ فى (السمط الثمين- ص82) وعندما حمل الطفل إبراهيم (ابن ماريه القبطيه) إلى عائشة لترى ما بينهما من شبه، ردّتْ عليه فى قسوة ((لا أرى بينك وبينه شبهـًـا)) (ص405) والخلاصة أنّ (تعد الزوجات) ضد الطبيعة البشرية. 000 هامش: د. عائشة عبدالرحمن (1913- 1998) وهى الشهيرة بلقب (بنت الشاطىء) أستاذة جامعية وأول سيدة تحاضر فى الأزهر. وعملتْ فى الصحافة منذ شبابها المبكر، حيث شجعتها صحيفة الأهرام على النشر، قبل أنْ تحوز شهرتها فيما بعد.. وبعد يوليو1952كانت تنشر لها الأهرام مقالا أسبوعيـًـا يشغل أكثر من نصف صفحة. وفازتْ بجائزة الملك فيصل فى الأدب. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تنصرالإرادة الإلهية الإرهابيين ضد المسالمين؟
-
لماذا تهاون رئيس جامعة الأزهرفى حق مصر؟
-
مصر وسوريا والسودان والأسئلة المسكوت عنها
-
هل القرآن كتاب دين أم كتاب علم ؟
-
كيف وصل تشويه مصر لدرجة الانحطاط ؟
-
دور الأزهر فى تخريب عقول التلامبذ
-
العقلانية وتحليل العهد القديم
-
إلى من تٌوجه مقولة الخلل فى فهم الإسلام؟
-
حرب النصوص الدينية
-
قراءة فى مذكرات بنيامين نتنياهو
-
لماذا يصمت النظام على جريمة مكتبات المساجد
-
قراءة فى مذكرات جولدا مائير
-
لماذا انتقل البعض من الماركسية إلى الإسلام ؟
-
زويل ومصير العلماء المصريين
-
العلاقة بين الجاهلية والإسلام
-
الخطر الحمساوى والغيبوبة المصرية
-
صعود السماء بين القرآن والأساطير
-
أليس التعليم المدنى أرقى من التعليم الدينى ؟
-
لماذا لم يغفر (الله) لأم نبيه ؟
-
تناقضات شيخ الأزهر حول بنى إسرائيل
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|