رشا اهلال السيد احمد
الحوار المتمدن-العدد: 5612 - 2017 / 8 / 17 - 04:13
المحور:
الادب والفن
المحيط الأزرق لا يفصلنا
أحاول أرتداء الصمت أحاول الهروب من حديث قلبي
أحاول جاهدة في هذا الفجر أن أنساب في جنة النوم , أن أنسكب على مخدة الحلم
لكن عبثاً عيناك البعيدة تؤرقني بألمها , تلك العيون التي لطالما كانت جنوني , تعبي الأجمل و راحتي وسعادتي وشغبي وانطلاقاتي للكون ! آه من موال الكبرياء والشجو الحارق في صوتك .
لطالما تركت تلك العيون القاتلة تفتح أشرعتها وتبحر داخل بحوري بعمق , تفتح بقلبي كل حقائب تعبها فأتعب , تفرد حقائب الحب السحرية فأطير , و تفرد حقائب حزنها فأحزن ثم أنتبه فأمسح عنها الحزن ! .
كنت شغوفة بكل حقائب حديثك وأنت تفرد طفولتك الجميلة أمامي , ومن ثم تفتح كتاب مراهقتك الوادعة وأحلام شبابك الثائرة ودفاتر شعرُكَ المزروعة بعبق السهول الخضراء ونقاء الثلوج وكتاب الحب الجميل في قلبك , و كتاب نجاحك الأنيق ومن ثم حزنك العميق الذي داهمك قبل قدومي كيف لي أن أمسحه من داخلك .
وحبك الذي انتثر داخلي كسحر نجوم لا تلبث ترسل بريقها الغامض مع كل لحظة
كنت تلبس الذاكرة أثواباً ملونة في كل المناسبات تتعتق داخلي يوما بعد يوم برائحتك , دون أن أنتبه
كنت أهجر الكون ومسراته لتكون أنت الكون الساحر لي , نعم كنت أنساني وأنسى قصصي الوردية الكثيرة وأنصت لقصصك السماوية والبنفسجية والقرمزية فهي بالتالي أنت , من أي كؤوس السماء كنت تنهل لتسكب المساءات جنون مطر استوائي .
أيا ذاك ذاك الشاطىء الجميل الذي أحب ذراته حبات الجمان . فيما ابتسامته اللؤلؤية تكتسحني دون توقف
الحق أقول إنك رغم كل ما يحيط كنت الشعلة التي فتنتني , فأشرعت لها أبواب قلبي من أول لحظة .
كان يتعبني أن أرى كل هذا التعب في عينيك , وأنا أسمعك تسرد عوالمك المتّعَبة .
أول فرحة لك كانت وجع , فليس من السهل أن يحمّلوا الشاب الصغير تركة أخيه , زوجة وأبناء , وعليك أن تكون أنت الزوج لزوجة لم تختارها وعالم لم تختاره , وحياة أكبر من مقاسك بكثير فأنت ما زلت المراهق الذي طالما كان مرسال الحب بين أخيه و حبيبتة , وبعد استشهاد أخيه , حاولإقناعه إنه ليس أفضل منه ليكون أباً لأبناء أخيه الأثنين رغم صغر سنه الفكرة بحد ذاته مرهقة , نحن مجتمع شرقي يورثُ كل شيء حتى الأفكارو ليس فقط العادات و ليس فقط ثرواتنا المادية بل أيضا أفراحنا , متاعبنا أحزاننا وحتى الأبناء و النساء نورثها .
لكن مثلك كان ثورة جميلة , فمن الطبيعي أن تختط لنفسكَ حياة تبتغيها فيما داخلك ثقافة رائعة اختارات لنفسها طريق آخر غير الواقع وعزز ذلك بعد أن عَايشت الحضارة الغربية التي أخذت منها ما يناسبك وتركت منها ما لايناسبك , بعد أن لمست أن الحياة هي ما نريد وليس ما يريده الآخرين لتبدأ مشوار حياة أنيقة , معتذرا عن متابعة ما أسلف لتجد حياة سعيدة عريضة بعد ذلك وتمر سنين رائعة تفرد جناحيك بأتساع كون .
ثم يعود القدر يطوق قلبك بحزن نبيل يخيم في أعماقك , ووفاء جميل لتعود وتعلن من جديد انطلاقتك للكون .
سنين مرت سردَتَها وعشتها معك لحظة بلحظة رغم إبتعادها عنك , ورغم عدم حضوري لها وعالمك المنفصل عن عالمي لكني لمست الحدث داخلك ولمست قلبي فيما سردت
أتعلم كنت تحضرني في أحلامي , ولم أكن أظن يوما أني سألقاك حتى أحضرك القدر دون سابق إنذار
هل تأخرت بالحضور ؟! أم هيأ لي ؟! أنا أؤمن أن أحداثنا مرتبة تماماً في هذا الكون وليس هناك مجالاً للصدفة , أحداث تحضر بميعادها حتى لو لم نكن نحن نعي لما تأخرت , لكن بالتأكيد حسب التخطيط القدري هذا هو أنسب وقت لتأتي به . لقد عرفت الآن سبب غموض الحزن في عينيك العميقة , المكحلة بسحر المحاربين النبلاء حين كنت تحضرني في الحلم , فأنا أشعر في مساحاتي العميقة أننا ألتقينا في عالم آخر بل ذاك أراه مؤكد , غير هذا الذي نحياه وليس مجرد رؤى .
عالم كانت له طقوسه , وعوالمه الساحرة ما زلنا نذكرها معا ويفوح عطر الأماكن الساحرة في روحينا بعيدا عن رائحة الحروب وانكسارات الأوطان .
كنت معك أسير جنبا إلى جنب في كل حدث تفرده داخلي , أشبه بملاك شفيف يماشيك عاشقاً كل ما يشغلك يشغله وكل ما يسعدك يسعده وكل ما يتعبك يتعبه , بينما عالمه الجميل يتماه مع عالمك دون أن يدري وهو يعايشك , لم يكن يدري أنك إنسكبتَ داخل عروقه حتى صرت في كل خلاياه سحر يعبق بروحه يمنحه طاقة غريبة من السعادة , وأن عالمك تماه بعالمه بكل شيء أنه الأنصهار الداخلي . كانت فتافيت حكاياك تأسره قبل القصص الكبيرة , فقد كنت العالم الذي يكتمل به قلبه وروحه .
رغم عيشكما المنفصل سابقا لكن هناك أشياء كثيرة جرت تقتسمانها في القلب , كنت أعلم أنك تجري في عروقي منذ زمن بعيد , منذ الرؤية الأولى التي بقيتُ أتسأل عن حضورها كثيرا وطويتها دون أن أنساها مطلقاً وتتالى الحضور بحلة أسطورية قديمة , أيعقل أنك حضرت قبل زمن أم أنك الحاضر الغائب والغائب الحاضر , أم أنك لم تغب أبداً . نعم لم تغب أبدا فقد كنت مع هذه الروح ملاك ضياء يماشيها يحضرني دائما بأشكال عدة , حتى حين انسحق قلبي بأحزان قديمة لقراق أحبة كنت أنت الفرح الذي أعاده براقاً .
كيف تركنا السنين تمر هكذا منا , ونحن نقرأ ساعات حزن قديمة وسفر وسياسية و غيرها تارة وتارات طويلة نرسم الكون جنة شغب وجنون وجمال وفن , أيعقل تركتك كالفرعون الجميل يفعل ما يراه الأنسب ؟! بينما أنا أذوب في تفاصيلك الأنيقة , يدوخني العطر الفاتن وتقتلنا قوانين النبلاء . مليكة تتركك تفعل ما يحلو لكَ بينما الغياب يأكل فرح روحينا , و السنين تنساب من بين أصابعنا كحبات رمل ذرة تلو ذرة
" أن أكثر شخص في هذا الوجود يجب أن نحاول إسعاده هو نحن " , كيفما كانت الظروف المحيطة , والآن بعد كل هذا الوقت الطويل الذي مر بنا هل نحن سعداء بما يكفي لنرى الكون جميلاً , أم أننا كالمحارب القديم الذي بنى أمجادا ونسي ذاته ؟! . أم نبلاء يضحون من أجل غيرهم ؟ . يا ألهي كيف ترتكتك هكذا فيوضاً تغرقني بالجمال وتحدثني عن التضحية وأسير دون ثورة مني .
كل ما أحتاجه الآن فرح في عينيك ألثمه , تلك التي تؤرقني بوجعها البعيد , أحتاج صدرك لأطمر رأسي به كما سابقا وأطفأ به ضجر هذا الكون ببعدك , وأتعاب وطن في قلبي لا تتوقف و لأخبرك " أن العالم الرائع هو ما نخطه نحن رغم كل شيء " , والجمال الكوني هي اللحظة التي نحياها معاً بحب فكل الآلام بالحب تصغر . أحتاج أن أغمرك بأجنحتي كلحظة لقاء بعد غياب طويل لا تنتهي ..هل عدت !!
هل قلت لك أني أشتقت لرائحتك جدا ؟
#رشا_اهلال_السيد_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟