أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد مسافير - الوطنية تلفظ أنفاسها الأخيرة داخل التكنات!














المزيد.....

الوطنية تلفظ أنفاسها الأخيرة داخل التكنات!


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 5612 - 2017 / 8 / 17 - 00:12
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


التحق بصفوف الجنود، كان ذاك حلما منذ نعومة أظافره، فقد ترعرع في مدينة صغيرة لا تبعد كثيرا عن إحدى المناطق العسكرية، السبب الذي جعل ثلث سكانها جنود، فكان يرى في الجندي تجسيدا للبطولة والمروءة والمواطنة الحقة، كان هذا حافزا أولا للحلم، بالإضافة إلى أن هذه المهنة كانت مفتوحة في وجه الجميع، ما دامت تتوفر فيهم شروط فيزيولوجية معينة، أما المستوى التعليمي فلم يكن شرطا لولوج الرتب الدنيا على الأقل!
تحقق الحلم، فأرسلوه إلى الحدود، بؤرة التوثر، لم يهتم كثيرا بالموضوع، المهم أنه قد غدا بطلا بين الأبطال... لكن لم تمر إلا أسابيع معدودة، حتى تغيرت نظرته لأمور كثيرة!
كانت كمية وجباتهم محسوبة جدا، رغم أن جودتها دون المستوى، وكان نصيب كل واحد من الماء هو 15 لترا، وعليه أن يتدبر أمرها كيفما شاء في صحراء جافة قاحلة، عليه أن يشرب ويستحم ويغسل وجهه وفمه كل صباح ويغسل الأواني وينظف مخارجه بعد كل قضاء! كل هذا ب15 لتر فقط، فكانوا إذا أرادوا الاستحمام جهزوا إناء كبيرا ثم وقفوا داخله وسكبوا الماء على أجسادهم واحتفظوا بما اجتمع داخل الإناء ليقضوا به مآرب أخرى!
كانوا يُحبسون داخل هذا السجن المفتوح أو المنفى مدة 11 شهرا متصلة، ولهم شهر إجازة، أو إطلاق سراح، هكذا كانوا يسمون أيام الإجازات فيما بينهم، فتجدهم يتساءلون: متى سيطلق سراحنا؟ إنهم يدركون جيدا أن أوضاعهم هي تماما أوضاع سجين، وربما أوضاعهم أكثر سوء، لسببين: لأن رؤوسهم معرضة دائما لأشعة شمس الصحراء الحارقة، عكس السجناء، فهم ينعمون دوما بالظل! ثم إنهم معرضون دائما لهجوم مباغث من العدو، معرضون للخطر، واليقظة إلزامية هنا!
الأشد غرابة في وضعهم هذا، هو أنهم كانوا تقريبا على خط الحدود، إلا أنهم لم يكونوا يملكون أسلحة ثقيلة يواجهون بها العدو حين يهجم، بل إن التكتيك المعمول به، خاصة بعد هزيمة نكراء في آخر حرب، هو إرجاع الأسلحة الثقيلة إلى الوراء وإبعادها عن الحدود، وتقديم أكباش فداء من الجنود للعدو، وهذا يعني أن هلاكهم أمر حتمي فور إعلان الحرب، وهلاكم ليس إلا إنذارا للكتائب المتأخرة حتى تعد العدة للمواجهة!
كان مجرد كبش فداء! لم تكن الدولة ترى فيه شيئا من الإنسان، ليس أكثر من طبل أو جرس إنذار، لذلك لم يكن هناك أي سبب يدفع الدولة لتحسين ظروفهم، أو على الأقل، تحسين مأكلهم ومشربهم... وقد طال زمن الهدنة، وبقي الجنود معلقين إلى أبد الأبدين، ينتظرون الحرب أو الخلاص، وربما يفضلون الحرب، فقد تأتي بجديد، عكس الروتين القاهر الذي يستهلك أعمارهم ويقضي على شبابهم، للسبب ذاته ربما، نشبت معارك ماء كثيرة بين مجموعات متفرقة من الجنود، فأحيانا، وبسبب العطش القاتل، يقتلون سائق شاحنة محملة بالماء كان يقصد بها مجموعة أخرى، ثم يسلبونه الماء، فتهجم المجموعة التي لم تحصل على الماء... كانت مجبرة على الهجوم، وإلا ماتوا عن بكرة أبيهم بسبب العطش!
يمكتون هناك 11 شهرا، إنها مدة طويلة يقضونها بعيدا عن دويهم وأسرهم، ولك الآن أن تسرح بمخيلتك لتتصور الكبث الذي يعيشه أناس لم يشموا رائحة الأنثى كل هذه المدة، أما المتزوجون، فقد كانوا أوفر حظا، حيث كانوا على الأقل يسمعون أصوات زوجاتهم، فتجد الواحد منهم يتصل بزوجته ويطلب منها أن تتصنع أصواتا جنسية حتى يستطيع قضاء وطره بيده، وقد يكون زملاؤه الجنود محظوظين أيضا حين لا يقوى زميلهم على حمل الهاتف فيضعه أرضا ثم يضبطه على مكبر الصوت، فينسلون خلسة إلى أقرب نقطة تسمح لهم بسماع صوت ناعم متدفق عبر تلك الآلة السحرية الصغيرة، يغمضون أعينهم ثم يطلقون سراح مخيلاتهم!
وقد بلغ صديقنا هذا من الكبث مبلغا، فكان إذا ما مر بجحر أفعى أو سنجاب، انتصب قضيبه أشد انتصاب، إن جميع الحفر لا تعني في مخيلته إلا حفرة واحدة... فلا عجب إذن أن يساوم، فالكل كان يساوم ويقايض، ما فائدة الحفرة الخلفية التي وهبها له الله إن لم تنقده من هذه المحن التي تصيبه كل دقيقة وساعة، لقد عزم أخيرا وبعد صبر مديد على أزمة لم ترد الانفراج، لقد عزم على خلق اللذة المستعصية، مهما كانت التكلفة، فغاص في بحر اللذة دون رجعة!



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعية... نهاية الإنسان! -في نقد الفكر الماركسي-
- اجتهاد في نصيب الزوجة من الميراث!
- اغتيال الطفولة!
- تجارة القلوب!
- كيف صعدت النجوم إلى السماء؟
- البادية بين الماضي والحاضر!
- دعارة مشروعة!
- لف ودوران!
- شذرات نورانية!
- حبيبي دائما!
- الثأر المسلوب!
- سيرتي!
- صناعة الجريمة... الضحية محسن!
- هكذا يريدونك... جارية خنوعة!
- مذكرات حمار!
- إلى المقبلات على الزواج!
- لمحة من تاريخ الحركة الطلابية التونسية!
- آفاق حراك الريف...
- الإسلام... لله أو للإنسان!
- حداثية من نوع فريد!


المزيد.....




- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...
- زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
- خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا ...
- الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد ...
- ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا ...
- وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا ...
- -فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد مسافير - الوطنية تلفظ أنفاسها الأخيرة داخل التكنات!