ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 5611 - 2017 / 8 / 16 - 15:06
المحور:
الادب والفن
كلمات صيفية
لا تحدثني بلغة الحب؛ فقلبي أوصدته على آخر حديث باحت به عيناك قبل أن نغادر معًا نوافذ الصبا؛ لنرسم تجاعيد الكهولة بالورقة والقلم.
دعني أغرق في سباتي، لاترسل صوتك من جديد ليوقظني، لا أريد أن أصحو من حلمي بك فأذوي كورقة خريفية جارت عليها الرياح العنيدة وألقت بها إلى القعر.
لا ترسل كلماتك الصيفية لتفرك أذن قلبي؛ فيفيق من سباته الخريفي، ويستجيب لنسيمها العليل، ويهوي في شباكها، دون أن آذن له ، أو إلى رجائي أن يصغي.
لا أكره الحب، لا أكره كلامك في الحب، لا أكره أن يوقظني صوتك الحنون من كل أحلامي، لكنِّي أخاف، بل وتكبلني شياطين الخوف بالسلاسل والزرد؛ أن يكون كلامك هذا غزوًا آخرًا لقلبي، لن ينجو منه، بل سيرديه قتيلًا، أو جريحًا مثخنًا بوابل من طلقات الهجر.
الحب يا صانع الكلمات الجميلة كموج البحر، يتدفق بغنج، يطير برفق، يحلق كنسر، ثم يعود بصيد ثمين؛ يلقيه عند أبواب البحر، فيجلس متربعًا على الشط، وعند الأفول يغدو وحيدًا، يعد الساعات فلا تنتهي، ينتظر انقضاء الليل فلا ينقضي، يبتهل إلى السماء أن تمطر قُبَلًا فتتمنع، ثم يتحول إلى شجرة متيبسة، خيمة مهترئة، كهف قديم يدخله العشاق؛ هروبًا من القيظ ولعنة الأعين، يلقون بأحاديثهم وهمساتهم ونجواهم إلى جدرانه فيتلقفها بحسرة وكبد.
أنتصر على خوفي من تلك الصور البائسة بفرحي حينما يهلُّ صوتك رسولًا محملًا بالبشرى؛ ينفض غبار الحسرة عن قلبي، يدغدغه من خاصرته إلى أن يصفو، ثم يشبك يده بيده ويمضيان، يتراكضان على أرصفة الخيال والسحر، يعدان خطوات المساء من الميل إلى الألف، ويُشهِدان على عناقهما النجم والقمر، ثم يفلت يده من يده، ويهجره ليعود من جديد للتصحر، ويتخذ له متكئًا من القعر.
لا أريد أن أقع فريسة للكلمات الصيفية ولغة الحب، لا أريد لقلبي أن يحبك كثيرًا ولا يتوب عن حكايات العشق؛ فينتظرك كي تعمد عينيه برشفة حب، وشفتيه بقبلة لم تلمسها شفة من قبل أو خد، ويسير معك في ظلال لا تنتهي، قبل أن يرتطم مجددًا كورقة خريفية تعوي في وجه الريح ثم تهوي.
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟