|
المشهد السياسي اليمني في خمس ملاحظات
فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي
(Fuad Alsalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 5611 - 2017 / 8 / 16 - 07:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
1- في كثير من مراحل التاريخ اليمني كان الخارج هو من يخطط لغزو اليمن واحيانا يتم الدعوة للخارج من اجل دعم قوى محلية تتوحد ضد طرف خارجي ..لكن ما نعيشه حاليا ترحيب كل اطراف الصراع بالخارج الذي يتعدد في هويته ومشاريعه وتتحول غالبية القوى المحلية الى وكلاء للخارج في تدمير الداخل ارضا وشعبا وتاريخا . وفي سياق تنامي الوعي الزائف لدى نخبة قديمة وجديدة في الجنوب تضخم هوسها بالسلطة والنفوذ من خلال مشروع الانفصال مع انهم يستطيعون تحقيق حضورهم ضمن سلطة الدولة اليمنية الموحدة من خلال اعادة بناء وتحالف القوى المدنية والديمقراطية ضدا من مشاريع المذهبية والقبيلة وتبوئهم مواقع فاعلة في سلطة الدولة مع العلم ان الخارج الذي يستندون عليه هو وهم سياسيي لان ذلك الخارج لا يملك غير المال الذي لن يقدمه الا في مشاريع تعميم الفوضى وتدمير المجتمع ناهيك ان هذا الخارج سيدخل قريبا دورة ازمات سياسية واقتصادية وامنية لامحدودة . ومما ساعد في تنامي الخروج على النظام والشرعية استمرار الشرعية في سلوكها وممارساتها المناهضة لاعادة بناء الدولة من خلال تعيين اقارب المسؤولين و ضعف انجازاتها على الارض يدفع بالكثيرين للتخلي عن دعمها خاصة وان حكومتها لاتقل فسادا عن حكومة خصومها ولم تستطع دعم المواطنين في الخارج ولا في الداخل . 2- اعادة بناء الدولة الوطنية في اليمن هو المشروع الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية و معه يكون خروج اليمن من دائرة الفوضى والتدمير الشامل ووحده من يمنح اليمنيين كرامة وحضور معترف به في الخارج . فلامجال في عالم اليوم الا للدولة الحديثة ونظامها المدني .واليمن لابد ان تكون دولة قوية ومدنية وهذا رهن بتشكل قوى مدنية تعبر عن مختلف مكونات المجتمع في شماله وجنوبه تبلور فاعليتها في دعم مسار التغيير السياسي . وليعلم الجميع ان مستقبل اليمن وحاضرها لايكون الا بدولة واحدة حديثة في مؤسساتها وقوانينها ونظامها السياسي ووحدها من تمنح الافراد هوية سياسية وقانونية معترف بها في العالم ..فلامجال للمشاريع الطائفية والمذهبية او الانفصالية ..فالخيار العقلاني اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا هو بناء دولة مهمتها جلب الخير الى المجتمع ( تعزيز الاستقرار وحماية حقوق الافراد وتحقيق التنمية )..ودون ذلك مزيد من الفوضى والعبث وعدم الاستقرار ..؟ في هذا السياق يمكن القول ان الجمهورية نظام وفلسفة شكل حضورها انعتاق لليمنيين من اخر انظمة القرون الوسطى ولايمكن للشعب وقد عرف قدرا من التغيير والتعليم ان يقبل الارتباط بنظام يخاصم حركة التاريخ في التقدم والتطور وحضور مفهوم المواطن وفق حقوق سياسية ومدنية تؤسس للدولة معنى جديد وهوية سياسية ووطنية تعلي من الانسان وكرامته ومن هنا يتعلق غالبية الشعب بالجمهورية ودلالاتها السياسية والثقافية بل والرمزية ايضا . 3- قلنا سابقا وكررنا بان اولويات العرب ليس محل اهتمام امريكا ولذلك تعميم الفوضى في منطقتنا العربية وصناعة الارهاب والحروب صناعة امريكية بامتياز مدعوم اوروبيا ..وباستمرار ترعى امريكا تعميم الفوضى والعبث السياسي ..فهي تارة تضع دولة على قوائم الارهاب ثم تتغاضى عن ذلك وتدعوها للمشاركة في فعاليات عسكرية وسياسية (السودان مثالا )..امريكا تبتز العرب وتنهب ثرواتهم كما تدمر اوطانهم ..امريكا دمرت افغانستان والعرب يلعنون روسيا والسوفييت ..وامريكا دمرت العراق وسوريا وليبيا واليمن والعرب يلعنون روسيا التي هي طرف واحد في المعادلة السياسية والعسكرية في سوريا ..روسيا لم تكن دولة استعمارية سابقا لكنها اليون اصبحت جزء من اللعبة السياسية وتداعياتها عسكريا ووجودها لابد وان يواجه بانتقاد ورفض كما هو انتقاد ورفض الدور الامريكي ..امريكا واوربا لايحترمان الشرق الاوسط الا بوصفه سوقا استهلاكيا لسلعهم المادية وموردا ماليا لشراء الاسلحة وغيرها ..امريكا تدعم تركيا وايران ضدا من مصالح العرب وتعزز قدرات ايران ضدا من قدرات العرب والخليج عسكريا (دعم المشروع النووي الايراني ليشكل تطورا نوعيا يخرق مسار التوازن العسكري داخل منطقة الخليج) ..كما تلعب امريكا ادوار بائسة في محاولات تدمير النظم السياسية في فنزويلا وكوريا الشمالية كما حاصرت كوبا خمسين عاما في السابق ..على العرب التحرر قليلا من الهيمنة الامريكية وبناء تحالفات سياسية خارج الارتباط بامريكا ..فمقولة ان امريكا بيدها كل اوراق اللعبة السياسية في الشرق الاوسط ليس صحيحا ويمكن التحرك بعيدا عنها ..وبدون الادراك والوعي السياسي لهذا الامر سيستمر الموقف العربي رسميا وشعبيا بانتظار الحلول والمعالجات لأزماته من امريكا ووفق اجندتها التي تعتمد على فرض شراء صفقات الاسلحة دونما مراعاة لأولويات التنمية والاستقرار وبناء الدولة ..من ذلك خلق تكتل عربي اسلامي لمحاربة الارهاب وهو قضية امريكية اولا في حين العرب ومنهم دول الربيع اولوياتهم اعادة بناء الدولة وتحقيق التنمية والاستقرار ..فلا يمكن الاصطفاف مع امريكا لمحاربة الارهاب دون دولة ودون مؤسسات حكومية منتخبة ..هنا لابد من وضع اولويات خاصة بالعرب تتمحور حول واقع مجتمعاتهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ..؟ 4- في حوار مع احد المراقبين للشأن اليمني قال يبدو ان الازمة الخليجية الراهنة ستزيد الازمة اليمنية ضبابية وقتامة في المشهد العام خاصة وان الحل لم يعد محليا بل اقليميا ..قلت هذا صحيح ..لان القوى المحلية فرطت بالسيادة من سنوات سابقة وسلمت القرار كله للشقيقة المبرى ثم للعاصفة ...فالاحزاب والحكومة ومختلف المكونات دخلت في عملية مماحكة ونزق سياسي وكانت المحاصصة مطلب رئيسي ووحيد لتوسيع الامتيازات المالية والوظيفية لهم ولاقربائهم وازلامهم الامر الذي افسد المشهد العام كما افسدوا مؤسسات الدولة وحولوها الى قنوات تابعة لمراكز القوى التي كانت صورة من نظام الزعيم لانه صنعها لتكون امتداد له ..والشقيقة الكبرى ليس من اولوياتها وحدة اليمن واسنقراره كما هو ليس من اولويات دولة دبي ..واذا كنا نؤكد قوة الدور الخارحي فالاساس اولا واخيرا هو الدور الداخلي لقيادات الاحزاب والعسكر ومشايخ القبيلة والدعوة وازلامهم جميعا ممن انحرفوا بمسار الثورة ومنحوا الحصانة واعتمدوا محاصصة في توزيع السلطة ومغانمها ..مثلما يفعلوا هذه الايام بتوزيع عقارات اادولة والوظائف والرتب العسكرية والدبلوماسية ...بل وهم في خضم المهزلة المدعومة امميا واوربيا داخل موفمبيك السياحي ..ادرك رعاة تلك المهزلة مدى بؤس القيادات السياسية وسطحيتها وخفة تعاملها مع قضايا الوطن ..فكان كبار السن من القيادات ومثلهم الشباب وممثلي القطاع النسائي دون التزام حقيقي بقضايا الوطن ..وكانت تنازلاتهم تظهر تباعا من اجل منصب او تذكرة سفر ..وكانت الوعود تصرف للشباب كوكلاء وسفراء وغير ذلك من اجل دعم الرئيس الشرعي ..هنت كان المال الخارجي الممول للحوار يفسد العمل السياسي ويفسد النوايا والولاء الوطني وصارت الدولارات والريالات هي جهة الولاء ..هنا احتفظت مراكز القوى بمواقعها السياسية فاستقطبت اعداد غفيرة ممن ظهر في الشاشات محللين وقيادات محلية تحمل السلاح ...اليوم ..القرار كله بيد الخارج ..وفقا لمقولة السادات ان اوراق اللعبة الاوسطية بيد امريكا ..والقيادات اليمنية سلمت بان اوراق اللعبة حربا وسلاما بيد الخارج الاقليمي وهم مجرد وكلاء ويتنافسون على هذا المنصب . واذا ما تم اقرار صيغة سياسية ترسل اليهم من الخارج ليتم اعتمادها واقرارها في الداخل في اجتماعات شكلية كما المبادرة الاخيرة التي ايقظت البرلمان من سباته الطويل ليتذكر انه لايزال لديه صوت في الموافقة على مبادرات لا تخدم الوطن ولا يستطيع ان يقول كلمة حق ضد من اشعل فتيل الصراع مطالبا إياه وقف الحرب وكل ما نجم عنها ... 5- اليمن والعرب عموما لابد لهم من تجاوز حمولتهم التاريخية التي تتموضع في رؤوسهم وعلى ظهورهم دونما فائدة عملية او تاريخية او معرفية بل تشكل كابحا لتطور المجتمع نحو بلورة مغهوم الامة -المواطن -الوطن وتشتد معها الارتباطات العصبوية التي تناقض الارتباط بالدولة والوطن ..واذا كان الغرب قد حقق نهضته بالتطور التكنولوجي والثورات السياسية ومعها ثورات معرفية بحضور العقلانية وفك الارتباط مع حمولات تاريخية لاقيمة لها في واقع العمران البشري فاننا نحن العرب واليمن خصوصا مطالبون بنقد سلبيات التاريخ باقبيته العصبوية ومكوناته في المعرفة اللاهوتية المفارقة للوعي وللواقع الدينامي تأسيسا للولوج نحو مرحلة الدولة المدنية ومنظوراتها الثقافية والسياسية والفنية التي تعلي من قيمة الانسان والشعب ومن قيمة العقل والمعرفة العلمية وجعل الاجتماع السياسي نتاج توافقات شعبية ومجتمعية كاختيارات عقلانية في الاندماج والتوحد والاستقرار والتنمية .فالوطن والدولة اختيارات عقلانية تعكس الرغبة والحاجة في التحرر والتطور والبناء .
#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)
Fuad__Alsalahi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ممكنات الخروج من نفق الازمات والعبث السياسي
-
الفكر البري وازماتنا العربية
-
ست ملاحظات حول المشهد السياسي في اليمن
-
المصارعة الرومانية في منطقة الشرق الاوسط
-
حوار ثقافي في مقهى سياسي
-
حاجة اليمن الى روح وطنية جديدة
-
اليمين السياسي يحكم امريكا
-
الفلكلور السياسي في لبنان
-
مفهوم الاقلية في نهج امريكا الجديد تجاه ازمة اليمن
-
الدرويش الغاضب الذي هز عرش السلطان اردوغان
-
حين يكون الكذب سياسة رسمية للامريكان وبريطانيا
-
التحول من الدولة الى القبيلة الى الطائفية
-
ثلاث ملاحظات هامة في الازمات الراهنة في بلاد العرب
-
غياب الثقافة الوطنية احد اسباب ومظاهر الازمة الراهنة
-
قرأة تحليلية أولية في دلالات خروج بريطانيا من الاتحاد الاورب
...
-
القلق الوجودي لدى الشباب في دول الربيع العربي
-
الربيع العربي الذي صار خريفا
-
تعميم الفوضى امريكيا واعادة انتاجها محليا
-
اليمن ..دولة ضعيفة تسمح بجماعات واحزاب تحتل وظيفتها وشرعيتها
-
الاحتلال على يد سعد ولا الاستقلال على يد عدلى
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|