أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله دعيس - الأرصفة المتعبة والخلل في البناء الروائي














المزيد.....

الأرصفة المتعبة والخلل في البناء الروائي


عبدالله دعيس

الحوار المتمدن-العدد: 5610 - 2017 / 8 / 15 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


عبدالله دعيس:
الأرصفة المتعبة والخلل في البناء الروائي
صدرت رواية" الأرصفة المتعبة" لعماد شختور عام 2017، عن دار العماد للنّشر والتّوزيع في الخليل، وتقع في 120 صفحة من الحجم المتوسط.
أرصفة متعبة بخطى الشّهداء والمحبّين. تزاوج غير مألوف بين الشّهادة والعشق. فالشهداء بشر وليسوا مجرّد أسماء أو أرقام، بل أناس كانت لهم مشاعرهم وأحاسيسهم، يحبّون الحياة كبقية النّاس، ويعشقون ويحلمون، لكنّهم قدّموا حبّهم للوطن على كلّ حبّ، ورفضهم للظّلم والطّغيان على حياة وادعة في ظلّهما؛ فاختارهم الله تعالى ليكونوا شهداء، وأصبحوا مشعل هداية يضيء الدّرب لكلّ من يسعى إلى العيش بكرامة، وتبقى ذكراهم لتضيء طريق المحبّين، فأي حبّ أعمق من حبّ الوطن، وأي تضحية تفوق التّضحية بالنّفس.
في هذه الرّواية، يخلّد الكاتب حكايات الشّهادة والبطولة على ثرى فلسطين في هذه المرحلة من القضيّة، ويوثّق جرائم المستوطنين، الذين يستلذّون بقتل الفلسطينيّين ويرقصون على جراحهم. تبدأ الرّواية بحادثة تتكرّر كثيرا في طرق فلسطين، حيث يتسبّب المستوطنون بحوادث طرق تذهب ضحيّتها عائلات فلسطينيّة، يرقص المستوطنون وينتشون لإشباع شهوة القتل في نفوسهم، لكنّ الضّحايا تستمرّ معاناتهم، وتختلف مسارات حياتهم، بعد أن يخيّم عليهم شبح الموت والإعاقة. ويتحدث الكاتب عن جانب آخر من عدوان المستوطنين الذين يقتحمون المسجد الأقصى المبارك ويعتدون على روّاده ومرابطيه، ويسوقونهم إلى الموت بزخّات من رصاص الحقد من جنود العدوّ على بوّاباته، لتُلقى سكّين جانب الضّحيّة، ويتحوّل في وسائل إعلامهم إلى إرهابيّ مجرم. ويتحدّث الكاتب أيضا عن الشّهداء الذين يرسمون طريق الشّهادة بأنفسهم، ويضحّون بأرواحهم من أجل أن يثخنوا بالعدوّ ويذكّروه أن لا مقام له عندنا وعلى أرضنا. وعن الأسرى الذين يخوضون معارك الأمعاء الخاوية، ويجبرون العدوّ على الرّضوخ لمطالبهم صاغرا ذليلا.
وهؤلاء الشّهداء والأبطال جميعهم كانوا أيضا عشّاقا ومحبّين. كانوا كبقيّة البشر، لهم آمالهم وطموحاتهم، يعشقون الحياة وتتراقص قلوبهم شوقا للحبيب، يعملون بجدّ، ويبنون صروحا من الآمال لمستقبل زاهر في ربوع الوطن، فهم ليسوا دمى متحرّكة بدون مشاعر، ولا يائسين من الحياة انتحاريّين كما يُشار إليهم. هم محبّون، لكنّهم قدّموا حبّ الوطن على كلّ حبّ، هم عاشقون للحياة، لكنهم اختاروا الحياة الدائمة على الحياة الفانية، هم يذهبون، ولكن تبقى ذكراهم لتنير الدّرب لمن يسلك طريق العزّة والكرامة ويترفّع عن حياة وادعة في ظلّ الذّل والاستعباد.
فكرة الرّواية جميلة، والأحداث التي ذكرها الكاتب مهمّة جدّا، وتوثّق لهذه المرحلة الجديدة من تاريخ الشّعب الفلسطينيّ وقضيّته. لكن، هناك العديد من الملاحظات على بناء الرّواية وإخراجها، فحبّذا لو بذل الكاتب جهدا أكبر في تنقيحها وتنسيقها؛ لتخرج بأفضل حلّة، ولتليق بالموضوع المهمّ الذي طرحته، والعنوان الجميل المعبّر الذي حمله غلافها.
لغة الكاتب جميلة جدّا وعذبة ومعبّرة أحيانا، لكنه ينتقل بسرعة إلى لغة سرديّة تقريريّة مباشرة لتفسد ما صنع، حتّى أصبحت الرّواية وكأنّها تقرير صحفيّ في نهايتها. شعرت وأنا أقرأ الرّواية وكأنّ من كتبها شخصان مختلفان: أحدهما يجيد صناعة الكلام، وآخر يتعجّل سرد الأحداث دون رويّة. وهناك خلل كبير في استخدام علامات الترقيم، بحيث دخلت الجمل في بعضها البعض واختلّ المعنى، وأصبح من الصّعب متابعة القراءة أحيانا؛ فهناك فقرات طويلة تخلو من أيّ علامة ترقيم! عدا عن الأخطاء المطبعيّة واللغويّة.
لم يعتنِ الكاتب بعنصر الزّمان، فتداخلت الأزمنة وأصبحت الأحداث غير منطقيّة، خاصة عند الانتقال من فصل إلى آخر في الرّواية. فنضال، مثلا، ينهي دراسته الثّانوية عام 1433 هجري، ويدرس أربع سنوات في الجامعة، ثمّ يغادر إلى دبيّ لأربع سنوات أخرى، ويعود إلى الوطن ليرتقي شهيدا، مع أنّنا ما زلنا في عام 1438 هجري.
وكما يحتاج عنصر الزّمان إلى العناية، كذلك عنصر المكان. مع أنّ الكاتب يذكر أسماء أماكن حقيقيّة تدور فيها أحداث واقعيّة، فيذكر القدس ونابلس وبيت لحم ودبيّ، لكنّه لا يحدّد المكان الذي تدور فيه معظم الأحداث، فلا نعلم أين تقيم الشّخصيّات وكيف تتحرّك، ويصرّ على عدم ذكر اسم الجامعة التي يدرسون فيها مثلا. وفي رأيي أن الكاتب لم يوفّق في اختيار عناوين فصول الرّواية، ولم يكن هناك داعٍ لها.
هذه الملاحظات لا تقلّل من قيمة الرّواية التي استمتعت بقراءتها واستفدّت منها، ولكنها دعوة للكاتب لإعادة النّظر بها وإخراجها بحلّة أجمل، خاصة وأنّه يمتلك ناصية اللغة، ويصوغ الفقرات الجميلة محكمة البنيان، وكان بالإمكان أن تكون أفضل بكثير بمزيد من المراجعة والتدّقيق.



#عبدالله_دعيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرديّة اللفتاوية والواقع الفلسطيني
- طير بأربعة أجنحة وكيفية التعامل مع المراهقين
- وسادة عش الدّبابير وحكمة الشّيوخ
- رواية الحنين إلى المستقبل
- رواية -قلبي هناك- والعشق
- مشاعر خارجة عن القانون والتّغيير
- في رحاب القدس لسمير سعدالدين
- رواية أبو دعسان والهجرة الدّاخلية
- أسرار القدس مع نسب أديب حسين
- رواية لنّوش والتّربية الصّحيحة
- العاطفة في ديوان -لاجئة في وطن الحداد-
- زغرودة الفنجان وفضح العمالة
- -الطائرة الورقية-ومبادرات الأطفال الخلاقة
- شريف سمحان وسرديّة أيلول الأسود
- الضعف والبطولة في رواية برج اللقلق
- الأنا والآخر في الرواية الفلسطينيّة
- بورسلان وصناعة -الديمقراطية-
- سلمان ناطور مترجما عن العبرية
- تأمّلات فيصلية في اليوم السابع
- تأمّلا فيصليّة والواقع


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله دعيس - الأرصفة المتعبة والخلل في البناء الروائي