|
الأمازيغية ... جريمة في ثورة الجزائر !؟
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 5610 - 2017 / 8 / 15 - 12:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
°°°عاش الجزائريون سواسية في كنف الهيمنات الأجنبية أيام حكم الأتراك والفرنسيين ، ولم تكن الإختلافات عميقة كما اليوم ، عاملنا الأتراك بنفس القسوة دون تمييز بين العرب والأمازيغ ، ودك الفرنسيون قلاعنا وهدموا إرثتا التمازجي بأن شجعوا الفرقة بيننا كجزائريين ، فمدرستهم التاريخية ركزت بالأساس على تبيان قدم تواجدهم بإفريقيا الشمالية واعتبار الوجود العربي إستعمارا حتى يسهل عليهم الهيمنة والإيقاع بين الأمازيغ والعرب القادمين من الشرق . °°° في الربع الأول من القرن العشرين بدأت شرارات الكفاح السياسي تنير ردهات الظلام ، فأسس المغاربون في الغربة تيارا سياسيا كان الزواوة فيه رأس حربة ، وتطور التيار إلى حزب وطني حمل اسم ( حزب الشعب الجزائري ) ، كان زعيمه ( مصالي الحاج ) مسكونا بجزائريته التي اعلنها مدوية في مهرجان شعبي في 1936 .
ولكل أزمة جذور .
°°°بدأ من ثلاثينيات القرن الماضي (ق 20) بدأ إشعاع الشرق يطل علينا من باب العروبة والوطن العربي ، بعد سقوط الخلافة العثمانية ، فقد كانت الحاجة إلى التجييش و استلحاق الهوامش بالكتلة العربية ، فازدهار أمة العرب لا يكون إلا بالكم العددي و توسيع الرقعة ، فتأثر إخوان الجزائر ( جمعية العلماء ) بالصخب العربي ، فخاطبنا ابن باديس الصنهاجي الأمازيغي بأننا [وإلى العروبة ننتسب] ، واستهجن الإبراهيمي و الفضيل الورثلاني أمازيغيتنا ، فإن كان الأول قد صاغ تهجمه في مقال فصيح - بمناسبة تدشين قناة إذاعية ناطقة بالقبائلية الأمازيغية 1948 - ( اللغة العربية في الجزائر عقيلة حرة ليست بحاجة إلى ضرة ) أما الثاني فقد ألغى تماما وجود الأمازيغ في الجزائر في كتابه (الجزائر الثائرة) ، أما شيخ الإستقلاليين فقد انقلب على جزائريته بأن جعلها ذيلا للشرق تأثرا باجتماعاته المطولة مع زعماء العروبة ( شكيب أرسلان ، ورشيد رضا ، عبد الرحمن عزام ) وهو ما حملته مذكرته المرفوعة إلى الأمم المتحدة التي اعتبر فيها الجزائر (عربية إسلامية) مقصيا البعد الأمازيغي فيها ، وأن تاريخنا يبدأ فقط من القرن السابع الميلادي عند انتشار العرب والإسلام فيه ، الأمم الواعية تبحث لنفسها عن موطـأ قدم في التاريخ القديم ونحن نقزم أنفسنا في الأربعة عشر قرنا الأخيرة من عمرنا . الأزمة التي فجرت حزب الشعب .
°°°في الثلاثينات من القرن الماضي كان همُّ الجزائريين هو التعايس الإيجابي ، ولو هم منقسمون إلى تيارين كبيرين إدماجيين ، تيار الفرنكوفوني والتيار العروبي الإسلامي ، وكان صوت الأمازيغ خافتا لا يجلب الإنتباه و الشعب يُردد باعتزاز نشيد ( انهض يا ابن مازيغ ) . °°° هذ الطرح المصالي المقصي للبعد الأمازيغي تنبه له نخبة من المثقفين القبائل خريجوا دار المعلمين ببوزريعة وثانوية بن عكنون ، ونادوا بحق الجزائريين في تاريخهم ولسانهم وعوائدهم ، وأن الجزائر عريقة في التاريخ لا يجب تحجيمها في عصر واحد ، فكان من هؤلاء [ سعيد علي يحي ، مبروك بلحسين ، يحي هنين ، صادق هجريس ، سعيد أبوزار وآخرون ....] . فهذا التيار مضاد لفكرة (الجزائر عربية ) التي هي فكرة قومية عنصرية اتخذت من الإسلام سيفا بتارا لتجميع القوميات الأخرى كقطعان ضأن تُدخل عنوة في زريبة العروبة ، فقد نجحت قومية العرب مؤقتا في إنمحاء قومية الكرد ، والنوبة ، و البربر ، و الفراعنة ، و الفينق ، والسريان ، والكلدان ... وهو أمر ينافي تعاليم الإسلام الذي يوحد الناس على العقيدة وإن اختلفوا في الجنس واللغة . °°° فمن سماها ( الأزمة البربرية ) هو مخطيء، فالأزمة هي أزمة من يريد جر الناس إلى خيمته استقواء بهم عند الحاجة ، فالمعارضة القبائلية لم تكن تنادي بالقومية البربرية وإنما كانت تنادي [بالديمقراطية والمواطنة] ، والتداول على ركح مؤسسات الحزب ، غير أن طموح مصالي وكرزمياته سمحا له بتوظيف ( الدين) و(العاطفة) لصالحه ، فما كان من فدرالية فرنسا لحزب الشعب سوى التمرد ضد التوجه العروبي الإسلامي بزعامة (محمد سيد علي يحي المدعو رشيد ) بعد إجراء استفتاء كانت نتائجه مؤيدة لأطروحة [ الجزائر الجزائرية ] بنسبة 32 لا صوتا مقابل 28 ، وهو ما أثار زوبعة من الإنفعالات الخاطئة حيث أرسل الحزب كومندوس لاسترجاع مقرات الحزب ، ووقعت مشادات ، ضرب وجرح ، والغريب أن القبائل الداعون إلى [ جزائر الجزائرية ] كمحمد أمقران خليفاتي ، وأيت أحمد ، وعمار ولد حمودة ، وسعيد ابوزار ، وعمر أوصديق ، جلهم كان في المنظمة السرية لوص ، ( os) التي كانت تخطط لتفجير ثورة مسلحة ، وتعرضوا للمتابعة والسجن من طرف فرنسا بعد إنكشاف أمرهم .
عندما يكون الإحتفاظ بالأصول جريمة ؟؟ ! .
لايُعقل أن تكون الثورة ضد أبنائها الذين نادو بحقهم الهوياتي في ظل ثورة شعارها الديمقراطية والحرية ، صدر حكم بالإعدام في ( ايث وعبان) قبيل مؤتمر الصومام بأشهر في حق (واعلي بناي ، و عمار ولد حمودة) وقعه زعماء ثوريون قبائل هم كريم بلقاسم ، وأعمران ومحمدي السعيد ، وعمار الشيخ ، الغريب أن مؤتمر الصومام الذي احتضنته بلاد القبائل ( إفري أوزلاقن) أصدر قرارات تجريم وتصفية المصاليين والبربريست ، ف(وعلي بناي) أغتالته الثورة رميا بالرشاش من الخلف ، و(عمارولد حمودة ) ـوزميله ( مبارك أيث منقلات ) قتلا دون معرفة مكان مقتلهما ، لا لشيء سوى أنهم قالوا نحن أمازيغ لنا حقوق في هذا الوطن . الفعل العروبي ، ورد الفعل الأمازيغي .
°°°متابعة شريط أحداث ظهور ما يسمى ( الحركة البربرية ) هو في الحقيقة رد فعل طبيعي على تنامي طفرة القومية العربية التي نبتت في تربة غير تربتها ، فالجزائريون اعتادوا على نمط (الدولة الإسلامية ) التي تنبني على و(حدة العقيدة) وليس على وحدة الجنس والثقافة واللغة . الفكر السياسي المتطور استحدث مصطلح (الدولة القومية ) الذي هو مولود غربي ، تماهى العربُ معه في صراعهم مع العثمانيين فكونوا ( نزعة القومية العربية) التي ترفع من قيمة الأصل الجنسي فوق قيم الدين والوطن ، هذا التيار العروبي أو جد لنفسه قواعد للإنتشار في شمال افريقيا عبر بوابة وحدة اللغة والدين ، فظهر أمازيغ ٌ غلاة ٌ للعروبة في الحقل ( الفكري) و(الديني) و(الثوري) ، هؤلاء لظروف أو لأخرى أصبحوا أدوات قاتلة ( للذات المحلية) . ، وهو ما ظهر جليا في الثورة الفكرية والدموية التي صاحبت إنبلاج الوعي الأمازيغي الذي انبعث بقوة في السنين الأخيرة ، و هي دعوة ملحة لإرساء ( هوية حقيقية ) لا هوية زائفة يرفضها الواقع والتاريخ والطوبونيميا ، فأمم العالم مرت بتجارب قاسية مثيلة يجب الإستفادة منها ، فكل المحاولات التي بُذلت ( لإسكات الحق الأمازيغي) انخذلت ، وشق الأمازيغ طريقا شائكا بدأت بوادر النجاح تظهر له في الأفق ، فقد خارج الماردُ من قمقمه وأصبحت الأمازيغية ليست قضية ( واعلي بناي ،وعمار ولد حمودة ) وإنما هي قضية كل الشمال الإفريقي من جزيرة سيوا المصرية إلى الغوانش في جزر الكناري . ومن حقنا إقامة نصب تذكارية لهؤلاء الشباب ( البربريست) عرفانا بتضحياتهم ، فلولاهم لما كانت الأمازيغية وطنية ورسمية في دستور البلاد .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأكاديمية البربرية بين الحقيقة والتزييف .
-
امبريالية اللغة العربية .
-
رايات الهوية ... تؤرق الأنظمة الإستبدادية .
-
معركة الهوية ..... بين الأمازيغ والنظام الجزائري .
-
حجم الدمار من انقطاع العلاقات القطرية السعودية .
-
الأمازيغية ... حقوق أم رغبة في الإنفصال ؟
-
مأزق الدولة الوطنية في الجزائر .
-
الأمازيغ من (كراكلا) إلى ( بومدين) .
-
مأزق الهُوية في فرنسا .
-
أنريكو ماسياس ، Enrico Macias
-
مجزرة في مدينة الرسول .
-
عبث هوياتي ... وترسيم شكلي للأمازيغية .
-
سكوت ... نحنُ أمة تَقتل ؟!
-
الأمازيغ أبدعُوا (الأرقام الغُبارية ) [ج2] .
-
الأمازيغ أبدعُوا (الأرقام الغُبارية ) [ج1] .
-
الوزير ( قرين ) وشرطة (أورلي ) .
-
بلاد الأمازيغ حقل تجارب تطبيقية للفكر السياسي الإسلامي
-
شعوب المغرب فيما بين فكري( العريفي) و(أدونيس) .
-
وفاء امرأة
-
لماذا (يسعد ربراب) فقط ؟
المزيد.....
-
ترامب يكشف موعد اتصاله مع رئيس وزراء كندا ويؤكد: -سيدفعون-
-
الصين لديها ورقة رابحة في مواجهة رسوم أمريكا الجمركية.. ما ه
...
-
أمراض يشير إليها تضخم الغدد اللمفاوية
-
روسيا تنشئ أنظمة تبريد تساعد على تطوير أجهزة الكمبيوتر الكمو
...
-
روسيا تستخدم الدرونات لمراقبة مسارات السكك الحديدية
-
روسيا تختبر منظومة جديدة مضادة للدرونات
-
البول الأسود.. اضطراب نادر يسبب مشاكل صحية خطيرة
-
الدنمارك.. اكتشاف نوع جديد من الفطريات تحوّل العناكب إلى زوم
...
-
روسيا تنتج بطاريات الليثيوم الأيونية للطائرات المسيرة
-
أمراض تسمى -القاتل الصامت-.. ما هي وكيف نكتشفها مبكرا؟
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|