أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عالم السماء والأرض في قصيدة -مرايا العشق- جواد العقاد














المزيد.....

عالم السماء والأرض في قصيدة -مرايا العشق- جواد العقاد


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5610 - 2017 / 8 / 15 - 08:29
المحور: الادب والفن
    


عالم السماء والأرض في قصيدة
"مرايا العشق"
جواد العقاد
قصيدة كماء السماء تنزل علينا، فنتشي ونفرح بالخير النازل، وفاتحة القصيدة "يحترفي الشوق" كافة لجذب المتلقي، لأنها تعطي القوة لفعل "الشوق" وليس لشاعر، وهنا تم اعطاء الأهمية للفعل وليس للإنسان، وهذه إثارة بحد ذاتها، فالافتتاح بفعل يأخذ الصفة الإنسانية يجعلنا نتساءل: "ماذا وراء فعل "يحترفني"، فالعشق هو المتحكم/المسيطر الفاعل، والشاعر هو المنفذ، المفعول به، لكن ما هو السر من بدء القصيدة من أعلى والنزول بها إلى أسفل؟، وهل هناك تأثيرات فكرية جعلت الشاعر يقدم على هذا الأمر؟
اعتقد الاجابة على هاذين السؤالين يعطنا فكرة عن تألق الشاعر، فمثل هذا التناول ينم على القدرة الفنية والابداع الادبي التي يتمتع بها الشاعر، إن كان بوعي أو في العقل الباطن، فما قدم لنا في هذه القصيدة يعد قفزة فنية وادبية لا يمكننا إلا التوقف عندها، ولتبيان النواحي الجمالية والابداعية التي تناولها "جواد العقاد"، نبدأ من قوله:
" يحترفني الشوق
يتأرجح بي عاليا ً
فأصير طائراً مرهف
لا أتبع هوايا
لكن ماذا أفعل إن كنت هوايا؟!
أحلق في فضاء مرايا العشق
ولا أرى نفسي"
إذا ما توقفنا عند كلمات "يتأرجح، عاليا، طائرا، أحلق، فضاء" كلها تشير إلى حالة في السماء، فهذه الكلمات تجعلنا نحلق في العالم العلوي، بعيدا عن الأرض، وهذا يعد انسجام بين الألفاظ والمضمون/الفكرة التي أراد الشاعر تقديمها لنا، فبداية الحدث كانت في السماء، وهذا ينسجم مع المعتقد الديني لكل المؤمنين/العشاق الذي يؤمنون أن قدرهم/وجودهم كان منذ أن خلق الله الكون في الوح المحفوظ.
بعدها يحدثنا عن مشاعره واحساسه في الفضاء، فهو يرى الأرض بشكل مغاير، كما أنه لم يتعود/يألف ـ بعد ـ هذا العالم السماوي، فنجده عنده هذه المشاعر:
"فيندلع الشعر في قلبي صدفة
أخاف، أرتجف
وتتحد قصيدتي مع عينيها
يركع كلامي أمام حسنها
ويتسلل خوف للكناية
فسرني... العشق يحتاج أكثر
فسريني أنت يا لغتي، أحببتها..


إن جاءت رعشة
أعرج إلى خيالي
حيث لا شيء يربطني باللغة
لا أبجدية في العشق ولا أرض تحملنا" أفعال "أخاف، أرتجف، يركع، يتسلل الخوف، رعشة، أعرج، تحملنا" كلها تبين الحالة التي تصيب كل من يصعد إلى السماء/الفضاء لأول مرة، فهنا أراد الشاعر أن يؤكد لنا الحالة التي يمر بها، في مكان غير طبيعي بالنسبة له، وهذا المكان هو السماء، فهو من خلال حالة العشق يعيش في عالم غير أرضي، عالم سماوي، لهذا وجدناه يصفه لنا ويتحدث عن احساسه في هذا المكان العلوي، وهناك أثر لفكرة العبادة/العشق من خلال قوله: "يركع" ففعل "الركوع" هو فعل ديني/عشق، وهو يشير إلى الاستسلام لمن هو أعلى/مهيمن، وكأن الشاعر أراد أن يؤكد ـ بوعي أو في العقل الباطن ـ على القيام بالعبادة التي أمرنا الله بها/الخضوع الكامل لذاك الحبيب.
بعد هذا الوصف للمشاعر يحدثنا الشاعر عن الافكار التي يمكن أن تحدث له، في هذا المكان الغريب عليه، المكان غير مناسب لحياة الإنسان:
"إن جاءت رعشة
أعرج إلى خيالي
حيث لا شيء يربطني باللغة
لا أبجدية في العشق ولا أرض تحملنا
وكم سأقول لا ولا يا هاويتي
أنت ما أنبته في قلبي الشق
وما كنزت لي الدنيا
فلو وقعت في جحيمك
سأكون في الجنة" في الفضاء لا شيء يجلس/ثابت/صلب/يتمسك به، لهذا نجد يأخذه الفضاء ويسيره كيفما شاء، فهو فاقد القدرة على السيطرة على حركاته، أو على تحديد الاتجاه، والاحتمال الأكبر هو السقوط إلى الأرض، إلى اسفل، لهذا نجده يستخدم هذه العبارات: "لا شيء يربطني، ولا الأرض، فلو وقعت، في الجحيم، في الجنة" فقد أخذت الأفكار تنساب وتنزل من عالم السماء إلى عالم الأرض، لهذا نجد فكرة الجحيم والجنة، فهما الاحتمالان الذي يفكر فيهما كل المؤمنين/العشاق، فالحياة الأخرى تأخذ حيز من التفكير لما لهما من أهمية عند المؤمن/العشاق.
بعدها يأخذنا الشاعر إلى عالم الغيب، عالم الآخرة، عالم القبر وما بعده، والذي نأمل أن نلاقي فيه رحمة الله/الحبيب:
"وفي بحرك يعلو بي
على الحنين الغرق
سلمت روحي للهوى وعشقت
أعزف وأعزف
فقد ترتب الموسيقى أوجاعي
وتنسل حزني
تفقد الدموع قدسيتها
وتبقين فرحي المقدس.." فنجد التراتيل التي تتبع انتهاء الحياة الإنسانية/انتهاء حالة العشق، ونجد الحزن والدموع، ونجد التمني/الدعاء للميت/العاشق بلقاء ربه فرحا، وهنا تكون النهاية الحدث نهاية الإنسان.
وهنا توافق تام مع فكرة وجود العشق/خلق الإنسان الذي يأتي بأمر الله كروح في السماء، ليكون مخلوقا كاملا ثم ينتهي إلى الموت، والعودة من جديد إلى عالم الغيب، لكنه في نهايته ينزل إلى الأرض، أو هكذا يبدو لنا، فهذه القصيدة تجمع بين فكرة الخلق التي جاءت بها الديانات وبين حالة العشق، فكلا الفعلين، الخلق والعشق يعملان فينا ذات الأمر، حياة سعيدة أو غير ذلك، وهذا ما يحسب للقصيدة وللشاعر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البياض والسواد في قصيدة -ذكريات وألم- منصور الريكان
- مناقشة بضع قصائد للشاعر مهند ضميدي
- نحن والاحتلال في قصة -الاشتباك- سعادة أبو عراق
- فاكهة الكتاب في -هذا ما أعنيه- سليم النفار
- المغالاة في رواية -رفقا بما تبقى مني- زينة إياد حلبوني
- اللقاء بين الإنجيل والقرآن
- حاجتنا إلى الإنجيل
- مصر والتحرر في كتاب -جمال عبد الناصر- اجار يشيف
- الخراب في كتاب -خريف الغضب- محمد حسنين هيكل
- الحكمة في كتاب -كهل وكهف وقول- نجاح الخياط
- حقيقة الاخوان في كتاب -سر المعبد- ثروت الخرباوي
- شعب لا يعرف كيف يفرح
- الدخول إلى قصة -العائد- إبراهيم نوفل
- تشابه سلوك التيارات الدينية في كتاب -الثورة البائسة- موسى ال ...
- سلاسة السرد وسهولته في مجموعة -الأدرد- مجدلين أبو الرب
- الطبخ السياسي
- سلسة السرد في رواية -ثلاثة فلسطين- نبيل خوري
- الفكر في كتاب -جنون الخلود- انطون سعادة
- انطفاء
- تعدد المداخل في كتاب -ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة- محمود شاه ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عالم السماء والأرض في قصيدة -مرايا العشق- جواد العقاد