أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - البياض والسواد في قصيدة -ذكريات وألم- منصور الريكان














المزيد.....

البياض والسواد في قصيدة -ذكريات وألم- منصور الريكان


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5609 - 2017 / 8 / 14 - 09:18
المحور: الادب والفن
    


عندما تقترن الكلمة والألفاظ مع المعنى يكون الكاتب/الشاعر قد اندمج وتوحد مع نصه، بحيث لا يقنعنا بما يقدمه لنا فحسب، بل وأيضا يمتعنا، ويجعلنا نتوحد، نندمج، نتماهى معه، فالكتابة هنا تكون نابعة من العقل الباطن، قادمة من الا شعور، ومن روح الشاعر، بحيث تقنعنا بالطريقة التي قدمت بها، فليست بحاجة إلى تأويل، فهي كاملة المعنى، وصريحة الوضوح، لكن هذا الوضوح لم يأتي بشكل فج ـ رغم شكله المباشر ـ فالروح والمضمون هنا منسجمان معا، بحيث نجد صدق المشاعر هو الذي يجعل الشاعر يكتب بهذا الشكل، وليس ضعف التصوير عنده، أو لانحيازه إلى المباشرة والوضوح.
إذا ما قسمنا القصيدة سنجد ربعها يتحدث عن بياض الأيام الجميلة التي كانت في الماضي، والتي جاءت على لسان الطفل/الشاعر، فرغم تواضع الامكانيات وافتقار الحياة للتكنلوجيا المعاصرة، إلا أن الهناء كان حاضرا، والناس كانت تشعر به:
"وتمر بي الذكرى لبيت الطين في الزمن الجميلْ
ولموقد الجار الكريمْ
في بيتنا الأحباب قد تسامروا
للفجر يستمعون من كل الحكايات الحكيمةْ
وأراني أجلب الشاي المهيّل والأغانيْ
في بيتنا جدي ينام على الحصيرْ
وبساحة يدعو الإلهْ
أمي على التنور تعطينا الرغيفْ
كنا صغاراً نلعب فن اختباءنا تحت الزوايا"

إذا ما توقفنا عند بداية القصيدة والألفاظ التي استخدمها الشاعر سنجدها تعكس حالة الحنين للماضي والهناء الذي كان، وللبساطة التي يتمتع بها المجتمع، "تمر بي، الذكريات، الزمن الجميل، المواقد للجار الكريم، في بيتنا الاحباب، تسامروا، للفجر، يستمعون، الحكايات الحكيمة، وأجلب الشاي، جدي ينام، يدعو الإله، أمي على التنور، تعطينا الرغيف، صغار نلعب" فنكاد لا نجد لفظ شاذ، يعكر هذه الحياة، وهنا يكمن الانسجام بين اللفظ والمضمون، بين الكلمة والمعنى، فبياض الماضي كان مطلق الحضور وما زال تأثيره في الشاعر، ونجد أيضا أن الهناء كان في مرحلة الطفولة، وهذه المرحلة تنعكس على الطفل/الشاعر الذي ما زال يحن إليها، ويجد فيها دوافع ومبرر للتشبث بالحياة وعدم اليأس.
على النقيض من تناول الحاضر، والذي جاء من خلال حديث الجد، الجد الذي يأس وممل من الحياة، فربط الهناء بمرحلة الطفولة يعد انسجام وتوحد يضاف إلى الالفاظ والمضمون، وهذا يؤكد على أن الشاعر يتحدث من عقله الباطن، وليس من حالة الوعي.
ونجد في افساح المجال للجد في الكلام تحرر الشاعر من السرد، وترك الأمر له، فالشاعر انهى دوره السرد/الكلام من خلال:
"كنا نلم شتاتنا وندوس بوح الراقصين على السقمْ
جدي يزم شفاهه ومن الندمْ
تحدوه ذاكرة تمنت ان تعيش وتحفر الأيام"
ليبدأ الجد يحدثنا بصوته هو، وبطريقته الخاصة، بعيدا عن لغة الشاعر، التي تتسم بالجمالية والقدرة على التصوير، واعتقد أن هذا هو السبب وراء الشكل الذي قدمت فيه القصيدة، فالراوي لثلاثة أرباع القصيدة هو الجد، وليس الشاعر، لهذا نجده يخاطبنا بهذا الشكل:
" آه وجعي" فهنا الكلام للجد، ، وما قبله كان بصوت الشاعر/الطفل الذي انهى صوته بكلمة:
"كنا نلم شتاتنا وندوس بوح الراقصين على السقمْ
جدي يزم شفاهه ومن الندمْ
تحدوه ذاكرة تمنت ان تعيش وتحفر الأيام" وهنا نكون أمام نقلة نوعية من حالة البياض المرتبطة بالطفل، إلى السواد المتعلقة بالجد، فكل الألفاظ والمعاني اللاحقة كانت سوداء بالمطلق، ونكاد لا نجد "فيها نسمة حياة"




"وجع الشوارع حين مر السابلةْ
كالمفلس العريان داخل قافلةْ
قد ضيعتنا الذكريات وها أنا المرسوم في فيء انتشائيْ
أحذر تراني لابساً لقميص هلهلته عوادي الأيام في بوح الشتاءِ
يا ما رسمت أماني العشاق هلل يا زمان الذكرياتْ
خطيتِ في ألم وبحت مواسم الجدب عشنا بعوز أيام السباتْ
أواه تنبلجين ضوءاً خافتاً وتدوري في وسم الصداعْ
حتى أغانينا تموتْ
ما هذه الفوضى ومتنا في سكوتْ
يا ذكريات ويا ألمْ
بحنا الأغاني للوجعْ
وترنم العصفور ناغى من سمعْ
كل الذين تراوحوا وفي خفايانا الحبيب قد فجعْ
رسموا على التأريخ خازوقاً وإسفيناً مُباعْ
يا أيها الأرض استفيقي أنكروك الأهل والأصحاب صرتِ قبلةً للرافضينْ
وترنم العشاق باحوا للذين سرقوا الوصالْ
ما دمتِ سيدة القرى والعشق طالْ
يا أيها الأنسان باعوك ارتشوا وتوسموا كل الخيالْ
هدئ تراني عازفاً والبوح صار كالمحالْ
كل الذي بحناه طيف محبةٍ والذكريات بحالها وعلى الندمْ
ألمٌ ،،،،،،،، ألمْ"



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة بضع قصائد للشاعر مهند ضميدي
- نحن والاحتلال في قصة -الاشتباك- سعادة أبو عراق
- فاكهة الكتاب في -هذا ما أعنيه- سليم النفار
- المغالاة في رواية -رفقا بما تبقى مني- زينة إياد حلبوني
- اللقاء بين الإنجيل والقرآن
- حاجتنا إلى الإنجيل
- مصر والتحرر في كتاب -جمال عبد الناصر- اجار يشيف
- الخراب في كتاب -خريف الغضب- محمد حسنين هيكل
- الحكمة في كتاب -كهل وكهف وقول- نجاح الخياط
- حقيقة الاخوان في كتاب -سر المعبد- ثروت الخرباوي
- شعب لا يعرف كيف يفرح
- الدخول إلى قصة -العائد- إبراهيم نوفل
- تشابه سلوك التيارات الدينية في كتاب -الثورة البائسة- موسى ال ...
- سلاسة السرد وسهولته في مجموعة -الأدرد- مجدلين أبو الرب
- الطبخ السياسي
- سلسة السرد في رواية -ثلاثة فلسطين- نبيل خوري
- الفكر في كتاب -جنون الخلود- انطون سعادة
- انطفاء
- تعدد المداخل في كتاب -ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة- محمود شاه ...
- القائد في رواية -قناديل ملك الجليل- إبراهيم نصر الله


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - البياض والسواد في قصيدة -ذكريات وألم- منصور الريكان