نبيل الخمليشي
الحوار المتمدن-العدد: 5607 - 2017 / 8 / 12 - 21:11
المحور:
الادب والفن
وأنا أطل على الخمسين
أسئل الذاكرة و ما علق بها من هموم
أما زال عندك متسعا للحنين
لتدخر صورا أخرى للمآسي التي سوف تكون
أم تراك تنفجرين جنونا عند منعطفات الأزمنة القادمة
لترحل البوم عن شرفتنا
ويعود الجرذ لجحره آمنا
و أعود للرحم كما كنت أول مرة
أملا موعودا لأمي يتجدد كل حين
مشروع مؤجل أبدا لا تدركه القابلة
لكني أتيت و غابت أمي و فازت الحاضنة
تفرق الندماء من حولي واحد بعد الآخر
وعاصر الخمر وحاملها يبحثان لي عن نديم
قبيل وصول موكب العزاء و الكفن و الناقلة
قرب بناية البريد القديمة
بجانب محطة القطار المهملة
أنتظر ذاك الذي سكن قرب سدرة الفقراء
وهجرا دنيانا بحبل موصول بين الرقبة و الشجرة
ممتطيا غضبه الصادق صعودا ليجاور سدرة أخرى
غضبا على بعض منا كانوا آخرين و ما كانوا منا
و إن تقاسمنا معهم الرغيف و حلم الطريق وقليل من النبيذ
كنا الآخرين و كانوا "الــ"نحن الذين احتكروا الأوهام
و قيادة الجموع وما بقي من فلول القافلة
وأنا أطل على الخمسين
أعصر الذاكرة علني أجد من يرشدني لغد أحتمله
تخطفني دعوات أمي برهة ممتدة أكبر من عمر الزمن
فيغمرني لحن شجي يطول كالقبلة العابرة
يعينني على ما بقي من الوقت
ويسقي القصيدة حبا كي لا يكبر أنين الكلام
تحت الصمت وفوق الورقة الفارغة
ثم أتيه ثانية في صحراء الوقت
أتجرع سمي كأسا، كأس عزاء للأيام الغابرة
أيام معدودات، تتقاطر من اللامكان
نقطة، نقطة دون فاصلة
أشرب نخب حفار قبري و مزخرفه
أمضي غدا لأفاجئ سائق القطار و سكته
ربما أحرم الوقت بلادته، أخلصه من رتابته
ولا ائبه إن واصل مسيره غير مكترث
لخططي الصغيرة و مشاريعكم الكثيرة
لكني سألحق نديمي عند الجهة المقابلة
لنحدق فيكم لبرهة ثم نمضي مفترقين
ليفنى الوقت من دوننا، عبثا وجوده في غيابنا
سوف نعاقر العدم وحيدا بلا ذاكرة
لتكتمل حلقة الزمن الدائري
على هامش صفحة العمر الفارغة.
#نبيل_الخمليشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟