كانتا ها هنا مدينتان

حسن ابراهيم الحجاج

الحوار المتمدن-العدد: 5606 - 2017 / 8 / 11 - 07:13
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

اما الفاو فكانت بلدة جميلة .. لا ترتفع عن البحر سوى بمقدار حصاة
من الاعلى تعلوها نخلاتها متعانقة و تمتد فيها انهار متقاطعة تجاورها اشجار حناء يافعة
و من تحتها مرفأ ترتاده قواب معدنية يحاول ان يعلوها صدأ قرمزي و تنزل منها شباك فضية
و في قلبها مدينة حضارية تنافس البصرة التي ترجع لها اداريا في حسنها و تتفوق في تنظيمها و يوما بعد اخر تزداد نفوسها

واما بيجي فكانت بلدة عامرة على يسار دجلة عند مفترق طرق
ارضها خضراء و مائها وفير و بجانبها ذلك المصفى الكبير و معامل زيوت و اسمدة ومحطات كهرباء

لم يكن ما يربط المدينتان سوى احتضانهما من عراق واحد و احتظانهم لمرض واحد

و رغم ان كل مدينة اصابها داء الحرب لسبب لكنه حدث في فعله متشابه
فحينما احتل الايرانيون فاو الجنوب عام 1986 هجرها اهلها و دمر بنائها و سرقت املاكها و صيرت اراضيها الى قفر متروك و ضجيج الصيادين الكثيرين في مينائها صار هدوئا يقارب السكوت و على كثرة اهلها صاروا فرادا بعد التحرير

انخفض عدد سكان الفاو من 75 الف نسمة وقت كان تعداد سكان العراق 12 مليون فقط عام 1979 الى اقل من 19 الف نسمة في وقت بلغ تعداد سكان العراق 30 مليونا عام 2007

كما فقدت حقولها كلها و تناقص عدد الصيادين فيها فلم تعد تلك المدينة الاقتصادية المعطاء

كذلك بيجي التي سيطرت عليها داعش خلال كبوة حزيران 2016 عفت الديار محلها و مقامها و في الشتات حلوا اهلها و سكانها و صار سوقها العامر خرابا و عيث في مصافا العظيم دمارا و كالفاو لم يذكرها احد بعد التحرير و من 180 الفا سكنوها قبل معركتها الشهيرة عاد 60% من السكان فقط بعد تحريرها

قد لا يكون عقابا متعمدا اهمال الاوضاع في هاتان المنطقتان و لكنها سنة الحرب اذا اشتدت في ارض سلبتها كل خصال جمالها
ربما سمع العراقيون عن بلقيس التي ادركت قيمة السلام في عهد قديم من الزمان لما هددت بغزو جيش سليمان لكننا لم ندرك بان ضربات المعاول اسرع هدما من يدان تبنيان
و المدن التي تمحوها الجيوش من النادر ان تعود الى ما كان ، فلا نزال نطرق بمعاولنا بلادنا و ندمرها سريعا ثم نبقى دهرا ننفق اموالنا فقط لاعادة الوضع الى ما كان عليه قبل دخول الحروب اصلا

#حسن_ابراهيم_الحجاج (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات