منير الكرودي
الحوار المتمدن-العدد: 5602 - 2017 / 8 / 5 - 12:06
المحور:
الادب والفن
كل في سجنه يسبح، تعددت الزنازين، كثرت السجون، توزع الكل بين سجين وسجان..
هذا سجين بطنه، ذليل قُوتِه، يتحرك متثاقلا في اتجاه كسرة بائتة، يمد يده لها فيجدها صالحة لفلق رأس زميله الذي سابقه للكسرة..
هذا سجين ما بين فخذيه، عقله نزل سلم الدرج للأسفل، تمركز في الذل، غدر بأصدقائه من أجل فتاة هوى عابر، سابق الريح لنيل رضى فتاة بائتة في إسطبلات محروسة، وأخرى تحرس الشارع، تبيع لذة سريعة، يتذلل لها بعد أن أعياه جوع جنسي أعمى..
هذا سجين قلة حيلة، وقلة ذكاء، يهيم في الفيحاء لا يلوي على مستقبل ولا هم يحزنون..
هذا سجين جهله، أميته فاحت، كل الزنازن توصد أبوابها كي لا يلوثها، يجري في ساحات سجن منفتح على كل السجون، مجنونا ينعق ضجيجا بعاش ولا عاش..
هذا سجين نفاق اجتماعي، ورياء مجتمعي، سجين مجتمع، سجين عادات وتقاليد عافها الزمن، ينضبط للموتى في حياتهم وزمانهم، يسير على هداهم إلى قبرهم، إلى سجنهم الأبدي..
هذا سجين ثقافة صفراء، ثقافة كلمات متقاطعة، سجين عناوين جرائد لا تصلح إلا لمسح الزجاج..
هذا سجين دراسة، مقرر يحمله كما يحمل الحمار أصفارا..
هذا سجين عمل، إيجاد عمل هو كل برنامجه ومقرراته وحياته، قضى حياته في بحث دؤوب عن عمل لم يجده..
هذه سجينة زوج قد يأتي وقد لا يأتي، سجينة قطار سككه لم تضرب بعد..
هذا سجين أحقاده وضغائنه، سجين فلان أتى وعلان فعل، سجين ناس مرّ بهم ذات يوم..
هذا سجين وطن، قال لا للزنازن، لا للسجون، حرروا المساجين، حرروا حرروا حرروا حتى أغشي عليه فاستفاق على زنزانة صغيرة بعد أن كان في باحة سجن كبير..
هذا سجين إديولوجية، سجين خط نضالي مات بموت أصحابه..
هذا سجين عقيدة، سجين حياة أخروية، لا هو عاش، ولا هو يعرف طريقه إلى الروح..
هذا مغترب سجين وطن، سجين ماض وتاريخ..
هذا سجين كل المساجين، يحرصهم، يأكل من طبقهم، يشرب من معينهم، يختلط برائحة عرقهم، يتطيّب بكل نواتنهم..
نحن كلنا سجناء.. نحن كلنا في الوطن سجين وسجان..
#افتحوا_كل_الزنازن.
#حرروا_كل_المساجين.
#الوطن_يسع_كل_المساجين.
#منير_الكرودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟