|
المشاركات في التظاهرات التشكيلية بين حقيقة الخطاب ومزالقه
محمد الشاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5600 - 2017 / 8 / 3 - 18:26
المحور:
الادب والفن
المشاركات في التظاهرات التشكيلية بين حقيقة الخطاب ومزالقه بقلم : محمد الشاوي(*)
توطئة: ____ يروم هذا المقال دراسة نموذج من نماذج متعددة ومتباينة للخطابات التي ترتبط بالحياة الاجتماعية وبالوسط الثقافي على وجه التحديد؛ ولعل هذا النموذج ارتبط حسب تقديرنا بالكشف عن الصريح والمضمر في خطاب المشاركات التي تحتضنها التظاهرات التشكيلية داخل المغرب وخارجه. وهو خطاب نلمسه في تصريحات الفنانين التشكيليين المغاربة داخل المنابر الإعلامية والتواصلية، أو داخل الوسط الاجتماعي بالنظر إلى جماعة التشكيليين والتشكيليات، أي في مجامعهم ومحافلهم وكذا حديث المقاهي وفضاءات الشبكة العنكبوتية... فما طبيعة هذا النوع من الخطاب؟ وعلى أية أسس ومعايير ينبني؟ وماهي أهدافه ومراميه؟ وأين تكمن حقيقة الخطاب ومزالقه؟ وإلى أي حد استطاع الفنان المغربي تبرير مشاركاته في التظاهرات التشكيلية؟ هل هو تبرير يكشف عن حقيقة الذات وطموحاتها، أم إنه لا يخلو من مزالق الخطاب كالتزييف وقلب الحقائق؟
إن الجواب عن هذه الأسئلة الإشكالية يقتضي منا الوقوف عند طبيعة الخطاب الذي يعتمده الفنان التشكيلي أثناء عملية التشهير بما سيقوم به في إطار عملية المشاركة. وهو تشهير لا يعتمد على قول الصريح بل غالبا ما يختار المضمر والغامض. فجل التظاهرات التي يتم تنظيمها إما أن يقوم الفنان بملء إستمارة المشاركة التي تتطلب الانضباط للشروط المحددة سلفا، ولا سيما منها تلك التي ترتبط بالأعمال التي سيشارك بها الفنان من خلال اعتماده مقاييس محددة إما لعمل أو عملين فنيين إما لوحة أو نحت أو تجهيز installation، وهناك أيضاً ما يخص سيرته الفنية ومنجزاته... إذ نجد أيضاً أن كثيرا من المشاركين والمشاركات من الفنانات لا يوزعون خبر المشاركة في صفوف زملائهم وزميلاتهم، بل إنهم يفاخرون بكونهم تم استضافتهم من طرف اللجنة المنظمة، أو أن الاختيار وقع عليهم لمكانتهم ولوضعيتهم الاعتبارية... بل إننا نجد من يدفع مقابلا ماديا للمشاركة سواء داخل المغرب أو خارجه، أضف إلى ذلك أن بعض هؤلاء يتم إعتمادهم من طرف الوزارة الوصية (وزارة الثقافة ) للمشاركة ولتمثيل المغرب نظرا لمحاباتهم وتقديم الهدايا ولكون جسور العلاقات قد بُنيت على أسس متينة تراعي معيار الزبونة والمحسوبية. ومن غرائب هذا الزمان أن هناك تظاهرات فنية تقام كل سنة لفائدة مشاركين بعينهم وآخرين ينحدرون معهم في نفس التوجه، وتكريمات لشخصيات تشكيلية... إذ تعطى لبعضهم تعويضات سرية بينما أولائك لا يعرفون شيئا غير أن يظهروا في مظهر الافتخار بما أنجزوه في التظاهرة بدون أذنى وعي بحقوق الفنان التشكيلي المشارك/العارض الذي يجب أن تُعطى له حقوق تضمن كرامته، فهو فاعل وليس مفعولا به.
لكن مع الأسف الشديد هناك شريحة كبرى من الفنانين مفعول بهم ومُغرر بهم لخدمة أجندات كبرى، ربما عن وعي بها، أو بدون وعي، ما دام الهدف هو ظهور هؤلاء مع الولاة وأصحاب السلطة والمجالس البلدية والوزراء وصناع القرار السياسي عن طريق أخذ الصور التذكارية وما شابه ذلك. والجدير بالذكر أن هذه المشاركات لا تخلو من سلسلة من النفاق الاجتماعي والمحاباة الشخصية تخدم سياسة أن "والدك صديقي"، و "أنت من أبناء المنطقة" و "أنت صديقنا المقرب"... دون أذنى مراعاة لمستوى الأعمال التشكيلية أو لثقافة الفنان ومعرفته بمجاله الفني وباقي مجالات المعرفة الإنسانية. طبعا هناك مشاركات وتظاهرات في مستوى تطلعات جمهور التشكيليين المغاربة، لكن تبقى على رؤوس الأصابع. ومن القضايا التي يندب لها الجبين أن تجد فنانا يُعيد نشر بعض مشاركاته أو في برنامج تلفزي دفع مقابلا ماديا لسماسرة الإعلام في المغرب بهدف التضخيم من إعتبار الذات estime de soi . فالمسألة سهلة جداً إذا كنت تملك المال يمكنك أن تدفع لناقد مأجور يكتب عنك في الجرائد والمنابر الإعلامية الصفراء، ويمكنك أيضاً أن تدفع بعضا من المال لسماسرة التلفزة وتجد نفسك ضيفا في برنامج وأنت لا تعرف حتى لغة التواصل، بل إن بعضهم لا يعرف الفرق بين أنواع الصباغة والمدارس والمذاهب الفنية، فإذا سألته عن توجهه الفني سيجيبك بكونه تعبيري وسريالي وتكعيبي وانطباعي وواقعي وهندسي... وكأن جميع مدارس الفن اجتمعت في عمل من أعماله..!! وخلاصة القول، فإنه يستحيل أن يكتب ناقد مأجور عن تجربة؛ أو أن يقرأ مثناً إبداعيا أو علمياً في أي مجال من مجالات المعرفة الإنسانية بهدف تذليل الصعوبات على جمهور القراء والمتلقين أو تقريب الفهم ومحاولة الغوص داخل التجربة الإبداعية. أي مبدع هذا الذي يريد دخول سوق النخاسة الإبداعي بمعية ناقد مأجور يبيع السم في الدسم..!! أي فنان هذا الذي يدفع مقابلا ماديا للمشاركة في التظاهرات الفنية..!! من الصعب جداً الإذعان لتجار الفن مادامت نيتهم جمع المال من خلال مقالات تتكرر لتجارب عديدة لكتاب وتشكيليين وشعراء وروائيين ... وما يقال عن هؤلاء يقال أيضاً عن مزالق المشاركات في التظاهرات التشكيلية التي لا تخلو من عيوب وكذب على ذقون البسطاء، فهي تروم تعتيم الرأي العام وتضليله لكي يقال بأن الفن بوطننا بخير ..!! إن هدف هؤلاء المشاركين هو الظهور وإلتقاط الصور بغية تسويغ الكذب والوهم وتزييف الحقائق وقلبها ... _____________ (*) فنان تشكيلي مغربي وباحث في النقد الفلسفي للفن.
#محمد_الشاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوعي البصري عند المواطن العربي بين أزمة التشخيصية وحلم التج
...
-
في نقد ديداكتيك تدريس الفن بالمغرب
-
هل يمكن الحديث عن إستحالة بناء ملكية برلمانية في تأويل الخط
...
-
حوار مع الذات المشكّلة
-
إستبانة الأستاذ عبد الله العروي ورهان التاريخانية
-
قضايا في بلاغة الإقناع الفلسفي عند المهدي بن تومرت
-
في نقد الفكر التشكيلي العربي ، عوائق إبستيمولوجية في تلقي ال
...
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
المزيد.....
|