أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز الحاج - الحرب -الصليبية الجديدة!















المزيد.....

الحرب -الصليبية الجديدة!


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حوَّل الإسلاميون بمدارسهم المتطرفة وتلك الموصوفة بالمعتدلة قضية فلسطين من قضية احتلال واستيطان إلى مسألة صراع ديني بين اليهودية والإسلام. وقد صارت ثقافة كراهية اليهودية متأصلة من مرحلة الكتاتيب والمدارس الابتدائية وإلى الجامعات، مع أن القوى السياسية الفلسطينية والعربية العلمانية كانت قد طرحت القضية طرحا سياسيا بالعمل لانتهاء الاحتلال وتطبيق قرارات الأمم المتحدة.
اليوم ينتهز الإسلاميون الفرصة لتحويل قضية كاريكاتورات مسيئة لمقام الرسول إلى صراع مع المسيحية والمسيحيين، وذلك بغض نظر مفضوح للحكومات إن لم يكن بتشجيع منها وذلك لصرف النظر عن المآسي الداخلية. وقد أكدت الصحافة الفرنسية أمس واليوم على حقيقة وجود تواطؤ وتوقيت متفق عليهما لإشعال موجة الكراهية العمياء هذه، ولحسابات مختلفة تلتقي مرحليا؛ وبعض الصحف أكدت في مانشيتات أمس واليوم، [ 6 و7 شباط]، على الدورين الإيراني والسوري بوجه خاص، وهذا نفس ما أكد عليه مقالنا أول أمس.
إن العدوان على الكنائس في العراق وقتل المسيحيين هناك، والانتقال للعدوان على كنائس بيروت ومنطقة المسيحيين، وأمس اغتيال راهب كاثوليكي في تركيا بيد متطرف أثيم؛ كل هذه الاعتداءات الشريرة، [والبقية قادمة!]، دليل على خطط الإسلاميين ونواياهم. أما مشاركة شيوخ دين ومثقفين إسلاميين ورابطة العالم الإسلامي والمؤتمر الإسلامي في ندوات عن "حوار الحضارات"، فلم تكن غير أساليب ملتوية لستر مدى حقد الإسلاميين على المسيحية واليهودية وعلى الحضارة الغربية التي وجدت مركزها في دول الغرب.
وماذا عن دول عربية يجري فيها اضطهاد المسيحيين كنهج مستمر كالسودان ومصر واليوم في العراق؟؟ أين التدابير الحكومية لوقف الحملات وممارسات الاغتصاب الجماعية للمسيحيات القبطيات والجنوبيات السودانيات؟ هذه الحكومات تشترك في تأجيج غوغائية الشارع العربي ومسايرة المتطرفين لأسباب سياسية كما مر في مقالنا المنشور أول أمس [ 5 شباط 2006]. ومن الصدف أنه في اليوم الثاني لنشر مقالي هذا خرج عدد من الصحف الغربية ومنها لوموند وليبراسيون الفرنسيتان اليساريتان بتعليقات موسعة تحت عناوين "مزايدات الحكومات العربية وحكومة إيران"، أي استغلال الحدث العابر استغلالا سياسيا كما كتبنا في مقالنا الأخير. وقد فاتني ذكر أن الحقد المركز على الدانيمارك ناجم أيضا عن مشاركة قواتها في أفغانستان ودعم حرب تحرير العراق التي لولاها لما كان أقطاب التنظيمات الدينية الحاكمة في العراق، والمسيّرة للمظاهرات وثم إلغاء حكومتهم لعقود مع الدانيمارك، قد وصلت بغداد ناهيكم عن تسلم السلطة فيها بعد سقوط صدام!
إن "المعتدل" شيخ الأزهر والمتطرف القرضاوي فقيه العنف، وفقهاء الشيعة مندفعون جميعا في هذه الموجة من السعار الجماعي؛ البعض لمزيد من التسلط على الشارع، والآخرون لخدمة الأغراض الحكومية كما في مصر وإيران. ترى هل من الصدف أن ينزل للشارع شيخ الأزهر والوزراء منددين صاخبين بعد أيام من كارثة العبارة الغارقة والمأساة الكبرى بسببها وحيث لا تزال الجثث طافية على الأمواج؟ كارثة تدل، كما كتب أحمد الربعي عن الاستهتار التام بالأرواح وممتلكات الدولة وعن لامبالاة تامة بمصالح البلد والناس. يريدون تصريف الغضب الشعبي بسبب الكارثة عن طريق مظاهرات التأجيج بدل التهدئة وطرح قضية الإساءة في سياقها المطلوب. والمضحك أن تطلب الحكومة المصرية من الدانيمارك "ضبط " وسائل إعلامها، أي فرض الرقابة عليها. مصر تزايد على الدول الغربية في القيم الحضارية وهي التي حولت الرئاسة لشبه ملكية بانتظار تحولها لملكية شاملة!
إن المسايرات الحكومية للموجة الغوغائية وما يرافقها من عدوان على المسيحيين قد تخدم هذه الحكومات على مدى قريب جدا ولكنها ستكون عامل تسريع لسقوطها ولصعود القوى والأحزاب الدينية للسلطة كما في العراق وإيران والسودان.
لن يخسر في نهاية المطاف غير المسلمين وسمعتهم المتردية أصلا، ولا يمكن أن يحل الشتم والزعيق والحرق والقتل محل حضارة العصر. كما لن ينجح الإسلاميون في الغرب للقضاء على مبدأ العلمانية في دول الغرب وما يفرزه من قيم التسامح وحرية الدين وحرية التعبير والضمير والمساواة أمام القانون.
لقد قال غامبيتا لأحد دعاة العلمانية الفرنسية في 1872 ما يلي:
" لا تقولوا إذن أننا ضد الدين.. كلا بل نريده مضمونا وحرا ومصانا." وخير دليل على ذلك الحرية الواسعة في الغرب لجميع الأديان وحرية الممارسات الدينية؛ بل نقول إن مسلمي الغرب صاروا في العقدين الأخيرين خاصة يتمتعون بنوع من "الدلال" إن صح التعبير. فقد تبين أن عددا كبيرا من النواب الفرنسيين تجاوزا بطرق مختلفة قانون العلمانية الذي يمنع دفع مساعدات لأية مؤسسة دينية. إن هؤلاء النواب تحايلوا على القانون لكسب رضى الجاليات المسلمة فيدفعون من المال العام لبناء عدد أكثر وأكثر من الجوامع وأماكن العبادة الإسلامية.
لقد مر في مقالي الأخير ذكر الداعية الإسلامي السيد طارق رمضان حفيد حسن البنا. ومن الصدف أيضا أنه في اليوم التالي لمقالي ظهر له في صحف أمريكية وفي صحيفة الشرق الأوسط حوار عن موضوع الكاريكاتورات.
لقد قلنا إن السيد رمضان بارع جدا في عرض طروحاته الإسلامية بصيغ عصرية تستر حقيقة ما يريد. إن حواره هذا يتضمن أفكار ودعوات جيدة وينتقد "رد الفعل العاطفي لغالبية الدول المسلمة" ويدعو للتهدئة. هذا جيد جدا، ولكن! في المقال نفسه يؤكد أنه "لابد من التمسك بالتعاليم الإسلامية" في الغرب مع تجنب الاستفزاز. معنى ذلك أن على الغربي المسلم التمسك بقيم وأحكام حكم الشريعة التي تناقض العلمانية ومبادئ حقوق الإنسان، وهذه دعوة قديمة للكاتب الذي يصف نفسه ويصفونه بالمفكر الإسلامي. والنقطة الأخرى في مجمل حواره قوله:
" لا يوجد حد قانوني لحرية التعبير، ولكن توجد حدود مدنية. في أي مجتمع يوجد تفاهم مدني بضرورة استخدام حرية التعبير بطريقة حكيمة لا تثير الحساسيات، ولاسيما في المجتمعات متعددة الثقافات.."
هذا المقطع يوحي وكأنما حرية التعبير في الغرب مطلقة وليست لها حدود قانونية، والحال أنها حرية مقيدة بقوانين، ومنها تحريم القذف الشخصي والإساءة للمعتقدات والأعراق والألوان؛ ففي المجتمعات الغربية حدود قانونية ومدنية معا. إن ربط هذه الفقرة بالفقرة السابقة لا يمكن إلا أن يعني أن السيد الداعية يقول لنا بمواربة ما لا يريد قوله صراحة، وهو وجوب تعديل قوانين العلمانية لتتكيف مع "التعاليم الإسلامية." ونذكّر القارئ بالمناسبة بمقالين تحليليين مهمين للأستاذ عادل جندي عن طارق رمضان نشرا قبل أشهر قلائل.
إن حقد الإسلاميين والساسة المستبدين الفاسدين على العلمانية الغربية مرده كونها تدعو للفكر النقدي والحرية التامة، لخدمة الفرد والمجموع والتقدم البشري. يكتب مؤلف فرنسي ما يلي:
"تستهدف العلمانية أن تنمي في إطار التكوين الدائم للإنسان، فكريا وأخلاقيا ومدنيا، روح النقد، والشعور بالتضامن والإخاء، والشعور بالمواطنة على قدم المساواة أمام القانون والدستور، وبصرف النظر عن العرق والجنس والدين."



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرب أمام التطرف والإرهاب الإسلاميين..
- نساؤنا وعام المرأة..
- عار العدوان على مسيحيي العراق
- والآن؟!
- ومن الفساد ما يُضحِك !!
- بين تصريح الحكيم والقنبلة الإيرانية
- تداعيات عام..
- وجهة نظر عن دور القيادات الكردية في الوضع العراقي الراهن
- الانتخابات بين النتائج البعيدة والأهداف... بين الأسلوب والمم ...
- خطاب من القلب للأخوين العزيزين مسعود برزاني وجلال طالباني ال ...
- فرص التعديلات الديمقراطية المدنية على الدستور العراقي
- الديمقراطية لا يبنيها غير المؤمنين بها حقا
- كلارك وجائزة نوبل وبينهما القاضي الدمث رزكار
- الوجود الأمريكي المرحلي ليس أم المشاكل!!
- العراق بين -القواسم المشتركة- والأحزاب الإسلامية
- في فرنسا أيضا: حكايات أخرى مختارة!!
- عودة للأحداث الفرنسية.. ليست -ثورة فقراء-!
- هل فضح التدخل الإيراني هو -إيران فوبيا-؟!
- صفحات عن بعض دعاة الإصلاح الديني: محسن الامين نموذجا
- بعد الاستفتاء وقبل الانتخابات 2/2


المزيد.....




- الرجل الأسطورة متحدثا عن أغلى أمنياته: -لو عشت مرة أخرى لكنت ...
- الرجل الأسطورة متحدثا عن أغلى أمنياته: -لو عشت مرة أخرى لكنت ...
- جيش الاحتلال يجند 3 آلاف شخص من يهود الحريديم
- تأثر مارتن لوثر بالإسلام.. تمرد على الكنيسة والثالوث ورفض ال ...
- إسرائيل.. أوامر فورية للجيش بتجنيد 3 آلاف شخص من يهود -الحري ...
- كيف ترى الصهيونية الدينية الضفة الغربية والقدس؟
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع حيوي في إيلات ...
- حرب غزة: قرار إلزام اليهود المتشددين بأداء الخدمة العسكرية ي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تضرب هدفاً حيوياً للاحتلال في إ ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف موقع حيوي في إيل ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز الحاج - الحرب -الصليبية الجديدة!