خالد بيشوا
الحوار المتمدن-العدد: 5596 - 2017 / 7 / 30 - 00:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صراع الجيوسترادينة الاسلامية
الوحدة الإسلامية فتيل الحروب الأهلية ،نظرية ابتكرتها الصهيونية العالمية، لأجل تفجير منطقة الشرق الاوسط الكبير , بسلسلة من الحروب الجيوسترادينة ،وتمهيدا إلى تغير توازن القوى الإقليمية والعالمية وبالتالي ديمومة الصراع في المنطقة والتي تتمخض عنها تهيئة بيئة مشحونة ومختزلة لجميع عناصر الصراع والحروب، بعد حدوث الزلزال الجيوسياسي العالمي والتي تمثلت بتفتيت الاتحاد السوفييت سنة 1991م. تغيرت بوصلة استراتيجية الصراع القومي الى صراع مذهبي في الشرق الاوسط الكبير لتنقلب بعد ذلك المنطقة إلى فوضى جيوسياسية لاسيما بعد الحادي عشرة من سبتمبر 2001. بدأت اولى ارهاصات حروب الجيوسترادينة في عام 1979م ,اذ عملت النخبة الإسرائيلية على وضع استراتيجية شاملة ضد العرب والتي تمثلت بتفجير الصراع الجيوستراديني في الشرق الاوسط الكبير .واستبدال الصراع الفارسي العربي بالصراع الطائفي التاريخي الاسلامي فيما بينهم , والعمل على وصول قوة إسلامية إلى السلطة والتي ترفع شعار الوحدة الإسلامية والتي تعني تدخل تلك الدول في شؤن بعضها البعض بذريعة الاخوة الإسلامية ،والتي تتمخض في نهاية قيام حرب شاملة بين دول الشرق الأوسط وبالتالي ستكون إسرائيل محصنة وموظفة لتلك الحروب ،وتدفع الشرق الأوسط إلى التشظي و سياسية الاحلاف العسكرية ,والتكتلات المناهضة لبعضهم البعض .كما ستنقسم العالم الإسلامي بين مجموعة كتلتين الكتلة العربية القومية والكتلة الإسلامية وانقسام الأخير على نفسها إلى ثلاث كتل سعودية أموية جديدة ,إيران الفارسية الصفوية الجديدة ،وتركيا العثمانية الجديدة كل قوى تطرح نفسه كمرجعية عليا وزعيمة العالم الإسلامي، وبالرغم من غياب شاهد واحد على وحدة العالم الاسلامي وفي التراث الفكري الاسلامي ،،بدأت إرهاصات الأول لتلك النظرية من أفكارالمفكر الصهيو_أمريكي (برنارد لويس) اذ وضع مشروعه الشهير الخاص بالتغير الجيوسياسي للشرق الاوسط الكبير وتفتيت كل منها إلي مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت ,أما (زبغينو بريجنسي) مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر , فقد وضع اسس قوس الازمات والذي يشمل ابتكار قوس اسلامية اصولية ليشمل اسيا الوسطى والشرق الاوسط ،,ليكون القوس بمثابة جدار عازل لنفوذ الاتحاد للسوفيتي فترة الحرب الباردة , ومن ثم تكون قنبلة جيوسياسية موقوتة في الشرق الاوسط .ومنذ بداية 1979م, دأبت المخابرات (صهيو_أمريكية)على تنفيذ تلك المشروع من خلال اسقاط حكومة شاه واستبدالها في ايران بجمهورية اسلامية ومساعدة حركة الجهاد الافغاني ضد الاتحاد السوفيتي تنفيذا لخلق قوسا من الازمات في ,وبعد الحرب الافغانية السوفيتية (1979_ 1988 )لتتحول ابطال ريغان في الثمانيات الى الوحوش المهدد لقيم الديمقراطية الغربية والامريكية مابعد11/9/2001م. وكذلك العمل على توظيف الاستقطاب الفكري والسياسي ونقمة الشعوب الشرق الاوسطية بعد الثورة التونسية 2011,الى فوضى عارمة في جميع النواحي الاجتماعية ,والتي ستستمر للأربعة عقود اخرى في الشرق الاوسط .
فالوحدة الإسلامية دعوة صهيونية والقائمين عليها ينفذون أجندة إسرائيلية أمريكية ،،فالوحدة الإسلامية تعني ديمومة اشتعال فتيل الحروب الأهلية ،،فالدول في عصر السيادة والوطنية, ومع حركات التغير في العالم العربي ,وبالتزامن مع تصاعد دور التكنولوجية والانتشار السريع في المعلوماتية و عمق التأثير الاعلامي وسائل التواصل الاجتماعي والحدو اكثر قدرة للاختراق وهيئة الارضية الخصبة جدا للحروب الأهلية ,وعملية التضليل الاعلامي, والتلاعب بالعقول ,وتغير المدركات الأيديولوجية . فتلك العوامل تمهد لجمع الاضداد في بوتقة واحد , وعبر خلق شخصيات اسلامية سياسية وخلق الابطال كالشخصيات الدينية السياسية ,وخلق الوحوش البشرية كالشخصيات الارهابية العالمية, وتصادم فيما بينها وتتمخض عنها فوضى خلاقة التي اعلنت عنها النخبة الصهيونية في الادارة الامريكية في عهد جورج بوش الابن ومن تلك الفوضى تخلق تغيرا جيوسياسيا جديدا في الشرق الاوسط.
طروحات ( زبغينو برجنسكي )وبرنارد لويس ومن ثم نظرية صموئيل هانتنغتون وفق صدام الحضارات(العالم اللاسلامي في جبهة واحدة مع الصين في مواجهة الدول الاوربية والولايات المتحدة الامريكية ).وكذلك طروحات منظرو صهاينة المحافظين الجدد , كلها تنبع من المدرك الاستراتيجي الاسرائيلي ,ولتحقيق هذة الغاية كان لابد من تغير المدرك الاسلامية وخلق شخيصات اسلامية ومساعدتهم في الوصول الى السلطة لرفع شعار الوحدة الاسلامية اي تغير المدرك السياسي من خلال التدخل والوحدة وهو ما سينتج رد فعل من الوحدات القومية لتلك الدعوات الوحدوية الاسلامية السياسية , وما تشهدها المنطقة من صراع طائفي والحرب الباردة بين القطب الشيعي والاقطاب السنية والحرب الدفينة بين القطب الواحد ..
فالوحدة الاسلامية لا تهدف الى رفاهية الشعوب المسلمة وصهرها في رقعة جغرافية وتأسيس يوتيبا دولة اسلامية كبرى تمتد من المغرب الاقصى الى اذربيجان ودول اسيا الوسطى, بل الوحدة الاسلامية التي انطلقت الارهاصات الاولى لها من خلال التنظير الصهيوني , مهدت لتهيئة الارضية الخصبة لصناع الوحوش وقوة جهادية متطرفة ترى في نفسها ترفع جملة شعارات كالخلافة الراشدة او دولة العدل الالهي او السلطنة العادلة . وهذه اليوتيبيا تتمخض عنها صراع الزعامة في الرقعة الجغرافية الاسلامية بين مجموعة دول فيما بينها داخليا اقليميا وضد غيرها في الخارج دوليا .
الصراع بين ثلاثة قوة اسلامية لها طموحات جيوسترادينة وتعرف بانها توظيف القوى الدينية والاهمية الجيوسياسية استراتيجيا لتحيق اهداف قومية .وهذه القوى هي (تركيا وباكستان والمملكة العربية السعودية ,ايران والعراق ))القوة الاسلامية السنية لزعامة العالم الاسلامي تركيا العثمانية الجديدة والتي تنطلق من هندسة رئيس الوزراء التركي السابق احمد داود اوغلو في كتابة العمق الاستراتيجي, بدا من احياء العثمانية الجديدة والتوجه الإسلامي والبدء في تعليم اللغة العثمانية المكتوبة بالحروف العربية في المدارس التركية , ونشر قواعد عسكرية في العالم العربي ودخول في التحالفات الاسلامية السنية العسكرية , هو تعبير عن رؤية تركيا وهويتها الحضارية وخياراتها السياسية في المرحلة المقبلة، فالركيزة الجغرافية تؤكد على حدودا الدولة العثمانية ذات الهوية الحضارية الإسلامية في السابق ولاسيما المنطقة العربية ودول اسيا الوسطى, اذ ان السياسية الخارجية التركية تجتمع غايتها الكبرى على ((عثمنة السنة ,واتركت المنطقة )).
اما المملكة العربية السعودية الغاية النهاية منها ((سعودة العرب وامينة المسلمين)) , فهي تحتكر الجزء الاكبر من تأثير السلطة الدينية السنية لكونها تتحكم في اقدس المواقع الاسلامية المكة والمدينة , كما أن سياسة الدبلوماسية الهادئة تم استبدالها بسياسة التد خلية والتوسعية ,مع تولي الملك سلمان بن عبد العزيز ووصول نخبة الصقور السعودية الى اركان السلطة , فهي تسعى إلى لعب الدور الريادي في المنطقة العربية ,والعالم الإسلامي ,سياستها في مع الدول العربية تنبع من سعودة سياسيات الدول العربية لاسيما دول الخليج والتي انطلق مع التحالف العربي العسكري في اليمن ,كما تحاول امينة العالم الاسلامي السني من خلال طرح نفسها الزعيمة الاسلامية لمقدسات المسلمين والتي انطلقت مع اعلانها تشكيل التحالف الاسلامي العسكري ومن خلال التوظيف الجديد للاستخدام القوة العسكرية وتجهيز ترسانتها العسكرية الضخمة، فهي ثاني أكبر مستورد للسلاح وثالث دولة من حيث الانفاق العسكري, وتمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، يقدر بـ267 مليار برميل (42 مليار متر مكعب) , وهي تنتج 12.5 مليون برميل باليوم . فهي تحاول التأكيد للعب دور لقوة الإقليمية العظمى الكبرى . باكستان شريكة الولايا ت المتحدة الامريكية في دعم حركة الجهاد الافغاني ضد الاتحاد السوفيتي اواخر الثمانيات من القرن الماضي ,والقوى الاسلامية النووية العسكرية الوحيدة ,وحليفة الصين ,والطامحة الى المكانة الكبرى في دول اسيا الوسطى والمرشحة لزعامة العالم الاسلامي السني فهي الاخرى تخت عن سياسية الاستقرار الداخلي والتوجه الى سياسية المكانة القارية والتدخل في الاحلاف العسكرية والانتشار العسكري ,الامر الذي يزيد من التنافس والتصارع الجيوسترادني في الشرق الاوسط.
وهذا الاقطاب الثلاثة ستوظف العناصر الجيوسترادينة لتحقيق, الزعامة الاسلامية فيما بينها ,او تحقيق هامش من التفوق في ميزان القوى الاسلامي السني ,وسرعان ما تبرز عوامل التنافس والنزاع فيما بينها وقد يلجا احدى الاعبين لتحالف مع الاخرى لتقويض اللاعب المتفوق في هذه الصراع ,احتمالية قيام تحالفا عسكريا باكستانيا _تركيا لتقويض قوة السعودية , او تحالف باكستانيا_ سعوديا لتقويض قوة تركيا العثمانية الجديدة , ومحتمل ايضا ان تتحالف احدى القوى الثلاث مع احدى اللاعبين الاخرين في القطب النقيض(العراق او ايران) كضرورة قومية استراتيجية لتقويض لاعب المتفوق في القطب السني ,تحالف سعوي عراقي لتقويض قوة ايران ,او تحالف ايران الفارسية و التركية العثمانية لتقويض قوة السعودية والعراق ومن ثم تقسيم مناطق النفوذ بين اللاعبين ,ومما يعني المواجهة مع باكستان والتي ستطرح نفسها كزعيمة العالم الاسلامي السني .
اما القطب الاسلامي الشيعي الاخر يتكون من (العراق وايران ),فبعد معركة الموصل, فصاعدا سيشهد العراق دورا اقليما كبيرة ,اذ لم يرتكب كارثة جيوسياسية والتي تتمثل في دخول في حرب مع كوردستان بعد استقلالها ,العراق الطامح لزعامة العالم الاسلامي الشيعي وفق نظرية تمهيد دولة العدل الالهي, وعلى الرغم من عدم نضوج الرؤية العراقية وغياب استراتيجية شاملة مكتملة الاركان, لكن الحتمية الجيوسيسادينية, تفسر وتنبئ بروية مستقبلية عراقية وفق نظرية دولة العدل الالهي.
أما إيران طموحاتها تتمثل في ((أفرست الشيعة وأيرنت المنطقة)) تتقدم في مصالحها ونفوذها على حساب العرب، استراتيجية أم القرى الإيرانية الفارسية نظرية أم القرى الفارسية الايرانية بغطاء الشيعية أم القرى ، والغاية منها ان تكون إيران المركز الجيوستراديني الاسلامي وتكون لها قيادة العالم الإسلامي ورفض التقسيمات الحدودية الجيوسياسية ، وتلك الرؤية تستمد جذورها من المواد 3 فقرة 16 ,والمادة 152 تقوم السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية على رفض كل أشكال التسلط، سواء ممارسته أو الخضوع له، والمحافظة على الاستقلال الكامل ووحدة أراضي البلاد، والدفاع عن حقوق جميع المسلمين، والمادة 154((جمهورية إيران الإسلامية . تدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في جميع بقاع العالم )) ,نظرية (أم القرى) في أبعادها الجيوسترادينة ومدى خطورتها من ناحية العقيدة السياسية– الدينية– العسكرية اذ تسيطر نظرية أم القرى على العقيدة الإيرانية السياسية ، اذ ليس للحدود المتفق عليها دوليا أية دور، أو أهمية في الخطط المرسومة للوصول للغاية الإمبراطورية الموعودة وهو ما يمكن ان نطلق عليه ((أفرست الشيعة وايرنت المنطقة )).
فالتنافس الايراني العراقي تحسم لصالح العراق بعد استقرار الاخيرة ,وقد يلجأ العراق الى التوظيف الجيوستراديني الاسلامي ,في الاحواز العربية , كتأسيس حزب الله الاحوازي العربي ,ودعم المعارضة في اذربيجان الغربية في ايران .وخلق توازننا جديدا . وفي ضوء ما تقدمنا به حان الان لنهضة فكرية انسانية لكشف الزيف والخداع عن فكرة الوحدة الاسلامية والعمل على تصحيح خارطة الشرق الاوسط وفق رؤية انسانية تستمد من حق الشعوب في تقرير مصيرها واقامة دول على اسس الليبرالية وعدم التدخل في الحياة الاجتماعية والسياسية في الشؤون الداخلية للدول فيما بينها , بذريعة الوحدة الاسلامية التي افرزت الارهاب والابادة الجماعية, وكرست التوتاليتارية لحكومات الشرق الاوسط ..وهنا تكمن عبقرية الصهيونية في تحقيق اهدافها الجيوسياسية عبر توظيف مشاعر المسلمين و الرجعية السياسية لزعماء الدول الاسلامية ذات طموحات جيوسيادينيا .
#خالد_بيشوا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟