|
نتنياهو يعتمد التطهير العرقي في استراتيجيته للتسوية السياسية مع الفلسطينيين
تيسير خالد
الحوار المتمدن-العدد: 5595 - 2017 / 7 / 29 - 18:17
المحور:
القضية الفلسطينية
تأخر بنيامين نتنياهو ، رئيس الوزراء الاسرائيلي بعض الوقت في الإفصاح عن سياسته الحقيقية وخلفيات إصراره على ضرورة اعتراف الجانب الفلسطيني باسرائيل كدولة يهودية ، أو كدولة قومية لما يسميه هو " الشعب اليهودي " . ولا يجد نتنياهو حرجا في الاعلان أمام أمام وسائل الاعلام والرأي العام وفي صلاته مع الادارة الاميركية أنه اعتمد التطهير العرقي في استراتيجيته للتسوية السياسية مع الجانب الفلسطيني . ففي إطار استراتيجية التهويد والتطهير العرقي ، التي تمارسها حكومة اسرائيل في القدس بشكل خاص وفي الاغوار الفلسطينية ومناطق جنوب الخليل وغيرها من مناطق الضفة الغربية بشكل عام عرض رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، على المبعوثين الأميركيين، جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات ، وفقا لأوساط سياسية وأخرى إعلامية ضم مستوطنات للقدس مقابل منح بلدات في وادي عارة للسلطة الفلسطينية، كجزء من "اتفاق سلام مستقبلي " بحيث تجري تعديلات على الحدود تفضي لإحداث تغييرات ديمغرافية يترتب عليها زيادة عدد المستوطنين في القدس ومحيطها إلى الحد الأقصى ، وتقليص عدد الفلسطينيين إلى الحد الأدنى، وذلك من خلال ضم مستوطنات إلى منطقة نفوذ بلدية الاحتلال في القدس، وإقامة سلطات محلية جديدة لأحياء وبلدات فلسطينية بهدف إخراجها من منطقة نفوذ بلدية الاحتلال وضمان أغلبية يهودية فيها. وضمن هذه الإستراتيجية أعلن نتنياهو ، عن نيته دعم اقتراح قانون يسمح بزيادة منطقة نفوذ بلدية الاحتلال في القدس، بحيث تشمل المستوطنات "معاليه أدوميم" و "بيتار عيليت" و"غفعات زئيف" و"أفرات" والكتلة الاستيطانية "غوش عتيسون". علما أن اقتراح القانون يعطي بلدية الاحتلال صلاحيات على الأراضي المقامة عليها المستوطنات. وسبق لوزير الدفاع الإسرائيلي وزعيم حزب”إسرائيل بيتنا” اليميني المتطرف افيغدور ليبرمان أن قدم هذا الإقتراح قبل عدة سنوات للتخلص ليس فقط من أم الفحم وغيرها من بلدات وادي عاره بل وكذلك من كفر قاسم . وتبقى فكرة التطهير العرقي على كل حال فكرة قديمة جديدة في استراتيجية الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية منذ طرحت مشاريع التقسيم لأول مرة في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين . ففي مجرى احداث ثورة العام 1936 شكلت سلطات الانتداب البريطاني لجنة تحقيق عرفت باسم " لجنة بيل ". هذه اللجنة قدمت في العام 1937 توصية بتقسيم فلسطين الى دولتين، واحدة عربية واخرى يهودية وطلبت في الوقت نفسه اجراء تبادل سكاني بين الدولتين بحيث يجري تهجير 225 الف فلسطيني من اراضي ما سمي بالدولة اليهودية الى اراضي الدولة الفلسطينية ونحو 1250 يهودي من اراضي الدولة الفلسطينية الى اراضي الدولة اليهودية . وقد رحبت الترويكا القيادية للحركة الصهيونية والوكالة اليهودية المشكلة آنذاك من حاييم وايزمان، وموشي شاريت ودافيد بن غوريون بالفكرة وكتب في حينه دافيد بن غوريون في يومياته الخاصة بتاريخ 12 تموز 1937 يقول: " ان الطرد الاجباري للعرب من الاودية التي اقترحت للدولة اليهودية يعطينا ما لم نكن نملكه حتى في ايام الهيكلين الاول والثاني، انه يعطينا الجليل خاليا من السكان العرب ". وعلى خلفية هذه الافكار السوداء كانت سياسة الترانسفير، والتطهير العرقي، التي وجدت ترجمتها الفعلية في ماسمي في الايام الاخيرة من عهد الانتداب على فلسطين بالخطة " دالت "، التي اعتمدتها قيادة الوكالة اليهودية في العاشر من آذار 1948 سياسة رسمية اوكلت تنفيذها للوحدات العسكرية للهاجاناه ، بتوجيهات تفصيلية لترجمتها، كاثارة الرعب بين السكان ومحاصرة القرى والبلدات والاحياء الفلسطينية وقصفها وحرق المنازل والاملاك والبضائع وهدم البيوت والمنشآت وزرع الالغام وسط الانقاض لمنع السكان من العودة الى قراهم وبلداتهم واحيائهم، وهو الامر الذي كشفه عدد من المؤرخين الجدد اليهود من أمثال بيني موريس، وشيما فلابان، وآفي شلايم وايلان بابيه . خطة " دالت " تلك تواصلت على امتداد ستة أشهر ارتكبت فيها اسرائيل 28 مجزرة اشدها هولاً وقسوة مجزرة دير ياسين وترتب عليها تدمير 531 بلدة وقرية فلسطينية واخلاء نحو احد عشر حيا سكنيا في عدد من المدن الفلسطينية، مثلما ترتب عليها تهجير 800 ألف فلسطيني، تحولوا الى لاجئين في وطنهم ولاجئين في البلدان العربية المجاورة . ربما كان باستطاعة اسرائيل تنفيذ سياسة التطهير العرقي الواسع بحق الفلسطينيين في غفلة من الرأي العام الدولي ، الذي صمت على نحو مخجل على جرائم التطهير العرقي الاسرائيلية تحت وطأة هول المجازر التي ارتكبها الوحش النازي بحق اليهود والروس والبولنديين والغجر في الحرب العالمية الثانية ، وللتستر على حقيقة ان ضحايا النازية من اليهود قد تحولوا الى نازيين جدد ، غير أن تنفيذ مخطط كهذا وبالوسائل القديمة في القرن الحادي والعشرين لم يعد ممكنا ، ولهذا تلجأ حكومات اسرائيل الى ممارسة سياسة الترانسفير ( الترحيل ) والتطهير العرقي الصامت وتخطط لدفع هذه السياسة نحو أهدافها بترتيبات عملية وأحادية الجانب من جهة وترسيم ذلك كجزء من " اتفاق سلام مستقبلي " ترعاه الولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية . من الأفضل لحكومة اسرائيل أن تعيد النظر في حساباتها لاعتبارات كثيرة وخاصة بعد أحداث انتفاضة المقدسيين ، التي حجمت الى أبعد الحدود ، إن لم نقل وضعت حدا لأطماعها في فرض التقسيم المكاني والزماني في المسجد الاقصى والحرم القدسي الشريف . فالفلسطينيون في أم الفحم وفي كفر قاسم ليسوا مستوطنين يجري نقلهم من مكان الى آخر على خلفية سياسة عنصرية ، بل هم سكان البلاد الأصليين وعروبة القدس وضرورة عودتها للسيادة الفلسطينية عاصمة لدولة فلسطين بمقدساتها الاسلامية والمسيحية وببلداتها وقراها ليست معروضة للمقايضة أو التبادل مع مستوطنات غير شرعية أقامتها اسرائيل خلافا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ، خاصة بعد النصر الحاسم والتاريخي في معركة الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف .
*** عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية *** عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
#تيسير_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى الثالثة عشرة لفتوى محكمة العدل الدولية يدعو الامين
...
-
حكومة اسرائيل معنية بالاستيطان والمناورات السياسية بالدرجة ا
...
-
استمرار الانقسام المدمر يضعف قدرتنا على الصمود وانتخابات الم
...
-
جدار الفصل العنصري في الذكرى الثانية عشرة لفتوى محكمة العدل
...
-
في ذكرى استشهاد القادة عمر القاسم وخالد نزال وبهيج المجذوب
-
المبادرة الفرنسية شابها الغموض بشأن عدة قضايا واسرائيل تعطله
...
-
قصّرنا في تقديم روايتنا للنكبة كما حصلت وفي كشف زيف وكذب الر
...
-
تيسير خالد :على دولة اسرائيل ان تختار بين وقف الاستيطان وبين
...
-
تيسير خالد : صلاحيات بلدية تل أبيب تفوق صلاحيات السلطة الوطن
...
-
كلمة رئيس دائرة شؤون المغتربين في مؤتمر فلسطينيي الشتات الاو
...
-
تيسير خالد في حوار مع وكالة معا الإخبارية حول العديد من القض
...
-
الرباعية الدولية انتهت وشروطها جزء من الماضي وإثقال التشكيل
...
-
حوار حول النكبة وقضايا اللاجئين وقرارات المجلس المركزي وآفاق
...
-
تيسير خالد - للصناره - : الأولوية هي لجرائم الإستيطان دون ان
...
-
تيسير خالد : اسرائيل اختصرت الاتفاقيات بالتنسيق الامني والمج
...
-
تيسير خالد : وصلنا خط النهاية في العلاقة مع الاحتلال واتفاقي
...
-
تيسير خالد : العودة الى مجلس الأمن بمشروع قرار لا يحظى بغطاء
...
-
تيسير خالد : في حوار حول ذكرى النكبة والاستيطان والمفاوضات و
...
-
مؤتمر لجنة القدس البرلمانية يبدأ أعماله في العاصمة السويدية
...
-
حل السلطة غير وارد والبديل هو الصمود وإعادة بناء العلاقة مع
...
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|