|
مخاطر السلاح النووي مخاطر التسليح الحديث
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 5595 - 2017 / 7 / 29 - 13:55
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا ريب أن ترسانة السلاح بشكل عام هي مصدر القلق الذي يعم البشرية منذ بدء السباق لتطويره وتخزينه ليجعل العالم على حافة الحرب وبداية لإفناء الجنس البشري من على وجه الأرض وبخاصة عند استخدام وسائل التدمير الهائلة أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها السلاح النووي الرهيب المُخزن في ترسانة الدول الرأسمالية الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا وبريطانيا مع التحاق أعضاء جدد للنادي النووي العالمي هي الهند والباكستان وكوريا الشمالية والدول الثلاث متخمة بالبطالة والفقر ومشاكل اقتصادية لا حصر لها، إضافة ما يجري تداوله عن امتلاك إسرائيل لهذا السلاح الذي إذا ما استعمل سيكون السبب الأول لإنهائها من الوجود، فضلاً عن محاولات سابقة جرت لامتلاكه في العراق في زمن النظام البعثي وبعد سقوطه انتقلت حمى الحصول على السلاح النووي إلى حكام إيران الذين يسعون جاهدين للحصول عليه لتحقيق أهداف ليس في صالح الشعب الإيراني ولا شعوب المعمورة لما هو عليه من مخاطر جمة في بدايتهِا توقعات بشن حرب ضروس على إيران نفسها وان امتلكت مليون صاروخ تهدد به بين الفينة والأخرى وزودت حزب الله بقسم منها، هذه التهديدات الإيرانية الجديدة جاءت على لسان الرئيس الإيراني روحاني " أن بلاده �ستوا�صل تطوير �سلاحها الدفاعي" إلا انه يعني العودة للبرنامج النووي بعد العقوبات الجديدة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران لرعايتها الإرهاب وتطوير الصواريخ البالستية الحاملة للرؤوس النووية جاء ذلك أثر صدور عقوبات أمريكية جديدة ضد إيران. � وأضاف روحاني "تكرار العقوبات لن يؤثر علينا و�سنوا�صل طريقنا بكل قوة، وعلى أمريكا أن تتعلم الدر�س" هذه التهديدات لا تختلف عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب "في حال لم يتم احترام هذه الصفقة كما ينبغي احترامها، �ستواجه إيران الكثير من المشاكل" والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعني التزام طهران بتنفيذ الاتفاقية النووية ، هذه اللوحة ليست بالغريبة إذا ما تذكرنا تهديدات النظام العراقي السابق وما هي النتائج التي أدت إلى احتلال العراق وتدميره وتدمير البنى التحتية وتحويل أكثرية أبناء الشعب نحو حافة الفقر والبطالة والاحتقان الطائفي والإرهاب، أو إلى هارب أو لاجئ أو مقهور يدفع الثمن من دمه ولقمة عيشه! ولا نعرف أين ستصل التهديدات التي يطلقها حكام كوريا الشمالية وعلى رأسهم رئيسها الحالي، وبالتالي أن المتضرر الأكبر هي شعوب المعمورة التي تضع يدها على قلبها خوفاً من انفجار حرب بربرية في المنطقة أو شاملة بسبب سوء الإدارة وسوء التقديرات التي ترتبط بنتائج الحرب النووية ، والشعوب في جعبتها وما خط في التاريخ القريب وهي تتذكر ما آلت إليه الأوضاع في اليابان بعد القنبلتين النوويتين الأمريكيتين التي ألقيتا على مدينتي ناكازاكي وهيروشيما اللتان كانتا المأساة التي لا تشبهها مأساة في التدمير وفي الضحايا البشرية والحيوانية والنباتية، ولنأخذ هيروشيما مثالاً كما ذكرته جميع وسائل الإعلام العالمية والمحلية ومن هول الصدمة فقد وصفت القنبلة سخرية " بالولد الصغير " فقد ألقت طائرة أمريكية عسكرية" الولد الصغير وهو غول وحشي وليس بالولد الصغير المحبوب وصعقت هيروشيما من تلك الفاجعة وقوة التفجير بقوة تقديرية " 15 طن " أي يساوي وزناً " 15 " مليون كيلو غرام من أل (TNT ) فخلال " 50 " ثانية من يوم في نيسان 1935 انتهت حياة ( 90000 ) ولحقهم ( 56 ) ألف بسبب الأمراض ومضاعفات التفجير النووي من مجمل تعداد سكان مدينة هيروشيما البالغ عددهم حينذاك ( 350 ) ألفاً، هذا الكم الهائل من الخسائر البشرية وما كان من نتائج مدينة ناكازاكي الإضافية الكارثية جعلت العالم يقارن ما بين التفجيرين عام 1935 وبين ما موجود في الترسانة النووية الحالية وقوة القنابل النووية التي تضاهي عشرات المرات قوة قنبلتي هيروشيما وناكازاكي وأعدادها بالآلاف، وحسب تقديرات وإحصائيات رسمية فالدول النووية تمتلك حوالي ( 4 آلاف ) في حالة تشغيلية وحسب مجلة علماء الذرة الأمريكية أن " أمريكا وروسيا يملكان حوالي 90% من مخزون الأسلحة النووية في العالم "وحسب التقديرات فان الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك " ثاني أكبر ترسانة نووية في العالم مع حوالي 7700 رأس نووي، كما يفيد تقرير المجلة الأمريكية الذي يوضح أنه يستند إلى المعلومات التي تعود إلى مارس 2013" أما روسيا التي هي الوريث الشرعي لمخزون النووي العائد للاتحاد السوفيتي السابق فهي تمتلك الترسانة النووية الروسية الموضوعة في الخدمة، 1800 رأس استراتيجي مثبت على صواريخ بالستية عابرة للقارات، وصواريخ بالستية تطلق من على متن غواصات وقاذفات استراتيجية، و2700 رأس استراتيجي وتكتيكي ما زالت في الاحتياط، كما تقول المجلة الأمريكية " بينما تمتلك بريطانيا وفرنسا حوالي 500 رأساً نووياً، إضافة لوجود السلاح النووي في الهند وباكستان وكوريا الشمالية أما دولة إسرائيل التي لا تُكذب ولكن لا تعلن عن وجود 80 رأسا نووياً "مجهز بمادة البلوتونيوم " و 100 راس مجهز بمادة اليورانيوم المخصب حسب التقديرات التي أكدها الكثير من المراقبين والمختصين في وكالة الطاقة النووية وغيرها من المنظمات التي تختص في قضايا السلم وبالضد من انتشار الأسلحة النووية . إن السعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل وكذلك السلاح النووي بحجة الدفاع عن النفس يعتبر كذبة رخيصة لا يمكن أن تنطلي على احد، وما تدعي البعض من الدول وحكامها بما فيها إسرائيل أنها دفاعاً عن أمنها ووجودها لكي تستطيع تدمير الأعداء قبل تدميرها ليس إلا قناعاً واهماً‘ فعلى فرضية استعمال السلاح النووي مثلاً من قبل إسرائيل ضد الدول العربية المجاورة يعني تدميرها مثلما هو تدمير لدول ومدن لا تبعد عنها سوى البعض من الكيلومترات والحال أيضاً بالنسبة لكوريا الشمالية إذا ما استخدمت السلاح النووي ضد كوريا الجنوبية فان المنطقة ستكون عرضة للدمار المادي والبشري وقد يضاهي قوة ونوعية عشرات المرات ما أحدثه السلاح النووي في أواخر الحرب العالمية الثانية في اليابان الذي مازالت آثاره باقية لحد هذه اللحظة، فمخاطر السلاح النووي لا تخص منطقة محددة مرسوم لها بدقة وقد يمتد لآلاف الكيلومترات مع تلوث واسع يمتد حتى للأنهار والبحار والجبال والأراضي الزراعية والبساتين والحيوانات حتى البرية من خلال انتشار الإشعاع النووي بعد عملية الانفجار في الجو، والإشعاع حالة فريدة خاصة بالأسلحة النووية يحدث إصابات قصيرة الأمد وأخرى طويلة الأمد" منها ما يخص أمراضاً سرطانية مختلفة وتشويهات تصيب الأطفال قبل ولادتهم من أمهاتهم ، ولهذا تعتبر جريمة التجربة الأولى في اليابان درساً بليغاً للبشرية جمعاء واعتبرت كل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بضرورة دعوة الدول جميعها إلى اتفاقية لحظر السلاح النووي وأشاروا " إنّ الأسلحة النووية تعزّز الأمن. ولكن لا يسع المرء في واقع الأمر وحقيقته أن يعتبر هذه الأسلحة، التي يمكن أن تعود على البشر كافةً بعواقب وخيمة ودائمة لا سابقة لهم بها، وسيلةً تحمي المدنيين أو البشرية جمعاء" فدعوى تعزّز الأمن هي بدعة للتهديد والابادة البشرية والعدوان وهي لا تحمي إلا البعض من الرؤوس التي تريد التحكم بشكل مطلق بالشعوب والدول دون استثناء، أما الملايين من البشر فهم معرضون لمخاطر الإبادة الجماعية خلال دقائق الانفجار ثم يتواصل التدمير إلى سنوات عديدة ومناطق بعيدة عن ساحة الانفجارات النووية، ولهذا نرى من الضروري التخلص من السلاح النووي بما فيه خير للعالم بجميع موجداته ومكوناته، ثم العمل من اجل خلو منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي ومنع الدول التي تسعي لامتلاكه بما فيها دولة إسرائيل. لكن لشديد الأسف مازال البعض يسعى لامتلاك هذه الآلة التدميرية وتكررت بمحاولات جديدة لامتلاك هذا السلاح الرهيب وآخرها إيران التي بدأت برنامجها النووي باتجاه تصنيع الصواريخ ثم الصواريخ البالستية والسعي لامتلاك السلاح النووي بذريعة الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية، فاذا ما دققنا سنجد التناقض ما بين الواقع والادعاء، فالذي يحاول الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية لا يحتاج إلى شراء أو تصنيع هذه الكميات الهائلة من السلاح الذي يرهق المواطن ويجعله يدفع ثمنه بطرق مختلفة، ولا إلى عشرات الآلاف من الصواريخ وبخاصة البعيدة المدى " البالستية " التي تستطيع حمل السلاح النووي لمسافات طويلة غير اعتيادية، لهذا فان الحجة لا تصمد أمام الوقائع وسعي إيران من خلال برنامجها النووي لامتلاك السلاح النووي وتصنيع الصواريخ البالستية للتوازن في الشرق الأوسط والتهديد غير المباشر لزعزعة السلم ووضع المنطقة على شفى حرب قد تطال العالم برمته هي الكارثة بعينها، ويتجلى ذلك بما يقوم به حكام إيران من عملية تصدير ما يسمى بالثورة والتدخل في شؤون البلدان الأخرى، أو التهديد بإزالة إسرائيل من الوجود بحجة تحرير فلسطين ودعم الشعب الفلسطيني !! أو ضرب المصالح الأمريكية حسب تقديرها في منطقة الخليج والمعني بها أكثر المنشآت البترولية وآبار النفط ومجمعات تحلية المياه المالحة وغيرها من المؤسسات التي تخدم الإنسان في منطقة الخليج وغيرها، وهذا التهديد يشمل دول أخرى بحجج مختلفة لكن جوهرها طائفي عدواني يستهدف دول المنطقة بأمنها وسلامة مواطنيها، ويهدف للتدخل في الشؤون الداخلية وتقديم الدعم اللوجستي للتنظيمات التي تمارس سياسة التطرف والعنف والإرهاب الطائفي، وهناك أدلة ملموسة عديدة على تدخلها في سوريا ولبنان والعراق واليمن ودول الخليج . بشكل عام يكمن خطر السعي للاستحواذ على السلاح النووي إن تمكنت منه لأنه سيكون الأداة العدوانية التي تهدد أمن وسلام المنطقة وبخاصة الدول العربية المجاورة ، ولا يحسب حكام إيران للشعوب الإيرانية حسابها في التنمية والتطور ورفع مستواها المعيشي والتخلص من أزماتها الاقتصادية بما فيها التضخم وفقدان التومان الإيراني قيمته الفعلية ووصوله إلى أدنى مستوى مع تهدد اقتصاد البلاد بالانهيار وحرمان الشعوب الإيرانية الكثير من القضايا الايجابية التي تحتاجها وفي مقدمتها التخلص من الفقر والبطالة وإيجاد فرص عمل وحل قضية حقوق القوميات وانتهاج سياسة داخلية تتركز على مبادئ الديمقراطية والحريات العامة والشخصية كما أنها تتركز على سياسة حسن التعاون المثمر واحترام حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهذا الطريق هو الأفضل من طريق التسلح وصناعة عشرات الآلاف من الصواريخ المتنوعة وتصديرها وكذلك تصدير السلاح والسعي لامتلاك السلاح النووي الذي سيكون وبالاً على الشعوب في المنطقة وفي مقدمتها الشعوب الإيرانية الصديقة المسالمة، ونرى وكل الحريصين على سلامة الشعب أن مصلحة إيران والشعب الإيراني لا تكمن في السلاح والحرب والتدخل بل في التعايش السلمي مع دول الجوار والعالم ، إن التخلص من سباق التسلح ومن الترسانة النووية سيبقى هاجساً متواصلاً عند الشعوب من اجل تحقيق السلم والأمان الدائمان في العالم أجمع
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وحش إرهابي ناعم يفتك في المجتمع العراقي
-
ويلات الحروب الداخلية والخارجية.. المثال الأمثل الموصل
-
نص.. في جعبتي يا أنت!
-
الخلاص من الطائفية طريق للتخلص من التخندق الطائفي
-
أملاك الدولة والأفراد ما بين الفرهود وعلي بابا والحواسم
-
الكرد الفيلية والحقوق المغدورة للقوميات الأخرى
-
إرهاب داعش يجعل الموصل بلا حدباء
-
البحث في الرحلة
-
الخلافات حول الاستفتاء في إقليم كردستان العراق
-
أنا العراق المرْتقب
-
جريمة السكوت عن مسببي سقوط الموصل وضحايا سبايكر والأزيديين
-
تجربة الصحوات والانتصار العسكري على داعش
-
عودة نوتة الإلحاد النشاز على ألسنة أعداء التقدم والحرية
-
العراق مسرح للتدخل والحروب والسياسات القمعية
-
حلمتُ.... جيكور
-
شظايا أم
-
فضائح زوار ما بعد منتصف الليل
-
تداعيات الاستفتاء في إقليم كردستان العراق
-
مخاطر استمرار داعش بعد الهزيمة
-
هجوم رجعي هدفه الديمقراطية ومستقبل العراق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|