|
الملك يعفي مجموعة من الوزراء
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5594 - 2017 / 7 / 28 - 23:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع تفاقم مشكلة الريف وبالأخص في مدينة الحسيمة ، بدأت العديد من المواقع الالكترونية ، تروج لحملة تطهيرية ، سيقوم بها الملك إزاء مجموعة من الوزراء ، الذين فشلوا في مأموريتهم ، بسبب التهاون ، او التقصير، او بسبب الفساد ، او لأسباب أخرى متداخلة مع الأسباب أعلاه . فهل من شماعة تلصق بها أحداث الحسيمة ، التي لا تزال تفعل فعلتها منذ أكثر من تسعة أشهر ، مع العلم ان المسؤول المباشر عن كل ما حصل ، يبقى الملك باعتباره رئيس السلطة التنفيذية الحكومية ، وليس الوزراء الذين لا سلطة لهم خارج سلطة القصر . وبالرجوع إلى الدستور الأخير لسنة 2011 ، تتضح هذه الحقيقة التي تجعل من الوزارة الأولى ، مجرد غرفة للتصديق على كل ما يأتي من القصر مباشرة او بموافقته ، من قرارات تهم المشروعات الكبرى ، وتهم أعمال السيادة . ولي أن أتساءل بعد كل هذه الإشاعات ، التي ربما تروم إلى تهريب مسؤولية الملك كأعلى سلطة سياسية ، وإلصاق الفشل ببعض الوزراء ، كشماعة تمرر عليها الأزمة ، عن كيفية توصل هذه المواقع ، إلى هذه الأخبار بإعفاء الوزراء . وهل الملك من خلال صديقه ، ومستشاره فؤاد الهمة ، قد يكون هو من يقف وراء التسريب ، الذي يريد بث الخلط ، وتضبيب الرؤية ، ورمي الفشل إلى طرف لا يملك من القرارات والسلطة غير الاسم . إذا عدنا الى التشكيلة الحكومية ، سنجد أنها تتعارض مع الهدف المتوخى من الانتخابات . فإذا كان الدستور ينُصُّ على أن الحزب الفائز بأغلبية المقاعد البرلمانية ، هو المؤهل لتشكل الحكومة ، فان التقطيع الانتخابي ، والقانون الانتخابي كذلك ، بالرغم انه لا ولن يسمح لهذه الحزب بتشكيل الحكومة لوحده ، فهو يكون مضطرا للدخول في تحالفات سياسية مع الأحزاب الأخرى ، لتشكيل الحكومة . وفي الحالة المغربية ، فان التفاوض بين الأحزاب ، لا يكون من اجل البرنامج الحكومي ، لأن البرنامج الذي يُطبق ، هو برنامج القصر . وقد سبق للملك ان صادق على البرنامج الحكومي لسنة 2017 ، في 26 شتنبر 2016 أي ، قبل الانتخابات التي دخلها كل حزب ببرنامجه ، لكن بعد انتهاء العملية الانتخابية ، وجد الجميع أنفسهم يطبقون برنامج الملك ، لا برنامج الأحزاب التي تقدمت بها الى الانتخابات . لذا فالتفاوض بين الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات ، وبين غيره من الأحزاب الأخرى ، تدور في العرف المغربي ، حول المقاعد الوزارية ، ونوع الوزارات التي يطمح كل حزب الظفر بها ، لتنفيذ برنامج الملك ، لا برنامج الحكومة التي تتنافس أحزابها الظفر بهذا الشرف ، شرف تنفيذ برنامج القصر . لكن هل التشكيلة الحكومية ترتبط فعلا بنتائج الانتخابات ، وبعدد المقاعد التي يكون كل حزب قد حصدها من هذه الانتخابات ؟ إذا عدنا إلى كل الطرق التي تشكلت بها الحكومات السابقة ، وهنا أتحدث عن ما بعد تعديل الدستور في سنة 2011 ، فإننا سنجد ان الحكومة ، يتشكل وزراءها ، من الأحزاب التي شاركت في الانتخابات ، كما يمكن ان ينضم إليها أحزاب لم تحصل ولو على مقعد واحد بعد الإعلان عن النتائج . لكن الغريب ان عددا من الوزراء ، يتم تعيينهم بالحكومة ، بالرغم من أنهم لا ينتمون إلى الأحزاب ، وبالرغم من أنهم لم يشاركوا في الانتخابات ، بل إننا سنجد ان عددهم ، أكثر بكثير من وزراء الأحزاب التي شاركت في الانتخابات . وهنا سنجد ، انه بالرغم من ان وزراء الأحزاب ، يمكن القول مجازا ، ان لهم مشروعية شعبية استمدوها من الانتخابات ، أي صوت عليهم الناخبون ، فان الجاري به العمل ، هو وجود تمييز ، وربما نوعا من الحگرة ، بين هؤلاء المنتمين سياسيا ، وبين الوزراء غير المنتمين سياسيا لأي حزب ، ويستمدون مشروعيتهم من الملك الذي عينهم ، ومن نوع الوزارات التي يشرفون عليها ، والتي توصف بوزارات السيادة ، ووزراءها يطلق عليهم في العرف المخزني المؤطر بالتقاليد المرعية ، بخدام الدولة الذين هم دائما فوق القانون . ان بعض الوزارات مثل الداخلية التي تتبعها شكليا اليوم ، الأجهزة الأمنية المدنية ، تخضع للملك مباشرة من خلال خضوعها لصديقه ومستشاره فؤاد الهمة . كما ان التعيين في هذه الوزارة ، من ولاة ، وعمال ، ومدراء عامين ، ومدراء ، يتولاها القصر ، وليس الحكومة التي تكتفي بالتصديق على كل ما جاء من تعيينات ، وليس اقتراحات من الديوان الملكي . ان نفس الشيء يلاحظ بالنسبة لوزير الخارجية ، إذا كان ينتمي الى حزب كصلاح الدين مزوار . ان الوزير هنا ، يفتقد لكل سلطات تعيين السفراء ، التي يرجع تعيينهم الى القصر ، خاصة بالنسبة لبعض السفارات ، كباريس ، وواشنطن ، ولندن ، والرياض ، ومدريد ، برلين ، نواكشوط ، الجزائر ... الخ . إذا كانت هذه هي الحقيقة في من يحكم ، فهل من الجائز والعدل ، تحميل وزراء مسؤولية فشل انجازات الحسيمة ، ومسؤولية كل المشاريع التي فشلت عبر كل التراب الوطني ، في حين أن وجودهم بالوزارة ، هو مجرد ديكور لتزيين الواجهة لذا الدول المانحة ؟ لقد اعتبرت الملك كرئيس للجهاز التنفيذي الحكومي مسؤولا ، لأنه بالرجوع الى ظهير 1977 الخاص بالعمال ، سنجد ان الظهير ، يعتبر العامل ممثلا للملك بالإقليم وبالعمالة . والظهير هنا يتلكم عن العامل ، وليس عن الوالي . وبالرجوع الى التعديل الدستوري الذي أُدخل على الدستور في سنة 1996 ، سنجد ان الدستور ، وحتى بعد التعديل الذي عرفه في سنة 2011 ، يتحدث عن العامل ، ولا يتحدث عن الوالي ، ويعتبره ليس ممثلا للملك فقط ، بل يعتبره ممثلا للدولة المغربية . وهنا مكمن الخطورة ، لان الدولة في المصطلح السياسي التقليدي المخزني ، تعني العائلة الحاكمة ، ولا تعني الشعب المحكوم الذي يتكون من إثْنيات مختلفة . فالدولة بهذا المفهوم تختلف عن الدولة في القانون الدولي التي هي دولة الشعب . لذا فحين كانت تسقط الدولة في المغرب ، كانت تسقط العائلة ، ولتأتي على أنقاضها دولة أخرى ، تنتمي إلى عائلة أخرى وهكذا . ان العامل الممثل الشخصي للملك حسب ظهير 1977 ، وممثل الدولة المغربية حسب دستور 1966 و 2011 ، هو يتبع الملك مباشرة ، من خلال وزير الداخلية الذي يختاره الملك ، ويعينه الملك ، والذي يخضع لسلطة الملك ، لا لسلطة الوزير الأول ، خاصة إذا كان من طينة عبدالرحمان اليوسفي ، وعبدالاله بنكيران ، وسعد الدين العثماني . ومما يؤكد ، ويدلل على الطابع المخزني القح لوزارة الداخلية ، وحرصها على التقيد بالأعراف ، وبالتقاليد المخزنية المرعية ، واعتبار خدامها ، خداما للقصر لا غير ، وجود بعض الوظائف الاركاييكية ، التي لا وجود لها إلاّ في المغرب المخزني ، وهي التي تضفي على النظام الاوليغارشي ، الثيوقراطي هِبَةٌ تقليدانية ضاربة في جهل الشعب ، وتجعله بذلك ، اي النظام متميزا عن غيره من الأنظمة السياسية في العالم . فوظيفة جاري التي تم حذفها ، ومقدم ، وشيخ ، وخليفة قروي ، وخليفة قايد ، وباشا قايد ، وباشا ، ورئيس دائرة الذي كان يسمى بقياد ممتاز ، ثم الدور الأساسي الذي تضطلع به الوزارة أثناء أداء شعائر البيعة ، سواء تلك التي تتم عند حلول ذكرى جلوس الملك على كرسي الحكم ، او عند انعقاد الدورة البرلمانية في كل جمعة ثانية من كل شهر أكتوبر ، او عندما تُجيّش العامة ، ضد شخص ، كبن كيران في الدارالبيضاء ، وبانكيمون في الرباط ، وضد جييل بيرو صاحب كتاب " صديقنا الملك " .... الخ كل هذا يجعل القصر من خلال الملك الذي هو الرئيس الفعلي لوزير الداخلية ، ومن خلال ولاته وعماله ، المسؤول الرئيسي عن التعطيل ، او التراخي ، او التقصير ، او التبذير ، او الفشل الذي أصاب المشروعات ، التي لم تراوح مكانتها منذ تدشينها من طرف الملك نفسه . ان العامل ممثل الملك حسب ظهير 1977 ، وممثل الدولة العلوية حسب دستور 1966 و 2011 ، هو المسؤول عن كل ما يجري ويحصل بالإقليم ، او العمالة التي يوجد على رأسها . ان العامل هو الرئيس الفعلي لكل المديريات الجهوية للوزارات بالإقليم ، وبالعمالة ، ومن ثم فان دوره في نجاح ، او فشل انجاز اي مشروع ، واضح ولا غبار عليه . ان العامل مجبر وملزم ، بتتبع كل الانجازات ، وكل المشاريع التي تتم بأموال الشعب ، في الإقليم او العاملة التي يوجد على رأسها ، من بداية المشروع الى نهايته ، مثل تزفيت الطرق ، والأزقة ، والشوارع ، وبناء القناطر وإصلاحها ، والمركبات الرياضية ، والمحطات الطرقية ... الخ ا ن أي فشل بسبب الغش ، او الاختلاسات لأموال المشاريع ، يتحملها العامل ، ومن بعده يتحملها وزير الداخلية ، ويتحملها الملك الذي يتبعه مباشرة العمال ، والولاة ، ويتبع إليه وزير الداخلية . أما إلصاق تهمة الفشل ببعض الوزراء المغلوب على أمرهم ، لتهريب مسؤولية الملك ، ومن خلاله تهريب مسؤولية وزير الداخلية ، والولاة ، والعمال ، سيكون بمن يشاهد الحقيقية بالعين المجردة ، لكن يتهرب من مواجهتها ، لأن الحقيقة دائما صادمة ، ولا يقوى عليها إلاّ العصاميون والجرّيئون . ان المدخل الأساسي لتفادي مثل هذا الخلط في تحديد المسؤولية ، هو ربطها بالمحاسبة ، وبدولة الحق والقانون . فبدون نظام ديمقراطي حقيقي ، يحدد السلطات ، ويرتب المسؤوليات ، فان اي محاولة للالتفاف على الأزمة المستشرية بالريف ، وبعموم المغرب ، لن تجدي شيئا ولا نفعا ، وستؤجل الصراع الى الأمد المتوسط ، ان لم يكن الأمد القريب .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بخصوص الدعوة الى مسيرة 30 يوليو
-
إستمراء كل الشقاوات والعذابات في انتظار اليوم الموعود
-
واخيرا تأكد ما توقعناه باعتقال وسجن المدون حسام تيمور -- بين
...
-
بين تصريحات سعيد شعو للقضاء الهولندي وجريمة سحل وتشويه الزفز
...
-
إسْحلْ اتشويه ابناء الشعب -- في المغرب الجميل
-
ملك المغرب محمد السادس جد قلق وجد منزعج
-
الوضع بالصحراء اضحى اكثر من خطير
-
النقد والنقد الذاتي : لماذا ترفضهما نخبنا ؟
-
سيادة قطر في الميزان
-
حدود العلاقة بين السياسي والمثقف
-
تقرير تحليلي -- حراك الريف يعري هشاشة الانفتاح الديمقراطي ال
...
-
تحليل لعبة الانتخابات بالمغرب
-
الحق في الإختلاف
-
لتفادي السكتة الدماغية بالمغرب
-
وحدة الشعب ووحدة الارض -- المغرب الكبير --
-
عقد البيعة والدستور . اين تتجسد مشروعية الملك عند ممارسته ال
...
-
حتى لا ننخدع : هل جبهة البوليساريو منظمة ثورية واشتراكية ؟
-
بعد الآن هل لا يزال من يشكك في المغربية الصحراء
-
حين يتم تحويل الهزيمة الى نصر . قرار مجلس الامن 2351 حول مغر
...
-
بيان مناضلين بجيش التحرير والمقاومة المغربية حول مغربية الصح
...
المزيد.....
-
محادثات أولية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة ومبعوث ترامب يتوج
...
-
الاحتلال يصعد عدوانه على الضفة ويهجر آلاف العائلات بجنين وطو
...
-
الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا
...
-
-ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي..
...
-
الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
-
إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
-
أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك
...
-
سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو
...
-
حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر
...
-
مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|