|
عادي
فاطمة بوزيان
الحوار المتمدن-العدد: 1454 - 2006 / 2 / 7 - 12:01
المحور:
الادب والفن
يوم استثنائي انظر اليه يتكلم، يخيل الي اني اليوم اسمع بعيني، الا تتكلم العيون ما الذي يمنع ان تسمع حديث رجل استنائي هكذا؟ !..هاتفه الصغير، الصغير جدا بشكله اللوزي يشد انتباهي، حاسوبه الشخصي في حجم حقيبة يدي، نظارته الشمسية بعدة الوان حسب الاضاءة ،اكسسوارت رائعةترفع من درجة استثائيته، احسه يشبه الرجل الذي بدأت أشيده بداخلي قطعة، قطعة،من كل ماأعجبني فيما مارأيت وتخيلت من رجال، منذ خالط ذلك السيل الهرموني الحارق دمي، هاهو الان يجلس قبالتي، القميص الشيك نفسه الذي كنت ألبسه له في خيالي، من وحي اقمصة كثيرة رأيتهافي مجلات النجوم، الشفاه نفسها التي استعرتها من توم كروز، القامة التي استنسختها من مطرب مشهور...العيون التي سرقت رسمها من مذيع نسيت اسمه ولم انس عيناه..الكلام المتعدد اللغات الذي يشبه سلطة جميلة شهية..أ تكىء على المائدة بيدي ويتكىء وجهي على يدي...لم اتوقع أن يكتمل ويكون هنا جالسا قبالتي اسود الشعرمثلي، ، مع ذلك مختلف ، مختلف تماما، تماما ..أ ستمع اليه أفكاره التي تطير بحرية تطيرني عاليا...رجل استثنائي ،اقول لي طبعا لانه عاش في أروبا..أ ضغط على عينيه بنظراتي فأحسها تستولجني الى قلبه كانها رابط الكتروني ينقلك لصفحة من نقرة واحدة ،وينفتح أمامي قلبه رابط آخريقود الى قلبي،قلبي الذي انتظره طويلا ..طويلا..عنكبوتي الجميل دعني أتأرجح في شباكك يالها من شباك !!.. العصري عصري في كل شيء من رأسه الى ساسه مودرن..حذائه، لغته، حاسوبه، هاتفه ،افكاره ،لفتاته..اهدد نفسي الامارة بحب الأدب سأهجر ذلك الشعر المشبع بالرثاء ،وتلك القصص المترهلة بالحزن،وأحفظ كلماته الجديدة لوجسيل، غوغل، ماسنجر... احسها غريبة فوق لساني ، لكني سأقصه ان لم يحفظها ، انطقها بداخلي كلما سمعتها منه ،اظلني ارددها في صمتي كي احفظها لو جسيل ..غوغل ...ويب..ماكروسوفت.. قلت له : -أناأ يضا أستمعل البريد الالكتروني ابتسم .. حدثني عن تقنيات كثيرة للتواصل السريع .. لا أفهم الكثير من كلامه لكنى كنت أحرك له رأسي موافقه.. صحيح كنت لاأوافق على ما لاأفهمه لكني ساتغير من أجل هذا الرجل الاستثنائي، هو يستحق أن أهجر تلك القناعات التي لم تورثني غير الحزن والانتظار، أنا بنت اليوم ، اليوم ولدت، لم يكن ثمة قبل..هو يتكلم يحق له ان يتكلم، أنا أنصت ما لدي من كلام قديم ،هو يقول الذكورة هرمون، و الأنوثة هرمون والجنس تفاعل أنظمة هرمونية، والحب خرافة، والزواج شركة تحتاج رأسمال وتأمين...هو يتكلم، يتكلم ...وانا ابتسم، ابتسم... يوم آخر كنت رشفت من فنجاني حين تلفظ ببرجه، فامطرانفجارضحكي رذاذا اسودا على الطاولة البيضاء، البيضاء تماما، كيف لرجل اي رجل أن يكون من برج العذراء؟..وهو ليس أي رجل ،للتو كان يتحدث عن مغامرات تفوق خيال تلك القنوات التي.....والافلام التي.. ... للتوكان حديثه يفيض بغزوات و اجساد و نهود وضمأ وارتواء ، خليق به أن يكون من برج الثور،برج الأسد،برج الفيل ،مسحت رضابي بخجل وانتبهت اني مع ذلك لست منزعجة من كل الاسماء النسائية الكثيرة التي تترادف على لسانه ،مع اني في المعتاد غيورة واكره الرجال الذي يتباهون بمغامراتهم..انتبهت اني كنت احرك راسي كأني موافقة، سعيدة، مرتاحة مرتاحة جداااااااا ،احيانا حين يعتذر عن استرساله في تلك التفاصيل كنت اردد له بوداعة
-عادي، عادي جدا فيتشجع اكثر فأكثر، ويتدفق اكثر فاكثر، لماذا ابدو غفورة، متفهمة، متسامحة الى هذا الحد؟ هل هذا مايسمى حوار الحضارات؟ ، هل هذه هي العولمة ؟..ياه كم لديه من قصص !! كم يتحدث عنهن باحترام ، بلغة مهذبة وهن في اقصى العري، في اقصى السكر،اقصى العربدة، يعبرن في حديثه نساء جميلات وديعات.. -نتقاسم الجسد،الجسد حوارممتع كم جميل حياده وتفهمه.. .أ حس حياتي ظمأ كبير،جفاف لاتفاصيل شيقة، ساخنة،فيها.. حين فاجئني بسؤاله ازددت خجلا، قلت له أحببت مرة واحدة أيام الجامعة زميلي، لا، ليس بذلك الشكل ،كنا نتبادل البوح، واشعار نزار والاحلام ،حين سحبنا شهاداتنا العقيمة انسحب كل منا من حياة الاخر ..اعرف انك لاتحب هذه القصص الجافة القصيرة،الباردة ،افهم ذلك، لكنني لا استطيع ان اختلق لك قصصا ساخنة، انت ترى هنا ليس هناك،وهذا كنت اعتبره سرا خطيرا ،لاتضحك رجاء، لاتضحك ، صدق، حين كانت زميلاتي يتحدثن عن قصصهن في امسيات الحي الجامعي كنت اطبق على شفاهي واحلف ان لااروي لهن شيئا حين يفاجئنني بسؤال يكون جوابه تلك التجربة ..ليس كل الناس يفهمون مثلك تلك المشاعر والرغبات..انت تعلم هنا ليس هناك...
هو يحرك رأسه، حركة خفيفة تشجعني على الا سترسال، حين ترتبك كلماتي في الخجل ييتسم، ابتسامته الجميلة احسها تقول لي بوداعة - عادي، عادي جدا ...
يوم فارغ احتسي قهوتي المرة ، لاسكر امامي اضيفه، والكرسي الذي قبالتي فارغ،احسني فارغة ايضا ... الطبيعة لاتقبل الفراغ ،مؤكد..افكر في برج العذراء.. لا اصدق انه كان هو، وضع الفنجان على الطاولة، اخرج الخاتم من اصبعه ،وضعه جنب الفنجان، اعطى النادل حسابه، حمل هانفه اللوزي الصغير ،حاسوبه الشخصي الذي في حجم حقيبة يدي -تزوجي زميلك اذن قالها وانصرف.. لاتكشفي اوراقك العاطفية لرجل اي رجل. الصمت ذهب، الكلام قصدير. "إن الوضوح جريمة" "غموضاً... حيث الغموض أن تحيا اين قرات ذلك؟ في كتاب، في قصة، في وصية ام لابنتها، في ثرثرة نسائية بحمام ما...،ثمة حكم في الكثير من القصص والشعرو الكتب كيف لم انتبه..تبا ،هذا الرجل شعره اسود ماذا يمنع ان تكون افكاره ايضا سوداء ؟كيف لم انتبه؟ يوم عادي افرغ من اعماقي خيبتي الشاسعة، افرغ من قلبي الرجل الذي منذ ان خالط ذلك السيل الهرموني الحارق دمي شيدته، هناك ،قطعة، قطعة ، افكرفي برج العذراء..الرجل العادي جدا في كلامه وثيابه وحذائه لاتخلو تعابيره من الفاظ غليظة - انا كنت واعر،عرفت بنات بزاااااااااااف ،البنات اللي ماعندهم عقل ماكاين غير هما...فهاد البلاد أكره الاشياء العادية من الطحين العادي، الى الحب العادي اردد داخلي - حبك هادي، حبك عادي، انا ملت الحب العادي،، ، افهم اغنية لطيفة جيدا اللحظة،وسياقهاربما يشبه سياقي،هو بشكل هادىء. يروي تلك القصص بالتفاصيل ذاتها..لاشيء فيها يكسر افق انتظاري.. يتسرب الي الضجر.. لااحرك راسي بالموافقة ولا الرفض حين سينتهي ساقول له بغباء -عادي ،عادي جدا بالنسبة لاي رجل... انا؟ لا،لا ، رجاء هذه اهانة، انا كنت مشغولة بالدارسة والعمل ومسؤولياتي كانت كثيرة ماذا تظن ؟ لا،لا ، انا امنحك هذا الفرصة لانك تبدو محترما ورجاء علي ان اغادر..ليس من عادتي التاخر خارج البيت ، ثم لااحب الجلوس في المقاهي ..ها انت تعرفت الي ومن يريدني يدق الباب ساقولها بشكل حاسم وصارم وبلا تردد وانصرف وانتظر يوم شهرسنة أبواب مفتوحة نوافذ مفتوحة ... أبواب مغلقة نوافذ مغلقة ... وأنا خلف الشمس خلف القمر أنتظر"
قصيدة/لوحة (انتظار) ص 98 من ديوان نساء يسقين الجثث لطارق حربي
#فاطمة_بوزيان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المكان من افتراضات الابداع الورقي الى افتراضات الابداع الرقم
...
-
بريد الكتروني
-
réseauالصعود الى
-
rabatليالي االأنس في
-
التنوع الثقافي وخطرالاستنساخ
-
لماذا نفشل في علاقات الحب؟
المزيد.....
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|