احمد حامد
الحوار المتمدن-العدد: 5593 - 2017 / 7 / 27 - 12:11
المحور:
الادب والفن
قبل طلوع الشمس فتحت عينيها دون ان تحرك جسدها وبقيت ممدة في فراشها واكتفت بالتحديق بسقف المنزل
في تلك اللحظة فقط اكتشفت بانها ميتة .!
كانت تنام باكرا وتستيقظ باكرا تقسم وقتها بشكل دقيق جدا وكأنها آلة , تذهب صباحا للعمل بزيها الرسمي الخالي من الاناقة وتستمر بالعمل بجدية وبتفاني حتى إنها في بعض الاحيان تقوم باعمال غيرها فقط لانها تحب ان تعمل .
الجميع يقول بانها ناجحة , الجميع يصفها بانها امرأة بمئة رجل , الجميع يرون عملها ويعجبون بتفانيها ولكن لا احد ينظر لوجهها الذي عبث بتفاصيله الزمن لا احد فتح باب قلبها ليلقي نظرة على كومة المشاعر المركونة في زاوية مظلمة تغطيها طبقة من تراب النسيان , هي نفسها نسيت ان تنظر لداخلها نسيت ان تلتفت لما تركته خلفها من لحظات ذهبت ولن تعود .
كانت ناجحة ومميزة بعملها فعلا لكنها فشلت في ان تكون انثى , فشلت في ان تعيش سنين عمرها كما اراد الله لها ان تعيش فكثيرا ما كانت تجلس بمفردها وتبعثر في مخيلتها الساعات وتقسمها لدقائق ولحظات , تلك الساعة لادارة المكتب وتلك لجودة العمل وتلك الاخرى لطباعة المخاطبات الرسمية وبعض اللحظات لمراقبة فريق العمل , لكنها دائما ما كانت تنسى ان تخصص وقتا لنفسها .. وقتا لتحيا كما البشر , تتمتع , تلهو , تغني او حتى ترقص .
ما ان رن منبه الساعة وحان وقت العمل ذهبت مهرولة لنافذتها ليقع نظرها على جارتها التي تودع اطفالها وهم يستقلون حافلة المدرسة , هنا انهارت وانفجرت باكية فقد انتبهت لنفسها تقف وحيدة بين جدران غرفتها لا يؤنسها عمل ولا ارباب العمل ولم تحتضنها نجاحاتها او تداعب انوثتها شهادات التقدير .
سيدتي : ان تكوني ناجحة ومؤثرة في المجتمع وسيدة مرموقة لا يعني ان تقتلي تلك الانثى في داخلك .
#احمد_حامد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟