نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 5592 - 2017 / 7 / 26 - 19:20
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
خطا نحو البيت بسرعة و لهفة، هناك تقبع بندقية ُ جده في ركن ما من غرفة الخزين، صامتة ً منذ أن غادر صاحبها الدنيا. مهباشُ قهوتِه لا يغني دقَّ حبوبها، و صاجُه العتيق لم يعد يشويها منذ ذلك الحين.
قيل َ له أن تاجر تُحف ٍ في المدينة ِ يبحثُ عن بنادق و أسلحة تقليدية ليبيعها للأثرياء بأثمان ٍ باهظة. قيل له أيضا ً أنهم يعلقون مثيلاتها في صالوناتهم أو في ردهات منازلهم، إذا ً قد يطيب للتاجر أن يشتري المهباش أيضاً، سيدفع ُ بلا شك َّ ثمنا ً كبيرا ً فيه، أين تجد مهباشا ً عمره أكثر من 100 عام هذه الأيام؟ و بندقية ً عمرها أكثر من ثلاثة أجيال ٍ مجتمعة؟
اقتحم َ غرفة الخزين، ضغط بإصبعِه على زر الكهرباء.
ما زالت الغرفة ُ معتمة، تبَّا ً، احترقت اللمبة، أف ف ف ف ف ف ف، يلعن أبو هلحظ الزفت
- صبحا، وين اللوكس؟
- شو بددك باللوكس هسا؟
- بقلك وينو من غير كوثور أسئلة!
- هيو عندك في الجارور
- أياهم؟
- واحد منهم افتح و دور
انقض َّ على الجوارير يفتحها و يحرِّك محتوياتها و هو يجُّسها، فينحيها، و يُكمل، حتى نحاها جميعا ً، و لم يجده.
- بقلك وينو؟
- تفظظل كان بغرفة جدك، بجارور القديم!
قالت و هي تمدُّ يدها باللوكس المعدني الثقيل، هذا المصباح الذي يعمل بالبطاريات و الذي لم يكن يفارق يد جدِّه و هو يخرج في الليل، و بارودته على كتفه.
أمسك به فأحسَّ بمسِّ كهرباء، شدَّته الذكرى إلى بعيد، تمثَّل جدُّه أمامه واقفاً، كان جمبازه الأبيض يشهدُ على طيبة قلبه، و عقاله الصلب تجسيداً لشهامته التي تتوج ُ رأسه، تحرك َ فيه شئٌ ظنَّه قد مات منذ زمن.
- اطلعيلي المهباش و الصاج من المخزن، بدي أحمِّص قهوة، مشتهي قهوة.
قالها، و قد تبخرت من رأسه شهوة البيع، طردها عبيرٌ قديم كان يشتمهُ من ثياب جدِّه، و شعر أن يده تريدُ أن تقبض على بندقية.
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟