أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رولا حسينات - الحب وأزمة عنق الزجاجة














المزيد.....


الحب وأزمة عنق الزجاجة


رولا حسينات
(Rula Hessinat)


الحوار المتمدن-العدد: 5589 - 2017 / 7 / 23 - 23:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحب وأزمة عنق الزجاجة
لم أكن أعرف يوما أن أبي يحب أمي ...فلم ألحظ بينهما نظرة محبة أو ما يخفى علينا من كلام الحب ولم أشهد يوما هدية ملفوفة بورق السلفان أو شريطا حريريا حول باقة من الورود التي تفوح عطرا وتلهب بحمرتها الحواس...
لم أعرف سوى الكثير من الأكياس المليئة بالفواكه والخضراوات، والكثير من الحاجيات للمنزل...
وكنت أدرك أن أبي لا يستطيع أن يرفض لأمي كلمة بأمر يخص بيتنا الصغير، و يسارع في تنفيذه رغم مسلسل الدراما اليومي الرافض لذلك، والتهم التي تلقى من الطرفين بتشدد الطرف الأخر أو تراخيه...ولكن النهاية تكون بتلبية المطلوب ...
لم يكن هناك حسابات مختلطة، فكل منهما يعرف ما له، وما عليه، وأن مالية الأسرة كانت بيد أمي تراعي فيها شؤون البيت، وشؤون أبي، وشؤوننا دون أن ينقص منها ولو الشيء اليسير، وكل منهما يعمل بجد من أجل الأسرة الصغيرة، إيمانهما بأن عليهما أن يقدما أفضل حياة ممكنة ضمن الظروف المعيشية التي لن يرتفع سقفها إلا بالأساطير، لكن يمكنهما الإبقاء على رفاهية العيش ضمن الواقع مع تعليم جيد وكسوة نظيفة ومرتبة، وظهور لائق أمام الأقارب، مع سياسية الإقلال من الزيارات والتركيز على لحمة البيت الداخلي، ورفض إطلاع الآخرين على المشاكل العالقة كفقاقيع الصابون، التي ما تلبث أن تزول دون أن نلحظ أيٍّ مناقشة أو شجار لحلها، كان الكثير منها يزول بتغيب عفوي منهما، وكأن الأيام والسنوات كفيلة بأن تحلَّ كل شيء، وأن الأهم في منهجهما هو الأسرة، والحب بتعريفهما: تحقيق ما حلما به من نجاح لأولادهم.
الحب الذي وجدتهما يعيشان فيه من نوع آخر ليس فيه علاقة حميمية تنتهي بفراق أزلي، وليس حبا جسديا ينتهي بزوال الشهوة بينهما، وليس حبا ماديا قائما على تقديم الهدايا الثمينة...إنه حب يفتت الصخر...
الحب الذي اجتهدا في زرعه فينا، أن نعطي، وأن نرقى بأخلاقنا، و أن نترفع عن الترهات وعن المستنقعات التي لا يمكن لأحد الخروج منها، دون أن تترك أثرا عالقا في الجسد، والنفس علمانا أن الحب تضحية وإيثار وأن لا ينتظر الواحد فينا الأخر ليبادر، فتكون المبادرة من كليهما...
فكان الحب الذي يفتت الصخر لرؤيتهما معا في كبرهما يتوكأ أحدهما على الآخر وأحدهما يمسح حزن الآخر وألمه... و يقشر عنه فواتير الكبر وسقمه.
إنه الحب الذي لا يمكن أن ينتهي بمجرد كلمة أو خسارة أو ارتباط هش قد ينتهي بطلاق في سن مبكرة...
إن ما أفرط المجتمع في إفساده هو عدم تعليم الفتاة أو الشاب المقبل على الزواج القدرة على احتمال الآخر، وهذه القدرة لا تأتي بين يوم وليلة، بل هي في المنهج التربوي داخل مؤسسة الأسرة، وهو المنهج الذي يقوم على احترام الأخر فكرا وحوارا وتعاملا، وهو المنهج الذي يلبي احتياجات المرء للتقدير من خلال هرم ماسلو للاحتياجات...
وهذه الاحتياجات لا يمكن لأي فرد في المجتمع تحقيقها دون أن يكون متفاعلا مع الآخرين ضمن أي منظومة مجتمعية، وهذا الذي بالضرورة أدى إلى انتهاج منهج العنف، وأحادية التفكير، والاتجاه الواحد في الرأي دون أن يكون هناك مفهوم الرأي الآخر...
إن عدم القدرة على احتواء المشاكل مهما كان حجمها، وعدم القدرة على حلها، واللجوء إلى الطرف الثالث في حلها والذي ليس له مصلحة في حلها، مما يؤدي إلى أزمة عنق الزجاجة.
...ناهيك عن عدم الإيمان بالمصلحة العامة، وعدم فهم المسؤولية بتعريفها، وبممارستها، وأن كل منهما مسؤول، ومسؤول وفق حقوق، وواجبات، وخطوط عريضة، وخطوط دقيقة ومسؤولية متكاملة تسعى لهدف واحد، وهو الهدف العام الذي من أهم مقوماته: نجاح المنظمة الأسرية ...
إن مفهوم الحب والعشق والشهوانية التي دارت حولها قصص الحب، ومغامرات الغرام لم تبتعد عن الجسد، وقضاء الوطر وإن انتهى كل من مكمليّ المعادلة الأسرية من ذلك، خبت نار الحب وانطفأت لاقترانه بعامل واحد وهو تحقيق الرغبة، بإغفال الروحانية التي هي الخلطة السرية لنجاح أي علاقة أسرية، كان هدفها مصلحة الأسرة، ونجاح الزوجيين في ذلك نابع من إيمانهما المطلق بأن عليهما عاتق إنجاحها بعيدا عن صور الأنانية، والفراغ الروحي، والديني، ومنطق المعاملة غير السوية.



#رولا_حسينات (هاشتاغ)       Rula_Hessinat#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غياب
- الأسطر البيضاء
- قطر وانقسام الخليج على نفسه
- قسمة ونصيب
- في فن إبراهيم السيد طه القصصي
- سلوك الفرجة
- رتوش نقدية
- الحارطة الذهنية والسلوكية
- الشاهد الصامت ...قصة قصيرة
- العفيفي ومبادرة جمعية إصلاح الخارجين من السجون....
- الحرب على التطرف وفق آلية الإقناع
- مبادرة الكاتبة الأردنية رولا حسينات #غرد داخل السرب # معاً ض ...
- حوادث الطرق ومصيدة الموت
- القمة العربية وغرغرينا أحلام الشعوب
- أحلام والسبات البرلماني الأردني
- الأبرتايد بين خلف والدقامسة
- السحر الأسود وبيع المناصب
- مسابقة الأديبة القاصة رولا حسينات الأولى في القصة القصيرة لل ...
- أحبك ولكن
- المديونية الأردنية ..والمصباح السحري


المزيد.....




- مثل -عائلة جتسون-.. هل نستخدم التاكسي الطائر قريبًا؟
- رجل يمشي حرًا بعد قضاء قرابة 30 عامًا في السجن لجريمة لم يرت ...
- آبل تراهن على هاتف آيفون جديد بمزايا ذكاء اصطناعي وبتكلفة أق ...
- روبيو: لقاء بوتين وترامب مرهون بتقدم المحادثات حول أوكرانيا ...
- نتنياهو يتوعد حماس ويطلق عملية عسكرية مكثفة بالضفة الغربية
- طهران: -الوعد الصادق 3- ستنفذ بالوقت المناسب وسندمر إسرائيل ...
- -أكسيوس-: واشنطن قدمت لكييف مسودة -محسنة- لاتفاقية المعادن
- الاتحاد الأوروبي يهدد مولدوفا بوقف المساعدات المالية
- للمرة الأولى.. المحكمة العليا بأوكرانيا تقضي ببطلان عقوبات ف ...
- -حماس- تعلق على هوية -الجثة الغامضة-


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رولا حسينات - الحب وأزمة عنق الزجاجة