|
مِعجَنَةُ سراب !
يحيى علوان
الحوار المتمدن-العدد: 5589 - 2017 / 7 / 23 - 12:37
المحور:
الادب والفن
هو ذا سيزيف ، لم ينتصر(1)،هَزُلَتْ مفاصِلُ صَبرِه .. هو ذا يتشوَّقُ منذُ آبد الدهور ليومِ عطلةٍ يرتاحُ فيها... حتى من إعجازِ الكنايةِ والمجاز ، لأنهما أضيقُ من رحابةِ المعنى !
أنتَ ...؟! كذلكَ ما إنتصرتَ حتى تَطمعَ بإستراحة .. تضعُ فيها دروعَكَ جانباً وتَنهَمِكُ بالمطلق !! فلا تعود تُلصِقُ الأشلاءَ بالأشلاء.. في صفحةٍ بيضاءَ تطوي الزمانَ بالحرفِ . مازلتَ مُقطَّعَ الأنفاسِ ، تُطاردُ شياطينَ حلمٍ هاربٍ ... لم يتخثّر الدمُ بعدُ في مَربَطِ الذكرى ، ما زالَ يَنِزُّ فيجرحُ سكينَ الصَمت ... تُخمِّرُ أحلامَ يقظةٍ ، حُلُمٌ داخلَ حُلمٍ ... تصطادُ سمكاً مُعلّباً تَلقُمُ به رافِدَ "الخير"، صارَ شحيحاً ، فُضلةً من وضوءِ سلاطين الإستانة ! * * * تَتسمَّعُ رقصاً ..؟! رقصاً تَتَلعثمُ فيه نجمةٌ تَرعى نهايةَ الغَسَقِ ، فتُصغي لما فوقَ السمعِ البشريِّ ، تَتَنصَّتُ لأسئلةٍ في صحراء الكلام .. ووحشةِ خرابٍ تام ، خِلْتَ أنَّ البدءَ منكَ ، فما لامستَ إلاّ قاعَ حلمك ، ظنَنتَ أَنَّ الموتَ سيَرِقُّ ، لكنكَ حِرتَ بأيِّ الأحرفِ ستقفزُ من عَتباتِ وهمٍ أبيضَ كوجه الموت . .............. في الليلِ تُوَحِّدُ عَديدَ أقنعتِكَ ، تمُدُّ يدَكَ .. يرتدُّ صداها في فضاءِ الوَحشةِ ، فيُشعشِعُ أصابعَ الليلِ النّجمُ .. للصُبح الفطورُ وأولُ سيكارةٍ مع القهوة .. للضُحى البريدُ والأخبارُ، ومكالماتٌ مع مَنْ صَحَا من الرَبعِ ، للكتابِ والكتابة كل الوقتِ ، إلاّ "إستراحاتٍ !" تتناسلُ لِنَقٍّ وفيرٍ في الدار .. لأنَّ الكتابَ لايُوفّرُّ خبزاً للعيش ..!! ............... كالصبايا تأتي الكلماتُ ، حُبلى بأُقحوانِ المعنى ، وإلتباسِ الكلامِ .. أجملُ ما في الليلِ ، هدأةُ العالم .. صديقةٌ .. كأسانِ لا يَفرَغان .. وموسيقى خافتةٍ .. ذاكرةٌ تمـوءُ بأحلامٍ داستها عَربةُ "زُحَل"(2) ، عيونٌ راحلاتٌ في الغياب ، تَتسلَّقُ سَفحَ الخوفِ ، تخترقُ الحصارَ بينَ قَصفٍ وعصفٍ ، * * * لكَ ساعةُ صِفرِ الليلِ ، طاولةٌ ، أوراقٌ بيضاءَ.. تتساءلُ لماذا لاينهضُ في مرآةٍ مُضبَّبةٍ إلاّ وجهكَ من دونِ قناع ، حيثُ يلتمعُ السرابُ في رملِ الزمان ..! وإذْ تحظُرُ أفكارٌ تُنقِّرُ بابَ الليلِ .. تتربّعُ على كتفِكَ تتَفقّدُ أوراقَ الأمس ، ............. وحينَ يلتئمُ الليلُ على كلبٍ يتأمَّلُ في الليلِ ، يُصابُ بذعرٍ لمّا يرى ظِلاًّ يترنَّحُ ، يولّي هارباً ، يبحثُ عن خَرِبةً أو مرآبٍ مهجورٍ يأوي إليه كي ينام ..وأنت ساهر! ................. ................. دافعتَ عن الشجرِ ، الذي ستُشنقُ عليه ، وعما ليسَ لكَ ، عساكَ تُرجعُ الماضي إلى ماضيه ، تَملأُ الكلمات بمعانٍ إهتديتَ لها ، كي تختارَ خطوتكَ الأخيرة .. وتنصرفَ لتنسى .. أو قُلْ لتَكِفَّ عن إبتكارِالبداية من نهايةِ ما إنتهى فينا ! فمَنْ ليس مِنّا ، صارَ"مِنّا" .. ومَنْ كانَ مِنّا ، لمْ يعُدْ .. لم يعُدْ .. !! كُنّا نُحرِّرُ شَمسَنا من غَفلةِ الأشياءِ ، ونُنشيءُ كلاماً يَرسِمُ مستحيلاً من شُقوقِ الموتِ ، فلأيِّةِ رابيةٍ ستصعدُ ، أنتَ ، بين حدائقِ الموتى ؟! تَتهجّى الظلالَ القديمةَ..مفتوناً بسيلِ الضياءِ على أصواتٍ ، لا جذرَ لها في حنجرةٍ تشرَبُ من حُلُمٍ ما بَلَغَ الفِطامَ بَعدُ .. بَردانَ تُدافعُ عن توازُنِكَ .. فكيفَ تفكُّ إلتباسَ المعنى ..؟ أبِدَحرجةِ حجرِ النَردِ ، كي تَرى ما لايُرى ..؟! فلا تُمجّد العَبَثَ الشَقِيَّ ، وحلولَ الشيبِ قبلَ أوانه ، دونَ حِكمَة ! مُرتجفاً ، كرعشةِ موجَةٍ ، تُقيمُ للضَحِكِ مَسكَناً كـ" البُكَا "..! مُرتاباً ، تُخثِّرُ قَطَراتٍ ، تُبلِّلُ ما إستودعَهُ عطَشُ الأسلافِ ... مَجداً للهَذيَانِ ... حيثُ الصمتُ مُنشَغِلٌ .. يُرَتِّبُ أمواتاً عبروا من ذاكرةِ الكلمات ، إلى جِسرٍ يقودُ الراحلينَ إلى مَنافي الله .. " وَدائعَ للرحمة " في مجهولٍ .. بينَ صَخَبٍ وتَهاليل .. ! غَداً ستَنسى الشُهُبُ وَميضَها ، فأسرُقْ لَفحَةَ النجمِ من مَستورِ السُهاد ، فقد تُؤَجّلُ حشرجاتِ قلبٍ هَدَّهُ في الخَفاءِ رَنينٌ .. .................... ما ألعَنَ الأرضَ التي لمْ يبقَ فيها ما يَتَّسع للحنين !! ليلٌ بلا قاعٍ ، وخلفَ بابِ الزمانِ يَكْمُنُ الردى ..
فماذا ستفعلُ بالأستراحة ، إذن ؟! أَمِعجَنَةُ سرابٍ أنتَ ..؟!! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) محنةُ سيزيف - حسب كامو في كتابه [ إسطورة سيزيف] – تكمنُ فلسفياً في إدراكه لـ"اللا مُرضي" . فذلك الإدراك هو الذي ولّدَ ضرورة المجابهة مع الواقع/ الحاضر والصراع المستديم معه من أجلِ الخَلاص(الإنعتاق) ، كيما يغدو الحاضرُ "اللامُرضي" ماضياً وَلّى . (2) زُحَل هو إله الزمان في الميثولوجيا الأغريقية يسوطُ عربةً مسرعةً ، يُقابله الأسم اليوناني ( كرونوس) وهو / أي زُحل / أبو كبير آلهة الإغريق (زيوس) وأبو (بوزايدون) = (نبتون) عند الرومان - إله البحر .
#يحيى_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلَ صادق الصَدوق - صادق البلادي
-
أسئلة حيرى
-
.. تلك المنازل و-الشِريعه-
-
هو الذي تَبِعَ سربَ القَطَا
-
رواية داريغو : ترنيمة للبحر... ملحمة عائد من الحرب ... غنائي
...
-
مقاصير نصوص (4)
-
ومضات
-
هو الذيبُ .. صاحبي !
-
غِرّيدٌ أَنبَتَ صداهُ .. ومضى
-
الوداع الأخير للمبدع صبري هاشم
-
شَذَراتْ
-
مقاصير نصوص (3)
-
فائز الصغير
-
هيَ أشياءٌ عاديّة ، ليس إلاّ !
-
ضِدَّ التيّار (8)
-
مقاصيرُ نصوص (2)
-
ضِدّ التيّار (7)
-
لِنَكُن أكثر جرأةً على التنوير !
-
ضِدَّ التيّار (6)
-
ضِدَّ التيّار (5)
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|