فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 5588 - 2017 / 7 / 22 - 13:41
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
من القضايا اللينينية التي أثرت المتغيرات على صعوبة تحقيقها في هذا الظرف ؟
في كتاب لينين الشهير الدولة والثورة تحدث فيه لينين عن تحريفات كاوتسكي وبليخانوف لآراء ماركس عن الدولة واكد لينين ان الدولة هي اداة الحكم الطبقي , اداة قمع طبقة لأخرى . واشار الى اسقاط او تحطيم تلك الدولة من قبل الثورة البروليتارية واقامة دولة البروليتاريا ذات المحتوى الديمقراطي واعتبرها ضرورة لتأمين الانتقال الى الاشتراكية واشار الى مؤسسات هذه الدولة وهي انتخاب مجالس من العمال والفلاحين والجنود والشغيلة اي ان هذه الدولة الجديدة تقام على اساس الانتخابات للمجالس وهنا يتجلى المحتوى الديمقراطي لنظام دكتاتورية البروليتاريا وسعة قاعدتة الاجتماعية واسس لينين الاممية الثالثة لتعزيز وتفعيل التضامن الاممي.
في هذه القضية الثورة الاشتراكية واقامة دكتاتورية البروليتاريا يلاحظ حصل التالي :
ارتباطاً بالأخطاء والتشويهات وما رافقها من اكراه واوامرية وبيروقراطية ومصادرة للديمقراطية .... الخ التي تعرضت لها التجربة في الاتحاد السوفياتي ما بعد لينين وكذا ما حصل في بلدان اوربا الشرقية من تشويه وتزوير لتطبيق التجربة قبل سقوط التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي . يلاحظ ظهرت الشيوعية الاوربية التي تخلت عن الثورة الاشتراكية , وقبل ذلك عول الشيوعيين البريطانيين على البرلمان لتحويلة لأداة ديمقراطية حقيقية للشعب بدل من الديمقراطية الراسمالية , و ظهر لاحقاً الطريق الخاص للثورة الاشتراكية على سبيل المثال يوغسلافيا ورومانيا والبانيا ان كان الطريق الخاص يحمل من المعطيات للسير به وفق ظروف البلد من جانب وارتباطاً باخطاء وتشويهات التجربة من جانب آخر .لكن ما لوحظ وما اكدته التجربة ان هذه الدول الثلاث رغم ان احزابها الشيوعية كانت ماسكة بالسلطة لكن حصل فيها انحراف يميني فتبنت هذه الاحزاب النهج القومي وتخلت عن الاممية والتضامن الاممي انطلاقاً من اوضاعهم الاقتصادية علماً ان الانحراف هو اساسة فكري وانطلقوا من رؤية قاصرة ذات محتوى قومي اقتصادي فحواها لماذا عمالنا وفلاحينا ينتجون ويساعدون عمال وفلاحي بلدان اخرى . وحصل التغيير في الثورة الصينية لاحقاً وتبنت الصين ايضاً الطريق الخاص واقامت الاصلاحات على تجربتها وطبقت تجربة ( اشتراكية السوق ) وفتحت الابواب واسعة على طول البلاد وعرضها لنمو وتوسع الانتاج البضاعي الصغير وأقيمت ملايين المشاريع الصغيرة والنتيجة هو تحقيق وفرة في الانتاج ,فنشطت التجارة الداخلية والخارجية وتطور اقتصاد البلد اضافة للانتاج الكبير وصمدت تجربتهم الخاصة وللصين اليوم حضور دولي وتمتلك عناصر القوة الدولية ( الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والدبلوماسية والسياسية والاعلامية) . في حين نجد في التجربة السوفياتيىة كان لينين يؤكد على بقاء الانتاج البضاعي الصغير واعطائه حرية النمو والانتاج واكد انه لا يمكن تأميمه لأنه يمس مصالح ملايين الناس ويزول بالقناعة وبالانتاج الكبير. بينما ستالين اممه بقرار اداري في عام 1928 وحدثت على اثر ذلك نكبة اقتصادية وسياسية في البلد , نعم تجربة الصين بغض النظر عن تقييمها الآن الا انه ما اكدته التجربة هو انه لا يعود صمودها لبقاء وتشجيع الاستثمار في الانتاج البضاعي الصغيرفقط بلا شك هنالك الانتاج الكبير ومرتكزات اخرى مكنت التجربة من الصمود .
انهارت التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي وتغيرت الموازين في الوضع الدولي والاوضاع الداخلية لكل بلد وظهر نظام القطبية الواحد في عام 1991 والعولمة الراسمالية المتوحشة وهيمنتها على اقتصاديات البلدان , رغم انه في العقد الاخير حصلت تغيرات على نظام القطبية وظهرت بوادر الثنائية القطبية ولكن لا تزال الاحتكارات ومؤسسات العولمة الراسمالية هي المهيمنة على الاقتصاد العالمي .
هنا تطرح بعض التساؤلات :
هل يحق لنا اليوم ان نطالب الحزب الشيوعي الامريكي بالقيام بالثورة الاشتراكية والسيطرة على البيت الابيض والبنتاغون وحل جهاز ال CIA وتأميم ثروات وممتلكات الاحتكارات والراسماليون الكبار واقامة دكتاتورية البروليتاريا والا نطلق عليهم جزافاً انهم طلقوا الماركسة و اللينينية ؟ ونفس السؤال ينطبق على الاحزاب الشيوعية في بلدان اوربا الغربية وبلدان اخرى ومنها بلدان الشرق الاوسط ؟ الجواب اكيد لا لعدم نضوج العوامل والظروف الذاتية والموضوعية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية) وتغيير الموازين اضافة الى المتغيرات الدولية .
اذن لماذا تطلق الاتهامات جزافاً على الحزب الشيوعي العراقي ؟ لا سيما وان المجتمع العراقي لم يكتمل فيه مجتمع مدني بعد لا بل وهنالك حاجات معيشية وخدمات ومتطلبات كثيرة يطالب بها الشعب اليوم . اضافة للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمخاطر المحدقة بالوطن وغيرها . اي ان هنالك مهام آنية ضرورية للشعب والوطن لم تنجز بعد هل من العدل والعقل والحكمة السياسية والفهم الصحيح للماركسية واللينينية ان تأتي جهه ما ( ليس لديها رؤيه واضحة وفهم للواقع وللمتغيرات ) وتوجه سهام الحقد الغير مبرر لتاريخ سياسي عمرة 83 عام لحزب عريق وتطالبة ان لم يرفع الحزب شعار دكتاتورية البروليتاريا فهذا الحزب قد تخلى عن الماركسية واللينينية . وهذا ما يؤكد بالمطلق على عدم فهم هذه الجهة او تلك للماركسية واللينينية والمتغيرات وتأثيرها .
هل يوجد حزب ماركسي في العالم اليوم قادر على ان يغير استراتيجيتة في ظروف غيرملائمة وعوامل غير ناضجة ثم يضع الاستراتيجيات اولاً والتاكتيكات ومهام برنامج الحد الادنى ثانياً ؟ اكيد لا لأنه في الفكرالماركسي اللينيني وفي الممارسة النضالية العملية لا يمكن وضع الاستراتيجيات البعيدة المدى كبناء الاشتراكية وطبيعة نظامها محل المهام الآنية ذات الطبيعة الوطنية التحررية الديمقراطية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية .
الحزب الشيوعي العراقي ببراعة نادرة جداً استطاع ان يرسم خطة السياسي الصائب التي تؤكد الوقائع يوماً بعد آخر على صحته .
الرؤية اللينينية للسياسة الحزبية :
عرف لينين السياسة الحزبية بأنها علم وفن .
كعلم هو الدراسة والتحليل العلمي لواقع البلد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الطبقي والقومي والديني .
وكفن هو التقييم الدقيق لمزاج الجماهير . بمعنى آخر ماذا تريد الجماهير وما هي حاجاتها ومتطلباتها في هذا الظرف وما هي وجهة مزاجها, وعلى ضوء ذلك ترسم السياسة الحزبية . بلا شك تؤخذ الامكانيات والمتغيرات بنظر الاعتبار .
هذا هو سر صواب وصحة سياسة الحزب منذ تأسيسة الى هذا اليوم , لأنها تبنى على اساس الحاجات والمتطلبات المعيشية للجماهير وضمان مصالح الشعب والمصالح العليا للوطن .ان نضال الحزب الوطني التحرري الديمقراطي وما مثبت في برنامجه من مهام وصولاً الى بناء الدولة المدنية الديمقراطية , نجد في فكر وسياسة الحزب وفي الممارسة ان هذه المهام تمثل الخط السياسي للحزب وهي مرتبطة ديالكتيكياً بالنضال من اجل تحقيق استراتيجية الحزب في الوصول الى العدالة الاجتماعية والمساوات وضمان الحقوق والحريات وانهاء استغلال انسان لأنسان وبناء الاشتراكية وتمسكة بمبدأ الاممية والتضامن الاممي . هذا بلا شك بغض النظر عن الاخطاء التاكتيكية التي حصلت وتحصل وهذه تقيم وتدقق وتصحح في التنظيم .
الحزب الشيوعي العراقي اميناً لهدفه النهائي الذي تأسس من اجله :
بالعودة الى وثيقة خيارنا الاشتراكي التي اقرها المؤتمر الوطني الثامن للحزب التي تؤكد على ان الحزب وهويتة الفكرية وبنائه التنظيمي ونهجة السياسي واستراتيجيتة وضعت الهدف النهائي لها هو بناء الاشتراكية ومما جاء في الوثيقة :
يواجه حزبنا جملة من قضايا فكرية عُقدية ، يتوجب الإستمرار في بحثها وتدقيقها وفق المستجدات الحياتية. وتتعلق هذه القضايا أساساً، بمبررات وجوده واستمراره حزباُ للنضال من أجل الإشتراكية. وقبل الاشارة الى تلك القضايا لابد من تأكيد ما يلي حسب ما جاء في وثيقة خيارنا الاشتراكي :
أ. ليس هناك من نموذج للاشتراكية في العالم اليوم يمكن اعتباره وصفة جاهزة واتباعة " نصاً وروحاً ". ودون أن تعني هذه الملاحظة اهمال التجارب التاريخية، يتعين على كل حزب دراسة خصائص بلده بعمق، لكي يحدد أشكال وأساليب العمل لتحقيق أهدافه الآنية وبعيدة المدى.
ب. العودة الى الماركسية عند البحث الملموس في مشاكل الواقع الملموس واعتماد الجرأة والمبادرة في اختيار الاساليب والوسائل الملائمة لتحقيق الاهداف الاستراتيجية والتخلي عن اشكال العمل التي تجاوزها الزمن.
ج. تاكيد الوحدة الجدلية بين الاشتراكية والديمقراطية. فقد بين لينين " أن من يريد السير الى الاشتراكية بطريق آخر، خارج الديمقراطية السياسية، يصل حتماً الى استنتاجات خرقاء ورجعية، سواء بمعناها الاقتصادي أم بمعناها السياسي ". وبينت التجربة أن الاشتراكية مستحيلة من دون أوسع قدر من الديمقراطية،ومن حيوية الفكر والتمسك بالروح النقدية، ونبذ العفوية في العمل.
اما القضايا التي ينبغي الاستمرار في بحثها وتدقيقها فهي :
وهذا ما اكدت عليه وثيقة خيارنا الاشتراكي هي التالي :
- مدى مشروعية الدعوة إلى نظام حكم ديمقراطي الى جانب الدعوة إلى تعزيز القطاع العام ، وجعله قطاعا رئيسياً في الإقتصاد الوطني.
ـ مدى إمكانية تحقيق الإشتراكية في بلد يتسم بضعف تطوره الرأسمالي.
ـ مدى إمكانية تحقيق الإشتراكية في بلد واحد في ظل العولمة الرأسمالية المهيمنة عالمياُ.
هذه بعض القضايا الفكرية التي ستبقى الأبواب مفتوحةً، دائماً، أمام مناقشتها ، حسب راي حزبنا ، الذي يمتلك تجربة غنية وتاريخاً حافلاً بالنضال السياسي الوطني الديمقراطي ذات المحتوى الاجتماعي , والنضال من اجل تحقيق هدف بناء الاشتراكية وهذه هي مهمة الحزب البعيدة المدى , الحزب لن يتخلى يوماً ما عن الهدف النهائي الذي تأسس من اجله رغم ما حل وخيم على العالم من فترة مظلمة دهماء بعد انهيار التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي بقى الحزب اميناً لمبادئة في الفكر والتنظيم والسياسة .
الاستنتاجات :
1- ما اكدته التجارب الثورية ان الماركسية واللينينية لا يمكن النظر اليهما كوصفة جاهزة وتعاليم نصية هذه رؤية جامدة لا تخلوا حتى من السطحية , كما لا يمكن تصورهما ليس لهما صلة بالواقع الحالي لعالمنا اليوم هذه رؤية ناقصة بحاجة الى قراءة ثانية للواقع وللنظرية . ما تؤكده احداث العالم اليوم على ضرورة واهمية الفكر الماركسي اللينيني لشعوب واوطان كوكبنا .
2- ارى من وجهة نظري ان واقع كل بلد في العالم اليوم يؤكد على صحة مواقف الماركسية واللينينية من الدولة , وهذا ما يعني في الممارسة ان استراتيجيات الاحزاب الشيوعية تؤكد الحياة صحتها وصوابها حيث وضعت لها هدف نهائي هو بناء الاشتراكية .
3- ان نظرية لينين في بناء الحزب أكدت التجربة ان هكذا حزب يمثل حاجة وضرورة لكل شعب للنضال من اجل انجاز مهام الحد الادنى والمهام الاستراتيجية .والتي اصبحت الديمقراطية ومبادئها معيارا أساسيا في حياته الداخلية.
4- ان احداث العالم اليوم تفرض الحاجة الملحة لتطوير الماركسية , بلا شك ان هذا التطوير المنتظرلا بد ان ينجز وحسب ما تؤكده التجربة على اساس اللينينية وعدم التخلي عنها , وهذا ما تفرضة متطلبات حركة الواقع ومتغيرات العصر والمنجزات العلمية ومهام النضال ومصالح الشعوب والاوطان والطبقة العاملة وشغيلة اليد والفكر وما يترتب عن ذلك من استحقاقات ديمقراطية في الفكر والسياسة والتنظيم , والتطوير هي ضرورة موضوعية , وهذا ما تؤكده تجارب الحياة التي تطرح دائماً الجديد
5- ان العولمة الرأسمالية المتوحشة ونتائجها المدمرة للشعوب والاوطان تفرض اليوم على عمال العالم واحزابها الشيوعية واليسارية والقوى المناهضة للعولمة اكثر من اي وقت مضى على تفعيل وتعزيز وتطوير الاممية والتضامن الاممي على صعيد النضال التحرري الوطني الديمقراطي والنضال ضد الاحتكارات والعولمة والحروب والفقر ومن اجل بناء الاشتراكية .
22-7-2017
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟