أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق سعيد أحمد - يوميات مؤلف.. التمتع ب-الإغتراب الكوني-















المزيد.....

يوميات مؤلف.. التمتع ب-الإغتراب الكوني-


طارق سعيد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5588 - 2017 / 7 / 22 - 04:25
المحور: الادب والفن
    


يستهدف ديوان "يوميات مؤلف" الصادر مؤخرا عن الهيئة العامة المصرية للكتاب للشاعر محمد منصور مناطق إدراكية في الوجدان الإنساني القابع داخلنا منذ أن خُلق الإنسان الأول، وبنفس الحساسية البدائية ينتظر وبجنون قصيدة شعر تطلق وعيه وتلامس نقاط حسية غالبا ما تقابل النص الإبداعي وهي أوشكت على الجفاف، لذلك تقبض بكل قوتها على صورة شعرية تنقلها إلى إلى عالم جديد، وتتلهف على دلالة طازجة تشبع غرائزها الإنسانية، وتنصت بترقب إلى إيقاع حاني يدنو منها ليطربها ويجدد أنغامها الخاصة، في ديوان "يوميات مؤلف" تنصهر مكونات إبداعية أصيلة ضاربة في البعيد التاريخي الإنساني وحديثة معاصرة في قالب شاعري ينتصر لكل هذا التراكم الإنساني المتآكل بفعل "الإغتراب الكوني" الذي يتمتع به الإنسان المعاصر والذي أجبره على عزلته عن العالم، وحددت إقامته داخل ذاته بقوة العالم!. يقول منصور في قصيدته "نوستالجيا"
- الرؤية القريبة تُظهر تجاعيد الوجه!
لبعضِ الوقتِ أنسى أنني وحدي، فيحدثُ أن أظنَّ الأصدقاءَ الغائبينَ معي، فأسألهم عن الأحوالِ، لكنْ لا يجيبونَ السؤالْ..
لبعضِ الوقتِ أنظرُ -غيرَ مكترثٍ- إلى الماضي، فلا أجدُ الأماكنَ في أماكِنها، لأعرفَ أنَّ روحي مثلُ طيرٍ فرَّ من عُشِّ الأكيدِ إلى فضاءِ الاحتمالْ..
لبعضِ الوقتِ أصمتُ آملاً أن أسمعَ الصوتَ البعيدَ، فربما عادَ الأحبةُ، ربما، أو ربما قابلتُ غيرَ الراحلينَ
ليرحلوا أيضًا، فأبقى نجمةً سوداءَ في أفقِ الخيالْ!

تبدو نصوص الديوان جاذبة للقارئ ليس فقط لأن الشاعر يتحكم في بناء النص ليصل به لخلق دلالات شفيفة تغزو المتلقي وترتدي أفكاره بمرونة فائقة بينما تتجلى أمام عين المتلقي المثقف أو الخبير إمكانية تحول الديوان إلى مصنع كبير لخلق دلالات أنيقة تتطور وتتجدد وفق ثقافة المتلقي وتمتاز بإمكانية الحركة "عبر الزمن" بمعنى إذا أردنا اختبار النصوص بوضعها متناثرة في الموروث الشعري لن تكون غريبة عنه ووفق لنشاط دلالاتها المستمر يمتد عمرها أيضا في المستقبل. فيقول "منصور" في قصيدته.. "المعرفةُ جهلٌ آخر!"
- أفضل ما في الحياة يضيع في البحث عن حياة أفضل!
نعم.. كنتُ أعرفُ شيئًا عن الجهلِ/ لكنني صرتُ أجهلُ ما كنتُ أعرفهُ/ صرتُ أخشى مِنَ الموتِ/ حينَ تحلِّقُ -ساخرةً- فوق رأسي الحياةْ نعم.. عاشَ في داخلي أملٌ ما/ ثلاثينَ عامًا/ وحينَ انهزمتُ -أخيرًا-ككلِّ الغزاةْ تمَلَّكني اليأسُ ذاتَ مساءٍ كئيبٍ/ فمتُّ، وماتَ معي اليأسُ/ والأملُ الزائفُ الفجُّ/ والخوفُ ماتْ نعم.. كنتُ أحسبُ أنَّ الحياةَ/ كقبوٍ شديدِ السوادِ/ وأنَّ الحقيقةَ تسطعُ فيهِ / كأسنانِ زنجيِّةٍ/ والصديقَ صديقٌ إلى آخرِ العمرِ/ والأهلَ بيتٌ يَزيدُ اتساعًا/ إذا ضاقَ بابُ الرحيل نعم.. كنتُ ما كنتُ/ لكنني صرتُ آخرَ/ حينَ أرادَ لي الحظُّ/أن أتعلَّقَ بالمستحيلْ وأخرجَ مِنْ خيبةٍ نحو أخرى/ فأسمع صوتًا يُردِّدُ في داخلِ القلبِ:/ - فاتَ الكثيرُ.. ولم يبق إلا القليلْ!
فالحكمة والتعمق في التفاصيل الإنسانية والهروب والحزن والبحث والموت والتحليق واليأس.. ... وغيرها أفكار إرتكز عليها الشعر العالمي قديما وحديثا بينما تختلف كل الإختلاف حين تصهر في قالب شعري محكم الصنعة لتخرج في صورة إكتشاف "المعرفة جهل آخر!". ما من إبداع أكثر طموحا مثل الشعر حتى ولو كان مأسوي الطبع كما في "طريقُ الحياة" إحدى قصائد ديوان"يوميات مؤلف" للشاعر محمد منصور والتي يقول فيها:ـــ
الغناءُ القديمُ الذي كنتُ غنَّيتُهُ ذاتَ يومٍ/ تشقَّقَ ثم انكسرْ والمغنِّي الذي كانَ يشكو عذابَاتِهِ للجماهيرِ
ظلَّ ثلاثَ ليالٍ يهاجمُهُ الاكتئابُ/ إلى أنْ تعثَّرَ في حزنِهِ، فانتحرْ والكمانُ الذي ظلَّ يبكي رحيلَ المغنِّي
تجرَّدَ من كلِّ شيءٍ/ وعاشَ بلا نغمةٍ أو وترْ الغناءُ،/ المغنِّي،/ الكمانُ،/ رفاقي الأعزاءُ/ أعرفُ أني وحيدٌ
وأنتم وحيدونَ أيضًا/ ولكنني أعرفُ -الآنَ- أنَّ الحياةَ / كبيتٍ بعيدٍ/ وأنَّ الطريقَ الوحيدَ إليها/ طريقُ الخطر!.
بهذا النص نكتشف أن "منصور" يميل لنسج عالمه من رمزيات تم ههجرها وحزمة من الأحلام والأمنيات اللابد منها ليمد جسرا من الخيبات اليومية ليصل ويتصل به في نصه بـ ما وراء المجرد والمعزول والمجهول بذلك تنعكس رؤية الشاعر على مرآة المتلقي بنعومة وتلقيه "أي المتلقي" دفعة واحدة على حدود عالم موازي لواقع يرفض التبدل عاصيا على كل ما هو جميل متاح ومتفائل منطقي تلك اللحظة الحاسمة تمنح القصيدة اللحم والدماء وتمنح للمتلقي الذات الشاعرة.
القلق، هو إحدى العناصر الإنسانية الأصيلة والسر الخاص في أعماقنا وأحيانا ما يتحول إلى بُصلة دقيقة الإتجاهات وغالبا ما ينطوي على "أسلوب حياة" إحدى النصوص الكاشفة على مدى تشابك العلاقات في العالم يقول "منصور":ـــ
- أقول الحقيقة كي لا يصدقني الناس!
ها هو الآنَ يخرجُ من صمتِهِ/ كي يقولَ لنا كلَّ ما لا يُقال يتذكرُ صرخَتَهُ فورَ أنْ غادرَ الرَّحْمَ/ يخفي عن الناسِ دمعَتَهُ/ ويرتِّبُ أحزانَهُ داخلَ القلبِ/ لكنه حينَ يسألُ/ يعرفُ أنَّ الإجابةَ كامنةٌ في السؤالْ يُصدِّقُ كلَّ الأكاذيبِ/ كي لا يقولَ المجانينُ:/ "إنَّ الفتى ذاهبُ العقلِ"/ لا يتأخرُ عن موعدٍ ليؤكدَ/ أنَّ الذي قد تأخرَ بالأمسِ/ شخصٌ سواهُ/ وأنَّ الذي قد أتى اليومَ/ -قبلَ اللقاءِ بخمسِ دقائقَ-/ شخصٌ سواهُ/ وأنَّ الحقيقةَ محضُ احتمالٍ/ يؤكدُهُ ألفُ ألفِ احتمالْ!.
ومن العناصر الهامة والتي أضافت لديوان الشاعر محمد منصور "يوميات مؤلف" الصادر مؤخرا عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعدا إنسانيا هو عنصر الحيادية المرتبط بالضمير "أنا" في النص فكلما إقتربت التجربة من "أنا" إلتحم المتلقي بالنص أكثر وإمتلكه وأصبحت التجربة الشعرية عالم يشترك فيه الشاعر أثناء الكتابة والمتلقي خلال القرأة لتتسع التجربة وتتحرر من النص وتعلق بالأفكار ومن ثم تتولد وتتخلق أفكار جديدة، فضلا عن الكم المعرفي الواضح بخضوع النصوص للتأويلات والرؤى والتحليل، وتأتي الحوارية والسردية من الإرتكازات الفعالة والتي سمحت بإستدعاء "الذئب" الرمز الكامن في أعماق ذات "منصور" الشاعرة في قصيدته "انقراض"
ما إن رسمتُ على الرمالِ غزالةً/ حتى وجدتُ الذئبَ في قلبي/ تفورُ دماؤهُ/ ووجدتُني أعوي/ وجدتُ أظافري طالَتْ
وأنيابي ملوثةً،/ وحين محوتُ وجهَ ضحيتي/ حدَّقتُ في المرآةِ/ لكنْ/ لم أَجِد وجهي!.



#طارق_سعيد_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمار علي حسن: عيدك يا مصر ... متى يأتي؟
- إلى الرئيس .. أسئلة -حرجة- عن تيران وصنافير
- -ثقافة الموت- محاولات متكررة لجذب العقول
- الرجل الأحمق واللص.. مفارقة من واقع الاختلاف
- سموم الوهابية المبثوثة على الإنترنت
- -ابن تيمية- يأمر بقطع يد شاب -الشرابية-
- من يجلس على عرش مصر
- -الإرهابية- تحترق بأفكارها الشيطانية
- أول القصيدة.. كفر -فنجان شاي- يضع النقيب في ورطة بيان عاجل.. ...
- اختفاء مؤسسة الأزهر... -الشريف-
- «إلي أنا».. قصيدة من ديوان «تسيالزم- إخناتون يقول» للشاعر طا ...
- الحرب التي تُدار في الخفاء -2-
- الحرب التي تُدار في الخفاء
- -7 دال- سيلفي مع عالم.. -هيثم عبد الشافي-
- حواري مع الأديب مصطفى نصر
- -اللاوطن- عقيدة السلفية الوهابية الأولى
- موقع الإخوان والسلفيين على الخريطة المصرية
- احذروا هذه القصة.. -7 دال-
- ط
- 2016 .. يحقق ينتظر 100 أمنية لمبدعين مصر


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق سعيد أحمد - يوميات مؤلف.. التمتع ب-الإغتراب الكوني-