|
خمسون الف سنة حيرة
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5585 - 2017 / 7 / 19 - 20:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وهكذا لم تنته بعد رحلة الانسان مع الوعي بوجودة و مصيرة .. رغم تقدمة الفلسفي و العلمي بل للاسف ظل أغلبنا خارج إطار اليقين علي حاله يؤمن بما أمن به من سكن الارض قبلنا في العصور المظلمة ..وذلك لثلاثة أسباب... السبب الاول:- أن التجارة بالدين مربحة للغاية أنظر الي حجم الانفاق الذى يتداول في الاماكن المقدسة الثلاثة الكبرى للهندوس و الكاثوليك و المسلمين و عدد الذين يسوقون و يعيشون علي ما ينفق من أموال الحجيج . لن أتكلم عن الاماكن المقدسة الصغرى في التبت و اورشاليم و سانت كاترين وقم و كربلاء وطنطا السيد البدوى ،ولكن التجارة التي تدور حول موسمي الحج والصوم لجميع الاديان و الاحتفالات الطقسية الاسبوعية ..و الاموال التي تجمع لمساعدة أخوة الدين من الفقراء والمساكين.. و منها استيلاء السعوديون علي اموال قيمة (الهدى ) التي يضحي بها الحجاج .. و رسوم عقد القران و الميلاد و الدفن و الجنازات .. ثم عائد دروس اللاهوت في التلفزيون والمدارس و الجامعات ..و ما تقدمه الحكومات من إعانات و تسهيلات تجعل تحالف التجار مع رجال الدين أبديا لا يمكن فصمة طالما هناك مكاسب للطرفين . السبب الثاني :- أن هناك تحالفا أخرمنذ زمن تحتمس الثالث حتي حريحور الخامس عشر بين رجال الحكم و الكهنة الذين يصيغون لهم قيودا غير مرئية .. تجعل رعاياهم ٌيخدعون ويصبرون .. ويأملون .. ويطيعون.. أغلب الحكام الفاشيست القدامي بما في ذلك هتلر و موسيليني و المحدثين من حكام دول الشرق الاوسط ..إستخدموا بردة الدين ليضمنوا قبول شعوبهم . السبب الثالث:- هو الجهل بحقيقة الدين و الاعتماد علي ما يروية كهنته .. وما يكتسبة الفتي مع لبن الام من مفاهيم لم تمتحن بواسطة العقل . الايمان حالة نفسية لا شعورية يمر بها الفرد و تظل مرجعه للرد علي الاسئلة الوجودية والتبريرلمفردات عقيدتة مهما كان هذا التبرير ساذجا مختفيا خلف ما يمكن أن تقوم به المعجزة من خرق للظواهر الطبيعية تصل إلي أن يؤجل غروب الشمس لينتصر جيش ما. الدين سواء إعتقد صاحبة أنه إلهام من رب العزة ..أو أنه مجموعة من القيم و الطقوس انسانية الصنع ، يحدث له ما يحدث لكل الكائنات والافكار و القيم... فهو يتطور أيضا و يتغير فالارباب التي لم تكن ترتوى إلا بالدم .. و التي كان يطربها رائحة الشواء و التي تعاقب البشر بالكوارث و البراكين و التسونامي و التي لا ترضي إلا بخضوع العبد وذلة .. تغيرت طباعها مع الايام .. واصبحت تحنو علي البشر و ترفق بهم و ترزقهم و تؤمن حياتهم و تشفيهم و تكافئهم بحياة أخرى تصل الي النرفانا أو الجنة .. و تمنع الاخ من سفك دماء أخية أو سرقتة أو إشتهاء ما لديه ، و تتساهل مع الاديان الاخرى و تقبل المخالف دون إنتقاد واسع. بكلمات أخرى بعد أن مرعلي البشريه زمن كان الصراع الديني هو الملمح الأساسي للحياة وكان بسببه يلحق الدمار بشعوب وحضارات لا حصر لها.. تحول إلي نفس الدين إلي طاقة روحية إيجابية و البلسم الذى يشفي جروح المعارك و صراعات التواجد. الديانات البابلية والاشورية والكيميتية واليونانية والرومانية والاسكندنافية إندثرت خلال صراع بداية الزمن .. فضلا عن ما حدث من خراب لحضارات ( أمريكا و أستراليا)التي تم غزوها بجحافل البيض الذين يسبقهم دائما مبشر.. أو لسكان القارة الأفريقية السوداء.. لقد كان المسلمون يحاربون المسيحيين واليهود والهندوس بالأضافة للفروع الأخرى من الإسلام وكل من يختلف معهم يناله نصيب من العدوان ...كذلك المسيحيون من الكاثوليك كانو يحاربون البروتستنت والانجيليين والمسلمين والهندوس وكل من يشير البابا في روما بوجوب تصفيته. التاريخ ينبئنا أن هناك حروبا دينية استغرقت مائة عام وأن هناك شعوبا تم احتلالها وتدمير هويتها وترويضها لتقبل عقيدة مخالفة .. وحتي زمننا هذا لا تنسي أوروبا قسوة العثمانيين وما فعلوه بسكانها . الحروب الدينية (صليبية أو اسلامية او هندوسية أو بوذية ) تركت ندوبا لا تمحى بين سكان الهند وجنوب شرق آسيا وأفريقيا السوداء ..حتي بين أصحاب الديانة الواحدة لا ينسي أقباط مصر ما فعله معهم أتباع كنيسة روما من مجازر أدت الي شهادة مليون مصرى قبطي في عام اتخذوه بعد ذلك بداية للتقويم القبطي . كذلك مسلمو الشام والعراق لايستطيعون تجاوز ما حدث لهم علي يد تيمورلنك وهولاكو التتارى من قتل وإغتصاب وتدمير لمدنهم رغم كونهما من المسلمين( والان داعش و القاعدة و أخواتها يكررون ما حدث منذ الف عام ) ..والهنود لا يتسامحون مع الأمبراطورية الأسلامية المغولية التي هتكت عرضهم و دمرت ممالكهم واستولت علي كنوزهم باسم الأسلام ..أو مع الأمبراطورية البريطانية التي حاولت تبشيرهم بالمسيحية الإنجيلية.. وأبناء كوريا و الصين و منشوريا البوذيين لم ينسوا قسوة أبناء العم اليابانيين في مواجهة من أصبح منهم مسيحيا... ماض دموى فظيع خلط فية الغزاة بين النهب و السلب و السرقة .. و بين نشر عقيدتهم . والآن بعد أن عاش البشر في قرية إليكترونية صغيرة تربطها الانترنيت والأقمار الصناعية ووكالات الأنباء وتبادل السلع والافكار والفلسفات وبعد أن أصبحت الأديان نفسها محط تساؤل ودراسة ونقد هل لا زالت النزعات الدينية هي الوقود المحرك لصراعاتهم. إنسان العصر الحديث الذى تقدم تكنولوجيا وإمتلك وسائل لم يحلم بها الأجداد يعوقة عن السمو و الارتفاع فوق الصغائرو إستكمال تحضره تحالفات رجال الدين مع التجار و الساسة و تأبيد أفكار البداوة السبب في ذلك أن البشر لم يتطوروا بعد بنفس الدرجة فلسفيا وعقائديا و خلقيا أو إنسانيا .. ولازال الكثير منا أسرى تعاليم ديانات سادت منذ آلاف السنين ثم فقدت قدرتها علي التغيير فشكلت قيودا و احمالا تحد من تقدمه نحو المستقبل الذى يصبو فيه أن يتحكم بمقدراته وكونه الطريق لازال غامضا وطويلا ولكنه مفهوم على الأقل لــ 850 مليون بشرى من أبناء الديانة الرابعة غير الملتزمين بقيود الأجداد. ومع ذلك - فكما ذكرت - و مع كل الاحباط العقائدى البشرى سنجد أن الخطابات الدينية في أغلبها قد تغيرت بمرور الزمن .. ولم يعد المؤمن يحزن عندما يسمع أن نيتشة قال مات الله ويقدم من قتلوه ..أو كازنزاكي يشكك في رواية الكنيسة عن المسيح و يظهره علي الشاشة هو و أسرته في (الاغواء الاخير )..و أن الهاى لاما لم يعد إله ..كما أن إمبراطور اليابان يتزوج من يحب من عامة الشعب رغم مكانته الربوبوية . نعم الخطابات الدينية تغيرت إلا داخل مثلث المحافظين في ( القدس ، مكة ، منف ) فلا زال الانسان هناك يرى- دون سبب واضح - أنه شعب الله المختار المتميز و خير أمة.
العراف نفرر- هو من الاسره الثانيه عشر و كانت الفوضي تعم البلاد و لكل مقاطعه نظامها الخاص لاكثر من قرنين قال (( سياتي ملك من الجنوب اسمه اميني وهو ابن امرأة نوبيه الاصل و قد ولد في الوجه القبلي و سيستلم التاج الابيض فيوحد البلاد و ينشد السلام في الارض (بمعني مصر ) فيحبه اهلها و سيفرح اهل زمانه وسيجعل ابن الانسان يبقي ابد الابدين اما الذين كانوا قد تآمروا علي الشر و دبروا الفتنه فقد اخرسوا افواههم خوفا و الاسيويون سيقتلون بسيفه و اللوبيون سيحرقون بلهيبه و الثوار سيستسلمون الي نصائحه و العصاة الي بطشه و سيخضع المتمردون للصل الذى في جبينه )) سليم حسن مصر القديمه. كم نبوءة شبيهه نسمعها يوميا من الاصدقاء و الزملاء.. و بعضهم من كبار المفكرين العقلاء .. تحمل نفس المنهج في التفكير.. و يتصور صاحبها أنها قابلة للتحقق . لقد تكررت النبوءات علي مر التاريخ وطلب البشر للمعجزه يجرى يوميا بالحاح فالنبوءة و المعجزة و خرق قوانين الطبيعه أمور متكررة و متداولة في ثنايا أغلب قص الاديان القديمة. الغريب أنها تحمل نفس الملامح رغم تباعدها الجغرافي و الزمني .. فهل يصل بنا البحث و التدقيق لان نربط فيما بينها علي اساس أنها استنساخ بعضها من بعض .. أ م أن الاحداث عندما تتم بصورة معينة تؤدى إلي نفس النتائج مهما إختلف الارض و التاريخ . . بمعني أخر ما الفرق بين النوم و الموت و الاغماء .. إذا كان الكائن في حالتين منهما يعود للحياة ..ففي الثالثة يجب أن يعود أيضا .. ولكن في الاحلام ليلا حيث تراه يتجول و يزاول نفس إسلوب حياتة فيما قبل الفناء سواء كان الجد الطيب المعين أو الشقي الشرير الضار إنه التفكير البسيط الساذج الذى لم يقرأ تفسير الاحلام لفرويد ...و لكنه إمتد في زمن السذاجة ليصبح إن البشر مثل الشمس التي تموت وتولد والنهرالذى يهبط ثم يفيض و النبت الذى يزول ويعود مخضرا ..إنها دورة .. حتمية ..ستجلب الخير للطيب و العذاب للشرير.. هذه التيمة ستجدها في كل العقائد القديمة - مع إختلاف في نوع وإسلوب تلقي الجزاء و العقاب - عبر الاجيال لتأتي لنا بقراءات متنوعة يصر فيها كهنة كل دين بأن خطابهم هوالصحيح. علي الجانب الاخر هناك من يرى أن الاديان صناعة إنسانية بالكامل بزغت مع شرارة الوعي والعقل ونمو أدوات المنطق التي طالت الاريكتوس فجعلت منه بشرا المتتبع لتطور الاديان كما يقدمها علم الانثروبولوجي .. سيجد أن هناك سؤالين سألهما الاجداد .. و لازالت الاحفاد تدور حولهما دون إجابة. أحدهما كيف تكون هذا الكون و متي تواجدت الارض و السماء و النجوم و الكواكب؟ ثم السؤال الذى يؤرقني منذ طفولتي حتي شيخوختي ما الغاية من الوجود ؟؟ .. لماذا وجدت .. و لماذا أعاني منذ طفولتي كمنبوذ فقير؟ ..بينما يولد البعض بين أحضان الرعاية و السموق. سؤالي الوجود و الغاية إنتقلا من التفسيرات الميتافيزيقية ( التي تطالب بالرضا بما قسم لك دون جدال ) وظل مستمرا علي إجاباته المتوكلة المراوغة ..حتي منتصف القرن السابع عشر حين قامت الفلسفات العقلانية بمطالبة الانسان بتحمل مسئولية وجودة و العمل بإستخدام المنطق و العقل و العلم . و هكذا تركتنا الميتافيزيقيا حيارى فلم تجب و إنما زاولت قهرا علي الفكر .. وصدمنا العلم غيرالمسقر علي حال و الذى ينسخ كل يوم ما قاله بالامس ليبق الامل في الفلسفة التي - رغم أنها لم تقدم اجابة مؤكدة - إلا أنها عملت علي تغيير حياة الناس و تحسين تصوراتهم لنبق رغم مرور خمسين الف سنة علي إكتساب الاريكتوس للوعي لم نصل بعد لراحة اليقين نتلفت يوميا متسائلين هل من جديد ... تعبت كفاية كدة !!
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في أسفار التحضر
-
مؤشرات الدولة الفاشلة
-
من الذى يحكمنا Ruling class
-
العيش في غابات المسلمين .
-
خُذوا الحقيقة َ، وانبذوا الأَوهاما
-
في بلدنا عبث و نهب وتدمير.
-
نعم .. لقد فشل مشروع التحديث
-
نصف قرن يمر علي هزيمة 67
-
هل يشهد عام 2018 تغييرا
-
التخريب الاركيولوجي.. يا ناس
-
برستوريكا مصرية سابقة لجورباتشوف
-
أديان أبناءك يا كميت
-
عندما نعيش في أحلام الاخرين ؟؟
-
إنكشاف الغمة، في سيرة الامة
-
الخطايا الخمس لرؤساء مصر.
-
المستبد الاكثر فشلا في تاريخ مصر .
-
يا ولدى هذا هو عمك السيسي .
-
هل نعلن وفاة قومية العرب .
-
إحباط لعملية تحرير الاسير
-
هؤلاء عسكر وهؤلاء عسكر ولكن هناك فارق .
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|