سلام إبراهيم
روائي
(Salam Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 5585 - 2017 / 7 / 19 - 17:15
المحور:
الادب والفن
المثقف المدني العراقي
هل هو موجود في الواقع؟!.
لم يتبلور في التاريخ العراقي المعاصر مثقفاً مدنياً بالمعنى الدقيق للكلمة، أو بمعنى الصيرورة الثقافية لهذا المثقف الذي ساهم ببناء الدولة المدنية في الغرب، إذ تولد هذا المثقف مع ثورة صناعية وعلمية وتبلور الطبقة البرجوازية التي سعت إلى مجتمع حرّ يضمن لرأسمالها حرية الحركة، ليتطور المجتمع المدني لاحقا في صراعه مع الأيدلوجيات الشمولية النازية والشيوعية إلى النظم التي نراها الآن وعمادها الحياة المدنية ومثقفها.
لو عاينا التاريخ العراقي منذ تأسيس الدولة عقب 1921 لوجدنا أن تباشير تبلور المثقف المدني ظهرت مع هامش الحياة الليبرالية فترة الحكم الملكي، وأخذ يتسع دوره مع تبلور تيار ديمقراطي متمثل بأحزابه كالوطني الديمقراطي وحركة المثقفين والكتاب التي كان لها نزعة مدنية، لكن مع المد الشيوعي والقومي في أعقاب الحرب العالمية الثانية تضائل دور المثقف المدني مع قوة المثقف الأيدلوجي وأحزابه التي سيطرت على الشارع كالشيوعي ولاحقا البعث. في أعقاب انقلاب تموز 1958 وسيطرة العسكر على السلطة تلاشى تماما ليحل صراع تنافري بين المثقف الشيوعي والقومي وليسود هذا الصراع حتى وقت متأخر نهاية القرن العشرين. ومع الدكتاتورية والحروب تردى دور الثقافة والمثقف ليصبح تابعا للأيدلوجي تماما. ومع الاحتلال وسلطة الطوائف التي أتى بها ترسخ تشظي جديد للمثقف فأصطف بهذا الشكل أو ذاك بين هذه الطائفة وتلك، أما من يدعي المدنية ويظهر في المظاهرات فهو مثقف مؤدلج يرتدي المدنية قميصاً أقول ذلك عن تجربة وخبرة فأنا ترعرعت في الوسط الأخير.
وطوال هذا التاريخ ظهر مثقفون ذو تطلعات مدنية لكن لطبيعة الصراع الدموي المدعوم بقيم العشيرة والأعراف العراقية المتخلفة السائدة حتى في بنية الأحزاب العلمانية، كان يصطدم مع بنية هذه الأحزاب وينعزل أما يصمت أو يلجأ للمنفى، وغالبية كتابنا وأدبائنا من الصنف الأخير
الخلاصة لا وجود لمثقف مدني في ظل هذه الظروف، والادعاء به مجرد كلام، وأخيرا لا بد من ذكر حقيقة تتعلق ببنية هذا المثقف وهي لا تحقق فعلي لهذا المثقف في مجتمع إلا بفصل الدين عن الدولة ووجود تقاليد ديمقراطية تحترم الإنسان والقانون.
#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)
Salam_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟