أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل ال19 من الرواية














المزيد.....

القصيدة المتوحشة - الفصل ال19 من الرواية


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5582 - 2017 / 7 / 16 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


-19-
هذا الرجل:
القائد العبقريّ النبيل.. هانيبال القرطاجيّ.. الولوع بمفاجأة أفكاري وإشاعة الأرق في صفوفها معتمدا في اجتياحه الأخير لصحاري هذا القلب على تقـنيــَّة التجسس على أحوالي العاطفيــَّة.
هذا الرجل:
المسكون ببحر.. يسكبُ الحُبَّ في رأسي .. فيفتت صخور صمودي ويكونُ الغرقُ فيه قدري الأولّ والأخير.
هذا العصفور المهووس بالطيران وراء الأفق.. كالقصيدة يأتي بغتةً. يلمُّ شظايايَ المتنافرة المتناثرة في كلِّ جهات اليأس.. البؤس.
هذا الرجل:
المشاكسُ الأصيل كالعمر يمضي بغتةً. تنشطرُ الذاتُ.. فيتوهَ الشّطرُ المُعتم في وحشةِ الغـُربة باحثا عن الشّطر المضيءِ من كيانـِهِ المزدوج كي يتحققَ الإكتمال.
مضمخــًا بعطر البنفسج أتى.
ألقى التحية على الطلابِ . اعتذر عن درس اليوم.. ومضى.
طرحتُ عنّي عباءةَ الشّرودِ ومضيتُ خلفه.
...
..
.
في الحديقة أدركتــُهُ.
ثرثر قلبي معاتبًا:
(لماذا تأخرتَ يا صاحبي ولم ترأفْ بضَيَاعي؟)
...
..
.

لم أنادي أنا عليه.
ناداهُ الحنينُ المعتــَّـقُ في خوابي العـُمر.
قربَ زهور البنفسج.. تسمَّر.
التفتَ خلفه.
رآني.
سارَ نحوي.
أنتزَعَ النَّظارة السَّوداءَ عن عينَيْهِ.
مئاتُ الزهورِ نبتَتْ بين لحظةٍ وأخْرَى في مغارتيّ عينيهِ... فكانَ نورٌ واستعرتْ نارٌ.
...
..
.
كشجرتيّ سنديانٍ خُرَافيتينِ وقفنا مُتوازيَيْنِ.
لم تتشابكِ الأغصانُ.
لم يسقطِ الثَّمْرَ الشَّهِيّ فوقَ بِسَاطِ الجَاِبِيـَّة.
...
..
.
التقتِ العينُ بالعين...
وإذا بالسماءِ تصطبغُ باللونِ البنفسجيّ والفراشاتُ والغيوم والكونُ يستحيلُ سيمفونيةً أسطوريّةً خالدة.
...
..
.
صافحني.
تصاعدَ دخانُ احتراقي.
أتى صوتـُهُ.. هذا الصوتُ القديمُ كصوتِ طيورٍ كثيرة.
هدهدَ قلبي البِكْر الذي لا زال يترقَّبُ القطافَ.
همسً:
أحتاجُ أن أمضي الآن.
القاكِ في الثانية عشر غدا في كافيتريا الجامعة.
...
..
ومضـــَى...!
ظلَّ طيفُهُ يتضاءلُ شيئا فشيئا إلى أن صارَ نقطةً سوداءَ على خطّ الأفق. راحَ قلبي يفرجُ عن همِّهِ بإجهاضِ السؤالِ تلو السؤال:
تُراه يعود..!؟ هل الفراق قدرٌ لا مفرّ من جحيمِه..!؟ والحبّ.. ما الحبّ ..!؟ أهو لحظة عبثيّة لا تتكرر..!؟ والحياة, ما الحياة ..!؟
أهي مجرد ورطة نبيلة يقعُ فيها الأهل, ونضرسُ نحنُ عفونتها..!؟ والأمل.. ما الأمل..!؟ أهو عصا في يدِ مكفوف...!
والدمع.. ما هو الدمع ..؟
أهوَ كخرطوم آكلِ النَّملِ يشفطُ الوحلَ من بُحَيـْراتِ الحيرة..!؟
أم هو ما يعتريني الآن ..الآن من ضعفٍ أنثَويّ ملعون..!
لكن.. لماذا خالد بالذات اختاره قلبي؟
لماذا لم أتمكن ولو مرّة من مجرد اعطاء فرصة للآخرين أن يقتربوا من أسواري الشاهقة!
أهي الجاذبيّة العشقيّة التي دخلنا مجالها فصار الفرار من سطوتها شبه مستحيل؟
أم هو لعنتي والصّلاة!
.....
...
.

صباح اليوم الثاني لعودة طائر الرّوح.. رأيتُني أنهضُ من حلمٍ سرياليّ الملامحِ مُرتعبةً..
خُيـِّلَ لي أنــِّي رأيتُ التوأم الأسطوريّ الأول في ملفاتِ التاريخ: قايين وهابيال.
هابيل يقطفُ البنفسجَ منَ الحقل ويضفرُ الأغصانَ فيما يُشبهُ الأكاليل وهو يغرّدُ كطيورٍ كثيرة.
وإذا بالتوأمِ المشطور عن ذاتِ البُوَيْضَة الأصليّة.. قايين.. يستعدُّ لتنفيذ خطتـِهِ الليليّة الجهنميّة:
يتسللُ من الخلفِ. بيدين ملطختين بطينِ الأرض يقومُ على هابيل..أخيهِ.
يسيلُ الدمّ . تَصْرُخُ الأرْضُ. تتناسلُ اللعنة.
يهزَّ أكتافـَهُ لا مباليا.
يلبسَ رداءَ أخيه المبلل بالدم. يمضي مختالاً إلى أبويهِ
يدعيّ أنّه هو هابيل المُدلّل من أبويه وأنَّ ذِئبـًا افترسَ أخيهِ.
يحيا على أنّهُ هابيل.
كلّ صباح.. يذهبُ إلى الحقل بقناعٍ آخر.لاأحد يرى. لا أحد يكترث.
يطمرُ الذنبَ ويحيا منتشيا.
وحدها الأرض تظلّ تصرخ: أين هابيل أخوك؟!
...
..
.

أجرجرُ أطيافَ الخيبةِ خلفي وأمضي إلى الحَافلة فتسير بي إلى كافيتيريا الجامعة.
في الركن المُضاءِ بشمعة أجلسُ.
تسرحُ قطعانَ خيالي.
يأتي نادلٌ ما ليوقظني من انفلاتِ شُرودي.
تدبُّ اللهفةُ في عروقي.
يسألني عن اسمي.
يناولني قصاصةَ ورقٍ وبعضَ الكتبِ ويمضي.
ألمحُ صورةَ خالد على كلِّ الكتبِ..
أسارعُ بكشفِ المستور في الورقة:

"أنتظرك الآن عند الصخرة قرب البحر."
ينتظرني..
ينتــــــظرُني!
زقزق قلبي ورقص .
دارَتْ بيَ الدُنيا.
أخيرا يا خالد سنلتقي؟ وأين؟ على ذات الصخرة..قُربَ البحر؟
آه.. من وجع انتظاري .
اليوم..لا بُدَّ أن تُعَمِّدَني حبيبي بحبّك وتنسبني إليك!






#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المتوحشة - الفصل 18 من الرواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل 17 من الرواية
- ليلة الرّعب
- القصيدة المتوحشة - الفصل 16 من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل 15 من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل 14 من رواية
- يا أسوار عكا
- القصيدة المتوحشة-الفصل 13 من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصلان 11, 12 في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل العاشر من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل التاسع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثامن في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السّابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الرابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثالث في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثاني من رواية
- القصيدة المتوحشة-الفصل الأول من رواية
- قصيدة الهايكو haiku


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل ال19 من الرواية