أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي-الفصل الخامس-4-














المزيد.....

كأنّه أبي-الفصل الخامس-4-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5582 - 2017 / 7 / 16 - 02:30
المحور: الادب والفن
    


أعتقد أنّني خلقت من أجل هذه الرسالة. عندما جلبت ابنتي أزميرالدا كان عمرها خمس سنوات. أكملت اليوم الخمسة عشر من عمرها. أراها سعيدة تدخل البهجة إلى قلبي، لا تتوقف عن المزاح والكلام. طلبت مني أن تذهب مع زميلها إلى السينما، طبعاً يجب عليّ أن أوافق. لم أكن مسرورة أن تخرج معه، لكن عليّ أن أتفهم ما ترغب به، وأرغب أن تكون صادقة معي.
منذ خمس سنوات أكملنا مشروعنا أنا وغريب. فتحنا داراً للأطفال الأيتام. نموّلها من عملنا، ومن تبرّعات الفنانين العاملين معنا، ومن نشاط الأطفال.
البارحة عرضنا مسرحيّة " أحبّ أبي" كاان غريب هو الأب، وقد بكى الحضور، وصفّقوا وقوفاً.
لو تزوجنا أنا وغريب لما نجح مشروعنا. هو يشعر أنّه أب لعشرة أطفال، وأنا أم لإزميرلدا ، وللأطفال أيضاً.
قد لا يرتبط الإنسان بالآخر بمجرّد تسجيل عقد شرعي أو مدني يدعى " عقد زّواج" نحن لم نستطع فعل هذا، لكنّنا بخير، ومن أفضل الأصدقاء. لا موانع أدبيّة بيننا، ولا تملّق، فنحن في النهاية أحرار نعتزّ بعلاقتنا، وبإنجازنا. لم نخطّط للأمر.
أحبّ العائلة، وعائلتي هي إزميرلدا، وأطفال الميتم، وغريب. وقتي مليء. أشعر بمسّ من السّعادة. كتبت اليوم مقالاً في صحيفة المسرح عنوانه" الحياة تبدأ في السّتين" بمناسبة يوم ميلادي السّتين.
. . .
كبر أولادنا يا ميّ. هل تعتقدين أنّني كنت أباً؟
أنت أبّ بعشرة آباء، فقد توزّعت على هؤلاء الأطفال، وكأنّك عشرة أشخاص. أنت رائع يا غريب، لكنّك لم تنضج بعد، وهذا أجمل ما فيك.
سوف أقرأ لك المقدّمة التي كتبتها حول كتابك الذي سوف .
" أحبّ أبي" هو اسم الدّار التي أنشأها غريب، وقد كتب سيرة الدّار، وتلاميذها.
عندما جلبت ابنتي أزميرالدا من هناك. رأيت عجوزاً يبكي ابنه. لم أكن أعرف الحزن العميق إلا عندما رأيت يدين ترتجفان، وعيون تدمع، وتجاعيد تواجه العالم بصرخة أقوى من أزيز الرصاص. كأنه يقول للعالم: أنتم من قتل ابني .
فقدت أبي، لا زلت أذكره، ولا أستطيع أن أقول إلا أنه كان أباً حقيقياً، ورجلاً يفدينا بنفسه، وقد فدانا، فقد غريب أباه أيضاً بطريقة صعبة، فوالد غريب لا زال حيّاً ربما قارب على التسعين. طردته زوجته وأولادها، يعيش اليوم في بيت يشبه الكوخ كان لعائلته. هو لم يتراجع عن خطأه، ولم يرسل حتى اعتذاراً لغريب، لكنّ الأب الطّيب غريب يرسل لأبيه نفقات عيشه.
في تلك الأمكنة التي انتمينا لها دمار للحياة والإنسان. كيف تطلب من بشر دمّرتهم الحروب أن يتمتّعوا بثقافة الحبّ، وقد فقدوا أبناءهم ، وإخوتهم، وآبائهم. كلّ ما يدور في أذهانهم هو الانتقام. ما جرى سوف تكون نتائجه غير محسوبة لعقود من الزّمن.
كتاب غريب " أحبّ أبي" تتحدّث عن ذلك الفزع الذي يمتلئ فيه قلب الإنسان عندما يرحل والده من حياته دون أن يعرف السّبب. لستم مضطرون للبقاء مع أزواجكم، لكن عندما تغادرون إلى الأبد تكونون قد زرعتم الخوف في قلوب الأطفال، وهذا هو حال أبو غريب. لن يتمكن بعد الآن رؤية ابنه، لأنّه لم يحلّ الموضوع بروح المسؤوليّة . عندما يبكي غريب رحيل والده على ركبتي أشعر أنه لم يكبر، أضمّه بصمت.
. . .
كتبتِ ما أريد يا ميّ كأنّك تعرفين ما يدور في ذهني. هناك موضوع هام يتعلّق بأمّي
كتبت في مذّكراتها:
كنت في العشرين، أرغب في الزّواج ككل الفتيات في ذلك الحين، وصادف أن تعرّفت على زوجي. جلبت ورقة وقلم. كتبت: يحمل شهادة جامعيّة، لا يلزمني بالحجاب. هذا كاف. كنت أرغب أن أتزوج، وقد كنت من أسرة غنيّة أملك بعض المال، كان هدفي الزواج وهدفه المال. هو لم يخطئ . أنا التي أخطأت. قال لي مراراً أنّه لن يهتم لرأي الأطفال.
هو ينتمي لأمكنته، لا يستطيع أن ينفتح على العالم . يرغب بالدردشة على وسائل التواصل، يمثّل الصّدق والمثاليّة، ولا يعنيهما.
في تلك البلاد يوجد تنمّر بالوراثة الاجتماعية. كان متنمّراً في بلاد يصعد فيها الجاهل، ويقتل المتنوّر. إنّها بلاد الجحيم.
أحزن على الرّجال هناك. ربّتهم أمّهاتهم منذ الطفولة على أنّهم رجال ناضجون، لهم الحقّ في الاعتداء على الآخرين.
عذراً . لن أستطيع إكمال القراءة يامي، لكنّني سوف أجعلك تقدمين له وأنشره بعد أشهر بمناسبة مرور عام على وفاتها.
. . .
أتدري يا غريب بأنّني لا زلت أسمع صوت أمّي وأبي، وأجلس معهما ، أبتسم، أحضّر العشاء، ونجلس معاً، لا أعرف إن كان ذلك حقيقة أم خيال.
عندما أنتهي من كتابة مقطع ما، وأشعر بوجودهم حولي. تغمرني السّعادة. السعادة لا تأتي من وهم.
انظر إلى هذه الدّمى. صنعتها من بقايا ثياب أمّي، وصنعت دمية من ثياب أبي التي أحضرتها أمّي معها. عندما تذهب أزميرلدا لغرفتها مساء. أضع أمّي على رأس طاولة الطّعام، وأبي على الجهة المقابلة، أتناول طعام العشاء معهما ببطء، نتحدّث عن مشاريعي.
أغنّي أغنية أمّي التي كانت تردّدها:
رايح عالغربة وقف لقلك
شو نفع الغربة بلادك أحسن لك
خايف يا عمري تروح وتنساني
وابقى من دونك وحيدة آني
عندما أغنّيها أبكي، أعتقد أنّ أمّي هنا من يغنّيها. سألتها مرّة: هل تشعرين بالغربة يا أمّي؟
أجابت: أبداً يا ميّ. هذه الأغنية كنت أغنّيها في بلدي. كنت غريبة. في تلك البلاد تعيشين غريبة، وتموتين غريبة إلا إذا كنت صاحبة سلطة ومال. لقد بقيت عدّة سنوات بعد مجيئي متأثّرة بالعزلة القديمة، بعد عدّة سنوات وجدّت عملاً، وبدأت أحترم نفسي.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأنّه أبي -الفصل الخامس-3-
- كأنّه أبي-الفصل الخامس-2-
- كأنّه أبي-الفصل الخامس-1
- سارقة شينوار
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع -5-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-4-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-3-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع -2-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-1-
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-5-
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-4-
- العلمنة في ظلّ تعدّد الأئمّة
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-3-
- ماقبل جيل النّعم، وما بعده
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-2-
- رسالة امرأة في العيد
- قصّة عيد يهرب من الفقراء
- لماذا تتقلّد المرأة الأدوار الثّانويّة
- كأنّه أبي. الفصل الثّالث. 1.
- كأنّه أبي.الفصل الثّاني. 5.


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي-الفصل الخامس-4-