محمود الصباغ
كاتب ومترجم
(Mahmoud Al Sabbagh)
الحوار المتمدن-العدد: 5582 - 2017 / 7 / 15 - 03:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شاع وعلى نحو متزايد الدراسات التي تتناول تأثير كل من العرق والقومية والهوية الثقافية والسياسة على علم الآثار والبحوث الأثرية ,لاسيما بعد فترة النقد ما بعد العملياتي علم الآثار (1) وكان لهذه العوامل الاجتماعية و السياسية أكبر الأثر على علم الآثار في شرق المتوسط عموما و في الشرق الأوسط خصوصا .ناهيك عن العواقب السياسية للبحوث الأثرية في هذه المنطقة التي تؤثر على الحياة اليومية وتؤدي إلى عواقب قاتلة(2). وفي حين أن عمل لين ميسكل(3) الرائد يحتوي فقط على دراسات حالة من شرق المتوسط والشرق الأوسط، فإنه لا يتضمن مناقشة مفصلة لعلم الآثار في إسرائيل أو فلسطين(4).ويصبح مثل هذا الإغفال أكثر إثارة للاهتمام عندما نضع باعتبارنا تأكيد مورتيمر ويلر بأنه ارتكبت -ربما- في فلسطين "خطايا باسم علم الآثار أكثر من أي جزء مشابه لها على سطح الأرض" (5) .وتأمل هذه المقالة ملء هذا الإغفال الواضح من خلال معالجة التشعبات الاجتماعية والسياسية للبحوث الأثرية في إسرائيل وفلسطين.
كما تسعى هذه المقالة، في البداية, إلى توصيف غياب النظير الإسلامي لعلم الآثار الكتابي. فمن المثير للاهتمام أنه لم يتم تطوير علم آثار يحاول إثبات التفسيرات الحرفية للقرآن والنصوص الإسلامية الأخرى كاستجابة لعمل علم الآثار الكتابي في الشرق الأوسط على مدى عدة قرون .ويتعلق الجزء الثاني من هذه المقالة بالمنهاجين الرئيسين لعلم الآثار اللذين يعيران أولوية للبحوث الإسلامية , فبينما يركز عمل تيموثي إنسول(6) عن علم الآثار الإسلامي على تحديد الإثنية ودراسة التباين الإقليمي في الانتشار الثقافي، نرى أن أبحاث ألبرت غلوك الآثارية(7) للقرى الفلسطينية إنما نشأت من استياءه وعدم رضاه عن علم الآثار الكتابي . وعموما لا تحاكي دراسات غلوك الآثارية(8) التحيزات التي نراها في علم الآثار الكتابي ,بل هو يرمي إلى بناء علم آثار يدرس الحياة اليومية الفلسطينية عبر الزمن دون تجاهل واستخفاف في التنوع الإثني والديني الظاهر في هذه المنطقة المعقدة ,وعلاوة على ذلك، فإن نظرة فاحصة لاغتياله في الضفة الغربية يكشف عن الصلة الوثيقة بين علم الآثار والسياسة في الشرق الأوسط. وعلى النقيض من الظروف المحيطة بمقتل غلوك مع أفكار إيان هودر(9) بخصوص دوره المحفوف بالمخاطر كعالم آثار في تشاتال هويوك (10) ، فإن هذه المقالة تحث جميع الآثاريين للنظر في كيفية تأثير أبحاثهم على أجندات اجتماعية سياسية.
علم الآثار الكتابي
يبرهن تخصص علم الآثار الكتابي على تجاهل الأدلة المتناقضة في سعيه لتجسيد الكتاب(القدس) كما يشير إنسول(11) , ويتم تعريفه , في أسوأ حالاته، بما يشبه مطاردات الكنز العلمي لكأس المقدسة ، أو البحث عن سفينة نوح, أو قبر يسوع. و لا تزال الكثير من البحوث و الدراسات الآثارية الكتابية التي أجريت ضمن الأطر الجامعية متحيزة بامتياز في اختيار موقع عملها وتعتمد على تفسيرات افتراضية جامدة(12) .وقد عزز علم آثار ما يسمى بالأرض المقدسة التفسيرات الجغرافية الغربية المبكرة ,مثلما هو الحال في دراسة زينب بحراني (13) حول الجغرافيا الخيالية في بلاد ما بين النهرين. فعلى سبيل المثال، وفي ما يتعلق بـ "القدس، النقطة المحورية للأرض المقدسة، فقد طغى على المدينة المادية نسخة مثالية لاتشبه كثيرا النسخة الأصلية ، وأصبحت الجغرافيا المقدسة منمنمة ورمزية وموجودة في حيز المعنى الروحي" (14).وقد استدعى الحجيج المقدسي في القرون الوسطى وشبكات المعالم المقدسة إلى اكتشاف العديد من التحف والقطع الأثرية المقدسة(15). ودمجت المواقع الوثنية القديمة الهامة في الأرض المقدسة دون عائق في أسطورة مسيحية. ومع بداية القرن التاسع عشر أجريت لهذه التعيينات التمييزية البدائية تهذيبات من خلال دراسات علمية حقيقية؛ ويؤكد فوكس بأنه "كان علم الآثار الكتابي في القرن التاسع عشر بمثابة محاولة لفرض الإصلاح على الطريقة التي يرى فيها المسيحيون الأراضي المقدسة " (16).و أعطى علم الآثار الكتابي الأولوية للصرامة المنهجية وللتفسير الحرفي للنص الكتابي، التي أعطت مثل هذه الأولية و مثل هذا التفسير روحا لتحقيق مصداقية تاريخية وعلمية من خلال مادية اللقى الكتابية (17).
كان لأجندة علم الآثار الكتابي الدور المهيمن على آثاريات الشرق الأوسط منذ أن تم إدخال علم الآثار لفلسطين لأول مرة في العام 1865 عبر صندوق استكشاف فلسطين الذي كان مقره في لندن (18).فلم يول علماء الآثار الكتابيون اهتماما للمواقع الأثرية الإسلامية ,بل قاموا بكل بساطة بتدميرها بغية الوصول إلى الطبقات الكتابية الأكثر أهمية(19). كما عمل الآثاريون الكتابيون على إسناد البيانات الأثرية إلى مجموعات إثنية معينة دون غيرها ودون أدلة كافية. وهذا يعني أن جميع المواقع الأثرية في منطقة هضاب الضفة الغربية و التي تعود إلى الفترة ما بين 1200 ق.م و 600 ق.م تفسر على أنها "إسرائيلية"، على الرغم من أن العلامات الإثنية في السجل الأثري ليست واضحة (20).وفي الوقت الذي لم تعتمد فيه الطوائف الدينية اليهودية الأرثوذكسية على دليل أثري لمعتقداتهم(21) ، فقد تم استخدام علم الآثار الكتابي لتعزيز المبادئ السياسية الصهيونية. و دعت الفلسفة الصهيونية و كان هرتزل أبرز المروجين لها في أواخر القرن التاسع عشر ،إلى إعادة استيطان الوطن اليهودي التاريخي وإقامة دولة يهودية في الأرض المقدسة(22) ,وهكذا فعلم الآثار الصهيوني ارتبط بشدة بسياسة بناء الأمة في الدولة الإسرائيلية أكثر من ارتباطه كعلم آثار لإثبات المعتقد الديني .وبرزت أهمية علم الآثار القصوى بالنسبة للمسألة الصهيونية من خلال خطاب إليعازار سوكينيك، مكتشف مخطوطات البحر الميت، الذي ألقاه أمام جمعية استكشاف إسرائيل في العام 1948 حين قال " ثمة هنا في الشرق شعب واحد فقط، هو الشعب اليهودي، وهو من يمتلك ارتباطا بالماضي و بالعصور القديمة و بالآثار التي يتم اكتشافها كل يوم. إن الواقع الأثري يغرس شعورا في قلب الفرد والجمهور بأن كل شبر من هذا البلد ملكنا، ومن واجبنا الدفاع عنه والقتال من أجله. هذا العلم هو سلاحنا الروحي ودعامة هامة للدولة في طريقها نحو المستقبل "(23)ومن قبيل الصدفة أن يتم العثور على لفائف البحر الميت في نفس اليوم الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة قيام دولة إسرائيل في العام 1948. وتم -لاحقا- تنظيم عملية أثرية أكثر طموحا دعيت باسم "عملية اللفائف "، ففي العام 1991 و في إطار هذه العملية بدأ علماء الآثار الإسرائيليون بحثا منهجيا عن القطع الأثرية القديمة في المنطقة المحيطة بأريحا التي كانت ستعاد إلى السلطة الفلسطينية(24) . وهكذا فعلم الآثار الصهيوني يضفي الشرعية على الدولة اليهودية في إسرائيل من خلال المساعي الأثرية الانتقائية، والتفسيرات المحسوبة، وتدمير الماضي الفلسطيني, وقد قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة الموارد الثقافية الفلسطينية، بما في ذلك المكتبات الخاصة والعامة ومجموعات المتاحف، ودمرت القرى الفلسطينية من أجل إثبات القضية الإسرائيلية(25) .
علم الآثار الإسلامي
لم يوجد بعد ذلك الفرع من علم الآثار الذي يستخدم أساليب ونظرية علم الآثار الكتابي لإثبات وجود تشابه معه في القرآن .فلم تكن التفسيرات الحرفية للقرآن أو الأحداث التاريخية الفريدة المبينة في النصوص الإسلامية موضوعا للتحريات الأثرية. لا يبدو أن علم أن الآثار الكتابي يرتبط بعلاقة أو صلة إسلامية ما. وكان كل من إنسول(26) وأندرو بيترسون(27) قد لاحظا غياب علم آثار إسلامي من أي نوع مقارنة مع علم الآثار الكتابي وتم شرح هذا التناقض من خلال التلميح إلى الاختلافات بين العقيدة المسيحية والعقيدة الإسلامية. ويلاحظ إنسول(28) استخدام الديانات الأخرى لعلم الآثار كوسيلة لشرعنة الإيمان، ولكن لا يوجد دين يستخدم تخصص علم الآثار على نفس الدرجة مثلما تستخدمه الجماعات الكتابية. أما فيما يتعلق بالافتقار الكامل إلى علم الآثار الإسلامي، فيقول إنسول "يبدو أن لم يكن هدفا لدراسات أثرية مركزة على نحو مماثل، وثمة سبب واحد لهذا ، كما لاحظ المؤلف في مكان آخر، فمن وجهة النظر الإيمانية للمسلمين "لقد كشفت الحقيقة بالفعل و إذن فالثقافة المادية، وبالتالي علم الآثار، لا يمكنهما تأكيد أو إنكار إيمان المؤمنين(29).. في حين يستخدم الآثاريون الصهاينة علم الآثار لتقديم أدلة على الاحتلال اليهودي السابق لفلسطين، "نادرا ما يستخدم الفلسطينيون علم الآثار كوسيلة لمواجهة الادعاءات الإسرائيلية / الصهيونية، ويفضلون التركيز بدلا من ذلك على الثقافة الحية "(30).وعلى الرغم من أن الدراسات التجريبية لم تستخدم لإثبات الروايات الدينية الإسلامية، فإن إدراك القادة السياسيين الإسلاميين لاستخدام علم الآثار كأداة فعالة من قبل الآثاريين الكتابيين والصهاينة قد يولد لديهم ردود أفعالهم من خلال تدمير المواقع غير الإسلامية. ولا يمكن القول بوجود آثاريين إسلاميين يقاتلون الآثاريين الكتابيين بتكتيكاتهم العلمية الزائفة، بيد أن بعض القادة السياسيين الإسلاميين اتهموا بتدمير المواقع الأثرية غير الإسلامية. فعلى سبيل المثال، قوضت السلطات التركية في شمال قبرص المعالم الأثرية القبرصية بطريقة جعلت علماء الآثار عاجزين عن الوصول للسجلات الأثرية ,كما تغاضت عن تدمير المواقع الثقافية و النهب المنهجي للمواقع الأثرية(31) . ومن المرجح أن لا تتسامح سلطة الآثار الإسرائيلية الحذرة إزاء المواقع الأثرية الكتابية في فلسطين مع أي رد فعل إسلامي علني مشابه لذلك الذي جرى في قبرص. و مع ذلك فقد يجله الفلاحين الفلسطينيين المتحفظين علماء الآثار الكتابين بطرق أكثر سرية .
وقمت -هنا في هذه المقالة-تحديد شكلين من أشكال علم الآثار اللذان يوليان الأولوية للبحوث الإسلامية بدلا من وجود نظير إسلامي لعلم الآثار الكتابي، و لا يشمل هذين الشكلين على دراسات تاريخ الفن السائدة في إيران والعراق(32)
• الشكل الأول هو بحث تيموثي إنسول(33) عن علم آثار الإسلام، الذي يركز على المؤشرات العرقية والدينية في السجل الأثري.ويهدف عمل إنسول إلى تحقيق التوازن بين "القانون البنيوي " الإسلامي الواسع الانتشار أو "العناصر الثابتة للدين الإسلامي" وبين التنوع الإقليمي(34) وحاول أن يصوغ الفئات الإسلامية للأدلة الآثارية مثل ؛المكونات المعمارية للمسجد، وطريقة الدفن عند المسلمين، ومؤشرات المحظورات الغذائية الإسلامية، والأدلة الجماعية للبيئات المحلية والمجتمعية التقليدية الإسلامية التي يمكنها أن تحدد بشكل فعال المجتمعات الإسلامية في السجل الأثري، وأن تقيس التباين الإقليمي عبر الزمن فيما يتعلق بالمثل الدينية وخيارات أسلوب الحياة الفعلي(35) .و يتقصى إنسول أيضا الاختلافات الإقليمية في انتشار الإسلام والأدلة الأثرية بشأن التحول الديني للشعوب المحلية في مؤلفه "علم الآثار الإسلامي في أفريقيا جنوب الصحراء(36).
• وعلى النقيض من ذلك قام الناقد الصارم لعلم الآثار الكتابي ألبرت غلوك بتطوير الشكل الثاني من علم الآثار الذي يتعامل مع أهداف البحوث الإسلامية(37). وقد استخدم غلوك دراسات علم الآثار الإثني ، وعلم الآثار التاريخي، ودراسات عمليات تشكيل الموقع، والمقاربات متعددة التخصصات للتركيز على الاستمرارية الثقافية للقرية الفلسطينية. وتتطرق أجندة غلوك بخصوص علم الآثار الفلسطيني إلى العديد من التحيزات المتفشية في علم الآثار الكتابي , لكنه يطمح إلى بناء "علم آثار أفضل نوعيا" لا يستخدم "نية سياسية على حد سواء " (38)لمحو التراث اليهودي.
الآثاريات عند غلوك بوصفها ثقافة حية .
زار ألبرت غلوك الشرق الأوسط لأول مرة في العام 1962 كعالم آثار كتابي طموح وقس ومبشر لوثري ، وأصبح مديرا لمعهد أولبرايت للآثار في العام 1978 أثناء عمله في تل تعنك "موقع تعنك التوراتي"(39).ورغم هذا أصيب غلوك بمزيد من خيبات الأمل بسبب التحيزات القوية المتضمنة في الآثاريات الكتابية وقضى معظم إقامته "نحو سبعة عشر عاما"، في القدس والضفة الغربية حتى اغتياله في العام 1992. وساعد على إنشاء معهد الآثار في جامعة بيرزيت الفلسطينية ،كما ساهم في تطوير علم الآثار الذي سيعالج الاستمرارية الثقافية الفلسطينية والتاريخ الإثني المتعدد لفلسطين(40).وعلى الرغم من التداعيات السياسية والدينية طويلة الأمد لقيام دولة إسرائيل، بقي غلوك أستاذا في جامعة بيرزيت المثيرة للجدل ، حيث أبقى ولو بشكل سري على معهد علم الآثار الذي تأسس حديثا مفتوحا لمسائل للبحث والدروس عندما كانت القوات الإسرائيلية تغلق الجامعة بشكل دوري خلال وبعد الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 (41) .
توجهت جهود غلوك البحثية إلى كشف عيوب الآثاريات الكتابية وإلى تأسيس علم آثار محلي من شأنه معالجة المهمل من تاريخ و ما قبل تاريخ -أي اللاكتابي- المنطقة الجغرافية في فلسطين. ولأن الآثاريون الكتابيون طوروا تصاميم بحثية في ما يتعلق بالدراسات الكتابية وتفسير التاريخ الثقافي الفلسطيني على أنه "ثقافة منخفضة تعتمد اعتمادا كليا على الواردات الثقافية" كما هي موصوفة في الملاحم الكتابية للغزو و الاستيطان(42) ,فإن غلوك يجادل هنا بأنه ما لم يتم تحرير علم الآثار في الشرق الأوسط من "الأسطورة الكتابية" فإن هذا العلم لا يمكنه أن يدرس تاريخ فلسطين بشكل كاف (43).وقام هو بالفعل على نقيض ذلك بتكوين علم آثار سيركز على بقية الماضي الفلسطيني، بما في ذلك 1300 سنة من التوطن الإسلامي، وبالتالي تطوير صورة أثرية أكثر واقعية لهذه المنطقة.
يقوم جدل غلوك على أنه "تم تجاهل قرى فلسطين ، وبالتالي فإن الطابع الحقيقي لفلسطين لم يدرس بعد(44) " .ومن خلال الكشف عن أجندته الآثارية أقام غلوك(45) علم آثار موجه لحل المشكلة بهدف اكتشاف الماضي الفلسطيني، وليس معارضة أثرية لعلم الآثار الكتابي . ويشرح غلوك(46) كيف يهتم بطريقة علمية بالتقاليد بالنسبة لاحتياجات المجتمعات الفلسطينية. ويؤكد بأن علم الآثار(47) لا ينحدر إلى مستوى دراسة ثراء و ترف الماضي. وقد سمح له علم الآثار التاريخي على وجه الخصوص في التركيز على الماضي القريب، بما في ذلك لقى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والقرى العثمانية والتقويم النقدي للمواد المكتوبة(48) .و قضى غلوك الأشهر الأخيرة من حياته باحثا بدقة في الوثائق التاريخية والصور الفوتوغرافية لنحو 418 قرية فلسطينية دمرت خلال قيام دولة إسرائيل و ما رافق ذلك من عنف نجم عن قيام إسرائيل(49). ونشرت هذه الوثائق الحساسة من الناحية السياسية في كتاب بعد وفاته(50).ربطت مناهج غلوك الإثنية الآثارية و الإثنية التاريخية الناس الأحياء بالتقاليد الثقافية المحفوظة في السجل الأثري، وسوف تساعد مثل هذه المناهج على تطوير واختبار الفرضيات المتعلقة بالمؤشرات الإثنية المفترضة والخصبة ضمن النظرية الآثار الكتابية. وعلاوة على ذلك، ساعدت دراسات صيرورات التكوين غلوك على تفسير بناء التلال الشرق أوسطية التي تطورت من بقايا وخرائب التوطن المستمر على مدى مئات وآلاف السنين. لقد وضعت نظرة غلوك المتعددة التخصصات علماء الأنثروبولوجيا والمؤرخين والمهندسين المعماريين والمصورين للعمل جنبا إلى جنب مع علماء الآثار. وقد سعى غلوك إلى استقصاء الجوانب التي لا تزال حية من الماضي "في أنماط المستوطنات القروية التقليدية، وهياكل المباني المحلية والعامة، ونظم الكفاف، والتنظيم الاجتماعي". ومن شأن علم الآثار هذا أن يساعد الفلسطينيين على التفاعل مع ماضيهم. ومواصلة تقاليدهم الثقافية في المستقبل، على الرغم من عقود الاضطرابات السياسية والاجتماعية(51).”
اغتيال الدكتور ألبرت غلوك
اغتيل ألبرت غلوك في 19 كانون الثاني 1992. وكان قد توقف في ذلك اليوم قرب حديقة منزل زميلة تعمل معه ومقربة منه لزيارتها بعد يوم عمل في معهد الآثار بجامعة بيرزيت وفرز الفخار. لكنه لم يصل إلى باب منزلها. فقد قام شاب يرتدي الكوفية وسترة داكنة، وسروال من الجينز، وحذاء رياضي أبيض بإطلاق ثلاث رصاصات عليه فأرداه قتيلا في الحديقة الأمامية للمنزل التي لا تظهر من الطريق(52). لم تثبت الأدلة المتعلقة بعملية الاغتيال بشكل قاطع ما إذا كان المشتبه فيهم فلسطينيين أم إسرائيليين. وبينما يجادل البعض بأن أجندة غلوك الأثرية عن الاستمرارية الثقافية الفلسطينية دفعت المسلحين الإسرائيليين إلى اغتياله، يقول آخرون باغتياله كان ربما على يد الأصوليين الإسلاميين والفلاحين الفلسطينيين كردة فعل على المثل الاجتماعية والأكاديمية الغربية وسياسة الجامعة المضطربة(53) كما يرى البعض أن من قام باغتياله ليس إلا فلسطينيين متعاونون مع الإسرائيليين ، في حين يرى آخرون العكس أي ثمة هناك إسرائيليون متعاونين مع فلسطينيين قاموا باغتياله في محاولة من طرف هؤلاء الفلسطينيون للفت الانتباه الدولي لجهة تدمير ماضيهم ، ولا يمكنهم أن يقوموا بلفت النظر هذا إلا بقتل من يشرف على ماضيهم(54) و. سواء تم حل لغز مقتل الدكتور غلوك على نحو نهائي أم لم يتم ، فإن الاتهامات التي وجهتها جميع أطراف النزاع تكشف عن تقلب واضطراب علم الآثار في فلسطين.ومن المثير للاهتمام بعد اغتيال غلوك سريان شائعات تقول بأنه كان على أعتاب اكتشاف أثري كبير في مدينة نابلس وأن القوات الإسرائيلية اضطرت إلى قتله قبل أن يكشف عن عدم الشرعية التاريخية للدولة اليهودية. على الرغم من عدم قيام غلوك بعمليات حفر و تنقيب في نابلس(55) .
ومن النظريات العديدة و لكن أقل إثارة تلك التي تنحي باللائمة على الجناة الإسرائيليين وتشديدها على القوة السياسية لعمل غلوك الأثري(56) .فقد امتلكت أبحاثه الأثرية عن الاستمرارية الثقافية القدرة على تمكين الفلاحين من قضايا المطالبة بالأرض. فربما ما كان يعتبر تهديدا محسوسا لشرعية دولة إسرائيل(57) هو اهتمام غلوك بالبقايا المادية لتجربة اللاجئين الفلسطينيين(58) وتوثيقه لتدمير القرى الفلسطينية
من ناحية أخرى توجه أصابع الاتهام في عملية اغتيال ألبرت غلوك إلى الأصوليين الإسلاميين والفلسطينيين المحليين فقد نظر العديد من المتطرفين الإسلاميين بنظرة سلبية إلى مايا الفارابي أحد مساعدي غلوك و الزميلة المقربة منه و شريكته في الأبحاث(59) وقد انتشرت الشائعات بعد مقتله بخصوص علاقته مع عالمة آثار تصغره سنا بكثير(60) وفي الوقت ذاته أثار نزاع داخلي في جامعة بيرزيت في العام 1991 حرض موقفا صارما من غلوك ضد تعيين أحد طلابه الفلسطينيين السابقين في منصب جامعي الذي قال عنه غلوك أنه شخص غير مؤهل لأي منصب إداري في الجامعة أو في عضوية هيئة التدريس. وأدت هذه الحوادث ببعض الفلسطينيين المحليين إلى الاعتقاد بأن السبب في قتل غلوك كان لتجاهله العادات الثقافية والدينية المحلية فضلا عن أغفاله للباحثين المحليين(61).. غير أنه، فيما عدا سياسته الجامعية، واجه عمل غلوك الأثري الكثير من الرفض والريبة من الفلاحين الفلسطينيين الذين كان يسعى لمساعدتهم. أدرك غلوك أنه كان غريبا في المجتمع، لكنه أدرك وفهم المشهد المحلي موضوع دراساته الإثنية الآثارية المبهمة: "ليس من المستغرب أن يكون هناك تردد في استقبال مثل هذه الدراسات الإثنية-الآثارية في بعض أجزاء الشرق الأوسط بما أن المسؤولين يسعون لتعزيز رقابة الحكومة (المحلية أو الأجنبية!) دخول المنازل لطرح أسئلة من ذلك النوع الذي يمكن لعالم إثنو أركيولوجي أن يطرحها عالم ، كالملاحظة ، والتقاط الصور."(62) ويبدو أن عدم شعبيته بين الفلاحين الفلسطينيين تنبع من سرية عمله وافتقاره للعلاقات العامة، ولو قام بالكشف عن التداعيات السياسية لعمله انتصارا للفلسطينيين، فسوف تحد السلطات الإسرائيلية من عمله بشدة و / أو تلغي تأشيرته. ومع ذلك، ولأن نواياه الحقيقية كانت مضطربة ومجرد إشاعات، فقد قوبل بكثير من الارتياب من المجتمع المحلي.
تتيح دراسة بحوث غلوك الأثرية واغتياله فهما جديدا للحنكة الأثرية والإشراف على العمل لعامل آثار مثل ـ هودر. الذي باستخدامه(63) "وصفا ثخينا " للتحقيق في التفسيرات المتضاربة لموقع تشاتال هويوك فإنه يكشف الطريقة التي ينبأ فيها الموقع بصورة مباشرة عن النقاشات السياسية الخطيرة, ويكون للمواجهات على الصعيد المحلي بين الأفكار الأصولية الإسلامية وحقوق المرأة والتراث العالمي دور بارز في تفسير الموقع, لقد وجد هودر(64) نفسه في موقف فريد وغير مريح . فهو لا يعرف كيفية التعامل مع تدفق التفسيرات، وهو يشعر بالتوتر إزاء الضغط على السياسة المحلية.
ومع كل هذا , كان الدكتور غلوك أكثر عقلانية من الناحية الاجتماعية عندما يتعلق الأمر بالتفسيرات الأثرية لكنه كان في المقابل على أقل رؤية استراتيجية على الصعيد السياسي , فقد ركز كثيرا على علم الآثار ولم يركز بصورة كافية على العلاقات العامة ؛ فقد استدعى الشرطة الإسرائيلية للقبض على الفلاحين الفلسطينيين الذين كانوا ينهبون المواقع الأثرية، واستمر في علاقاته الأفلاطونية الوثيقة مع زميلته في العمل وذلك ضمن مجتمع إسلامي صارم، وعارض بشدة تعيين باحث محلي في معهد بير زيت للآثار(65). ويوضح أحد العلماء أن" [غلوك] كان يخشى من نوع خاطىء من الاهتمام نجذبه الدعاية : فهو يدرك الأهمية القومية للعمل الذي يقومون به، ولكن إذا استقطب الكثير من الاهتمام فإن حريته في الاستمرار في القيام بعمله ستكون عرضة للخطر، من قبل السلطات الإسرائيلية التي رأت أن ما يقوم به خطرا أو من قبل الفلسطينيين الذين رأوا أن عمله من الأهمية بمكان من أن يترك في أيدي أجنبي(66) وبغض النظر عن ذلك، فإن فشل عمل غلوك في تحقيق التوازن الأثري يؤثر على جميع الأبحاث الأثرية المستقبلية في الشرق الأوسط.
الاستنتاجات
بناء على هذا البحث، من الواضح أنه لا يوجد علم آثار إسلامي متميز نظير لعام لآثار الكتابي .إن تأسيس علم آثار إسلامي يتحدى علم الآثار الكتابي سيكون غير علمي ومعوقا على حد سواء من قبل التحيز السياسي والديني.ويبدو أن علم آثار غلوك هو تطور فريد من نوعه، وعلم آثار معقد، وليس تطبيق مباشر لنموذج أثري غربي على المصالح البحثية في الشرق الأوسط ، لقد فهم غلوك الآثار السياسية لعمله وحاول الحفاظ على الماضي الفلسطيني للشعب الفلسطيني من خلال الاعتراف بالتحيزات الكامنة في جميع أشكال علم الآثار الكتابي وأجندته الآثارية. وعلاوة على ذلك، يعطي الوصف ثاقب النظر لهودر(67) بخصوص المقاربة الآثارية لتشاتال هويوك Çatalhöyük قرينة لحياة و موت ألبرت غلوك .ويصبح على علماء الآثار ,من خلال التفكير في عملهم، على درجة من الإدراك ومسؤولين عن الآثار السياسية والاجتماعية في كل مكان من أبحاثهم وملتزمين بها(68).يتمم مثل هذا التقصي للسياسة وعلم الآثار في فلسطين الخطاب الحالي على الرغم من عدم توفيره تحليلا شاملا لهذه الحالة المعقدة من الأمور. يجب على جميع النقاشات العلمية حول العلاقة و الصلة بين السياسة وعلم الآثار بشكل عام أن تعالج مناهج البحث في إسرائيل وفلسطين.
........................
العنوان الأصلي للمقالة: Archaeology in Palestine: The Life and Death of Albert Glock
تأليف:Katherine Lamie
منشورات جامعة نبراسكا University of Nebraska – Lincoln
تاريخ النشر : 1-1-2007
ترجمة :محمود الصباغ
ملاحظات
1- Meskell, Lynn (editor) 1998: Archaeology Under Fire. Routledge, London and New York. And: Kohl, P.L. and C. Fawcett (editors) 1995 Nationalism, Politics, and the Practice of Archaeology. Cambridge University Press, Cambridge.
2- Meskell, Lynn 1998: Introduction: Archaeology Matters. In Archaeology Under Fire, edited by Lynn Meskell, pp. 1-12. Routledge, London and New York
3- Ibid
4- Petersen, Andrew 2005 Politics and narratives: Islamic archaeology in Israel. Antiquity 79:858-864
5- Glock, A. 1995 Cultural Bias in the Archaeology of Palestine. Journal of Palestine Studies, 24(2):48-59.
6- Insoll, Timothy 2001 a Archaeology of Islam. In Archaeology and World Religion, edited by Timothy Insoll, pp. 123-147. Routledge, London.
7-Glock, A. 1995 Cultural Bias in the Archaeology of Palestine. Journal of Palestine Studies, 24(2):48-59. Also: Glock, A. :1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3): 70-84.and Glock, A. 1984 Tradition and Change in Two Archaeologies. American Antiquity, 50(2): 464-477.
8- Ibid
9- Hodder, Ian 1998 The Past as Passion and Play: Çatalhöyük as a Site of Conflict in the Construction of Multiple Pasts. In Archaeology Under Fire, edited by Lynn Meskell, pp. 124-139. Routledge, London and New York.
10- موقع أثري تركي يعود للعصر الحجري الحديث كان مأهولا حوالي 7000 ق. م. تم حفر الموقع لأول مرة من قبل السير جيمس ميلارت في العام 1958 الذي كشفت عن مركز حضارة متقدمة من العصر الحجري الحديث. تعود شهرة الموقع لطبيعة اللقى التي وجدت وللطريقة التي تم تأويلها من قبل ميلارت (وهودر لاحقا). فوفقا لأحد نظريات ميلارت، كان الموقع عبارة عن مكان بارز لعبادة الآلهة الأم. الأمر الذي لم يلق تأييدا من قبل آثاريين آخرين. وفي العام 1993 قام إيان هودر من جامعة كمبردج بقيادة التحقيقات في الموقع من خلال برنامج عمل طموح هو اختبار حقيقي لما بات يعرف لاحقا باسم علم الآثار ما بعد العملياتي بدأ هودر وفريقه، في عامي 2004 و 2005، في الاعتقاد بأن الأنماط التي اقترحها ميلارت كانت غير صحيحة إذ لم يتم العثور في الموقع إلا على تمثال واحد يؤيد ادعاءات ميلارت في حين أن الغالبية العظمى من التماثيل لا تتماشى مع مقترحاته بخصوص تقليد أسلوب آلهة الأم الذي بدلا من ثقافة آلهة الأم، يشير هودر إلى أن الموقع يعطي مؤشرا ضئيلا على الذكورية أو الأبوية. من المفيد هنا أن نذكر أن السير جيمس ميلارت اتهم ,وقد اتهم ميلارت لاحقا باختلاق قصص أسطورية تم تقديمها على أنها حقيقية فقد كان ميلارت متورطا في القضية التي تعرف باسم قضية دوراك حين قام بنشر رسومات لقطع أثرية مفترضة تعود للعصر البرونزي و التي فقدت لاحقا , ففي العام 1965 قدم ميلارت تقريرا قال فيه أنه شاهد كنزا في منزل سيدة تركية في إزمير تدعى آنا بابا ستراتي وذلك في العام 1958 حين التقى فيها في القطار وكانت تجلس أمامه ورأى في يدها سوارا هبيا ,ولما سألها عنه قالت أن لديها الكثير منه في منزلها فذهب معها للمنزل ورأى تلك المجموعة كما يزعم , لم تسمح له السدة بابا ستراتي بالتقاط لصور و لكنها قبلت أن يوم برسم القطع الذهبية , قام ميلارت بعرض قصته على صحيفة لندن المصورة، ثم طلبت السلطات التركية منه معرفة سبب عدم إبلاغها.فقال أن السيدة بابا ستراتي، طلبت منه أن يبقي الموضوع سرا, قوبل طلبه بنشر القصة بالرفض ما لم يقدم أدلة حقيقية. الملفت للنظر في القصة أنه عندما قامت السلطات التركية بالبحث عن السيدة بابا ستراتي أتضح لها لاوجود لعنوان الشارع في إزمير فضلا عن أنه لم يعثر هناك على سيدة بهذه الاسم والوثيقة الوحيد التي قدمها ميلارت وزعم أنها رسالة بخط يد السيد بابا ستراتي تبين بعد الفحص أنها كتبت من قبل زوجة ميلارت نفسه. قامت السلطات التكية بطرد ميلارت للشبهة بتهريب الآثار. (المترجم)
11- Insoll, Timothy 2001 Introduction: The Archaeology of World Religion. In Archaeology and World Religion, edited by Timothy Insoll, pp. 1-32. Routledge, London.
12-Glock, A. 1995 Cultural Bias in the Archaeology of Palestine. Journal of Palestine Studies, 24(2):48-59.
13- Bahrani, Zainab 1998 Conjuring Mesopotamia: Imaginative Geography and a World
Past. In Archaeology Under Fire, edited by Lynn Meskell, pp.159-174. Routledge, London and New York
14 Fox, Edward 2001 Palestinian Twilight: The Murder of Dr. Albert Glock and the Archaeology of the Holy Land. Harper Collins Publishers, London.
15- Ibid
16- Ibid.pp51
17- Ibid
18-Glock, A. 1995 Cultural Bias in the Archaeology of Palestine. Journal of Palestine Studies, 24(2):48-59
19-Ibid
20-Ibid
21-Fox, Edward 2001 Palestinian Twilight: The Murder of Dr. Albert Glock and the Archaeology of the Holy Land. Harper Collins Publishers, London.
22-Ibid
23-Ibid pp77
24-Ibid, in Glock, A. 1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3): pp 70.
25-Glock,A.1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3): 70-84.
26-Insoll, Timothy 2001 Introduction: The Archaeology of World Religion. In Archaeology and World Religion, edited by Timothy Insoll, pp. 1-32. Routledge, London.
27-Petersen, Andrew 2005 Politics and narratives: Islamic archaeology in Israel. Antiquity 79:858-864.
28-Insoll, Timothy 2001 Introduction: The Archaeology of World Religion. In Archaeology and World Religion, edited by Timothy Insoll, pp. 1-32. Routledge, London.
29-Ibid pp 14
30-Petersen, Andrew 2005 Politics and narratives: Islamic archaeology in Israel. Antiquity 79:858-864.
31-Knapp, A. Bernard, and Sophia Antoniadou 1998 Archaeology, Politics, and the Cultural Heritage of Cyprus. In Archaeology Under Fire, edited by Lynn Meskell, pp. 13-43.Routledge, London and New York.
32-Vernoit, Stephen 1997 The Rise of Islamic Archaeology. Muqarnas, 14:1-10.
33-Insoll, Timothy 1999 The Archaeology of Islam. Blackwell Publishers Inc., Malden. And Insoll, Timothy 2001 a Archaeology of Islam. In Archaeology and World Religion, edited by Timothy Insoll, pp. 123-147. Routledge, London. And Insoll, Timothy 2003 The Archaeology of Islam in Sub-Saharan Africa. Cambridge University Press, Cambridge.
34-Insoll, Timothy 2001 a Archaeology of Islam. In Archaeology and World Religion, edited by Timothy Insoll, pp. 124-125. Routledge, London.
35-Ibid pp 125-139
36-Insoll, Timothy 2003 The Archaeology of Islam in Sub-Saharan Africa. Cambridge University Press, Cambridge
37-Glock, A. 1995 Cultural Bias in the Archaeology of Palestine. Journal of Palestine Studies, 24(2):48-59.And Glock ,Albert 1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3): 70-84. And Glock, A. 1984 Tradition and Change in Two Archaeologies. American Antiquity, 50(2): 464-477.
38-1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3): 83-84.
39-Fox, Edward 2001 Palestinian Twilight: The Murder of Dr. Albert Glock and the Archaeology of the Holy Land. Harper Collins Publishers, London.
40-Ibid
41-Ibid
42-Glock, A. 1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3): pp.81.And Glock, Albert 1995 Cultural Bias in the Archaeology of Palestine. Journal of Palestine Studies, 24(2)
43-Glock, A. 1995 Cultural Bias in the Archaeology of Palestine. Journal of Palestine Studies, 24(2):pp.55
44-Glock, A. 1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3):78
45-Glock, Albert 1995 Cultural Bias in the Archaeology of Palestine. Journal of Palestine Studies, 24(2):48-59.
46-Ibid
47-Glock, A. 1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3)
48-Glock, A. 1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3). Also see Fox, Edward 2001 Palestinian Twilight: The Murder of Dr. Albert Glock and the Archaeology of the Holy Land. Harper Collins Publishers, London.
49-Fox, Edward 2001 Palestinian Twilight: The Murder of Dr. Albert Glock and the Archaeology of the Holy Land. Harper Collins Publishers, London.
50-Glock, A. and W. Khalidi (editors) 1992 All That Remains: The Palestinian Villages Occupied and Depopulated by Israel in 1948. Institute of Palestinian Studies, Washington D.C.
51-Glock, A. 1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3)
52-Fox, Edward 2001 Palestinian Twilight: The Murder of Dr. Albert Glock and the Archaeology of the Holy Land. Harper Collins Publishers, London.
53-Ibid
54-Ibid
55-IBid
56-Ibid
57-Fox, Edward 2001 Palestinian Twilight: The Murder of Dr. Albert Glock and the Archaeology of the Holy Land. Harper Collins Publishers, London.
58-Glock, A.t 1994 Archaeology as Cultural Survival: The Future of the Palestinian Past. Journal of Palestine Studies, 23(3): 70-84.
59-Ibid
60-Ibid
61-Ibid
62-Glock, A. 1984 Tradition and Change in Two Archaeologies. American Antiquity, 50(2): 468
63-Hodder, Ian 1998 The Past as Passion and Play: Çatalhöyük as a Site of Conflict in the Construction of Multiple Pasts. In Archaeology Under Fire, edited by Lynn Meskell, pp. 124-139. Routledge, London and New York.
64-Ibid
65-Fox, Edward 2001 Palestinian Twilight: The Murder of Dr. Albert Glock and the Archaeology of the Holy Land. Harper Collins Publishers, London.
66-Ibid .pp.128
67-Hodder, Ian 1998 The Past as Passion and Play: Çatalhöyük as a Site of Conflict in the Construction of Multiple Pasts. In Archaeology Under Fire, edited by Lynn Meskell, pp. 124-139. Routledge, London and New York.
68-Meskell, Lynn 1998b Introduction: Archaeology Matters. In Archaeology Under Fire, edited by Lynn Meskell, pp. 1-12. Routledge, London and New York
#محمود_الصباغ (هاشتاغ)
Mahmoud_Al_Sabbagh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟