|
مأساة الأرنب الخائف وكلاب الحراسة المتوحشة
عيسى محارب العجارمة
الحوار المتمدن-العدد: 5581 - 2017 / 7 / 14 - 14:45
المحور:
كتابات ساخرة
خاص – عيسى محارب العجارمة – قبل ثلاثة أشهر خلين حل على الكسارة التي اعمل بها ، ضيفا عزيزا كهدية من سائق الجنزير الطيب ابو يزن السبعاوي من عين الباشا وقاطنيها ، وخلال زيارته لبيت والدته بقرية الجوفة بالأغوار الوسطى بالأردن الغالي ، أحتمل معه ذاك الضيف وزوجته ، وهما أرنبا أبيضا وأرنبة سكنية ، كانت على وشك التناسل والاخصاب ، ارنبة اية بالجمال ، والفيعان الارنبوي الانثوي البديع ، ودفع بها الى السوبر فايزر ، كهدية بسيطة وعربون محبة ووفاء ورفق طيب .
والذي بدوره قام بتأمين سكن كريم وعيش كريم لهما ، أنفق وأهدر خلاله يوم عمل كامل ، لبناء بيت من الشبك المعدني والزوايا الحديدية ، وقام بكل من يلزم من اعمال الحدادة لذاك الكوخ والخم الصغير ، يساعده كل العمال الوافدون ، بذاك النشاط البدني الانساني الحيواني المشترك ، حتى وددت لو كنت ارنبا زائرا او مستوطنا لكسارتنا ، حتى احصل على خدمة مواطن VIP ، كتلك الحيوانات الصغيرة الغبية المدللة ، والتي تحظى بالحظوة والسلطان .
لم تقف الامور عند ذاك الحد ، فقد طلب مني الرجل بشيء من الرجاء والامل ، والاخوية المبنية على خجل الطرف الاخر ، لا بل بتهديد مبطن يخالف قوانين العمل المرعية ، وتجاوزا وفسادا في استخدام السلطة ، أذا لا مدونة سلوك بالكسارة تحكم ذاك الامر ، بأن اذهب لمزرعة قريبة بالمنطقة .
وان احش بعضا من الاعشاب للزائرين الخطيرين ، فرفضت بكل رباطة جأش تنفيذ ذاك المطلب الجائر بحق بعض حقوقي ، الاعلامية والسياسية والسيادية ، والتي اكتسبتها بعد طول عناء ولإواء ، كمحاسب ثاني بالكسارة وهذا الامر ، سيحولني لسائس ارانب من الدرجة الاولى ، ولو كانت خيولا اصيلة ، لربما فعلت اكراما لنسلها المشرف ، وبما ان الاخيرة قد تهجن جنسها الشريف ، بجينات بغلية مجتلبة فلا مجال هنا للمساومة والرضوخ ، حتى وان كانت خيلا دخيلة .
بعصر كل يوم كان السوبر فايزر المزعج ، المالك الثاني وابا يزن السبعاوي المالك الاول ، يغادرا المكان لتناول طعام الافطار الرمضاني ، مع الاهل وابقى انا المالك الثالث بالوكالة ، او المملوك ان جاز لي التعبير ، للأرنبتين المزعجتين حارسا لهما من قطيع كلاب الحراسة الشرسة المتوحشة.
وهما كلب وكلبتين ولدت كبيرتهما ستة جراء ، نفق احدها بعد تعرض لحادث عض رجله من احداها ، لينزف جراحا بليغة اودت بحياة المسكين ، اثناء تناول بقايا العظام واللحم البلدي الطازج ، الذي كان يتم إحضاره من ملاحم ناعور ومرج الحمام ، كدعم صمود لهذه الكلاب الوفية ، دونما كلل وملل من نباح يقطع سكون الليل البهيم .
اذا هدأت وسكنت أصوات القلابات والأليات ، فتقوم بمهمة الازعاج والاحتضار الصوتي البيولوجي الرخيم ، عواء يتبعه عواء حتى لتود ان تسكن اعماق البحر الابيض المتوسط ، مع اطفال العرب النائمين ببحر الروم العظيم شديد الحلكة ، علك تحظى بنومة أبدية مريحة لا تنغصها عليك حرارة الجو والبعوض الشرس وعواء الكلاب الشرسة .
الى هنا وكانت الامور تسير بصورة طيبة ، بالنسبتين للأرنبتين العروستين السعيدتين ، الى تحولت حياتهما للسعدنة والشقاء ، حال كثير من شعوب الوطن العربي بربيعنا العبري ، فقد جاء اليوم الذي توقف به تزويد قطيع كلاب الحراسة من مادة العظم وبقايا اللحم ، بقرار تعسفي من زميلي محاسب شفت الليل، كقرار وقف التغذية المدرسية – قبل عدة سنوات - للطلاب الفقراء بالأغوار والبوادي والمخيمات ، ويصيب معظمهم فقر دم مزمن نتيجة سوء التغذية .
قصتنا اليوم شهدت نهاية دراماتيكية مفجعة ، نتجت نتيجة تعنت وعنت – ( وهنا اضع خط عريض تحت اخر أربع كلمات ، ومجمل المقال ايضا، راجيا من القراء الانتباه للتلاعب بالحروف والمعنى ، بصورة ادبية بليغة ، تعجز كل ديناصورات اعلامكم المخملي ، وصدق من قال :- اذا قلت اما بعد :- فأنني خطيبها ، يا مديرية المنتج الاعلامي بوزارة اعلام المومني ، واكتفي بمنصب وزير اعلام الظل ، رغم أرنبة أنوفكم الغبية – الى هنا انتهت المداخلة يا مومني وملقي) - زميلي المحاسب الليلي .
الذي كان يتبرع بهذه المهمة الغذائية اللوجستية القيمة ، وتم الاكتفاء ببقايا الخبز اليابس ووجبات الطعام ، المقدمة للعمال وهذا وان كان يغطي شيئا من حاجة القطيع شبه المتوحش بصراع البقاء ، الا انه لا يغني عن الزفر الدسم والعظم اللذيذ .
من هنا بدأت مأساة صديقي الأرنب ، فقد بدأت الكلاب تقترب من كوخ سكنه ، فهجره وزوجته الحامل على مضض ، وبدءا بقضاء الليل البهيم اسفل كرفان المحاسبة ، غادر السوبر فايزر بعد عطلة العيد مباشرة ، تاركا لي عبء الاعتناء بهما حراسة وتغذية على مضض ، تلك العطلة التي شهدت غزوا كلابيا ، وكلبيا ووحشيا بربريا ، أسفر عن افتراس الأرنبة الأنثى ، والتي كانت قد ولدت للتو ، عدة مواليد صغار ، نتيجة خلو المحلة من العمالة المحلية والوافدة لعطلة العيد .
والتي كنت أمني النفس ، بقضائها بربوع جمهورية جورجيا العذية – نفسي طالبة حوامض - ولكن منعني قرضي المتعثر، حتى أن أدلف لوسط البلد ، كعادتي باليوم الثاني من العيد ، والتمتع بزيارة متحف جدتي ، أسفل المدرج الروماني ، لأذرف دموعا سخية على دمى ذاك المتحف البديع ، الذي يضم في ثناياه بقايا ، ومعالم فلكلور حياتنا الأردنية البدوية والريفية ، حتى النصف الاول من القرن العشرون .
ولربما ازدراد أوقية كنافة مغطسة بالذل ، ومجلة روز اليوسف وجريدة السبيل والمجد ، من كشك صديقي ابو علي ، فهذه جل مطلبي ومطالبي من الدنيا ، يا عتاة الاوطان وجلاديه ، حتى هذه يبدو أنها صعبة المنال ، فما أنا الا ختيار بينه وبين القبر أمتار ، فهل من المعقول أن أحرم من زيارة عاصمة بلدي ، منذ خمسة أعوام بليلها ونهارها ، نتيجة قرض متعثر كلغم قابل للانفجار تحت قدمي كل لحظة وبرهة ؟
وخلاصة القول بان الارنب ، لربما نفقت نتيجة طمرها وجرائها الصغار بالرمل ، الا ان الارنب الارمل لا زال حيا يرزق حتى اللحظة ، وانا ابراء لذمتي وللتاريخ اطالب منظمات حقوق الرفق بالحيوان بأوروبا والعالم ، بسرعة اغاثته والا فالموت الزؤام مصيره ، تحت صرير قطيع اسنان الكلاب المتوحشة الضارية ، اللهم اشهد فقد بلغت .
#عيسى_محارب_العجارمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آمر مدرسة ضباط الصف الملكية
-
كشك ابو علي
-
دخان البنادق
-
وأخيرا ستجري محاكمة عادلة
-
تيم الحسن يخطف قلب حورية النيل
-
خريف البطريرك والهلال الشيعي
-
نيران صديقة
-
ربيع ام البساتين الاسيرة
-
المانيا وسياسة الباب المفتوح للاجئ السوري
-
قمة عمان ورقة على الغصن
-
تدمر عروس الصحراء
-
احمد جبريل وتسخين جبهات القتال
-
بعدك على البال يا سهل حوران
-
عشائر العراق والحفاظ على بيضة الوطن
-
الفئران تهرب من السفينة
-
الهدير القومي المطلوب بقمة البحر الميت
-
نعي صحيفة المجد الاردنية ذات التوجه القومي
-
التكفيريون الاردنيون العائدون من حلب : سامحني يا بابا
-
ليالي الانس بشرق حلب هواها من هوى جهنم
-
ايمانا بقضية الوحدة العربية
المزيد.....
-
أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21
...
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|