أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سمر المحمود - طبخة موروثة














المزيد.....

طبخة موروثة


سمر المحمود

الحوار المتمدن-العدد: 5579 - 2017 / 7 / 12 - 07:49
المحور: كتابات ساخرة
    


مع إقبالي على الزواج أعترف أنني لست بربة منزل ماهرة لا أجيد كي الثياب فكيف بالطبخ
ولكن الجهد الذي علي أن أبذله في التعلم وفي حدود إمكانياتي الضئيلة مضافا إليها النقص في سرعة بديهتي، لابد سينتهي بمعرفتي قلي البطاطا في مرحلة زواجي الأولى،
إلحاح والدتي جعلني أظن لبرهة أنها تتمنى التخلص مني مرددة بلهجة واعظة: إن الطريق إلى قلب الرجل معدته وبحماس تقول: اسأليني أنا فوالدك في كل مرة تناول طعاما لذيذا من يدي كافأني بطريقة غير مباشرة حتى لا يخدرني دلاله فتنتزع طبخاتي،
ثم تتابع محذرة إياي وهي منهمكة بكليتها في تعليمي: لا يجب أن تتواجد امرأة يقول لها زوجك طبخك أطيب من طبخ زوجتي،
وبينما تغرق رأسي بالبهارات المحلية والهندية، فأشعر بأنه سيغمى علي ، يزوغ بصري فلا أعرف كيف أميز بين الكزبرة والكمون
فتجذبني من ذراعي بقسوة : كفى رخاوة ودلال هيا راقبي جيدا كيف أشرح السمك وأنظف الدجاج وكرشة الخاروف والكوارع والمقادم ..
أصرخ بذعر: أمي لا أستطيع إنه عمل شاق يفوق التعذيب
- سيطلقك بعد عاشر طبخة أو أكلة نواشف .. تربت على كتفي بحنو
لكنني أفكر بسري أنني لن أفرط به ، أنه عريس يمتلك كافة المواصفات وأنا لا ينقصني إلا مهارة في الطبخ حتى أكون الزوجة المثالية ،
وفي غمرة إلحاحي وإنهاكي النفسي والمعنوي وصلت للتمييز بين الأرز الطويل والقصير .
في الزيارة الثانية لخطيبي جلسنا منفردين، وبكامل زينتي وأناقتي لم أترك تفصيل يفوتني فعندما دخلت والدتي تحمل العصير والحلويات أسرعت لوضع المحرمة تحت كأسه
بل أنني تصرفت باحترافية موحية بالثقة المطلقة ووزعت في صحن صغير بضع قطع من الحلويات واضعة إياها أمامه،
أحس أنه ينظر إلي بإعجاب بالغ يثير غروري .. فيذهب بي حماسي لأخبره أن تلك الحلويات من صنع يدي .. يأكل قطعة صغيرة فأسأله متلهفة
- أعجبتك؟
– نعم بالتأكيد
- صنعتهم خصيصا لك
وشرعت أسرد له إعجاب والدتي بمهارتي في التعلم السريع للطبخ دون أن يفوتني ذكر أسماء الطبخات الصعبة التي تستهلك جهدا كبيرا ممررة مكوناتها حتى يثق بخبرتي ..
لكنه يكتفي بالصمت بل إن نظرة غريبة ارتسمت على وجهه ظننتها بحدس المرأة أنها تشبه نظرة أبي حين إعجابه بطبخات أمي ولابد سيكافئني بطريقة غير مباشرة بهدية أو ربما من لهفته سيقرب موعد الزفاف فهو يتوق لأنفاسي في الطبخ والمنزل وفي حياته وكدت أطير من الفرح الذي جعلني أبالغ في وضع الحلويات قائلة بنشوة: مشان خاطري قطعة تانية وتالتة .. أنا عملتهم كرمالك،
لكن تلك النظرة الغريبة التي مازالت على وجهه أثارت شكوكي، تمالكت نفسي حتى ذهابه ودعته واعدة إياه بكعكة مذهلة في الزيارة القادمة لكنه أجاب وقد بانت ابتسامة خبيثة على شفتيه : تريدينها بيضاء أم بالشوكولاتة ؟
اتجهت نحو المطبخ تعتمرني الحيرة المشوبة بالقلق، أسأل أمي: تلك الحلويات اللذيذة شغل يديك أليس كذلك؟
- لا لقد أحضرها خطيبك أجابت ببرود، بل ببرود شديد أو هكذا شعرت وقد تسرب الإحباط إلى أعماقي مرددة بجزع: أعتقد أن الزواج صعب يا أمي .

حسنا .... بعد تلك التجربة التي قوت عودي أصبحت ربة منزل ماهرة بل أنني أفكر بعمل مدونة عن الطبخ ولو ساعدني الحظ سيكون برنامج إذاعي ولربما تلفزيوني، لكنني لا أخفي عنكم أن الطريق المؤدي لقلب أبي والذي يمر بالمعدة كان مختلفا عند زوجي الذي كافئني بوزنه الذي تجاوز التسعين كيلو غرام مع توبيخه المستمر: أن رائحتي تشبه المطبخ المتنقل وهوسي بالطبخ جعل أولادنا في المدرسة يعيرون بالبدانة والبلادة .. مضيفا بلهجة ساخرة :
- لما لا تشبيهين النساء الأخريات الرشيقات المتأنقات؟
مايشعرني بالضيق والحرج فأنظر إلى نفسي في المرآة وأرى مطبخا متحركا تفوح منه رائحة الغيظ، لكنني اعتدت معالجة غضبي متشبثة بقناعتي الراسخة الموروثة فأهرع إلى المطبخ مفكرة بتحضير كعكة مميزة تحمل الوصفات التي علمتني إياها أمي مضافا إليها رتوش بسيطة من خبرتي .



#سمر_المحمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الريح العازبة
- رتابة مألوفة
- شرٌّ تبرَّج بمحبَّة إله
- خلفاء التاريخ
- بوصلة
- أرضنا وسماؤنا
- مُرَاهَقة
- نضج
- زيارة منتصف الليل
- صدق المنجمون ولو كذبوا
- عندما سقطت تنورة المعلمة
- شأن عادي
- نصف حلم
- جرائد الطريق
- عُطَاس
- قصة ( إلا الحذاء )
- لم تكن تجرؤ .. الحرب
- غياب في وجود
- الحق العمالي همساً
- طوفان الحرب بإنتظار سفينة ألإله


المزيد.....




- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سمر المحمود - طبخة موروثة