زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 5578 - 2017 / 7 / 11 - 07:57
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يُخيّلُ إليَّ أن أحياناً أنّ الحرب ما كان واضحاً في غاية ومحدداً في تحقيق منفعة عامة ، وهو ما تقوم به الدول وحسب ، أما كلّ ما عدا ذلك ، فهو – كما أظن - عنف الصراع الاجتماعي الأبدي وقد ظهر للعَلنْ ، حاملا سلاحه على تغول فساد وقح أو ردّ إهانة متكررة لكينونة الإنسان ..
أعتقد إذا ما فرضت حركة التاريخ على الناس حيناً أن يعيشوا أحداثاً جساماً ، أو وضعتهم في فترة ما عند منعطفاتها الخطيرة ضمن ظروف مصيرية ، فإن أغلب الناس - في ظني – سيفضلون العيش في مُجتمعٍ فيه فسادٌ أكثرَ وعنفٌ أقلْ .. وسيعتقدون بقوة أنه خيرٌ وأبقى من ذاك المجتمع الذي يحتوي على عنفٍ أكثرَ وفسَاد أقل ..
ولعل السبب في ذلك يكمن في ان المجتمع الأول (مجتمع كثير الفساد وقليل العنف ) يؤسس - غالباً - لمجتمع تحكمه سلطة مجموعات من الأفراد تقوم في ميكانيزماتها التنافسية على دعم التطور البطيء للحياة العامة ، وحرص على خلق تشابكات جديدة للعقد الاجتماعي الخفي بين الأفراد ، خاصة إذا ما كان هذا المجتمع ذو هويات إثنية وطائفية متعددة ومتفاوتة في التطور العام للوعي الاجتماعي
أما المجتمع الثاني ( مجتمع كثير العنف لكن قليل الفساد ) فهو يؤسس في ظل انفراط عقد تلك السلطة ، بوصفها آداة قسر، وتحولها إلى سلطات متصارعة و متشظية أصغر فأصغر..
وعلى تعاظم سطوة العصابات الاجتماعية المتنافسة بشكل دموي عنيف، ويكون أسوءها تلك التي تحكمها اعتقادات دينية او ايديولوجية منفصلة عن الواقع المعيش، تشرعن العنف والاجرام الذي يساهم في ديمومتها بشكل كبير، و تقوم في ميكانيزماتها على الولاء للجهل المقدس او الأمير او الخليفة ظل الله على الأرض ..
وغالبا ما تعتمد على تأويلات متشابهه في دعم كل ما يدعم مفهوم الطاعة للأمير أو الزعيم أو القائد الروحي ..
في نهاية المطاف ..أنا مِمَّنْ يَزْعُمونَ أن لكلَّ جريمة فاعِلان ..منْ قامَ بها ومَنْ يُبررها ..
ولكن في ظني ، غالباً ما يكون الفاعل الثاني هو الأطول عمراً والأسوأ خلقاً وربما الأخطر ، لكونه يُساعد دائما على خلق الظروف المواتية لتكرار الجريمة ، بشكل جديد و مُرَوّع أكثرَ ، و يدفع نحو إيجاد قاتل آخر أشدُّ قسوة وأكثر ثقة وإعتداداً بالنفس ، لأنه سيكون حينها ، مُحَملاً بتاريخ عظيم من مُباركات القتلة العِظام السابقين ، ومستنداً إلى إشاداتِ نصوصٍ تطفحُ بالهذر المُقدّس والمُمتد حتى عنان السماء..
وللحديث بقية ..
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟