عاطف الدرابسة
الحوار المتمدن-العدد: 5577 - 2017 / 7 / 10 - 04:28
المحور:
الادب والفن
قلتُ لها :
يدايَ ترتعشان ، وثمّةَ بقايا من دمعِ الشّمسِ في عيني ؛ فلا أجرؤ أن أرفعَهُما في وجهِ طفلٍ مُصابٍ بذُلِّ الرّصيف ، ولا أجرؤ أن أنظرَ إلى وجهِ امرأةٍ يرتسمُ على شفتيها ألفُ سؤال ، ورائحةُ شبقِ الحربِ تتسرّبُ من جسدها كما يتسرّبُ الغاز من أسطوانةٍ مثقوبة .
لم نعُد يا حبيبةُ نُشبهُ البشر ، صرنا سطوراً على ورق الصُّحف ، وصوراً على صفحاتِ شاشاتِ التلفاز .
نجلسُ بينَ يدي الليل كغريبينِ يرفضهُما المكان ، وينظرُ إليهما ضوءُ الشّمعِ باحتقار كأنّهُ يقول : أنتم لا تستحقّونَ أن تعيشوا في النور ؛ لأنّكم أبناءُ الظّلام .
يا حبيبةُ :
ها نحنُ نقعُ فريسةً بينَ فكّي الموجِ ولا شيءَ يحمينا ، فقد سقطتْ صورةُ " العذراء " عن جدارِ ذاكرتنا ، وغابت سورةُ " الفلق " من صدورنا .
يا حبيبةُ :
أرْخَينا أعنّةَ غرائزنا للفتنةِ ، فانطفأَ النّورُ في عقولنا ، وأشعلتْ حرائقُ الخيانةِ المكان .
ما زلتُ أسألُ :
من الذي أطلقَ الرصاصةَ الأولى على شمسِ الشّرق ؟ ومن الذي اغتصبَ أولَ عذراء في دمشقَ وبغدادَ وصنعاء ؟ ومن الذي ضاجعَ عرائسَ المدن ليُعلنَ ولادةَ الغُروب ؟ ومن الذي سرقَ الحُلمَ من عيونِ الحمام ؟ ومن الذي سرقَ الماءَ من عيونِ الينابيع ؟ ومن الذي سرقَ الهواءَ من رئاتِ الأطفالِ ،ومن الذي سرقّ من أغصانِ الشّجرِ صوتَ البلابل ؟ ومن الذي باعَ الوطن بكأسِ خمرٍ من دموعِ السنابلِ ؟
يا حبيبةُ :
لم يعد لنا إلّا هذا العراء ، أحتاجُ إلى صوتك ؛ فبي شوقٌ إلى البُكاااااااااء ..
د.عاطف الدرابسة
#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟