|
حركة النهضة جزء من الأزمة الراهنة
أمينة النقاش
الحوار المتمدن-العدد: 5571 - 2017 / 7 / 4 - 09:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ضد التيار: حركة النهضة جزء من الأزمة الراهنة
ليس عصيًا على الفهم أن يسعى راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة الإخوانية فى تونس إلى القيام بوساطة لحل الأزمة بين الدول الخليجية وقطر، فقد توجه الغنوشى بنداء إلى العاهل السعودى الملك سلمان متمنيًا عليه “أن يجمع كل أبنائه مجددًا على طريق واحدة..كلهم إخواننا ونأمل أن يعدوا إلى وحدة الصف ووحدة القلب، وإلى التعاون “. وعلى طريقة تقسيم الأدوار اعتبر الغنوشى السعودية ” مركز وقبلة كل المسلمين ” وأوحى بأنه يتبنى الموقف الرسمى التونسى الذى يقف على مسافة واحدة من كل أطراف الأزمة، ليقنع المملكة بقبوله وسيطا، فى الوقت نفسه الذى شن أعضاء حركته وأسرته هجومًا كاسحًا على المقاطعة الخليجية لقطر. ففى أعقاب ثورات الربيع العربى، لعبت قطر دور الداعم الإقليمى لجماعة الإخوان فى المنطقة. وكما حدث فى مصر، دخلت قطر بقوتها المالية عبر حركة النهضة وغيرها من التيارات الإسلامية إلى الساحة التونسية، واتخذت من الدعم السخى للجمعيات الخيرية غطاء لنشاطها الذى دعمته حركة النهضة وهى تقود الحكم،بتدريب آلاف من الشباب التونسى للالتحاق بالمنظمات الدينية المسلحة فى سوريا وليبيا، كما لعب عزمى بشارة دورًا فى تجنيد عدد من المثقفين التونسسيين، فى أنشطة بحثية تروج للدور القطرى، ولتيارات الإسلام السياسي وفى القلب منها جماعة الإخوان، وحركة النهضة باعتبارها النموذج الذي ينبغى أن يسود دول المنطقة.
تتحسس حركة النهضة رأسها، لأنه لم يعد مستبعدًا أن يتم إدراج أنشطتها فى قوائم المنظمات التى اعتبرتها الدول الخليجية إرهابية، وهى تسعى للوساطة من أجل نفسها من جانب، ودفاعًا عن ممولها وحاميها القطرى من جانب آخر،بينما هى جزء من الأزمة، والمتابع للوضع التونسى يدرك بسهولة أنها تعرقل التطور السلمى الديمقراطى فى البلاد، و تعمق الانقسام، وتشيع التطرف والتشدد الدينى الذى يمد شريان الحياة لداعش وجبهة النصرة والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية التى تحيا على أنقاض دول المنطقة!
قبل نحو عام وعلى ضوء الزلزال المصري الذى أطاح بحكم جماعة الإخوان أعلن راشد الغنوشى عن تقسيم حركة النهضة إلى قسمين، أحدهما دعوى والآخر سياسى،فى مسعى منه للزعم بأن حركة النهضة الإسلامية باتت حزبًا سياسيًا مدنيًا،كما هو الحال فى الأحزاب الديمقراطية المسيحية فى الدول الأوروبية. وفى سياق تأكيد زعمه قال إن مصطلح الإسلام السياسى فضفاض ولا قيمة له،وأن حزبه اختار أن يعمل للمستقبل الذى لايمكن الخلط فيه بين السياسة والدين.و فى غمرة تلاعبه بالمصطلحات، نسى الغنوشى أن حلفاءه فى جماعة الإخوان بمصر قالوا مايشبه ذلك، وأنشأوا حزب الحرية والعدالة، وحين تولوا السلطة، أقصى مكتب الإرشاد الحزب والرئيس والوزارة والشعب وركنهم على الرف، وبات يتحكم فى كل صغيرة وكبيرة فى البلاد. وهو نفس ما فعله حليفه التركى رجب طيب أردوغان الذى كان يتباهى بعلمانية حزبه الحاكم العدالة والتنمية وهو يمحو على المستوى التشريعى والمجتمعى والدستورى، الهوية الثقافية والوطنية التركية التى سادت منذ عام 1924، لينصب نفسه ديكتاتورًا.
لقد حكم الغنوشى ووزراء حزبه تونس على امتداد عامين ضمن ائتلاف حاكم، فى أعقاب سقوط “بن على “فشكل حكمهم أرضية خصبة لتصاعد التطرف الدينى والعنف والإرهاب، بعدما استولوا على المنابر الإعلامية والثقافية والتعليمية، وفتحوا الحدود لتدفق الأسلحة والإرهابيين من وإلى ليبيا بدعم قطرى، وإقامة معسكرات تدريب للتجنيد لداعش، لتصبح تونس أكبر دولة فى المنطقة تمد هذا التنظيم الإرهابى بشباب تم التغرير بهم بزعم الجهاد فى سبيل الله. كما انتشرت فى كل مكان المليشيات المسلحة خارج إطار الدولة والقانون،و تصاعدت أثناء العامين حوداث الاغتيال السياسى التى طالت قادة أحزاب معارضين لحكم النهضة وسياساتها، ومسئولين عسكريين وأمنيين، وحوادث قتل غامضة لنساء وفتيات،فضلا عن التفجيرات التى عطلت النشاط السياحى ، ورفعت من نسبة العاطلين عن العمل..
وفضلا عن العقلية البرجماتية للإخوان،فإن عرض وساطة الغنوشى هو مسعى جديد لتفادى أن تقتلعه العاصفة العاتية.ففى الداخل تخسر حركة النهضة لغالبيتها فى الانتخابات الأخيرة، وتتزايد أصوات المعارضة المدنية الرافضة للأحزاب الدينية،التى يحظرنشاطها الدستور، ولتيار الإسلام السياسى الذى فشل بكل فصائله فى تقديم نموذج حكم واحد رشيد، لا يخاصم فيه الدين الأسس العصرية لبناء المجتمعات الحديثة و وأخيرًا الهبة الخليجية لمحاصرة الدول الداعمة للإرهاب ولمصادر تمويله، والدعم الدولى المرافق لذلك.
حزب النهضة ليس وسيطا بل هو جزء أصيل من الأزمة القائمة الآن مع إمارة قطر، التى اختارات أن توظف أموال الشعب القطرى فى دعم وتمويل المنظمات الإرهابية، ثم تغدو وسيطا بين تلك المنظمات و دول الإقليم كى تصطنع دورًا لنفسها، وهو دور لا تقوم به دول، بل تلعبه فقط عصابات المافيا الدولية!
#أمينة_النقاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوهام محمود حسين السلمية
-
ضد التيار: ألعاب خطرة
-
من أين أستقى ترامب تعصبه ؟
-
نداء إلى فضيلة الإمام شيخ الأزهر
-
وحدة الإخوان مع الفلول
-
الغائب الحاضر ناجى العلي
-
قانون الكنائس فى قبضة المتطرفين
-
فتنة الخطبة المكتوبة
-
ضد التيار : جريمة لا تسقط بالتقادم
-
الصمت علي الفساد.. فساد
-
حكاية لمن يهمه الأمر
-
لا حياة لمن تنادي يا سيادة الرئيس
-
سياسة الإنكار
-
ضد التيار : وتحيا الرأسمالية الوطنية
-
فن تكوين الأعداء
-
:انتبهوا أيها السادة
-
تاريخ مشين للجماعة
-
ضد التيار :وماذا لو لم يأمر الرئيس؟
-
ضد التيار:خطاب الرئيسين
-
مفتى الإرهابيين
المزيد.....
-
بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س
...
-
أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
-
الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين
...
-
قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
-
-CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه
...
-
مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م
...
-
العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
-
موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
-
قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
-
رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|