أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - تيسير الفارس العفيشات - التاريخية هل هي إنتصار لوعي ممكن















المزيد.....



التاريخية هل هي إنتصار لوعي ممكن


تيسير الفارس العفيشات

الحوار المتمدن-العدد: 5566 - 2017 / 6 / 29 - 15:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نستخلص مما أثرناه سابقا إن الفكر الواقعي يمثل مرحلة من المعرفة أكثر تطورا من الفكر الأسطوري ولكن أكثر ضعفا، وهذا يؤدي الى نتيجة غير مقبولة من قبل الفكر الإسلامي، نحن نقصد على العكس أن نفرض المقابلة وجها لوجه بين هذين النموذجين ، ضمن هذا المنظور تبدو تاريخية القرآن أنها إنتصار لوعي ممكن على ما سواها من أنواع الوعي التي كان لها ايضا حظها من الإنتصار، من وجهة نظر تاريخية نجد أن المعارضة التي لقيها النبي في مكة، والمعارك التي قادها من المدينة تشكل عددا كبيرا من أشكال التطور التاريخي . إن مفهوم الوعي الممكن يبدو أساسيا من أجل بلورة الحجم النسبي للوعي التاريخي المنتصر الذي حول التاريخية المحتملة الى تاريخية ضرورية وفوق تاريخية، وذلك بعد حدوث الفعل مباشرة وبشكل تعسفي وهذا ما جعل نوعا من الصمت يتبلور هنا لدى المؤرخين خصوصا عندما يكون تاريخا رسميا، حيث يتجاهل كافة الدروس بل والأحداث والأحتمالات الممكنة وغير الممكنة، وتصبح الحقيقة هنا حقيقة تبريرية،على الرغم من ذلك هناك شيء لا يمكن إنكاره أو التغاضي عنه، هو أن الذاكرة الجماعية تتشكل دائما من قبل سلسلة متلاحقة من الأحداث التاريخية التي تؤدي الى ولادة تراث حي، حيث يستمد كل فريق من الفرقاء العناصر التي تشكل هويته وحقيقته، ضمن هذا المعنى فإن التاريخية تبدو جوازا إحتماليا وحقيقة مجربة في صلب التاريخ من قبل الوعي الجماعي، وبسبب أن القرآن أصبح حقيقة معاشة من قبل المسلمين في كل مستويات وجودهم الفردي والجماعي، أي المستوى الأسطوري والشعائري والأخلاقي والجمالي واللغوي والخيالي والعقلاني .. ألخ، الأمر الذي يعني أن أي تساؤل يتعلق بمدى صحته كوثيقة تاريخية يصبح مسألة ثانوية أو هامشية، بالمقابل فإن هذا التساؤل يمكن أن يتخذ أهمية نظرية عظمى إذا ما توقف القرآن عن أن يكون معاشا .. وهذا ما يحيل الى موضعة كل يقين ،نعتقدة على محك التساؤل، من أجل أن نبقى في هذا الخط التفكيري في تاريخية القرآن، ولكي نتجنب كل مغالطة تاريخية علينا أن نتناول ثلاثة مسائل غاية في الأهمية دون الفصل بطبيعة الحال بنيها :
الحقيقة والتاريخية في القرآن
الحقيقة والتاريخية في الإسلام القديم.
الحقيقة والتاريخية في الإسلام الحديث.

الحقيقة والتاريخية في القرآن.
لا يكفي في الواقع أن نشرح كيف أن القرآن يُعلم الحقيقة عن طريق استخدامه للقصص القديمة الخاصة بالمبادرات الإلهية والموجهة الى الأنبياء والشعوب القديمة. إننا اذا فعلنا هذا نقع في براثن الوصف الإيمائي الذي لا علاقة له بالتوترات والصراعات الإجتماعية الثقافية المتضمنة في الخطاب القرآني السائد في حينة، ثم الصراعات المتولدة فيما بعد، بسبب قراءات ذلك الخطاب، إنه لا يمكننا أيضا الأكتفاء بالتحدث عن التاريخ الدنيوي الذي يندرج بطريقة متقطعة ضمن المسار المستقيم لتاريخ النجاة، الذي يبتدئ منذ الخلق الأولي للكون وينتهي بيوم القيامة .
الشيء المهم هنا هو أن نُخرج الى دائرة الضؤ تلك الصعوبات التي ترافق حتما كل تاريخ، أو كل فلسفة للتاريخ، ونحاول شرحها وبيان وظيفتها، منذ اللحظة التي تقرر فيها أخذ الأعتبار بمفهوم التاريخية وخارج كل الأعتبارات للنقد الذي يمكن أن يوجه الى مثل هذه النتائج، من أجل توضيح هذه الفكرة نأخذ الآية التالية :
( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين..) هود 120
تعد القصة الشكل النموذجي الأمثل للتعبير عن الفكر الأسطوري، ذلك أنها تستخدم عناصر مختلفة من التراث الشفهي المشترك لدي مجموعة بشرية معينة، ولكن القصص التي تخص الأنبياء تحيلنا أيضا الى تراث مكتوب هو التوراة . تأثير هذه القصص على وعي سامعي القرآن يختلف بحسب طريقة التلقي، أي أنها إما أن تتلقى على طريق الوعي الأسطوري، وإما عن طريق الوعي التاريخي، مهما يكن من أمر، فإن مهمة التحليل التاريخي لا تتركز في الكشف عن المؤثرات التي أتت من مصادر موثوقة أوغير موثوقة، وبالتالي إدانة الأخطاء والتشوهات والإضافات التي يمكن أن توجد .. الأمر المهم هنا على الأقل أن نبين كيف أن الإخراج الأدبي للقصص القرآني هل تمكن بالفعل من إيصال الحقيقة والكينونة المؤسسة للوجود. أم تم الأكتفاء بالمحاججة الجدلية لجماعة الرفض ؟ أما تثبيت الفؤاد فإن هذا التعبير يأتي ضمن التعبير القرآني لتقوية وترسيخ الموقف العاطفي من أجل تلقي الصور المثالية وتقبل الأوامر والنواهي الموجهة من قبل الله .
أذا ما استخدمنا الألسنية هنا، فيمكن القول بأن هذا التثبيت للقلب هو ما يدعى بنظام الذات، أي شبكة الإدراك الحسي وحل رموز الواقع وتركيبها، هذه الشبكة هي نفسها شبكة الخطاب القرآني وقد أستبطنه القلب المؤمن شكلا ومضمونا، هكذا نجد ان التسليم بالنفس لله ليس فعلا روحيا صرفا فحسب، بل هو الدخول في نظام من العلامات والاشارات .. تمثلها الطقوس والشعائر واللغة، هذا المناخ السيميائي الآتي والمتغير الذي يرتبط به المؤمن بشدة ويلون كل المسار المعرفي له، هذا ينقلنا الى مفهوم الحق بلغة القرآن .. كان هذا المفهوم الأفتتاحي للقرآن قد فسر بشكل أحادي المعنى الثابت بمعنى الواقعي الحقيقي . أي الله كما يتبدى هو نفسه من خلال كلامه ، إذ هو الذي يكشف عن نفسه في القصص القرآني عن طريق الفعل الذي يمارسه على الأشخاص وسير الأحداث، يبدو التاريخ هنا برواية الله . الله هو راوي التاريخ وهنا لابد أن ينصاع الوجود البشري مما يجعل هذا الوجود في محل التسامي نحو الأمل الخيالي الذي تحركه الروح بعد العبث في قواها التصويرية بواسطة الأسطورة،
لكن فيما يخص جماعة المعارضين من أهل مكة لهذه القصص القرآنية، فإن هذا المفهوم للحق يتخذ معنى المماحكة الجدالية ضمن مقياس أنه يجبر على تعديل بنية الوعي الديني العربي السابق للقرآن كما يعدل من إقتصاد النجاة الموجودة في التوراة ، هكذا تظل المعارضة في نفس المستوى الأسطوري لتاريخ النجاة، بالرغم من كل تلك المجادلات التي دارت حول مشكلة تحريف النصوص القديمة والعبث الذي طالها، لكن الوعي الأسطوري يظل منغرسا في كلا الوعيين، وهذا ما يجعلنا ندرك تماما أن مدى الأنحرافات التي أحدثها القرآن تظل في مستوى واحد مع الوعي القديم، وهذه هي الحقيقة المرعبة التي ندور حولها في هذا البحث، كما ظلت تلك الإشكالات الحافّة لسياق المفاهيم الجديدة هي ذاتها دون أدنى تحوير في بنية المعرفة الجديدة، اما الموعظة والذكرى التي أنتهت إليها الآية، فيفترض هذان المفهومان زمن مثالي منسجم وثابت هو زمن القصة أو الحكاية توجه إندفاعة القلب وحماسته نحو معان مضت، لكن هذه المعاني تبقى حاضرة في واقع الإنسان ومستقبله، هذا الحاضر والمستقبل الدنيوي هما أيضا موجهان نحو ماض مثالي وذلك من قبل مبادرات الله . إن إعادة التذكر لماضي كهذا تتخذ حال ذاك أهمية وجودية بشكل اساسي ثم تاريخية بشكل ثانوي، في الواقع إن النماذج المثالية لا تتبلور ولا تمارس فعلها إن لم تعرض على شكل نسق معين لتحولات القصة، ومهما يكن نوع هذا النسق المختار، فإن هذه التحولات تقودنا الى التاريخية، أي الى زمن متحرك وإلى تشكيل فكرة واضحة قليلا أو كثيرا عن ماض قد انتهى زمنيا، نجد من خلال القصص القرآني أن وعيا تاريخيا بدئيا يميل الى الظهور والأنبثاق ضمن دائرة الوعي الأسطوري السائد، ولكن التفاسير الإسلامية قد أظهرت أن هذا الإنبثاق كان دائما محدودا، لهذا المفهوم قيمتان تكشفان الى أي مدى يمكن للتاريخ والأسطورة أن يتداخلا، حيث طبقا للهدف القرآني، فإن هذا المفهوم يحيلنا الى مفهوم الأمة، أي الأمة الروحية، وهي أمة فوق تاريخية، وأن هذه الأمة سوف تبعث من قبورها من أجل الحياة الخالدة، هنا تتمفصل النوازع الذاتيه حتى فيما يستبطنه الفرد الذي يسعى الى إستبقاء حياته الأرضية وإن جاءت بشكل مغاير في الأبد أو الحياة الأبدية، لكن تاريخيا نجد أن المؤمنين ليسوا في البداية إلا مجموعة بشرية إجتماعية ثقافية في طريقها الى الأنبثاق والظهور، ومع تجربة المدينة تتحول الأمة الى مجتمع تاريخي مزود بدولة ومؤسسات ومسؤوليات وله أهداف سياسية وعسكرية ومطامح نحو التوسع والأمتداد، ذلك أن الذين يدخلون في دين الله أفواجا هم في الوقت نفسه مناضلون من أجل قضية سياسية، كيف يمكن التحدث عن هؤلاء الناس وعما كانوا فعلوه وفكروا فيه، وعن الشهادات التي أتوا بها، ما أن نصل الى هذه النقطة من التداخل بين الأسطورة والتاريخ ، حتى نجد أن خطاب المؤرخ ينفجر غالبا في إتجاهين، الأول هو الذي يستعيد المفردات الدينية التقليدية من أجل أن يؤكد أكثر على رؤيته الأخروية، والثاني استخدامه للمصطلحات الواقعية التي تلتصق بالواقع الموضوعي .
من أجل أن أصل الى نهاية منطقية لهذه الآية سأترك هايدغر يقول:
( إن ما كنا حددناه تحت مفهوم التاريخية وذلك باستنادنا الى العامل المكون والمحرك للتاريخ الذي يتشكل داخل القرار المسبق، هو ما ندعوه الآن بالتاريخية الموثوقة الصحيحة للوضع البشري ) .
إن تاريخ الاسلام بكافة جوانبه الميتافزيقية والإجتماعية والتاريخية تظهر الى أي مدى كان القرآن قد شكل البؤرة أو المضخة التي حركت التاريخ وكونته وشكل المصير الذي سوف تؤول له الذات في ما يسمى بتاريخ النجاة .
لكن ينبغي أن أطرح مع هايدغر السؤال التالي :
ما الذي يحصل إذا ما توصلت التاريخية غير الموثوقة وغير الصحيحة الى تغيير المنفذ الذي يؤدي الى التاريخية الموثوقة والصحيحة ؟

الحقيقة والتاريخ في الاسلام التقليدي أو الكلاسيكي
مسألة تغيير المنفذ الى التاريخية الصحيحة إتخذت دائما أهمية كبرى وذلك تحت مصطلحات مثل الخط المستقيم، أبتداع أو الرجوع الى المنابع الأولية، محاولة ترميم الصيغة الصحيحة للتاريخية، كان يتمفصل دائما في ثنايا التحريك نحو خلق مشكلة أخرى هي مشكلة الأبتداع، وهي الطريقة التي طالما كانت محورا لعب عليه الفقهاء زمنا طويلا محاولين تأصيل نموذج العودة الى الوراء، لكن مع إضفاء طابع التأصيل على آرائهم وتوجهاتهم الفكرية، كل تلك المسافة التي تفصل بين البحث القلق من جهة ، والتأكيد على اليقنيات من جهة أخرى، هكذا يبدو خطيرا أن نطابق وبسرعة بين مفهوم الخط المستقيم الذي أحله القرآن، وبين مفهوم آخر هو مفهوم الجماعة المؤمنة، إن الجواب على السؤال السابق يتطلب إعادة قراءة جذرية لكل تاريخ الإسلام، وعند ذلك لن نكتفي بوصف دقيق ومحكم للظواهر العارضة على التاريخ السطحي، لكن سنقوم بفك رموز كل معطيات التاريخ العميق، اي العناصر الاساسية للتصور وبنى القرابة والبنى الاجتماعية والفرضيات المتعلقة بالمعنى وبتمفصلة والفرضيات المتعلقة بالحياة والعالم والإنسان واللغة والألسنية والأحوال النفسية للمجتمع التي تولد الوعي الخاطئ وتفرض استمرار التاريخ .

الحقيقة والتاريخ في الإسلام الحديث
إن مفهوم التاريخية يجبرنا أن نعيد النظر في التاريخ المكتوب للإسلام الحديث على ضوء المسار الواقعي للحداثة كما حصلت في وعي المثقفين المسلمين، وفي الوعي الجماعي بشكل عام وفي البنى الإجتماعية التقليدية . إن مسارا عريضا في هذا الموضوع لا يمكن أن نقطعه في البحث سأذّكر فقط بالخطوط الكبرى التي سأعود إليها في غير موضع من هذا البحث .
كان الإسلام الميتافيزيقي في القرن التاسع عشر لا يزال حيا تحت صيغة إعلان الشهادة بشكل فطري وبشكل شعائر خاصة بمؤسسات الدولة العثمانية الصارمة ثم بشكل آداب مرتبطة قليلا أو كثيرا بعلم الأخلاق والقانون النظريين .
راحت العقائد والعادات المحلية التي لم تمح من قبل التعاليم الإسلامية تستعيد كل قوتها في المجتمعات التي تراجعت فيها سلطة الدولة المركزية وسلطة رجال الدين لمصلحة السلطات المحلية التقليدية، بمعنى آخر يمكن القول بأن الإسلام كدين كان لا يزال يشكل آنذاك وعلى درجات متفاوته وحسب البيئات قاعدة البناء العام للمجتمع، لكنه لم يكن واعدا بالمستقبل، كما كان عليه الحال في بداياته عندما ظهر في مكة.
ذلك أن مبادرة العمل التاريخي بالمعنى المليء للكلمة كانت قد أحتكرت من قبل الغرب منذ القرن السادس عشر، اذ راحت المجتمعات المسيحية قبل المجتمعات الإسلامية بوقت طويل جدا تقدم تجربة أكثر حيوية إنطلاقا من الحداثة العقلية ( مع ديكارت وسبينوزا ونيوتن وغاليليو.. الخ ) ثم الحداثة المادية بواسطة تدخل الآله هكذا بمواجهة الحقيقة الموحاة التي آمنت بها المسيحية، راحت تنبق سلطة علمانية تؤكد على إمكانية العقل البشري أن ينفتح المعنى والقوة باستقلالية كاملة، كل هذا أثار صراعا لا يزال مستمرا، والواقع أن هذا الصراع الذي يواجهه الإسلام مع الحداثة كانت المسيحية قد واجهته مع بدايات حركة الأصلاح والنهضة. لكن الوقت الذي راح فيه التعارض والتناقض المتبادل ما بين الفكر اللاهوتي والفكر العلمي يتطور على شكل توتر خلاق، راحت الإسلاميات الاجتماعية للقرن التاسع عشر تتعثر وتقف شبه عاجزة في مواجهة الحداثة، وظلت تتمسك بالبنى القديمة والهياكل العتيقة.. اننا نجد أن مفهومي الحقيقة والتاريخ يغيران تدريجيا من محتواهما كل ما تقدمنا رويدا رويدا من محاولة التحرر العربي وعلى الأخص هذه المجتمعات التي أخذت تتحرر من حكامها التاريخين، إن الأستخدام الأيديولوجي للإسلام التاريخي يحل محل الحوار بين الأنا الآلهية والأنا البشرية الذي كان يحكم إطار حياة المؤمن وفكره قبل هجوم الحداثة، يجب أن نؤكد على أن التقدم الحقيقي هو الجهد العنيد البطيء والمخيب غالبا لكن المثير في بعض الأحوال والذي يقوم به الفرد في أن يجعل حدود المجهول تتقلص وتتراجع باستمرار، نجد من وجهة النظر هذه أنه ليس من العدل ولا من الإنصاف ان ننظر بعين الريبة والشك للتقدم العلمي للإنسان، وأن نستسلم لمزاج الإحباط ذي البعد الأيديولوجي السائد اليوم في الغرب كموضة أو زي رائج، ما هو ذو أهمية بالغة أن تقدم العلوم وإنجازاتها كان قد صرف عن مجراه الصحيح من أجل أن يخدم مصالح طبقات معينة ونخب قائدة، ويمكن أن يتلاعب بهذا التقدم كل أولئك الذين لا علاقة لهم بالبحث عن التاريخية والتقدم وإطلاق الروح الوثابة للمجتمعات برغم ثرثرتهم المزعجة عن القيم والقومية الأصلية التي تعبر الأيديولوجيات عنها .
إن المجتمعات الإسلامية المعاصرة لن تنجو من هذا الأنحراف للعلم، برغم ما تطرحه هذه المشاكل من تحد خطيرعلى هذه المجتمعات التي لم تستفد من التجارب الحية الماثلة أمامها والتي غيرت كل شيء، بل أثارت كل المخاوف التي لم تكن بالحسبان.
بعد أن تزودنا بهذه التحديدات الخاصة بالإطار التاريخي فإنه يمكننا أن نعود الآن الى
القرآن هذا المدون الذي إنبثقت عنه كافة المدونات التأسيسية الأخرى للإسلام، أقصد هنا على وجه الخصوص القرآن بصفته مجموعة من العبارات الشفهية.
سأعمد ألى ضرب نموذج طويل بعض الشيء لتوضيح فكرة التحولات للنص وطريقة تغذيتها الإسترجاعية ثم بنى التركيب والحفر التاريخية، وذلك من خلال أهم عمل أجري على القرآن لدى المسلمين وهو كتاب الاتقان للسيوطي ..
لماذا أختار السيوطي وكتابه ( الاتقان ) في هذا البحث الذي نطمح من خلاله للكشف عن تلك الأشياء التي لم يفكر فيها داخل القرآن ذاته، وتحولت عبر عمليات الضغط التاريخية والطقوسية الى ما يطلق عليه في مدرسة الحوليات (المستحيل التفكير فيه) ، ثم كيف تحول هذا النمط الفكري عبر عمليات كثيرة من التحوير،الى جدل من نوع خاص أي جدل لا يسعى الى انتاج المعرفة والوعي بها، بقدر ما يهتم بنوعية التمظهر النمطي للمعرفة ، حتى تحول العقل برمته الى دائرة مغلقة يقتات ذاته، ويعيد انتاجها باستمرار ، ولم يعد في مستطاعه أن يتحرك حركة فعالة وفاعلة ، لأن تلك القوى التي هيمنت عليه عبر قرون طويلة وضعته في مساره القسري هذا، وراحت تؤسس لمعرفة خارج العقل، وخارج السياق العام للتاريخ ، نختار الاتقان هنا لأنه ظل يكرس تلك الدوغما النصية والأسلوبية القديمة، بعد أن خلع عليها مشروعية جديدة صارمة وضابطة من جهة، ومن جهة أخرى لأنه شكل المرجعية لكل الدراسات الحديثة المتعلقة بالقرآن ،لدى كافة الباحثين المعاصرين ، وعلى أية حال لن أنخرط في تحليل تفصيلي لهذا الكتاب ( الاتقان ) وإنما سأكتفي بتفحص عناوين المواد التي شكلته وتحليل البنية العامة للسياق الثقافي التاريخي الذي تشكل في فضائه هذا الكتاب ، وذلك لغاية سنصل إليها لاحقا في النسق العام لهذا البحث أو لهذه القراءة المغايرة نوعا ما لما أُعتيد عليه، تتكون مواد الجزء الاول من الكتاب من 80 مادة أو عنوان هي على النحو التالي :
1ـ المكي والمدني
2 ـ الحضري والسفري
3ـ النهاري واليلي
4 ـ السمائي والأرضي
5 ـ الأرضي والسمائي
6 ـ الفراشي والنومي
7 ـ أول ما نزل
8 ـ آخر ما نزل
9 ـ سبب النزول
10 ـ فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة.
11 ـ ما تكرر نزوله.
12 ـ ما تأخر حكمه عن نزوله، وما تأخر نزوله عن حكمه.
13 ـ ما نزل مفرقا وما نزل مجمعا
14 ـ ما نزل مشيعا وما نزل مفردا.
15 ـ ما نزل منه على بعض الأنبياء وما لم ينزل منه على أحد قبل النبي.
16 ـ في كيفية إنزاله
17 ـ معرفة أسمائه وأسماء سوره
18 ـ جمعه وترتيبه
19 ـ عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه
20 ـ حفاظه ورواته
21 ـ معرفة العالي والنازل من أسانيده
22 المتواتر
23 ـ المشهور
24 ـ الآحاد
25 ـ الشاذ
26 ـ الموضوع
27 ـ المدرج
28 ـ معرفة الوقف والأبتداء.
29 ـ بيان الموصول لفظا المفصول معنى.
30 ـ في الأمالة والفتح وما بينهما
31 ـ في الإدغام والإظهار والإخفاء والإقلاب.
32 ـ في المد والقصر.
33 ـ في تخفيف الهمز.
34 ـ في كيفية تحمله.
35 ـ في آداب تلاوته.
36 ـ في معرفة غريبة.
37 ـ فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز.
38 ـ فيما وقع فيه بغير لغة العرب.
39 ـ في معرفة الوجوه والنظائر.
40 ـ في معرفة الأدوات التي يحتاج اليها المفسر
41 ـ في معرفة اعرابه.
42 ـ في قواعد مهمة يحتاج الي معرفتها المفسر.
43 ـ في المحكم والمتشابه.
44 ـ في مقدمه ومؤخره.
45 ـ في عامه وخاصه.
46 ـ في مجمله ومبنيه.
47 ـ في ناسخه ومنسوخه.
48 ـ في مشكله وموهم الأختلاف والتناقض.
49 ـ في مطلقه ومقيده .
50 ـ في منطوقه ومفهومه
51 ـ في المفهوم المقيد .
55 ـ في الحصر والأختصاص .
56 ـ في الإيجاز والإطناب.
57 ـ في الخبر في وجوه مخاطباته.
52 ـ في حقيقته ومجازه.
53 ـ في تشبيهه واستعاراته.
54 ـ في كناياته وتعريضه والإنشاء.
58 ـ في بديع القرآن.
59 ـ في فواصل الآي.
60 ـ في فواتح السور.
61 ـ في خواتم السور .
62 ـ في مناسبة الآيات والسور.
63 ـ في الآيات المشتبهات.
64 ـ في إعجاز القرآن.
65 ـ في العلوم المستنبطة من القرآن
66 ـ في أمثال القرآن
67 ـ في أقسام القرآن
68 ـ في جدل القرآن .
69 ـ فيما وقع في القرآن من الأسماء والكنى والألقاب.
70 ـ في المبهمات .
71 ـ في أسماء من نزل فيهم القرآن .
72 ـ في فضائل القرآن.
73 ـ في أفضل القرآن وفاضله.
74 ـ في مفردات القرآن .
75 ـ في خواص القرآن.
76 ـ في مرسوم الخط .
77 ـ في معرفة تفسيره وتأويله وبيان شرفة والحاجة إليه.
78 ـ في معرفة شروط المفسر وآدابه .
79 ـ في غرائب التفسير .
80 ـ في طبقات المفسرين.
إن هذا الترقيم المطول للعناوين يسمح لنا بأن نسجل العديد من الملاحظات الممكنة و التالية، وهي على أية حال تبقى ملاحظات مبدئية، لأن مسألة تحليل البنية العامة العامة للكتاب على رغم أهمية ذلك تحتاج الى جهد كبير، نتمنى أن نعود له في مقبل الأيام .
الإتقان يمثل كل سمات طراز التأليف المدرسي، على الهيئة التي كان قد فرض نفسه عليها لدى الموسوعيون الذين التقطوا المعارف المتراكمة أثناء العصر الكلاسيكي، إن الموسوعيين أنفسهم لم يفعلوا شيئا سوى إنتاج أساليب العرض التي كانت قد استخدمت زمنا طويلا من قبل اختصاصي العلوم المتعلقة بالحالات الفردية ،كالفقهاء المشرعين، وعلماء الكلام والمفسرين والنحويين، إن بنية كتب الغزالي والماوردي والجويني وفخر الرازي ، ...الخ هي ذات دلالة كبرى على هذا الصعيد، إن ما يميز هذه التصنيفات إذا نظرنا اليها عن كثب تكشف عن تنوع المواضيع وطريقة تركيبها وترتيبها، ثم الى المضامين المتفرعة عنها ، أننا امام معرفة مبعثرة ومقسمة بدون جدوى الى أبواب يمكن ارجاعها الى تقسيمات أكثر تلاؤما مع الاختصاصات التي التي رسختها المؤلفات الكلاسيكية الكبرى، هكذا نلاحظ أنه من الممكن إعادة توزيع وترتيب جدول مواد كتاب الأتقان ليس طبقا للتصنيف الحديث للعلوم، وإنما بما يتوافق مع العلوم العربية الإسلامية ،بالصفة التي عرفها عليها السيوطي أو أتيح له أن يعرفها، إنني لا أريد أن أعيد تشكيل الكتاب حسب رأيي وإنما أريد تحقيق مقاربة أفضل لنوع من تنظيم ما يمكن معرفته،هذا الشيء الذي تتوقف عليه حتى الآن كل التقديمات التي حظي بها القرآن .
مسائل التسلسل الزمني للأحداث ( 1 ـ 8 ـ 11 ـ 13 ـ 15 ـ 47 )
أنماط وطرائق الوحي ( 9 ـ 10 ـ 13 ـ 14 ـ 16 )
الجمع والنقل (17 الى 27 )
التقديم والوصف الشكلي للمصحف (17 ـ 60 ـ 60 ـ 76 )
النظم والوحدات النصية( 13 ـ 15 ـ 28 ـ 35 ـ 59 ـ 61 )
مفردات اللغة ( 36 ـ 39 )
النحو ( 41 ـ 42 )
التحليل المنطقي ( 42ـ 46 ـ 48 ـ 50 ـ 63 )
البلاغة الاسلوبية ( 51 ـ 58 ـ 64 ـ 66 ـ 68 ـ 70 ـ 84 )
التفسير ( 77 ـ 42 ـ 80 )
العلوم المشتقة من القرآن ( 65 )
ملحوظات تاريخية ( 69 ـ 71)
قيم تشفعية ( 82 ـ 73 ـ 75 )
نلاحظ هنا اختلال التوازن الذي يبدو واضحا ما بين المكان المخصص للنحو والمفردات من جهة، ثم الإلحاح الذي تحظى به البلاغة والتحليل المنطقي الذي تتطلبه عملية استنباط الأحكام الشرعية في الفقه من جهة أخرى، أما النظم فإنه يجيب على الحاجات العملية للتذكر والحفظ وتلاوة النص، وأما التسلسل الزمني وأنماط الوحي فإن لهما انعكاسا مباشرا على تجديد الشريعة، بكلمة أخرى فإننا نعلم أن تسعة قرون من نشأة وتطور علوم القرآن قد أنتجت مجموعة من المعارف العملية الموظفة في تغذية الشعور بوجود أساس إلهي للقانون الديني، وبالسمة الخارقة للطبيعة لكلام الله، ولشروط نقله، وإعادة إنتاجه، التي لا تمس ولا يعتريها الشك.
إن الإتقان يختتم عملا بطيئا من التصفية والإنتخاب وتكثيف المعطيات ووجهات النظر والتحديدات والتوضيحات وأنماط المعارف التي شكلت بالتدريج الخطوط العريضة للقرآن.
من بين المعارف التكنيكية التي جيشها التراث المدرسي الذي التقطه السيوطي، يلفت انتباهنا خصوصا مستويات التحليل اللغوي من مفردات وصياغة ونحو ومعنى وبلاغة ونظم.
على الرغم من إثارة السيوطي لمسائل التسلسل الزمني ونقل الوحي، فإنه من الصعب أن نتكلم عن وجود معرفة تاريخية في كتاب الإتقان، على العكس فإن الدهشة تصيبنا إذ نلاحظ انتصار وجهة نظر لا تاريخية فيما يخص كل المشاكل المطروقة، أريد القول بأن النقاش الخصب المتعلق بظروف الوحي والنقل وانجاز المصحف أو المتعلقة بتطور المفردات المعجمية قد هجر او قلص الى ملحوظات مشتتة، في حين جرى التركيز دائما على الحلول التي تحدد منذ القرن الرابع الهجري العقيدة الإسلامية، لا يكفي القول بأن العلماء المتأخرين كالسيوطي يلتزمون فقط بالنقل الأمين وبالحفاظ على تعاليم العلماء الكلاسيكيين الأساسيين بشكل تربوي وتعليمي، دون أي تغيير أو تحوير، وإنما ينبغي أن نترصد فيما وراء تبعية المقلدين للمجتهدين مسألة ظهور عقل ديني معين يرتكز على الخطاب القرآني، سوف يحاول هذا العقل الديني جاهدا السيطرة على دلالات هذا الخطاب، وذلك بمعونة المعارف التكنيكية المتنوعة والمعمقة قليلا أو كثيرا بحسب المؤلفين والعصور التاريخية.
هل يمكن أن نقول بأن العقل الديني الشغال في الخطاب القرآني هو نفسه العقل الذي يستخدمه الحسن البصري والقاضي عبد الجبار أو ابن خلدون، ثم هنا السيوطي ؟ ما الروابط التي يتعاطاها العقل الديني مع العقول التكنيكية المستخدمة في القواعد والمنطق والتاريخ والرياضيات ... الخ ؟ وهل هناك سيطرة للعقل الأول ـ العقل الديني ـ على الثانية ، أم هناك تأثير لهذه الأخيرة على العقل الأول؟
إحدى السمات الدائمة للعقل الديني تتلخص في أنه يبحث عن بناء متماسك عملي داخل سياج تيولوجيي دون أن يتسائل عن الفرضيات المسبقة والمسلمات واليقينيات التي تجعل ممكنا ممارسة الفاعلية التأملية الأستدلالية ضمن هذا السياج، لذا فإنه يعيش حالة توتر دائم مع العقل العلمي الذي بسبب أنه يشتغل على مواد وضعية يمكن ملاحظتها والقبض عليها، يستطيع بل وينبغي عليه أن يعري كل عملياته وآلياته ،ينبغي هنا أن نزيل غموضا قاتلا للروح لأنه مستغل على صعيد واسع منذ سنوات من قبل الخطابات الأسلامية المعاصرة، ينبغي عدم تحديد الروابط بين العقل الديني والعقل العلمي عن طريق أفضلية وتفوق أحدهما على الآخر، ولا عن طريق الموضوعية الوهمية التي تحدد لكل منهما مجالات خاصة به وأدوارا ومسارات خصوصية، ولا عن طريق المماحكة الجدالية العنيفة التي ميزت الغرب المعلمن، ذلك النقاش المتعلق بالكنيسة والدولة أو الروحي والزمني أو الديني والعلماني ، سوف ننطلق فلسفيا، من فكرة المعرفة العاطفية الشعورية، المكتسبة والمؤسسة على قاعدة الوعي العاطفي الشعوري، إن كل فرد يتميز بتوازن معين أو بختلال توازن، ما بين قطبي الوعي العاطفي والوعي العقلي الثقافي ، إن الفيلسوف يتسائل عن مصدر هذين الوعيين ومكانتهما المعرفية، هل ينبغي أن نفكر مع تيار هيدغر قائلين بأن الأنسان يرتقي الى مكانة الكائن بدءا من الكينونة أوالوجود، وأن الكائن هو دائما لأجل الفكر ولأجله وحده؟ وهل نستطيع أن نقول مع فاالكييه بأن القناعة الأساسية للإنسان هي يقين الكائن بالمعنى الأسمي للكلمة، أي بمعنى آخر الاعتقاد بوجود واقع سابق لروحنا ومستقل عنها، ولا يمكن نعته بدقة ولكنه قابل لأن يوجد بلا عبثية وهو محدد على سبيل الأفتراض كمادة او كإله.
على العكس من ذلك فإنني سوف أترك هذه المسألة الفلسفية مفتوحة من أجل أن أعود الى هذه الموضوعات في الدراسة التي تتمثل بالنصوص الموحى بها في القرآن، مع الوعي الذي أنتجته، نحن نعلم الى أي حد كان القرآن فرض وغذى بقوة الاقتناع الأساسي بوجود كائن سابق ومستقل عنها، هذا الكائن الموصوف والمذكور بكثافة فيه الى درجة أن الروح المغموسة من كل جهة بصفاة الله وأسمائه وأحكامه، التي نص عليها الله ذاته في لغة عربية واضحة، مدعوة لأن تتمثل وتعيد إنتاج ما سوف يصبح منذ الآن وصاعدا المعرفة المتعالية، إنه لممتع أن نلاحظ بهذا الصدد أن العقل الديني كان قد التقط في المكان الأول الآيات والسور التي تتمتع بالمضمونات الأنطلوجية الأكثر كثافة والأكثر حسما، إن العقل الديني إذ يستغل العاطفة المباشرة والقسرية التي تقول بأن الله الواحد الحي الخير يتكلم ويملأ الوجود بحضوره ويحيا في آياته، وإذ يستند على على المعرفة العاطفية التي لا تدحض ولكن التي لا تزال تطرح اشكالا من الناحية الفلسفية، فإنه ينخرط في مسارات متعددة، نجد في هذه المسارات أن ضغط الخيال الأجتماعي والهلوسات الفردية والمعارف الخاطئة المثبتة من قبل اجماع النفوس الطيبة وقيم الطبقة المسيطرة .. الخ، تتغلب على الحدس الأنطلوجي من أجل تبرير أخطائه ودوغمائيته وانهزاميته.
يقدم الاتقان دلائل كثيرة على مدى السهولة والانتهازية التي تميز العقل الديني عندما يتحول دون أن يعرف، إلى عقل مدرسي . إن المؤلف يستشهد، بحسب ممارسة معهودة وقديمة جدا بأحاديث مزورة من أجل توطيد ودعم كلامه، في حين أنه يجهد نفسه في إدانة هذه العملية عند أسلافه، من أجل توطيد سلطته المعرفية، هكذا يتغير رهان المعرفة التكنيكية، أقصد نقد الحديث أو علم الحديث، فبدلا من أن تستخدم كمجرد ضابط لصحة الأحاديث النبوية التي تشترط هي ذاتها مسألة المنفذ أو الوصول الى الحضور الوجودي التأسيسي ، فإنها تصبح أداة للمزاودة المحاكاتية بين الفقهاء والمدارس المتنافسة، هكذا يستعيد كل مؤلف الحجج ذاتها والنصوص والأسماء المكرسة داخل الفرق الكبرى من سنة وشيعة ..الخ ، إن السيوطي لا ينجو من هذه الممارسة أو هذه الضرورة، كما أنه لا يلحظ أكثر من غير هذه الأنقطاعات التي يحدثها عقله المغلق بالقياس الى العقل الديني الأول كما يتجلى من خلال الآيات الوجودية الكونية للقرآن، هناك أولا إنقطاع تاريخي الذي لا يحدث بالضرورة انقطاعا روحيا بالقياس الى حياة النبي وأفعاله الحقيقية، ثم الأنقطاع اللغوي بالقياس الى نظام اللغة العربية كما يتبدى في القرآن، ثم هناك الانقطاع الثقافي المتمثل بالتقلص والضيق بالقياس الى الانفتاح الذي يتحلى به الشارحون الكبار كالطبري وفخر الدين الرازي، الذين كان السيوطي استشهد بهما في الاتقان، وإن كان قد ركز على الأول أكثر من الثاني بخصوص مسائل صغيرة دائما ، ثم هناك انقطاع عقلي يتمثل بالفقر والضمور بالقياس الى موقف رجل كالجاحظ والتوحيدي وعبد الجبار وابن سينا وبن رشد الخ .. ثم أخيرا هناك انقطاع علمي بالقياس الى الجهد التنظيري لرجل كالجرجاني في عمله الخاص ببلاغة القرآن، هكذا نجد أنفسنا مضطرين لأن نتسائل فيما إذا كان الاتقان وكل الأدبيات المشابهة، التي الفت قبله أو بعده تتيح لنا تكوين أية معرفة بالقرآن، أم أنها تمثل فقط وبكل بساطة معارف مدرسية لا بد منها لدراسة القرآن، في كلتا الحالتين نجد أن المناهج والمقاربات والاشكاليات والعلوم والمواقف العقلية المستخدمة في هذه الادبيات، هي إما بالية وإما غير مطابقة وإما غير كافية ، لكي نتيح المجال للتساؤلات الجديدة، لكي نجعل قراءات القرآن التي لم تجرب ولم تحاول حتى الآن ممكنة الوجود، لكي ندمج الظاهرة القرآنية في الحركة الكبرى للبحث العلمي والتأمل الفلسفي، لابد والحال هذه أن نعمد الى إضاءة الرهانات المعرفية والثقافية والايديولوجية للتوترات الموجودة بين التيارات الفكرية العديدة ، ولا بد أيضا أن نطمح الى تنشيط الفكرالاسلامي المعاصر وذلك بتركيز الانتباه على المشاكل التي كان قد استبعدها، والمحرمات التي اقامها والحدود التي خططها، والآفاق التي توقف عن التطلع إليها أو منع وحرم هذا التطلع، وكل هذا بطبيعة الحال تم من خلال فرضه تدريجيا بصفة أنه الحقيقة الوحيدة أنطلاقا من اللحظة أو الحظات الزمنية التي يوفرها الاتقان، يمكن أن نحدد ثلاث منعطفت تتزحزح فيها الحدود ما بين لحظة التفكير والتفكير المضاد ، ولحظة غير المسموح فيه بمثل هذا التفكير ، وما هوغير مفكر فيه اساسا، فيما يخص القرآن.
لحظة الوحي.
لحظة جمع المصحف وتثبيته.
لحظة الزمن المدرسي المسيطر والمهيمن الى غاية هذه اللحظة.
قبل أن نسبر كلا من هذه اللحظات الثلاث ، فإنه يلزم التذكير بما تعنيه المصطلحات السابقة ، إن تاريخ الفكر العربي وتاريخ الأدب العربي يترواحان منذ سنوات بين العرض الوصفي والعرض الخطي لأغلب المؤلفين، وبين القفز المهلك لكثيرين نحو التحليل البنيوي والسيميائي، في كلتا الحالتين يستمر الجميع في اهمال اللجوء الى النقد الاجتماعي وعلم النفس التاريخي، اللذين يساعدان ليس فقط على ربط المنهج الوصفي والمنهج البنيوي ضمن منظور حي ، وإنما على إضهار قارات من الحقيقة التاريخية لم تكتشف بعد، وكل ذلك ضمن منظور سسيولوجي وانتربيولوجي، إن للوعي اسطوريا كان أم تاريخيا أم اجتماعيا أم اقتصاديا أم سياسيا أم فلسفيا أم أخلاقيا أم جماليا أم دينيا ...الخ وللعقل وما هو غير عقلاني وللخيال والخيالي وللحساسية وللطبيعي وما فوق الطبيعي وللدنوي والمقدس ، الخ .. إن لكل ذلك تاريخا لم يدرس قط لذاته ، لأن التيار المسيطر في الفكر الاسلامي الحالي يجهل حتى التمييز بين الوعي الاسطوري والوعي التاريخي وبين العقلاني والخيالي فإنه يستطيع أن يقراء القرآن كما لو كانت أدوات العقل الحديث مطابقة في كل شيء لأدوات العقل الشغال في الخطاب القرآني والمحيط الابستمي للنبي، وبتوجيهنا هذا البحث في هذا الاتجاه نستطيع أن نتتبع انزياح الحدود وتغيرها بين الوعي واللاوعي، وبين العقلاني والخيالي ، وإذن بين الممكن التفكير فيه وغيرالممكن التفكير فيه واللامفكر فيه ـ حسب تقسيم لالاند الشهير ـ بالنسبة لأمة لغوية ما هو الشىء الذي يمكن إيضاحه والتفكير فيه بمساعدة الجهاز العقلي المتوفر في تلك الفترة ؟ إن هذا التعريف يحدد فورا ما هو مستحيل التفكير فيه وما هو مستحيل إيضاحه في الفترة ذاتها والبيئة الاجتماعية الثقافية ذاتها، وذلك إما بسبب محدودية النظام المعرفي وطراز العقلانية الخاص بالنظام الاجتماعي الثقافي الموجود، وإما بسبب أن الذات المتكلمة ـ المؤلف ـ كانت قد تمثلت على هيئة رقابة ذاتية الإكراهات المتجسدة بالايديولوجيا المسيطرة ( نجد في هذه الحالة أن الكتاب المنحرفين أو المخربين يستطيعون إذ يخاطروا بأنفسهم ويغامرون بها عندما يريدون أن يبرزوا مزايا المستحيل التفكير فيه، وذلك عن طريق اختراقهم للنظام الاجتماعي ـ الثقافي، المبالغ في قيمته والمحروس بشدة من قبل الأمة ) واما بسبب أن توتر الفكر يصل الى منطقة ما يستعصي على الوصف والتحديد ومنطقة الكثافة التي لا يمكن سبرها للكائن، كما يفعل ذلك بامتياز الخطاب الشعري والخطاب النبوي، يمكن أن نقدم أمثلة عديدة لتوضيح هذا التحليل فمثلا: فيما يخص الخطاب الاجتماعي العربي قبل القرآن ، نجد أن كل ما يتعلق بالوحدانية ـ الايمان بالله الواحد ـ كان لا يزال مستحيل عقله وهذا ما يفسر لنا من جهة الصفة المخربة للخطاب القرآني لذلك النظام، ومن جهة أخرى المناخ الجدالي والاحتجاج الجذري ضد الصحة الآلهية للرسالة التي أتى بها محمد الذي كان يعتبر آنذاك من قبل أبطال الصراع هداما ومهدما لعقائد الآباء والأسلاف، لم يكن الهدف النهائي للصراع الذي دار خلال عشرين عاما هو مجرد استبدال قوة اجتماعية بأخرى ضمن إطار من المؤسسات ومن النظام المعرفي المقدس، وإنما راح التدمير والقلب يصيب بالدرجة الأولى وبشكل أساسي الممكن التفكير فيه الخاص بمجتمع وبزمن احتقر كل رأسماله الرمزي، لمصلحة الممكن عقله من نوع آخر ، ولمصلحة نظام من العمل التاريخي غير معروف في اللغة العربية حتى ذلك الوقت ـ التوحيد والاسلام ـ إنه لمن الضروري أن نقول بأن الأمر يتعلق بالضبط باللغة العربية، وذلك لأن اللغة الآرامية والسريانية والعبرية واليونانية كانت تعبر منذ وقت طويل عن نوع من الزلزلة والتدمير مماثل أصاب العوالم الشرق أوسطية القديمة، ( عن طريق اليهودية والمسيحية) لهذا السبب نجد أن بنية الخطاب القرآني ذاتها تعكس خريط القوى الاجتماعية .. السياسية الموجودة في الساحة، إنها تمثل مرحلة سردية تبدو فيها علاقة الذات بالموضوع، أي العلاقة الخاصة بالبحث عن الخلاص، مرتبطة كليا بالعلاقة بين المرسل و المرسل إليه ( أي الله ثم البشر عبر محمد) إن المرسل هو الفاعل الذي يملك قانونا سلطة كافية لأن تفرض على خصمه إكراهات كان قد قرر أن يجبره على تنفيذها، إن المصطلحات التي تسفه وتحتقر معارض البحث عن الخلاص، أي الكفار المستخدمة في عبارات الكينونة أو الوصف، لا تتخذ كل قيمتها السلبية إلا لأنها تعتمد على عبارات الفعل، أي على أنماط متضافرة من مثل السلطة والواجب والمعرفي والارادة، يضاف الى ذلك أن التركيب السردي والتأملي للعبارات القرآنية مرتبط أيضا بالحياة اليومية للمؤمنين وبعملهم التاريخي الضافر ضد الكفار المعارضين، وبنية الخيال الموجود عند أهل الكتاب، هنا نجد أن السردية لا تكتفي بالتلاعب بالشخصيات العجائبية والحالات الدرامية والإخراج الأسطوري، لأجل غايات جمالية أو متعلقة بالتسلية والجاذبية، وإنما نجد أنها متولدة عن طريق تاريخ محسوس في الوقت الذي تولد فيه هي ذاتها علم قيم جديد من أجل تاريخ محسوس آخر. إنها تدل على اللامعقول الخاص بالتاريخ السابق وذلك بتحديدها الأطر ووسائل وآفاق نوع من الممكن تعقله الغير محدود.
لا يمكننا من وجهة نظر تاريخية أن نكتفي بهذا العرض الذي يساهم إذا لم ننتبه للأمر في تقوية التعارض ذي الجوهر التيلوجي، كان هذا التعارض قد رسخ نهائيا الممكن تعقله اللامحدود الخاص بالقرآن ضد الممكن التفكير الخاطئ والاستعبادي المصحوب بلا عقل ضُخّم لدى الكفار، هكذا نجد أن ما نكتشفه عندئذ في الخطاب القرآني هو نوع من القدرة على السيطرة على هذه الآليات الى درجة أن آثار المعنى الناتجة كانت قد أثرت ولا تزال على الوعي ذي المشارب اللغوية والثقافية الشديدة التنوع حتى يومنا هذا، وهذا لا يقلل في شيء من قيمة الممكن العقلانية ولا من اتساع المستحيل العقلانية المضادة ولا من طبيعة العقل السائد ضمن الأنظمة الثقافية المهمشة أو المستأصلة بواسطة نوع من التنظيم الخاص بنظام العقل وبالخيال اللذين أدخلهما القرآن، ذلك أنه هوهذا ذاته فيما وراء التسفيه الجدالي والتيولوجي. إن المواقف المتخذة إزاء الدراسات القرآنية واللغات أو الأساليب التي تعبر عنها كانت بالطبع قد تغيرت في كل لحظة من اللحظات الثلاث التي وصفناها سابقا، إن الصعوبة بالنسبة لنا اليوم تتركز في مسألة أنه ينبغي علينا أن نخترق بدء من المعرفة المتجمعة في الاتقان ، الطبقات الرسوبية للخيال الاسلامي المتشكل خلال القرون الهجرية الأربعة الأولى من أجل أن نصل الى زمن الوحي، لا يعرف الوعي الخاضع للتراث مثل هذه الصعوبة أو المشكلة، إن السيوطي لا يرى أي إزعاج أو إشكال في تأسيس عرضه وأفكاره على سلسلة من المحدثين يضمن صحتها الإجماع السني ، ثم هو يستخدم بثقة كاملة ـ المعرفة الظافرة أو المنتصرة ـ إن زمن الوحي هو الزمن التدشيني لعصر تاريخ كوني موجه هو ذاته نحو مستقبل أخروي، يبقى مع ذلك أن هذا الزمن ذي الجوهر الأسطوري متصور وموصوف على شكل تتابع للأحداث الأرضية المؤرخة والمضبوطة والمستخدمة بصفتها مراجع معيارية تضبط محاكمة تفكير وسلوك كل مؤمن، كما أن جمع وتثبيت المصحف قد سرد بصفته يعبر عن عمليات خارجية نفذت بعناية وأمانة مما يضع مضمون الرسالة نهائيا بمنأى عن كل ضياع أو ارتياب واحتجاج ، يقدم الاتقان مادة غزيرة لمن يريد أن يتبين كيف أن الفكر الاسلامي المكرس من قبل حراس العقيدة كان قد استخدم عناصر ومواد واساليب وإطارا تأرخيا من أجل نزع الصفة التاريخية عن زمن الوحي وعن زمن جمع وتثبيت المصحف، إن الأمر يتعلق بعملية جماعية ضخمة كانت قد جيشت الفقهاء والمحدثين ومفسرين وكتبة تاريخ وفقهاء لغة وبلاغيين، في الفترة اللاحقة لزمن الصحابة والتابعين، وجيشت السلطة الزمانية والخيال الاجتماعي المستوعب والمولد للأساطير والشعائر والصور والحماسة والانتضار والرفض الذي تتغذى منه الى الآن الحماسة التقليدية، هكذا نجد أنفسنا أمام تقليد جبار للتفكير من نوع اسطوري ـ ديني منضغط في تسلسل زمني ضيق ومنفتح في آن معا على قبل وبعد من الأبدية ، ويبدو هذا التفكير قاسيا وإكراهيا وبالتالي بلا عقل ينفتح بشكل أكثر اتساعا وأكثر أهمية كلما توغلنا في زمن الاسلامي الى الوراء، هكذا نجد أن السيوطي لا يذكر ولا يشير الى ابو بكر ابن مجاهد إلا من أجل أن يقول أنه لم يتكلم عن التخفيف في رسالته المسبغة ـ القراءات السبع ـ وهنا نجد أنفسنا بإزاء مثال صارخ على نزع الصفة التاريخية عن المصحف وذلك لأن ابن مجاهد هو بالضبط الرجل المسؤول عن الإصلاح النهائي الذي حصل عام 324 هـ ، والذي وضع حدا لتنافس الفقهاء فيما يخص قراءات القرآن ، إن حلقات الصراع المتتالية التي أدت الى هذا الاصلاح ونتائجه فيما يخص تثبيت النص كانت سوف تتيح لنا لو أننا نعرفها بشكل أفضل أن نواجه مشكلة من أكبر المشاكل التي كان الفكر الإسلامي قد رماها في ساحة اللافكر ألا وهي ـ تاريخة الخطاب الذي أصبح نصا رسميا مولدا للتعالي، إن المرور من حالة الخطاب القرآني الى التشكيلات الفكرية العديدة للثقافة العربية المرتبطة بحاجات دولة ومجتمع في حالة توسع كان قد حصل بعد أن دفع ثمنه على شكل انقطاعات ابستميولوجية لم تلحظ بعد، ولم توصف بشكل جيد من قبل الدراسات الاسلاميه المعاصرة والقديمة كما فعل السيوطي في تجميع المعارف الواقعية المحسوسة المكتسبة بواسطة تراث من التبحر والتنقيب، دون أن يتساءل عن الشروط العقلية ـ أي طراز العقل الشغال ـ لانتاج المعارف ، أي دون التساؤل صحتها، ضمن هذه المعنى يمكن القول إذن بأن هناك فعلا استمرارية ابستميولوجية ما بين العقل الاسلامي والعقل التاريخي للقرن التاسع عشر، إن موقف التقليديين إزاء الأدبيات التفسيرية القديمة والحالية وإزاء إشكالياتها، يعكس استمرارية نظام قديم من اليقينيات يخص طبيعة اللغة ووظائفها، وخصوصا اللغة العربية، هذه اليقينيات التي تكذبها الألسنيات الحديثة بشدة، يعتقد هؤلاء أن المفسر ذي السيادة والأهلية يمكنه ( هنا كما في أمكنة أخرى حيث يحصل تسرب التراث المدرسي ) أن يجد المعنى القانوني الوحيد القابل للأستخدام أخلاقيا وقضائيا تشريعيا في الحياة اليومية للبشر، هذا المعنى الملتصق بكل كلمة وكل تعبير وكل آية من القرآن



#تيسير_الفارس_العفيشات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفريات في الأسس - تاريخية القرآن. 2
- حفريات في الأسس - تاريخية القرآن - 1
- نظام العلامات في القرآن -ج3
- نظام العلامات في القرآن - ج2
- نظام العلامات في القرآن - ج1
- أحمد الحمود شاعر الاختلاف والمغايرة
- تفكيك النص القرآني - مدخل عام -ج3
- كيف تشكل المعنى في الخطاب القرآني
- تفكيك النص القرآني وتحليل البنية الخطابية المقدمة - ج2
- تفكيك النص القرآني - تحليل البنى اللغوية والدلالية - المقدمة ...
- نيوزلندا-- زيارتي إلى جبل ألكوك
- قراءة مواربة في تجربة الشاعر السوري سامي احمد ....
- نيتشه - ومفهوم العدمية
- الشاعر أحمد أبو ردن ....
- نيوزلندا ... زيارتي إلى أوكييا أقدم كنيسة في نيوزلندا
- مع قصيدة سميح وجه في المرآه
- بقايا مدينة وآثار صلاة لم تكتمل
- رحلتي الى جبل تاراناكي في الجزيرة الشمالية / نيوزلندا
- رحلتي الى دير جون سانتا في هضاب مدينة هستن ....الجزء الاول
- مايكوفسكي وصديقه يسينين


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - تيسير الفارس العفيشات - التاريخية هل هي إنتصار لوعي ممكن