|
الوضع بالصحراء اضحى اكثر من خطير
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5563 - 2017 / 6 / 26 - 16:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوما بعد يوم ، تتأزم وضعية الصحراء مع الأمم المتحدة ، والطّوْق يقترب كثيرا من عنق النظام الذي يعتبر المسؤول الرئيسي الوحيد ، عن المآل الذي وصله الوضع بالصحراء ، والمُهدّدُ بانفصالها في اي وقت وحين . فهل انتصرت الدبلوماسية الجزائرية عن ما يسمى بالدبلوماسية المخزنية ؟ وهل أضحى وضع المغرب معزولا دوليا في قضية الصحراء ؟ منذ ان فتح النظام المغربي قضية الصحراء في بداية سبعينات القرن الماضي ، كحل للإهِتزاز الذي كان يتعرض له العرش ، والذي كان مهددا بالسقوط ، والى اليوم ، فان الوضع لم يزد ألاّ استفحالا وتعقيدا ، بسبب ان النظام عندما دخل الى الصحراء ، فهو لم يدخلها كجزء من الوطن ومن المغرب ، بل دخلها كصمام أمان لنظامه الذي كان مهددا بالسقوط . وإذا كان النظام قد نجح في تحويل مجرى الصراع الداخلي نحو الخارج ، مُجسّدا في جبهة البوليساريو ، وفي الجزائر ، وفي كل الدول التي تساند مبدأ تقرير المصير . وإذا كان قد نجح في تغيير نظرة ، ومشروع المعارضة ، التي كانت تطالب بالحكم ، وليس بالحكومة ، او فقط المشاركة فيها ، بحيث اصبحت في مرة أولى تعتبره عدوا ثانويا بعد ان كانت تعتبره عدوا رئيسيا وكانت تطالب برأسه ، فأصبحت تعتبره محررا ووطنيا ، وانغمست حتى النخاع في كل خرجاته التي لم تكن محسوبة ، وسببت انتكاسة للقضية الوطنية ، كاقتسام الصحراء مع موريتانيا كغنيمة ، واعتبار سكان الجزء الذي آل إلى موريتانيا ، موريتانيين وليسوا مغاربة ، واعتبار وادي الذهب كذلك ، موريتانيا وليس مغربيا ، ثم الارتباك الذي لحق سياسة النظام في المحافل الدولية ، بسبب المواقف المتذبذبة والمتناقضة في التعامل مع القضية الوطنية ، بحيث مرة مع الاستفتاء ( نيروبي 1981/1982 ) ، ومرة مع الاستفتاء والحكم الذاتي معاً ( مخطط جميس بيكير ) ، ومرة مع الحكم الذاتي فقط ( خطاب الملك في سنة 2007 ) ، وأخيرا اعترافه بالجمهورية الصحراوية ، عندما وافق على القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي ، وهي مواقف مباركة من قبل كل الأحزاب وبدون استثناء ، فان ما وصله الصراع اليوم حول الصحراء ، اصحب يهدد الوحدة الترابية للمغرب ، وأضحى الطوق محاذيا الآن لعنق النظام الذي إذا خسر الصحراء وآلت إلى جمهورية ، فهي الكارثة العظمى التي ستنزل على شعب وارض المغرب ، وستكون القشة لتحويل كل المغرب إلى اكسر من حراك الريف . والنظام الذي ربط مصيره بالصحراء ، وقدم نفسه كمحرر ، سيصبح كله ، بل كل الدولة ،وليس فقد الرأس ، محط اتهام ومسائلة . فهل بعد الآلاف من الجيش التي استشهدت من اجل الصحراء ، وتركوا وعائلاتهم يتضورون الفقر والجوع والفاقة ، وهل بعد اسر أكثر من 4000 جندي ، وضابط صف ، وضابط ، ولمدد وصلت الى خمسة وعشرين سنة ، وبعد كل الثقل الذي أداه الشعب المغربي من اجل الصحراء من ضرائب واعتقالات ، وهل بعد ذهاب الصحراء سيصمت الشعب والجيش ؟ وللإشارة ، فان إجراء الاستفتاء بالطرق الأممية ، يعني الانفصال الأكيد ، وان 99 في المائة من المصوتين ، ستصوت لصالح الانفصال ، لرفضهم العيش في ظل نظام عدواني ، ومُعْتد ، وحگار ، ومفترس . ورغم هذه الحقيقية الساطعة ، فان الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن ، تركز فقط على حل الاستفتاء ، حتى وهي تعرف مسبقا انه سيؤدي الى الانفصال ، وسيُسبّب في سقوط الدولة ، ومع ذلك تؤيده ، لان وجود النظام المغربي من عدمه ، لم يعد ضمن اهتماماتها ، خاصة بعد الفضائح المتفشية من تهريب للعملة الصعبة وللذهب ، بل ان المخطط المعروف بسايكس بيكو الذي فتّت العالم العربي بعد سقوط الإمبراطورية السجلوقية العثملية ، يجري اليوم بالشرق الأوسط ، وأكيد قرب من شمال إفريقيا . وان مُنفذي هذا المشروع اليوم ، سايكس بيكو الجديد ، هما بوتين ترامب . مؤخرا صادقت اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، وهي المعروفة بمجموعة 24 ، وبالإجماع ، على قرار يؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، وفي تأكيدها التشبث بكل القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وعن مجلس الأمن ، في شان الصراع حول الصحراء . والخطورة ، فان اللجنة بعد رفضت في 12 من يونيو الجاري ، حضور أشغالها ، كل من رئيس جهة الداخلة ، ونائب رئيس جهة العيون ، الذين قدمهم النظام كممثلين صحراويين ووحدويين ، حيث صوتت ثمانية أصوات بالرفض ، مقابل سبعة ، وامتناع خمسة أصوات عن التصويت ، اعتبرت مجموعة 24 ، اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، ان الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ، وأنها وحدها تملك الصفة القانونية لحضور أشغال اللجنة . وفي خضم اشتغال اللجنة ، فان مجموعة 24 التابعة للأمم المتحدة ، تبنّتْ بدون تصويت ، مشروع قرار يتعلق بالأنشطة التجارية ، والاقتصادية الغير القانونية ، في موارد وثروات الصحراء ، باعتبارها مناطق لا تزال خاضعة لمسطرة تصفية الاستعمار ، المحددة بموجب القرار 1514 الصادر عن الأمم المتحدة . ان تبني لجنة تصفية الاستعمار لهذا القرار بالإجماع ، وبعد عرضه على الأمم المتحدة ، فإن هذه ستكون مجبرة على دعوة كل الحكومات ، وكل المنظمات الدولية ، على الالتزام بالمحافظة ، والاحترام التام للموارد ، وثروات المناطق الخاضعة لتصفية الاستعمار ، احتراما لقرارات الجمعية العامة السابقة ، ولقرارات مجلس الأمن في الموضوع . و دون ان ننسى ان مشروع القرار هذا ، يدعو الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، لاتخاذ التدابير ، والإجراءات القانونية ، ضد الشركات ، التي تساهم في سرقة ثروات المناطق ، التي تعتبرها الأمم المتحدة مشمولة ،وتخضع لتصفية الاستعمار . فهل أضحى الطوق الآن لصيقا بعنق النظام المغربي ، الذي ربط وجوده من عدمه ببقاء او ذهاب الصحراء ؟ وهل الشعب المغربي والجيش الذي دفاع عن الصحراء منذ إحدى وأربعين سنة ، سيصمتان عن ذهاب الصحراء ؟ ان القرار الذي تبنته مجموعة 24 المختصة بتصفية الاستعمار ، التابعة للأمم المتحدة ، برفض قبول حضور رئيس جهة الداخلة ، ونائب رئيس جهة العيون أشغالها ، وتصويتها بالإجماع على اعتبار الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الصحراوي ، واعتبار الجبهة وحدها لها الحق في حضور أشغال اللجنة . وان الموافقة بالإجماع على مشروع القرار الذي سيعرض على أنظار الجمعية العامة ، والداعي لكل الدول باحترام ثورات المنطقة ، مع فرض تدابير قانونية و إدارية ضد الشركات التي تمارس ، كما وصفها المشروع ، النهب . وان قرار محكمة العدل الأوربية في نسختيها الابتدائية ، والإستئنافية ،بخصوص عدم سريان الاتفاقية التجارية الموقعة بين المغرب ، وبين المجموعة الأوربية على ثورات الصحراء ، مثل ثروات فلسطين كل هذا يحمل مؤشرات خطيرة على الوضع النهائي للنزاع ، والآيل الى الانفصال ، بتوجيه من الدول الكبرى المسيطرة على مجلس الأمن ، والأمم المتحدة . ان إهانة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرأس النظام ، فيها أكثر من رسالة مشفرة ، وفيها أكثر من رسالة للوضع الذي ستصبح عليه المنطقة عندما يحِنْ وقت التفجير الذي أضحى يطل برأسه من الأبواب . بالأمس تم التقسيم بيد ساكيس بيكو ، واليوم سيتم التقسيم بيد بوتين ترامب . فهل سيصمت الشعب المغربي ، وهل سيصمت الجيش المغربي الذي دافع عن الصحراء منذ إحدى وأربعين سنة خلت ، واستشهد منه الآلاف ، بعد ان تركوا عائلاتهم تتضور الجوع والفقر والفاقة ؟ الوضع جد خطير ، وأكثر من خطير ، وعلى كف عفريت .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النقد والنقد الذاتي : لماذا ترفضهما نخبنا ؟
-
سيادة قطر في الميزان
-
حدود العلاقة بين السياسي والمثقف
-
تقرير تحليلي -- حراك الريف يعري هشاشة الانفتاح الديمقراطي ال
...
-
تحليل لعبة الانتخابات بالمغرب
-
الحق في الإختلاف
-
لتفادي السكتة الدماغية بالمغرب
-
وحدة الشعب ووحدة الارض -- المغرب الكبير --
-
عقد البيعة والدستور . اين تتجسد مشروعية الملك عند ممارسته ال
...
-
حتى لا ننخدع : هل جبهة البوليساريو منظمة ثورية واشتراكية ؟
-
بعد الآن هل لا يزال من يشكك في المغربية الصحراء
-
حين يتم تحويل الهزيمة الى نصر . قرار مجلس الامن 2351 حول مغر
...
-
بيان مناضلين بجيش التحرير والمقاومة المغربية حول مغربية الصح
...
-
الصراع المغربي الجزائري ، صراع حضارة وهوية وتاريخ
-
الصحراء المغربية . حين تكالب على قسعتها الضباع
-
ويسألونك عن مناضلي الصف الوطني التقدمي الحر .. قل .. هؤلاء
-
شعوب الشرق مثل الشعوب العربية تعشق الدكتاتورية وتتغزل بدكتات
...
-
ملاحظات وتعقيب عن تقرير الامين العام للامم المتحدة السيد انط
...
-
مغادرة المغرب
-
رمي المناضلين في السجون بملفات مطبوخة
المزيد.....
-
جدّة إيطالية تكشف سرّ تحضير أفضل -باستا بوتانيسكا-
-
أحلام تبارك لقطر باليوم الوطني وتهنئ أولادها بهذه المناسبة
-
الكرملين يعلق على اغتيال الجنرال كيريلوف رئيس الحماية البيول
...
-
مصر.. تسجيلات صوتية تكشف جريمة مروعة
-
علييف يضع شرطين لأرمينيا لتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين
-
حالات مرضية غامضة أثناء عرض في دار أوبرا بألمانيا
-
خاص RT: اجتماع بين ضباط الأمن العام اللبناني المسؤولين عن ال
...
-
منظمات بيئية تدق ناقوس الخطر وتحذر من مخاطر الفيضانات في بري
...
-
اكتشاف نجم -مصاب بالفواق- قد يساعد في فك رموز تطور الكون
-
3 فناجين من القهوة قد تحمي من داء السكري والجلطة الدماغية
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|